الهجرة القسرية في المناطق الكردية الهجرة كماهو معروف انتقال شخص أو جماعة من مكان إلى آخر وتكون هذه الهجرة بنمطين ، إما أن تكون هجرة اختيارية من أجل المنفعة والتطور الذاتي والبحث عن حياة أفضل أو زيادة التأهيل بمختلف أشكاله ، و إما أن تكون هجرة قسرية تفرضها ظروف وأسباب عديدة سنأتي على ذكرها , والنمط الثاني من الهجرة أي (القسرية) هي في تزايد ملحوظ وكبير وسط مجتمعنا الكردي حيث تحولت من حالات فردية إلى حالات جماعية , فقبل هذه السنين كانت مقتصرة على ذوي الدخل المحدود والمعدومين وضحايا الاحصاء الاستثنائي الجائر , وبعض من الذين هاجروا لاستكمال تحصيلهم الدراسي ، كان هذا النمط هو السائد والمتعارف عليه , ولكن هجرة الكرد لم تقتصر على هذه الحالة بل اتخذت طابعاً جماعياً في السنوات الأخيرة وأصبحت الحل الوحيد لكثير من الأسر وهي في تزايد مستمر بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني الذي تمر به سوريا بشكل عام والمناطق الكردية بوجه خاص من حيث تتبع السلطات سياسة اقتصادية شوفينية ممنهجة أدت إلى انتشار الفقر والبطالة إلى درجة الجوع , ناهيكم عن انتشار الفساد والنهب المنظم لخيرات البلاد, تهدف سياسة الدولة المتبعة حيال شعبنا ومنطقتنا إلى نقطتين وهما :
- إفقارالمنطقة وتجريدها من كل مرتكزات الاستقرار والنمو الاقتصادي وبالتالي انتشار البطالة بشكل واسع وتدني مستوى المعيشة حيث باتت الغالبية العظمى من أبناء شعبنا يعيشون تحت خط الفقر .
- إحداث تغيير ديمغرافي متصاعد في المناطق الكردية من خلال مراسيم وقرارات ومشاريع تنفذ بالضد من استقرار الكرد ووجودهم .
ويتبين للمتتبع لأوضاع المنطقة أن هناك هجرة قسرية غير مباشرة تطبق على أرض الواقع , حيث ترى قرى بكاملها قد خلت من السكان وكانت هذه الهجرة باتجاهين :
1- الهجرة الخارجية والتي قد تعرض أصحابها للكثير من المشاكل الاقتصادية وحتى الحياتية.
2- الهجرة إلى المناطق الداخلية وخاصة العاصمة دمشق , حيث باتت تشكل أحزمة الفقر حول العاصمة والمدن الكبيرة الأخرى. وهنا لا بد من توضيح بعض السلبيات لهذه الهجرة على المناطق الكردية والمجتمع الكردي :
أولاً - ديمغرافياً : حيث تسعى السلطة إلى إحداث تغيرات ديمغرافية كبيرة في المناطق الكردية من خلال جملة من المشاريع والإجراءات التي يضطر الإنسان الكردي من خلالها إلى ترك منطقته والتي باتت تشكل أرقاماً كبيرة في السنوات الأخيرة
ثانياً - اقتصادياً : نرى انعكاسات هذه النمط من الهجرة على اقتصاد المنطقة ، بما أن القرى بكاملها قد خلت من السكان وترك الفلاح أرضه التي ستصبح مع مرور الوقت أرضاً بور شبه صحراوية وبالتالي إلى تراجع حاد في المردود الزراعي الذي يعتبر الدخل الرئيسي لمعظم سكان المنطقة إضافة إلى كونه يشكل سلة الغذاء الرئيسية لسوريا وبالتالي يصبح الأمن الغذائي في سوريا مضطرباً إلى حد كبير .
ثالثاً - عدم الاستقرار الاجتماعي : إن عدم الاستقرار الاقتصادي وانتشار البطالة وانسداد آفاق العمل وغياب أية مشاريع نهضوية وتزايد الهجرة بشكل مضطرد كل ذلك يخلق حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والتي قد يكون لها تداعيات سلبية جداً على مجمل الأوضاع .
وهكذا نرى أن الهجرة الجارية في المنطقة هي هجرة شبه قسرية وإن السلطات السورية هي التي تتحمل مسؤولية كل تداعيات وآثار ونتائج هذه الهجرة على الصعيدين الكردي والوطني