في أصل يوم ارسلت جسمي يتمدد على أريكة تحت ظل شجرة ، وأخذت بين يدي كتابا لأعيش على ما تضمنته دفتاه من رياض الشعر والأدب ، واسترسلت معجبا حتى وقفت عيني على عبارة صغيرة في لفظها ، كبيرة في معناها الا وهي ... كي خلق الله المرأة ...
لقد أخذت من القمر استدارته ، ومن البحر عمقه ، ومن الامواج مدها وجزرها ، ومن النجوم لمعانها ، ومن شعاع الشمس حرارته ، ومن الندى قطراته ،ومن الريح تقلباتها وعدم ثباتها ، ومن النبات ارتجافه وارتعاشه ،ومن الورد لونه وعطره ، ومن الأزهار مخملها ، ومن الاوراق خفتها ، ومن الاغصان تمايلها ، ومن الاشجار حفيفها وأنينها ، ومن النسيم رقته ولطفه ، ومن الخمر نشوتها ، ومن العسل طعمه وشهده ، ومن الذهب شعاعه ، ومن الماس قساوته ، ومن الحية حنكتها ، ومن الحرباء تلونها ، ومن الغزال شروده ، ومن المها عيونها ، ومن الارنب خجله وحيائه ، ومن الطاووس زهوه وخيلاءه ، ومن الأسد قوته ،ومن الزمان خيانته وغدره ، ومن الثعلب روغانه ومكره ، ومن العقرب لدغتها ، ومن اليمامة نغمتها ، ومن الببغاء هذيانها وكثرة كلامها .
كل هذه الصفات قد جمعها وسكبها في بوتقة وصنع منها المرأة .... وأضاف اليها فوائدها الكثيرة منها ... تغذية الرجل وقيادته .