اللقطاء......... في خدمة الإستيطان
صالح النعامي
دلت التحقيقات التي أجرتها الشرطة الإسرائيلية مؤخراً أن المستوطنين الذين يسهمون بنحو خاص في الإعتداء على الفلسطينيين في أرجاء الضفة الغربية هم من اللقطاء الذين تم استيعابهم من قبل مجلس المستوطنات اليهودية للاستقرار تحديداً في المستوطنات المواجهة للتجمعات السكانية الفلسطينية. وقد كشف النقاب عن توجه خطير جداً لدى قيادات المستوطنين الذين يستوعبون هذه العينات من الشباب، ويقومون بتثقيفهم ثقافة غاية في العنصرية والتطرف. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها الكشف فيها عن الجرائم التي يرتكبها هؤلاء اللقطاء ضد الفلسطينيين، ففي تموز من العام 1998، عندما قام ثلاثة من اللقطاء بقتل المواطن الفلسطيني عبد المجيد تركي من مدينة الخليل، حيث تناوب الثلاثة على ضربه بآلات حادة لمجرد أنه كان أول فلسطيني يصادفهم بالقرب من مستوطنة " بيت حجاي "، القريبة من المدينة. والغريب العجيب حينها، كان ما قاله شاؤول أكرا مدير المؤسسة التي كان يؤوي إليها هؤلاء الثلاثة، إذ قال في دفاعه عما أرتكبوه من جريمة " إنهم لم يريدوا قتله، وكل ما في الأمر أنهم كانوا يتدربون على القتل من ضربة واحدة، وهذا ما حدث ". وإن كان هذا التبرير يثير الاستفزاز ويبعث في النفس قدراً هائلاً من الحنق والغضب، فإن المفاجأة أن أياً من هؤلاء اللقطاء لم يمكث في السجن أكثر من شهرين فقط.
نتاج مواخير الدعارة
ويستشف من تقرير بثه التلفزيون الإسرائيلي أن هذا هو نمط التربية والتنشئة السائد في المستوطنات، الذي لم يخطر على بال حتى عتاة الفاشية والنازية. ويبدو بشكل واضح أنه في الحرب القذرة التي يخوضونها ضد الفلسطينيين، فإن قادة المستوطنين مستعدون لتجنيد الذين جاءوا للدنيا بفضل مواخير الدعارة المنتشرة في أرجاء إسرائيل، بعد أن لفظهم مجتمع المدن الكبرى. فهؤلاء اللقطاء عاشوا الاحباطات النفسية وذاقوا ويلات العيش في ملاجئ تل أبيب وحيفا وبئر السبع، وبالتالي فهم يكتنزون حقداً على كل ما هو إنساني في هذه الدنيا. ويتضح من التقرير أنهذه الحقيقة وعاها قادة المستوطنين، فكان الحرص على جلب هذه الحثالات ليكونوا في الصف الأول في مواجهة أبناء الشعب الفلسطيني العزل وليمارسوا السادية والشذوذ.
قصائد تمجد قاتل المصلين
لكن الشذوذ لا يقف عند هذا الحد، فهذا النمط من التربية يستقي أفكاره من نمط القيم المختل الذي يحتكم إليه الصهاينة والذي جعل معايير الإصطفاء لدى هؤلاء معوجة تعكس البهيمية في أسوأ صورها. فطلاب طلاب جامعة " بار إيلان "، ثاني أكبر الجامعات في إسرائيل لم يجدوا إلا مئير لبيد لانتخابه ليكون على رأس مجلس إتحاد الطلاب. و واللافت للنظر أن إحدى " الإنجازات " التي شفعت للبيد المستوطن من " كريات أربع "، لدى الطلاب هو نظمه ديوان من الشعر خصصه بالكامل لتمجيد جاره باروخ جولدشتاين الذي نفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1994، والتي راح ضحيتها 29 فلسطيني وجرح عشرات آخرين، حيث أطلق جولدشتاين النار على المصلين وهم راكعين في صلاة الفجر. وجاء ديوان لبيد هذا باسم " جولدشتاين الرجل ". ولا مجال هنا للحديث عن " القرف " الذي شمله ديوان لبيد الذي حرص فيه على " أنسنة " غولدشتاين وتعظيم فعله الشنيع.
تحريض برعاية نتنياهو
واتضح مؤخراً الدور الذي يقوم به رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في رعاية وسائل الاعلام التابعة للمستوطنين التي تحرض على الفلسطينيين. وزار نتنياهو مؤخراً مقر راديو " عروتس شيفع "، أحد أبواق المستوطنين الرئيسية النافذة والمؤثرة في بلورة الرأي العام الصهيوني تجاه الفلسطينيين والعرب. من يجيد اللغة العبرية بإمكانه أن يستمع إلى البرامج التي يبثها هذا الراديو حتى يدرك الأسباب التي تدفع المجتمع الإسرائيلي نحو هذا الميل غير المسبوق نحو التطرف. وهناك عدة برامج تبثها الإذاعة مخصصة لأحدث الفتاوى التي يصدرها مرجعيات الإفتاء من الحاخامات، وخلال هذه البرامج يتم التشديد على الفتاوى التي تضفي شرعية على استهداف الفلسطينيين وذبحهم. فمثلاً على سبيل المثال لا تنقطع هذه الفتاوى عن بحث تداعيات الفتوى التي أصدرها الحاخام مردخاي إلياهو الذي يعتبر زعيم التيار الديني الصهيوني، وأهم مرجعيات الإفتاء في هذا التيار، وهي الفتوى التي يطلق عليها " فتوى عمليق ". وهي الفتوى التي تبيح تطبيق قتل شيوخ الفلسطينيين ونسائهم وأطفالهم وحتى بهائمهم.
ويحرص نتنياهو ي بين الفينة والأخرى على زيارة مقر هذا الراديو ولا يتردد في الإستجابة لإجراء مقابلات معه على أثيره. ويحرص في ختام كل لقاء على الإشادة بهذا الراديو على الرغم من أنه يعمل بشكل غير قانوني. وفي إحدى المرات وعد نتنياهو بالسماح بتطوير الخدمات التي يقدمها هذا الراديو.
المضحك المبكي أن خطة " خارطة الطريق " تلزم السلطة الفلسطينية بوقف " التحريض " ضد الفلسطينيين في مناطق نفوذها. ويتبارى قادة الجيش والأجهزة الإستخبارية الإسرائيلية على الشهادة بأن السلطة قطعت شوطاً كبيراً في الوفاء بهذا الإستحقاق، حيث أنها قامت بإقالة جميع أئمة وخطباء المساجد الذين يتعرضون لإسرائيل، ولم تتردد في إعتقالهم وتعذيبهم وحلق لحاهم. في نفس الوقت حظرت السلطة على كل الخطباء التعرض من قريب ولا من بعيد لإسرائيل، ناهيك عن منعها القيام بأي أنشطة داخل المساجد. وتولت الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة فياض تعيين الخطباء والأئمة وفق معايير خاصة. ولم يعد سراً أن أحد قادة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة تباهى في أحد لقاءات التنسيق الأمني مع قادة الجيش الإسرائيلي أن عناصر الأمن التابعين له – وبخلاف الإسرائيليين – لا يترددون في اقتحام المساجد.