استراتيجية الشراكة الاقليمية الدولية

زياد عبدالوهاب النعيمي
مركز الدراسات الاقليمية
جامعة الموصل

مقدمة
يمكن أن نؤرخ لبدايات العصر الحديث من خلال اقتراب نهاية الإقطاع واقتراب العصور الوسطى في أوروبا من نهايتها وظهور الدولة القومية الحديثة ، التي وزودت تدريجيا في أوروبا الغربية ومعها نشأت العلاقات الدولية ،بالمعنى الضيق أي إحلال مفهوم الدولة محل الكيانات الإقطاعية واندثار الإمبراطورية .
فكرة التنظيم الإقليمي أو الإقليمية ظهرت في القرن التاسع عشر إذ افترض الوفاق الأوروبي The Concert of Europe في ذلك الوقت نواتها الأولى، وفي مرحلة ما بين الحربين العالميتين وضع اتحاد الدول الأمريكية American Union أكثر الصيغ تعبيراً عنها.
شكلت معاهدة وستفاليا التي عقد عام 1648 نقطة تحول في تاريخ العلاقات الدولية حيث أرست هذه المعاهدة التحولات الايجابية في العلاقات الدولية ووضعت أسس لبناء منظومة قائمة على قواعد دولية في معنى ضيق منها في أوروبا ، من خلال إقرارها فكرة التوازن الدولي ، وقلصت سلطة البابا والكنيسة وأقرت نظام السفارات في العالم ،ولذلك يذهب الفقه الدولي بالقول إنها شكلت ما يسمى (دبلوماسية المؤتمرات) .
مع تطور النظام الدولي وتغيره باستمرار نظرا لحاجة العلاقات والقوانين الدولية ، فقد كان النظام الدولي نظاما خاصا بأوروبا منها بدأ وانتشر إلى العالم ، وما يزال النظام الدولي يشكل ركيزة مهمة في العلاقات الدولية لتطبيق مبادئ القانون الدولي العام ، والى جانب النظام الدولي يمكن القول أن هذا النظام يعود في أصله ونشأته إلى مجموعة من الدول التي قبلت الدخول في تنظيم رسمي لحل مشاكلها وتعزيز مكانتها ،وعليه فالنظام الدولي العالمي هو نظام إقليمي النشأة والأهداف ولكنه انتشر إلى العالم ليحتل بقاع الأرض ،ولذلك نجد أن التنظيم الإقليمي مازال لازما للنظام الدولي فهو يعزز هذا النظام ومنه يكتسب شرعية البقاء .


ولذلك يمكن القول أن نشأة النظام الإقليمي في العالم ومنها عالمنا العربي ارتبط بمجموعة من الظروف والمتغيرات التاريخية والثقافية والقانونية التي هيأت لمرحلة نشأت الاقليمية وبزوغها كونها واقع فرض نفسه إلى جانب النظام الدولي يعمل من خلاله وبمعيته ومن اجل تعزيز مكانته.
لقد تباينت الدراسات القانونية في إطار التنظيم الإقليمي في ظل النظام الدولي واحتلت هذه الدراسات نصيبا لا يستهان فيه من خلال الأطر القانونية لقيامه ونشأته وتعريفه ، خاصة في هذا الوقت الذي بدأ الاتجاه القانوني في جزء منه ينادي بالعالمية أو مايعرف بالحكومة العالمية رافضا فكرة الاقليمية جملة وتفصيلا ومفضلا فكرة عولمة النظام من خلال حكومة عالمية تعمل كل جهدها من اجل القيام بواجباتها تجاه كل دول العالم بلا استثناء ،لذلك فقد برزت الاقليمية كنموذج فرض نفسه بقوة لأنه الأساس في التنظيم الدولي،في ظل تحديات شهدها العالم من خلال الحرب الباردة التي لعبت فيها التنظيمات الاقليمية دورا لايمكن الاستهانة به أو الاستغناء عنه ،فقد كان النظام الدولي قلقا غير مستقر لذلك فقد غابت الفاعلية القانونية للأمم المتحدة في القيام بواجباتها الدولية إزاء الدول ، وهذا ترك الدول العظمى إلى مغادرة ميثاق الأمم المتحدة واللجوء إلى وسائل ذاتية تمثلت في الأحلاف العسكرية التي ربما حلت محل الأمم المتحدة في وقت ما ولكنها لم تلغ دورها أو تهمشها نهائيا .
وبرز دور التنظيمات الإقليمية كونها فاعلا دوليا أعاد التوازن إلى النظام الدولي في مرحلة لم يشهد بها استقرار من نواحي سياسية وقانونية واقتصادية واستطاع أن يفرض قوته القانونية وفق إطار قانوني صحيح وواضح.
هذا التعثر الواضح في دينامكية النظام الدولي خلق فرصة لا يمكن تعويضها للتنظيم الإقليمي في إن يبرز كمبرر أساسي في عملية تفاعلية كان لها رسم السياسة الدولي فيما بعد حين أنتجت هذه التنظيمات تكتلات واتحادات خرجت إلى النور في ما بعد الحرب الباردة لتفرض نفسها وبقوة في أحقية التعامل الدولي على أساس الندية وليس التبعية للأمم المتحدة والنظام الدولي والقطب الواحد والعولمة وغيرها من الأمور التي حاولت تغييب العنصر الإقليمي وإذابته في تفاعل النظام الدولي برمته .
إن النموذج الفكري والعملي للدول في مواجهة أية تحديات خارجية هو أسلوب التنظيم الدولي الذي تخيل معه البعض توفر فرص السلام الدولية وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، الاان الواقع الدولي اخفق بعض الشي في معالجة الأمور التي كان لابد من مراجعتها ومعالجتها وفق القانون الدولي وهذا الإخفاق أعاد إلى الأذهان فكرة التنظيم الإقليمي باعتباره الوسيلة الأكثر فعالية في مواجهة أي خطر خارجي قد يصعب على التنظيم الدولي الوقوف بوجهه بسبب المصالح المهيمنة عليه .

الإطار القانوني للعلاقة بين
التنظيم الإقليمي والنظام الدولي
التساؤل المهم والحيوي في هذا المجال هو كيفية العلاقة بين التنظيم الإقليمي والنظام الدولي هل هي علاقة تكاملية بمعنى أن التنظيم الدولي يعزز من إمكانيات النظام الدولي دون أن يحل محله أم هو منافس للنظام الدولي وبالتالي وجب إحلال احدهما واختفاء الأخر؟
بالنسبة للموقف القانوني في عملية تنظيم العلاقة فهي واضحة لألبس فيها من حيث تنظيم العلاقة من خلال المادة (52) في الفقرة (1) من الميثاق التي نظمت هذه العلاقة بالنص على"ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد "الأمم المتحدة" ومبادئها" .وأشارت الفقرة الثانية من المادة نفسها إلى "على مجلس الأمن أن يشجع على الاستكثار من الحل السلمي لهذه المنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن" ذلك ان عدد التنظيمات الإقليمية في ظل العالمية في تزايد وليس العكس مما دفع إلى حصول مشكلة قانوني حول كيفية تنظيم العلاقة والتعاون فيما بنها وبين بعضها أو بينها وبين المنظمة الدولية ونقصد هنا الأمم المتحدة وهذا ماجعل مما مجلس المنظمة عام 1996 إلى إنشاء لجنة اتفاقيات التجارة الإقليمية، يكون دورها دراسة الترتيبات الإقليمية في ضوء قواعد المنظمة، وتفحص الآثار المتكررة لكل من الترتيبات المتكاملة الإقليمية والمبادرات الرامية الى مزيد من تحرير التجارة في الإطار المتعدد والعلاقة بينهما.مما يعني ان التحديات التي تواجه النظام المتعدد الإطراف سياسية وليست قانونية، الأمر الذي يوحي بضرورة زيادة مشاركة القيادات السياسية بشكل منتظم بحيث تصبح مشاركتهم مكوناً رئيسياً من مكونات أسلوب عمل المنظمة.
ولابد من التأكيد على إن الاتجاه الإقليمي هو أن الوحدة الإقليمية.تمثل هنا في هذه الفرضية فمركز الثقل ، لذلك فان ذلك إلى ظهور مشكلة أخرى هو أن مركز الثقل في التنظيم الإقليمي لايتناسب في بعض الأحيان مع التمثيل في منظمة الأمم المتحدة.

