بمناسبة الذكرى الحادية والستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان

" اين حق طلاب عرب الجهالين بالتعليم ؟؟ "

في 13/10/2009 افتتح وكيل وزارة التربية والتعليم العالي محمد أبو زيد، اليوم، في منطقة الخان الأحمر في بادية القدس، مدرسة الخان الأحمر المختلطة صاحبة الامتياز التربوي الرمزي، بعد تحمل عرب الجهالين وعشيرة أبو داهوك وطواقم المعلمين وجمعية دي تارا الإيطالية، عناء مخاض عسير وصعب لتثبيت بقاء المدرسة.

وبنيت المدرسة قبل ستة شهور من إطارات السيارات المحشوة بطين الصحراء، استجابةً لنداء الحاجة لأبناء أربعة تجمعات بدوية تقطعت بهم السبل إلى طريق العلم والمعرفة، واثبات للوجود وقدسية المكان بعد أن لاحقتهم أنياب التهجير والطرد.
وأوضح ممثل ونائب محافظ القدس عبد الله صيام في كلمة ألقاها، أهمية دعم العملية التعليمية بقوة وصلابة في المناطق الفلسطينية التي تتعرض لإجراءات احتلالية عدوانية، خاصة في مدينة القدس والمناطق المحاصرة بجدار الفصل العنصري، لإبقاء شعبنا على قمة هرم المتعلمين بين شعوب الأرض.

وبين صيام أن افتتاح المدرسة بهذه الظروف الاستثنائية يؤكد عدة رسائل، بينها أن وزارة التربية والتعليم العالي تسعى إلى توفير تعليم نوعي لجميع أبنائها بأي شكل متاح حتى ولو في غرف الطين والخيام، وكذلك أن السلطة الوطنية تسعى لتثبيت المواطنين على أرضهم ولترفع للعالم رسالة مفادها: أن هذا الشعب وإن تقطعت به السبل لن يخضع لابتزاز الاحتلال ومستوطنيه.

من جانبه، أكد وكيل وزارة التربية محمد أبو زيد، على رمزية المكان، بقوله: المكان ضيق والهمة عالية والتواجد فيه له انفعالاته الخاصة ومكانته الخاصة، مبينا أن التحديات الكبيرة التي تواجه المدرسة تتماشى مع رسالة الوزارة الثابتة بحجم التحديات الكبيرة المتعلقة بنوعية التعليم في فلسطين وتحقيقها.

وناشد كل أحرار العالم إلي بناء علاقات توأمة مع مثل هذه المدرسة ليس بهدف الدعم فحسب ولكن لإخبار العالم أجمع بأن الفلسطيني صامد على أرضه ويتطلع إلى العلم والتعليم.

من جانبه، وصف مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر المدرسة وتلاميذها بزهور النار التي تفتحت في ظل الظروف الصعبة.

كما اعتبر عبد القادر بناء المدرسة رداً على سياسة الاستيطان والاقتلاع بقوله: لا نزرع شجراً فقط بل نمارس زراعة العقول التي تتصدى لمحاولات الاحتلال التي تسعى لاقتلاعنا من ارض أجدادنا، وأن بناء المدرسة يعتبر إنجازاً سياسياً على أيدي عرب بادية القدس الذين قدموا الكثير من الشهداء والنضال على مدار التاريخ الوطني والنضالي.
وفي كلمة مديرة المدرسة حنان عواد التي عكست حال الاستعداد والتحدي من قبل أسرة المدرسة، قالت فيها: هذا الصرح العلمي الطيني الذي يفتقد لأبسط مقومات العملية التربوية من كهرباء وماء واتصالات، جاء نتاج عمل مقدسي جماعي قرر أن يتحدى الصعوبات وان يخترق جدار العنصرية الذي يسعى لسلب هويتنا وتاريخنا.

وأضافت قائلة: نحن كطاقم تدريسي وأسرة تربية على استعداد لتقديم مزيد من العطاء في هذه المدرسة وان ما نحتاجه هو الدعم المعنوي والمساندة من كافة أطياف الشعب الفلسطيني.

