آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: البهاغافاد غيتا: من أقوال كريشنا

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    نائب المدير العام الصورة الرمزية محمود عباس مسعود
    تاريخ التسجيل
    09/11/2009
    المشاركات
    4,764
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي البهاغافاد غيتا: من أقوال كريشنا

    لقد شرعت بترجمة هذه الأقوال للسيد كريشنا Krishna الواردة في كتاب البهاغافاد غيتا Bhagavad-Gita الذي يُعتبر من أعظم أسفار الهند الروحية، والذي يعود تاريخه إلى قرابة الثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد.

    لم أتقيد بالترجمة الحرفية ولم أذكر الأسماء السنسكريتية العديدة الواردة في متن النصوص؛ كما أنني لم أنقل الأقوال المتعلقة بالطقوس والنذور ومفاهيم واعتبارات أخرى لا تنطبق على بعض البيئات والثقافات وأنماط التفكير. لكنني اخترت فقط تلك الحِكم والإرشادات المناسبة لكل العصور والثقافات والأجيال. كما أدخلت بعض عبارات تفسيرية لاستخلاص المعاني الجوهرية بحسب ما خطرت لي تلك المعاني وبحسب ما فهمته من المقصود.

    ليس الغرض من ترجمة هذه الأقوال الدعوة لتبنيها، إنما أضعها هنا كي يطلع عليها المهتمون بالثقافة الهندية، ولذا اقتضى التنويه.


    الأقــــــــــــــوال -1 -

    الأقوياء الأشداء لا يتطرق الضعف إلى نفوسهم ولا تخور عزائمهم، لأن التخاذل لا يمنحهم نصراً على الأرض ولا يوصلهم إلى السماء.

    فلا تسمح – أيها المريد – للوهن بالسيطرة عليك لأن ذلك الشعور لا يليق بالشجعان ذوي النفوس الكبيرة. اطرد القنوط والإحباط المَقيت من فكرك وانهض بعزيمة كاللهب الحارق الذي يلتهم كل ما يعترض سبيله.

    الحكيم لا يحزن على المفارقين ولا على الأحياء، لأن الموت والحياة إلى زوال.

    لم يأتِ زمنٌ لم يشهد وجودنا.. ولن ينعدم كياننا أبداً من الوجود. فنحن جميعاً موجودون طوال الأبد.

    كما تمرّ النفس الحية أو الروح، التي تسكن الجسد الفاني، بمراحل الطفولة والشباب والشيخوخة، هكذا تنتقل أيضاً إلى جسد جديد. تلك حقيقة يعرفها الراسخون في الحكمة ولا تراودهم الشكوك حيالها.

    من عالم الحس تبزغ الحرارة والبرودة، اللذة والألم. هذه الإحساسات تأتي وتمضي.. إنها مؤقتة مآلها التلاشي والاضمحلال. فترفعي عنها جميعاً أيتها النفس القوية.

    من لا تقوى هذه المدركات الحسية على تضليله هو حكيم، بمنأى عن قبضة اللذة والألم، لا تهزه الحوادث ولا تقلقه الأحداث.. ولهذا يستحق حياة الخلود.

    اللا حقيقي لا وجود له، والحقيقي ليس له انعدام. هذه الحقيقة يدركها العارفون الذين أبصروا الحق بعين اليقين.
    جوهر النفس لا يمكن تدميره.. ولا لأحد القدرة على إبادة الروح الدائمة الباقية.

    هذه الروح خارجة عن نطاق الزمن، تسكن الأجسام الفانية بالرغم من عدم ديمومة تلك الأجساد، وتبقى مع ذلك خالدة وغير خاضعة لأي قياس.
    هذا الجوهر الإلهي لا ولادة له ولا يمسه الموت. هو كامن في قلب الأزل وباقٍ أبد الآبدين. لم يولد وغير خاضع للفناء.

    مثلما يخلع المرء ثوباً عتيقاً بالياً ويلبس ثوباً جديداً، هكذا تطرح الروحُ ثوبها الجسدي وتنطلق بحثاً عن رداء جسدي جديد.

