في اليوم السابق للأمس كان يبث على قناة الجزيرة الفضائية برنامج "حوار مفتوح" وكان موضوع الحلقة عن ياسر عرفات بمناسبة مرور خمس اعوام على اعتقاله. على الجانب كنت اسمع اصوات صراخ الجالية المصرية هنا وهم يصرخون ويغنون ويشتمون ايضا , فكان ان خرجت العجوز صاحبة البيت المؤجر لهم تصيح ما يكم فاجابها احدهم "فزنا يا حجة فزنا" وهو يصرخ بصوت عالي جدا ويغني , وسمعتها تقول "هذا انجن الولد" قد كان وصفها دقيقاً انه الجنون, رجال اصغرهم في العشرين من عمره خرجوا للشارع يغنون ويرقصون, ويطلقون الالعاب النارية, وكنت اسأل نفسي حينها "اين كنتم حين احتلت العراق"؟ هل كان لكم مثل هذا النبض بالشارع؟فلسطين ليست ببعيدة ومجزرة غزة ودماء شهدائها لم تجف, وليس ببعيد من هنا العراق وماسي العراق والاحتلال الذي يعيث فيه فساداً, هل اصبحت ذاكرتنا مقتصرة على الذاكرة قصيرة المدى, نعود الى قناة الجزيرة التي اضطرت ان تخرج صورة صغيرة على يمين الشاشة تصور من خلالها فرحة الجماهير, فهي تعلم كقناة لها خبرائها ان فوز احد المنتخبات الرياضية خبر لا يجب اغفاله فهناك الملايين بانتظاره, وان اخبار تصل من العراق وفلسطين ليست بالأهمية لدى جمع غفير من المشاهدين.الأمر الذي اعتقد انه استفز المذيع "غسان بن جدو" وهو المذيع الذي غامر بحياته من اجل يبث لنا الاخبار من داخل غزة عندما دخلها عبر الانفاق, فعلق قائلاً "لو اهتم العالم العربي بما حدث لياسر عرفات كما اهتم بكرة القدم لكان وضع العرب غير الذي هم عليه الان" واظنه تعبير مجازي قصد منه عدم اهتمام العرب بالامور المصيرية وانصباب فكرهم وانشغالهم بالامور التافهة بحيث انهم مستعدون ان يفنوا عمرهم لأجلها فلو كانت حماستهم للقضايا العربية بمثل حماستهم في الأمس فلا شك حينها اننا سنكون من ارقى الأمم. انها مجرد مباراة كرة قدم, نعم هي كذلك لكنها فضحت الكثير وقالت الكثير وجردت الكثير من العروبة او الثقافة او حتى الانسانية. بربكم اقرأوا معي بعض عناوين الصحف , فهذه صحيفة الاهرام المصرية تصف اللقاء القادم "بالواقعة" اي معركة وحدث جلل لكن ليس بين مصر واسرائيل او بين قوات الاحتلال الامريكي انما بين فريق مصر والجزائر
استعدادا لموقعة السودان الفاصلة مع الجزائر‏:‏
مبارك يكلف أجهزة الدولة بتوفير جميع احتياجات المنتخب الوطني وجماهيره
وفي خبر نقلته صحيفة الجمهورية المصرية
الصحف الفرنسية تهاجم الشغب الجزائري في مارسيليا وليون
حتى فرنسا نالها نصيب من الغضب الذي انتاب مشجعي الفريق الجزائري
وفي خبر ثاني لنفس الصحيفة تقول فيه
145 مشجعا يقتحمون صالة السفر ويحطمون أحد مداخلها
وفي خبر بثته قناة الجزيرة الفضائية جاء ان وزير الخارجية المصري يخاطب نظيره الجزائري من اجل التاكيد على سلامة الجالية المصرية بعد ان قام شبان بتحطيم مكاتب طيران مصرية. ونفى في نفس الوقت وقوع اي قتلى من مشجعي الفريقين في مصر.
وها هو برنامج "منبر الجزيرة" يبث الان على الهواء مباشرة وقد خصص هذه الحلقة للحديث عن الاحداث التي حدثت قبل وبعد المبارة. اعتقد ان المذيعة مرتبكة الان فهي من مصر الامر الذي يجعلها مؤهلة من نظر البعض لان تلقى نصيبها من الأحداث, دعواتي لها.
فيما يتعلق بالجانب الجزائري -ام هل اقول الجبهة الجائرية-؟ كانت عناوين الصحف وخصوصاً الرياضية كالتالي:
صحيفة الهداف :مصر للطيران ترفض نقل الجزائريين"
بوتفليقة يقرر تخفيض سعر تذكرة السفر نحو الخرطوم ويمنح 10000 تذكرة مجانية
يبدو ان الرئيس وجد عرشه مهدد ان لم يساير الشعب, او انه هو نفسه منغمس في الاحداث, او ربما كانت الاحداث استراحة للرئيسين من الانتقادات السياسية التي توجهها المعارضة وفرصة لاشغال الشعبين بأمور بعيدة عن السياسة.
الغريب في الوقت الذي تتهافت فيه دعوات لالغاء الحج هذا العام بسبب انفلونزا الطيور نجد البلدين يقومان بتشجيع الجماهير للانضمام للمبارة القادمة في السودان وكأن هذا المرض يوجد في مكة ولا يوجد في سواها!!!
رغم هذا كله فانا ما زلت اردد بلاد العرب اوطاني فانا مؤمن بهذه المقولة فكل بلاد العرب اوطاني وكل بلاد المسلمين اوطاني ولن يمنعني حتى الحصول على كأس العالم ان اغير ايماني بالعروبة, لكني هنا في نفس الوقت اسجل حزني واسفي لما الت اليه الأمور, واسجل نجاح من سعى لاحداث الفتنة فلقد حدثت, ولكن مؤمن في النهاية بأن هذه الأمة لا تموت واذا ما هب فيهم يوم صوت الى الصحوة وقادهم الى القمة فانهم سيتبعونه ولكن قبل هذا يجب ان يخرس الصوت الذي يقودهم نحو الهاوية او يتم اخراسه
__________________
http://wearearab.ahlamontada.net/
شباب ضد الاحتلال