وفي السياق ذاته شكر مدير تربية ضواحي القدس عمر عنبر، مخاتير وشيوخ عشيرة أبو داهوك الذين وعدهم بالعمل على تجاوز كافة الاحتياجات الفنية واللوجستية اللازمة من اتصالات وكهرباء وسيارة لنقل الطلبة وغيرها من العناصر اللازمة لتسهيل عمل وإدارة المدرسة، داعياً إياهم إلى السعي الجاد للحصول على ترخيص لبناء مدرسة بالمواصفات الحديثة كما حدث مع مخيم عرب الجهالين.

من جانبه أشاد رئيس جمعية بدو القدس التعاونية محمد كريشان، بدور وزارة التربية والتعليم العالي ومؤسسة فيتو دي تارا الإيطالية في دعمهما لبناء وعمل هذه المدرسة على جهودهم في دعم إنجاز وعمل هذه المدرسة المتواضع ولخدمة أربعين من أبناء عرب الجهالين.

في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم المتقدمة على تحسين ظروف حياة مواطنيها وتحسين النظام التعليمي وفق أحدث الأساليب التقنية والألكترونية دفعت الحاجة جماعة من عرب الجهالين إلى ابتكار طريقة خاصة لبناء مدرسة ابتدائية باستخدام الطوب وإطارات السيارات القديمة من اجل ان يتعلم فيها الاطفال حتى سن العاشرة. وتتسع المدرسة لزهاء 40 صبيا وفتاه تقل اعمارهم عن عشر سنوات.


قصة عرب الجهالين هي قصة بدو يعيشون مأساة ملازمة لمسيرة حياتهم

فقد قام الجيش الإسرائيلي بعد استيلائه على النقب عام (1948) بطرد هذه القبيلة وشيد مكانها مستعمرة عراد مما دفع القبيلة إلى النزوح نحو الضفة الغربية حيث سكنت السفوح الشرقية الممتدة من مدينة القدس إلى البحر الميت وبدأت تعيد ترتيب نفسها من جديد. لكن المأساة الثانية سرعان ما داهمتها حيث قام الجيش الإسرائيلي بعد دخوله الضفة الغربية في حرب (1967) قام بالاستيلاء على جميع المراعي وأعلنها مناطق عسكرية ثم تم بناء مستعمرة معاليه أدوميم عام (1980) على حساب مساكن الأهالي المطرودين ومراعيهم. ثم حلت بهم المأساة الثالثة: حين قام الجيش الإسرائيلي عام (1997) بهدم بيوتهم ونقلهم في شاحنات إلى موقعهم الحالي وذلك من أجل بناء وتوسيع مستعمرة معاليه أدوميم واليوم ها هم يتخوفون من كارثة جديدة رابعة تتمثل بهدم المدرسة .

إصرار على التعلم رغم ضنك العيش
ان هذه المدرسة البدائية هي سياسية المغزى، وقد بنيت بقرار من الرئيس الراحل ياسر عرفات لتكون وسيلة دفاع عن الأرض، في يوم أسود يبدو أنه قد حل، حيث بدأت المدرسة تدافع عن المكان وعن نفسها، وتقف في وجه الأطماع الاستيطانية الإسرائيلية، وتحافظ على السلام الوطني الفلسطيني متردداً وسط الصحراء ولو بأبسط الوسائل.

والمدرسة عبارة عن مدرسة بدائية تتكون من صفائح من الزينغو لأن الاحتلال الإسرائيلي رفض أن يكون هناك بناء قائم كباقي المدارس فوافق على هذه الحالة، و تعاني من نواقص كثيرة لأن الاحتلال يمنع حتى استخدام الإسمنت أو الباطون ، فهو يبقى على أن تكون الأرض ترابية وطينية وما شابه.
ظروف المدرسة البدائية والصفوف المتكونة من الصفيح والتي تفرضها إسرائيل لم تثنِ إرادة الأطفال البدو على التعلم، ففي هذا الزمن صار البدوي يعي أهمية الكتاب ومحتواه لتثبيت الوجود والحفاظ على الهوية ، ويعمل المعلمون في ظروف مهنية صعبة ، فالمدرسة نائية بلا طريق وهي بلا كهرباء ولا ماء، وما يبقي هؤلاء المعلمين هنا هو أن الرسالة التربوية لها أبعاد وطنية عميقة.
ان الاحتفال بالاعلان العالمي لحقوق الانسان يتطلب من جميع الدول التي وقعت عليه ضرورة العمل على انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه في الحياة والعمل والتعليم والتنقل والحرية ، وان تكون له دولة مستقلة اسوة بدول العالم.