    لا السلاح يؤذي الروح ولا النار تحرقها.. لا الماء يبللها ولا الريح تجففها.

    هي ثابتة دائمة الحضور وغير متقلبة.. لطيفة لا يمزقها السلاح ولا يحرقها اللهب ولا يغرقها الماء ولا تلفحها الريح .

    هي محتجبة عن عيون البشر، ما وراء الفكر.. ما وراء التقلبات.. راسخة لا يتطرق إليها التغيير والتبديل. فاعرف هذه الحقيقة وتحرر من قبضة الأحزان.

    كل من يولد لا بد أن يموت ومن الموت تبزغ الحياة. تلك حقيقة مؤكدة ينبغي إدراكها.

    الكائنات تكون محتجبة قبل ظهورها بالولادة وتعود ثانية إلى طور الاحتجاب بعد الموت. بيد أنها تبدو مرئية بين الإحتجابين إبان وجودها الأرضي، فهل في هذا ما يبعث على الحزن؟

    البعض يبصر الروح في رؤىً بالغة السموّ، والبعض يتحدث عن روائعها الفائقة. وهناك من يسمع عنها وعن عجائبها المذهلة مع أنه لا يسمعها ولا يعرفها.

    الروح التي تقطن كل الكائنات هي خالدة بها جميعاً، فلا تحزن لموت ما لا يموت!

    فكر بواجبك ولا تتردد. فما أسعد الذين يخوضون بجرأة وبسالة غمار معركة الحياة ويبلون فيها خير بلاء! حقاً أنها لفرصة تفضي إلى طمأنينة النفس والسعادة الأبدية.

    أما انسحابُك من معركة الحياة الفاضلة فيعني التخلي عن الواجب والشرف وبالتالي الإندحار والإنحدار إلى هوة التخاذل والخذلان.

    الناس سيتحدثون الآن ومستقبلاً عن انسحابك وتقاعسك. وفقدان السمعة الطيبة والشرف بالنسبة للرجل الشهم النبيل هما أشد وطأة عليه من الموت.

    وسيقول عنك الشجعان أنك هربتَ من المعركة بدافع الخوف. والذين ينظرون إليك بإعجاب سيغيّرون رأيهم بك ويتحدثون عنك بازدراء واستخفاف.
    وأعداؤك أيضاً سيصوّبون نحوك سهام احتقارهم ويصبّون إهانتهم عليكَ صبّا. وهل من عار أمرّ مذاقاً من هكذا هوان؟

    إن متَّ في أداء واجبك والكفاح في معركة الحياة فنصيبك الجنة، وإن عشت فأمجاد الدنيا أمامك. فانهض إذاً وتأهب للكفاح.

    حافظ على سلامك في اللذة والألم، في الربح والخسارة، في الإنتصار والإندحار. فإن شعرت بذلك السلام في ذاتك وخضت غمار المعركة معركة الحياة فلن تقترف عندئذ إثماً أو ترتكب خطأ.

    ما قلته لك كان من وحي حكمة الأسفار، أما الآن فسأحدثك عن حكمة اليوغا.. الطريق المبارك إلى المملكة السماوية والتحرر من كل القيود.
    ما من خطوة واحدة تذهب سدىً على هذا الطريق وما من مخاطر أو عقبات تحول دون وصول المخلصين.. وحتى القليل من الممارسة يساعد على التحرر من مخاوف كبرى.

    من يمارس اليوغا وينتهجها طريقاً يُبقي عقله متوجهاً نحو الغاية العظمى التي ما بعدها غاية . أما الذي يعوزه التصميم فيظل عقله مشوشاً وأفكاره مشتتة مرتبكة إلى ما لا انتهاء.

    والسلام عليكم.
    وإلى اللقاء في حلقة قادمة بعونه تعالى.

    محمود مسعود

    التعديل الأخير تم بواسطة محمود عباس مسعود ; 14/11/2009 الساعة 08:41 PM

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •