الأحجــــــار الكريمـــــــة

تشتمل الأحجار الكريمة على قطع الكريستال المعدنية البللورية المتجمدة، كالألماس والعقيق والزمرد والجزع اليماني، والتي يمكن استعمالها – بعد تقطيعها وصقلها – في المجوهرات والحلي والقطع الزخرفية.

هناك أيضا مادة نفيسة، نادرة ورائعة الجمال تصنف ضمن الجواهر وهي اللؤلؤ ذو الأصل الحيواني. الراتينج الأحفوري [صمغ الأشجار الصنوبرية] الذي من البقايا الحيوانية أو النباتية المنطبعة في الحجارة من عصور سحيقة يعتبر أيضا من الأحجار الكريمة، وهذا ينطبق على حجر الكهرمان الصلب ذي اللون البني الضارب إلى الصفرة والمستعمل في أدوات الزينة. أما المرجان فلا يصنف ضمن فئة الأحجار الكريمة.

الورود والأزهار تحتفظ بلونها لفترة قصيرة، أما الأحجار الكريمة فتلازمها ألوانها أبدا. يتم تقييم الجواهر على أساس ندرتها ولونها وجودتها وصلابتها. الأحجار الكريمة الأكثر قيمة هي الألماس ثم العقيق ثم الزمرد ثم الياقوت، ثم الأوبال والفيروز. الزمردة النقية غالبا ما تباع بثمن يفوق ثمن الألماسة البيضاء النقية. أما العقيق فيثمّن أحيانا أكثر من الألماس بعدة مرات.

الغارنيت (العقيق الأحمر ذو الشفافية) والتوباز (الياقوت الأصفر) والترمالين (ذو الألوان المتعددة والخصائص الكهربائية) وحجر القمر والجمشت والزَبَرْجد ذو اللون الأخضر المائل للزرقة، والهليوتروب ذو اللون الأرجواني الفاتح، كلها أحجار شبه كريمة وذات قيمة أقل. اللازورد ذو اللون الأزرق الفاتح واليشب غالبا ما يتم تصنيفهما على أساس أنهما حجران كريمان.

ما من شك أن الأحجار البراقة تم جمعها في بادئ الأمر نظرا لجمالها. كما أن هذه الأحجار كان لها منذ البدء معان خاصة بالنسبة لكل شعب من شعوب العالم. المنجمون اعتقدوا بأهمية وفعالية الجواهر والنجوم وبتأثيرها المباشر على حياتهم. ومنذ العصور الأولى تم تخصيص حجر كريم لكل شهر من شهور السنة. حتى الحكماء وذوو الرؤى اعتقدوا ويعتقدون أن صحة وحظوظ الناس يمكن أن تتأثر باستعمال الأحجار الكريمة، وهناك العديد من القصص عن تلك الأحجار التي استعملها أصحابها كتمائم أو رقيات لدرء العين الشريرة.

إن دراسة لكيفية نقش وحفر الجواهر وتنزيلها في قوالب وتصميمات غريبة من قِبل الشعوب البدائية تعطينا فكرة مثيرة عن معتقدات تلك الشعوب وعن المجازفات المذهلة التي قاموا بها لامتلاك ولو جوهرة واحدة.

كما لعبت الأحجار الكريمة دورا هاما في المعتقدات الدينية، وغالبا ما نقرأ عن تلك الجواهر في الأسفار المقدسة. وتاريخ الكثير من الممالك يدور حول مجوهرات الأسر المالكة والنبلاء والأعيان.

لقد احتل فن نقش وحفر المجوهرات منزلة رفيعة عند الإغريق والرومان والفراعنة. أما في العصر الحديث فإن لإيطاليا وألمانيا دورا بارزا في هذا المجال. الحجر الكريم الذي يحمل نقوشا نافرة يسمى القامع. أما الدرة المحفورة أو المنقوشة فتسمى الغائرة. وقد استعمل القدماء شكل الخنفساء في تشكيل المجوهرات ربما تيمناً بتلك الحشرة. معظم المتاحف في المدن الكبيرة تضم تشكيلات من المجوهرات والمصوغات على اختلاف أنواعها وأحجامها وأشكالها. وهناك الهواة ممن يجمعون هذه الأحجار ويدفعون أثمانا غالية للحصول عليها.

ونظرا لافتتان الناس بالجواهر فقد تزايد الطلب عليها مما جعل امتلاكها متعذرا بسبب ندرتها ونفاستها. وهكذا فقد لجأ صاغة المجوهرات إلى صنع أحجار كريمة مقلدة، كما حاول العاملون في الكيمياء إنتاج الأحجار الكريمة بطرق اصطناعية.

لقد عرف قدماء المصريين فن تلوين الزجاج ولذلك تمكنوا من صنع أروع الجواهر المقلدة المعروفة لديهم آنذاك. أما الرومان فقد استعملوا مسحوق صخور الكريستال في تقليد الجواهر. كما تمكن صناع الجواهر في العصور الوسطى من استحداث أحجار كريمة مقلدة تشبه من كل ناحية الزمرد والعقيق والياقوت الأزرق والياقوت الأصفر (التوباز).

في السنوات الأخيرة بـُذلت محاولات عديدة لإنتاج أحجار كريمة أصلية باستخدام أساليب اصطناعية، فتم استحداث الالماس والعقيق والزمرد وبعض الأحجار الملونة الأخرى عن طريق صهر ودمج مواد مختلفة بالاستعانة بالفرن الكهربائي. في البداية كانت العملية مكلفة والأحجار المنتجة صغيرة. بعد ذلك تحسنت الأساليب وتم إنتاج تلك الأحجار بكميات وأحجام أكبر.

من أهم الجواهر في العالم جوهرة كوهي نور التي تم تقديمها للملكة فيكتوريا في العام 1850 (كما ذكرنا في موضوع خصصناه لتلك الجوهرة)، وجوهرة كولينان التي تم العثور عليها في بريتوريا بجنوب أفريقيا. أما جوهرة أورلوف التي كانت ترصع التاج الروسي فكانت تزن قرابة المائتي قيراطا وقد اشترتها الأمبراطورة كاترين الثانية في عام 1772 بنصف مليون دولار.

الألماسة الشهيرة ريجنت تزن 136 قيراطا وهي موجودة في متحف اللوفر بباريس. وقطعة اللؤلؤ بليغرينا الأشهر في العالم يبلغ حجمها حجم بيضة الحمامة وقد عثر عليها في جزيرة سانتا مرغريتا وتم تقديمها هدية للملك فيليب الثاني ملك أسبانيا. وبعد أن بقيت ضمن مقتنيات الأسرة الحاكمة في أسبانيا لأجيال عديدة انتقلت ملكيتها لأحدى العائلات الروسية الشهيرة.

آمل أن تكونوا استمتعم بهذه الجولة القصيرة.. وإلى لقاء متجدد مع جولات جديدة وعديدة بعونه تعالى.
والسلام عليكم

المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود عباس مسعود