وهذا عدم التناسب يفرض محاولات جاهدة من قبل المنتظمين إلى ضرورة سد حاجة هذه المشكلة بتصرفات قانونية قادرة على استيعاب الفراغ أو عدم التمثيل المناسب، وتقدير هذه الإمكانيات وهذه الأمور تكون مشتركة بين التنظيمات الإقليمية والنظام الدولي كفرصة ناجحة في تبلور الفكرة الجوهرية التي تتمحور عندها نقطة البدء في التعامل القانوني مع هيكلية التمثيل الصحيح داخل المنظمة الدولية،كذلك فان عامل (التكامل الإقليمي) الذي قد يؤدي إليه التنظيم قد يخلق مشكلة للتعامل مع مفردات النظام العالمي في ظل عولمة شاملة على أساس أن التنظيمات الإقليمية يجب أن تتوافر فيها الحد الأدنى من الأساسيات حتى تستطيع العمل بصورة صحيحة ، فعندما أعلن عن قيام الولايات المتحدة الإفريقية صرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بأن الخطط الرامية إلى إقامة اتحاد على نهج الاتحاد الأوروبي ستفشل ما لم تتبن الدول الإفريقية النهج الديمقراطي وبذل المزيد من الجهود لحل النزاعات الإقليمية ومحاربة الاستعمار والتمييز العنصري،وبالنسبة للعلاقة بين التنظيم الإقليمي والنظام الدولي يمكن ان نتلمس رائيين متعارضين تماما في هذا المجال :
أما الرأي الأول فيرى أن العلاقة بين التنظيم الإقليمي والدولي ليست علاقة تكاملية بل هي علاقة تنافسية بحته حيث يجد أصحاب هذا الرأي ان التنظيمات الإقليمية هي عبارة عن تنظيمات خاصة تؤثر في أعمال النظام الدولي
في رأينا ان هذا القول يجانب الصواب من الناحية القانونية ذلك
1- إن هذا الرأي لا يعطي أولوية نظرية لمبدأ الإقليمية ولا يمنح أي تقدم أو مرتبة عليا للتكتلات القائمة على أساسها، وإنما يفترض توافق الاتجاهين الإقليمي والعالمي من نواحيها التنافسية إلى الحد الأدنى،
2- إنه لا يتطلع إلى تنمية المشاركة العملية في أعمال التنظيم الدولي أي قيام شراكات محسوبة وطموحة بين التنظيمين . تلك هي الفرضية التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة في تحديد علاقة المنظمة العالمية التي أنشأها بالمنظمات والترتيبات الإقليمية.
3- في حين أن هناك رأي غالب يسود الوسطين القانوني والسياسي يرى أن
فالتنظيمات الإقليمية ما هي إلا تنظيمات معززة ومكملة للنظام الدولي فهي ليست بديلاً من المنظمة العالمية وإنما هي بادرات لها. وهذا الرأي يمكن أن نبينه بشيء من التفصيل .



في مرحلة تكوين الدولة وفي تتابع زمني متلاحق كانت الدولة هي التطور الكمي الحاصل في العلاقة بين الشعب الواحد أو مجموعة السكان المقيمين على ارض واحدة والذي يحكمون بسلطة واحدة ومجموع الدول وتطورها اتجهت بعد تطور زمني أيضا إلى تشكيل وحدات اكبر تمثلت بالتنظيمات الاقليمية الواسعة التمثيل والمتخصصة في مجالات معينة والمقامة في مناطق معينة وفق عوامل جغرافية أو سياسية .
وهكذا انشأ التطور المتلاحق فيما بعد النظام الدولي الذ1ذي انبثق من خلال التنظيم الإقليمي ،كذلك فالإقليمية مرحلة وسط ضرورية ومرغوب فيها لأنها جزء طبيعي من عملية التطور البطيئة لتكامل العالم ولقد عبر عن ذلك روبرت بوثبي بقوله: «على الصعيد العملي البحت فإن التنظيم الإقليمي مقدمة ضرورية لأي نوع من التنظيم العالمي إذ يتعين أن يبنى على دعائم راسخة من القاع إلى أعلى». والحقيقة أن هذا الرأي يجد مسوغاً له في تطور التنظيم الدولي في الماضي من تنظيم إقليمي أوربي إلى تنظيم دولي عالمي تمثله الأمم المتحدة.

