ضريبة لقاء عباس..27 دولاراً

ماهر حجازي - كاتب صحفي

خلال متابعتنا لملف اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل والذين وافقت الأخيرة على استقبالهم من مخيم الرويشد عند الحدود الأردنية العراقية نهاية العام 2007 , كنا قد أعددنا تقريراً يوضح معاناة مجموعة من هؤلاء اللاجئين المتواجدين في العاصمة برازيلية الذين بدؤا اعتصاماتهم فور وصولهم البرازيل بعد تلاشي الوعود سواء من الحكومة البرازيلية أو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لهيئة الأمم المتحدة بتأمين حياة كريمة لهم من خلال ضمان معيشي وتعليمي وصحي وغير ذلك لكن ما من شيء قد تحقق لهم , استمروا في اعتصاماتهم في ظل رفض مقابلتهم من وزارات العدل والداخلية والخارجية البرازيلية أو عبر المضايقات من قبل موظفي المفوضية.

اللاجئون الفلسطينيون ناشدوا الحكومة الفلسطينية في غزة ورئاسة منظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية , ونحن بدورنا سعينا في خطة تفعيل قضيتهم إعلاميا لتحظى ببعض الاهتمام من قبل وسائل إعلام ومؤسسات فلسطينية.

المفوضية السامية قدمت لهؤلاء اللاجئين عرضا إما العودة إلى العراق أو إلى المخيمات الصحراوية وفي مقدمتها مخيم التنف, رد اللاجئين كان العودة إلى مخيم التنف لأنه أرحم من الحياة في البرازيل حيث تعرض الكثير منهم لمحاولات قتل وسرقة دون أن تقدم له أية مساعدة.

اليوم سمع الفلسطينيون بزيارة رئيس منظمة التحرير محمود عباس للبرازيل حيث سيلتقي الجالية الفلسطينية في جنوب البرازيل يوم الأحد 22 تشرين الثاني الجاري, لكن الفيدرالية الفلسطينية برئاسة عليان طاهر أصدرت تعريفة لقاء مع عباس تطلب من أي فلسطيني يرغب بحضور اللقاء الذي سيجمع عباس بفلسطينيي البرازيل, وتبلغ تعريفة اللقاء ب(50 ريال برازيلي) أي ما يعادل (27 دولاراً) وبالتالي فإن أي فلسطيني لا يستطيع دفع هذه التعريفة لن يستطيع لقاء عباس.

المحزن أن اللاجئين المعتصمين في برازيلية هم الأكثر فقراً بين الجالية الفلسطينية , فهم لا يجدون قوت يومهم ولا إيجار منزلهم ولا يتمكنون من تعليم أبنائهم , فكيف لهم أن يدفعوا 27 دولار ليجتمعوا بعباس ويحدثونه عن مأساتهم القادر أساسا على حلها دون دفع تعريفة.

أخبرني اللاجئون المعتصمون بأنهم لن يحضروا هذا اللقاء نتيجة التعريفة المطلوبة والتي أخبروهم بأنها ثمن لطعام الغداء الذي سيتناولونه مع عباس, هل يعقل هذا الأمر!!!

إن لم يذهب هؤلاء اللاجئين إلى لقاء عباس فإن قضيتهم ستموت وسيموتون هم أيضاً كما مات الشيخ حمدان أبو ستة جراء الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج له.

صفا جاد الله الكاتب الفلسطيني والمقيم في البرازيل منذ 20 عاماً, أخبرني بأن الجالية الفلسطينية ستتناول الطعام مع عباس على نفقتها الشخصية وأنها ستدفع تكاليف الفندق لأبو مازن ومرافقيه وهذا ما كان يحصل دائماً, لأن الفدرالية مفلسة..معقول أن يأكل وينام الرئيس على حساب الشعب..؟!

يقول جاد الله أن رئيس الفيدرالية الفلسطينية عليان والسفير الفلسطيني ابراهيم الزبن يسعون لتجميع حشد حول أبو مازن خلال زيارته للبرازيل..لكن هل يعتقدون أن تكون هناك شعبية للزيارة بعد وضع تعريفة للقاء.

اللاجئ أحمد قطيش الذي طرد وعائلته من البيت الذي يسكنوه, وهو الآن يبحث عن كفيل ومعيل لإيجاد منزل يسترهم, هل يفكر هذا اللاجئ بدفع 27 دولار للقاء عباس, لماذا لا يفكر عباس بأن يكون الكفيل والمعيل لهذه العائلة الفلسطينية.

أما البرازيل فهي تريد التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيلين, وزيارة عباس تأتي عقب زيارة بيريز لها.

وبكل صراحة إن عاد عباس دون إيجاد حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل وتحسين أوضاعهم, فأتمنى من الله عزوجل أن يعيده جثة هامدة رأفة ونقمة لهؤلاء المستضعفين.

نأمل أن تصل الرسالة قبل اللقاء, عسى يتمكن اللاجئون في برازيلية من حضور اللقاء مجاناً..ولا داعي للغداء.

لكن للأسف بعد الانتهاء من كتابة مقالي هذا علمت أن لقاء عباس بالرئيس البرازيلي اقتصر على الحديث عن إعجاب أبو مازن بمكانة البرازيل التي حظيت بها بعد استضافتها دورة الألعاب الأولمبية, كما تمنى عباس أن يزف للبرازيليين قرب توقيع السلام مع جيرانه الاسرائيلين سلام يعيش فيه أبنائهم الفلسطينيون والإسرائيليون دون خوف.

حديث محمود رضا عباس جاء بمناسبة يوم الوعي الأسود..نعم أنه يوم أسود جديد يضاف إلى معاناة المنكوبين الفلسطينيين في البرازيل حيث لم يكترث أبو مازن بمعاناتهم ولم يكلف نفسه الحديث عنهم أساسا..هل توقيع اتفاقيات في مجالات الصحة والتعليم والزراعة والرياضة أهم من أرواح الفلسطينيين ممن ينتظرون الموت على أرض البرازيل..ولماذا يكترث عباس بهؤلاء المشردين الفلسطينيين فهم حجر عثرة في طريق السلام الذي يسعى أبو مازن لاستجدائه من الصهاينة..لكن أعود وأقول ياريت ترجع جثة هامدة يا عباس.