السينما والمجتمع
------------------
الواقعيه في السينما العربية
--------------------


لو تتبعنا قضية العلاقة بين الفن والواقع , على مستوى السينما العربية , سنجد انفسنا امام مجموعة اعمال راقية في تجريدها للواقع المجتمعى والسياسي والاقتصادى , لعدد من المخرجين السينمائيين الجدد امثال : محمد خان , وعاطف الطيب , وعلي عبد الخالق .. وسعيد مرزوق .. وهانى لاشين .. من مصر , ومحمد ملص من سوريا في فيلم " احلام مدينة " ..
بعيدا عن رمزية يوسف شاهين , واسقاطاته الفكرية , او كلاسيكية صلاح ابو سيف في افلامه القديمة , التى كان قمتها في فيلم
" السقامات " او ما لم يتح لنا مشاهدته من اعمال المخرج العربي الجزائري المبدع , الاخضر حامينا في ثلاتيته عن الثورة الجزائرية التي بدأها " بسنوات الجمر " الفائزة بالجائزة الكبرى في مسابقة
"كان" الرسمية ضمن مهرجان 1975 .. او الواقعية البوليسية – السياسية لكمال الشيخ في فيلم " الصعود الى الهاوية " وفيلم
" على من نطلق الرصاص " او في قمة اعماله الواقعية – البوليسية بفيلم " لن اعترف " المنتج سنة 1961 او فيلم " الطاووس " المنتج عام 1982 ..
ويلاحظ من هذا الخط الذي يعتمده , في دراسة العلاقة الجدلية بين الفن والواقع في الوعاء السينمائى , الابتعاد عن الاسماء القديمة المعروفة في عالم الاخراج السينمائي والاقتراب من الاسماء اللامعة الجديدة في عالم السينما العربية , وهذا يعود , لان المبدعين الجدد في عالم الاخراج السينمائي , اكثر احتكاكا من الاسماء القديمة , بقضايا الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المعاصر , بحكم السن , والنشاة في ظروف ما بعد حرب يونيه عام 1967 , التي لا تزال اثارها مخيمة على واقعنا العربي بكل ابعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..
فقد كانت بداية الرحلة بالنسبة لعلى عبد الخالق وسعيد مرزوق , بعد حرب يونيه 1967 بعامين او ثلاثة اعوام , بينما كانت البداية الحقيقة لعاطف الطيب ومحمد خان وهاني لاشين في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات ..
مثلهم في ذلك مثل " هشام ابو النصر " الذي نشم في اعماله رائحة صلاح ابو يوسف من خلال فيلم " الاقمر " او فيلم " قهوة المواردي " بمعايشة موضوعية للواقع الجديد الذي يعيشة الحي الشعبي في زماننا المعاصر ..
وتبقي واقعية " هشام ابو النصر " في " الاقمر " او " قهوة المواردي " ذات اشكال فكرية , تاخذ المضمون الاجتماعي , في قوالب الواقعية الانتقادية اكثر من وقوعها في قالب المباشرة الفنية , التي تخدم القضايا الواقعية المعاصرة , خدمة مباشرة ومؤثرة على ذهن المشاهد العادي , قبل تاثيرها على اذهان الخاصة من الطبقة المتعلقة او المثقفة ..
وضمن هذه العموميات التى لا تفرض نفسها في قضية اجتماعية محددة المعالم والاتجاهات , يظهر الآن لهشام ابو النصر , عمل سينمائي اجتماعي في فيلم " البنات والمجهول " .. وهي قضية استهلكت في الكثير من الاعمال السينمائية والتلفزيونية , والجديد فيها , ذلك التوجه الاجتماعي , في لقاء الانسان العربي باخيه العربي , داخل اسوار الجامعة , او في ثنايا القصص العاطفية الانسانية بالفيلم , خاصة وان بطل الفيلم , طالب عربي لم تحدد جنسيته او هويته , يتعلم في الجامعات المصرية , ويبرز حبه لزميلته المثقفه الواعدة والطالبة الجامعية المصرية ..
وهذا اتجاه مدروس , يحسب لهشام ابو النصر , ضمن اطلالته او استراحته الفنية في فيلم " البنات والمجهول " .
ولو تعمق هشام ابو النصر في بحث جوانب هذه القضية الانسانية , التى تعد تبشيرا بوحدة العادات والتقاليد والآمال والآلام بين انساننا العربي من مكان الى مكان , لتحقيق للفيلم بعد واقعي ضمن قضية اللقاء الانساني العربي دون حساسيات اقليمية .!!