التطور القانوني للتنظيمات الإقليمية
بعد الحرب الباردة
في المرحلة التي أعقبت الحرب الباردة وجد مجلس الأمن الدولي نفسه مخولا لان يقوم طبقا للفصل السابع من الميثاق بأعمال حفظ السلم والأمن الدوليين وقد تبين من خلال عمل المجلس انه لم يستطع احتكار الأعمال القانونية المبنية على التفويض الدولي بمفرده بل عمد الى القيام إلى إيكال التنظيمات الإقليمية حق التدخل والقيام بالتصرفات القانونية بإشرافه المباشر ، ويظهر هذا التصرف بوضوح في العمل الذي قامت به المنظمة الدول الأمريكية في هاييتي فقد عمل مجلس الأمن الدولي على دعم هذه العمليات في الميدان ، وكما بين النظام البارز في إفريقيا أيضا عام 2003 ذلك الآمر انه في وسع التنظيمات الإقليمية توفير الإمكانيات المطلوبة من اجل فرض السلام بسرعة وفاعلية وهي توفر عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية وهي كذلك تكون قادرة على تامين آليات المساعدات الدولية من خلال اتصالها المباشر بالأمم المتحدة، وقد أشار الميثاق في الفقرة الثانية من المادة 52 من خلال أولوية التنظيمات الإقليمية في حل المنازعات قبل عرضها على مجلس الأمن حيث نص على ان "يبذل أعضاء "الأمم المتحدة" الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن". وحتى بعد القيام بأعمال حفظ السلم المخولة بها من قبل الأمم المتحدة فلابد أن يكون هناك تتابع زمني ومكاني للعمليات في الميدان وفق إشراف ورقابة مباشرة للمجلس على التنظيمات الإقليمية وهذا ما أكدته المادة 54 من الميثاق بالنص "يجب أن يكون مجلس الأمن على علم تام بما يجري من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي بمقتضى تنظيمات أو بواسطة وكالات إقليمية أو ما يزمع إجراؤه منها". بعد أن ازدادت التنظيمات الاقليمية التي كان من أبرزها التنظيمات الإقليمية الناشئة في ظل الحرب الباردة هي : منظمة الدول الأميركية, وإتحاد دول البحر الكاريبي, منظمة الوحدة الأفريقية, الاتحاد الأوروبي, رابطة الدول المستقلة المكوّنة من روسيا و11 جمهورية مستقلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي, منظمة المؤتمر الإسلامي, جامعة الدول العربية, مجموعة آسيان في جنوب شرق آسيا...
ولقد شكلت هذه التنظيمات أهمية كبيرة في الواقع الدولي بعدما تبين أهميتها ودورها في ملاحظة الأمور ذات النزعة الإقليمية.، فنظرا لما أفرزته القطبية الواحدة من صراعات واقتتال داخلي وعرقي والتي تعرف بـ(الحرب الأهلية) فضلا عن ثورة المعلوماتية, وازدياد التنافس الاقتصادي, راحت الدول تتكتّل إقليمياً بغية مواجهة التحديات الجديدة حفاظاً على معدّلات التنمية, وتوخياً لمزيد من النمو الاقتصادي والاجتماعي بتعبير آخر, ثمّة عودة إلى الإقليمية أو التكاملية في إطار جغرافي محدّد, بصرف النظر عن مدى قوة هذا التنظيم الإقليمي أو ذاك. وفي الوقت الذي تندفع فيه اتجاهات العولمة في مطلع القرن الواحد والعشرين.ولو نظرنا إلى حال التنظيمات الاقليمية سوف نجد إشكاليات تطرحها فكرة الاقليمية في ظل العولمة منها ، إشكالية الحدود الاقليمية للمجموع والحدود الخاصة بالدولة المنظمة ونقصد بها السيادة .
كذلك فان عامل التكامل الإقليمي الذي سيؤدي إليه التنظيم قد يخلق مشكلة للتعامل مع مفردات العولمة على أساس أن التنظيمات الاقليمية لاتزال تحمدل في طياتها تحديات تواجهها اليوم كالسيادة والدولة والتدويل وهي مشاكل ذات طابع قانوني دولي لتقدم نقسها كحلول لهذه المشاكل العميقة ، خاصة بعد أن قدمت التجارب الدولية صيغ تفضيلية مقارنة بالتنظيمات الاقليمية المعاصرة.


ولكن يثار تساؤل في هذا المجال : هل أن كل الإعمال الخاصة بحفظ السلم مثلا تتم اتفاقا مع إعمال الأمم المتحدة وما هو معيار التوفيق؟
يمكن القول أن من الأعمال التي تقوم بها الجهات الاقليمية تتم بطريقة شراكة دولية بحيث تصبح الأمم المتحدة مراقبا وشريكا فاعلا من اجل عمل مدروس وطموح ومحسوب في الميدان ، أما معيار ذلك فهو التحالف الذي تقوده الأمم المتحدة وتشترك به التنظيمات الاقليمية معها ، هنا يمكن أن نبين أن الشراكة والتحالف أمرين مختلفين تما فالعمل شركة بين الجهات الدولية يختلف من دولة لأخرى ، أما معيار هذه الشراكة فهو تحالف قائم على أساس انه تعبير دولي واسع لعمل محدد أي اتفاق يشمل التنظيمات الاقليمية وغيرها أمام الشراكات فهي أن تمت بين التنظيمات الاقليمية لا يجب أن تتعداها كما في التحالفات.
كما يمكن القول أن الشراكة هي عمل وفق الميثاق ( الأمم المتحدة ) أما التحالف فهو عمل خارج الإطار ومخالفة أحكامه أيضا وابرز مثال يمكن أن نسوقه في هذا الفرض هو احتلال العراق عام 2003 حيث تم التركيز على الاستخدام المتنامي لتحالف الراغبين في عملية التدخل الخارجي ، وقد أصبحت وما تزال هذه التحالفات أكثر إثارة للجدل لأنها تمت بدون تفويض دولي من الأمم المتحدة .
ولابد من القول أن كل الإعمال ذات الطبيعة المتشاركة بين التنظيم الإقليمي والتنظيم الدولي يقع على عاتق الأمم المتحدة عملية المراقبة والإشراف والتتبع الزمني لمراحل التطورات الحاصلة في الميدان ويكون للتنظيمات الاقليمية حق الإشراف المباشر على الوضع السائد مع رفع التقارير الخاصة بذلك للأمم المتحدة وفق آليات قانونية موحدة والى ذلك أشارت الفقرة الأولى من المادة (53) التي أشارت إلى الأتي " يستخدم مجلس الأمن تلك التنظيمات والوكالات الإقليمية في أعمال القمع، كلما رأى ذلك ملائماً ويكون عملها حينئذ تحت مراقبته وإشرافه. أما التنظيمات والوكالات نفسها فإنه لا يجوز بمقتضاها أو على يدها القيام بأي عمل من أعمال القمع بغير إذن المجلس".


إن إستراتيجية الشراكة هي إستراتيجية عرفها التنظيم الإقليمي وأشار إليها ضمنا الميثاق في الفصل الثامن منه ومنها تم عقد الكثير من الإعمال لتغطية الخروقات القانونية في السلم والأمن الدوليين فقد سعت الأمم المتحدة مع التنظيمات والدول إلى عقد شراكات منفصلة مع بعضا والبعض الأخر من اجل الحد منها ، لذلك نجد أن شهر مايو من العام 2004 شهد شراكة إستراتيجية مهمة بين 11 دولة للحد من هذه الأسلحة وفي سبتمبر من العام نفسه أقرت الخطوط العريضة لهذه الشراكة .
هذا الاقتراب الذي يمكن أن نسميه اقترابا منطقيا أعطى أولوية واضحة للتنظيمات الاقليمية ضمن الميثاق في العمل على حفظ السلم والأمن الدوليين ولذلك فان هذه التنظيمات أكملت المسير او عززت الموقف الدولي ولايمكن الاستغناء عنها حتى في ظل حكومة يمكن أن نطلق عليها بالحكومة العالمية التي تمثلها الأمم المتحدة التي يسعى البعض إلى تحقيقها للاستغناء عن شريك أساسي في عملية التكامل القانوني لحفظ وبناء السلام وهو ما نطلق عليه التنظيمات الاقليمية الدولية في عالمنا اليوم المتغير، صحيح أن العالم قد مر بتغيرات إقليمية ووطنية الاانه لم يتغير بالشكل الذي يمكن معه التخلي عن أساسيات مشتركة فالأدوات مازالت هي الفاعلة أما كيفية عمل الأدوات فهذا قد انتقل من القطبين إلى القطب الواحد الأمريكي .
ان دور التنظيمات الاقليمية بدا يشكل خطوة جدية في ظل التعامل الدولي وذلك في مواجهة الكثير من التحديات التي يصعب على الأمم المتحدة ان تعمل بموجبها ضمن ميثاقها وهذا ادفع أن تكون للتنظيمات الاقليمية كلمتها في ظل التغيرات الدولية المختلفة ، أضف إلى ذلك ان التنظيمات الاقليمية أصبحت شريكا لايستغنى عنه في عملية صنع القرار الدولي في ظل القطبية الواحدة مما يهيئ الفرصة نحو إنجاح عمل التنظيمات الاقليمية والقيام بدور افضل في المستقبل مع المحافظة على الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة باعتبار ان هذه التنظيمات إحدى الضمانات القانونية في هيكلية صنع القرار وتوازنه