معلوم أن المغناطيس يجذب إلى مجاله قطع أو برادة حديد وبعض معادن أخرى تمتلك خاصيات جذب، وأن ذلك الجذب يتفاوت بحسب قوة المغناطيس نفسه ونوعية مكونات المواد المنجذبة إليه.
هذه الحقيقة العلمية تنطبق أيضاً على الإنسان الذي يمتلك مغناطيساً من نوع آخر هو الفكر.
لقد عرف الناس تأثير الجاذبية على المستوى البشري وعبّروا عنها بأقوال وحكم مثل:
شبه الشيء منجذبٌ إليه
والجزاء من نوع العمل
والحصاد من نوع الزرع.
وبما أن الفكر هو أبو الفعل، فهو بالضرورة البذرة الحية التي تنبت وتزهر وتثمر أعمالاً وتصرفات ونتائج وثيقة الصلة بطبيعة البذرة نفسها.
هذا الفكر- المغناطيس هو دائم الإستقطاب إلى نقطة الإرتكاز أو محور الجذب الذي هو الإنسان.
لعبارة (من جَدّ وجدَّ) وجهان متقابلان أحدهما إيجابي والآخر سلبي. فعندما يستخدم الإنسان إرادته – المنبثقة عن الفكر – ليجدّ ويكدّ في عمل ما، ينفعه وينفع غيره، سيجذب إليه ظروفاً نوعية تساعد على تحقيق ما يصبو إليه. أما إن استخدم إرادته في إلحاق الضرر بغيره فقد يفلح إن كان فكره يمتلك قوة كافية لإحداث الضرر، إنما بكل تأكيد سيلحق أيضاً الأذى بنفسه لأن ما يطلقه فكره من طاقة سلبية سترتد عوداً على بدء إلى مصدرها، وقد تعود مضاعفة ومشحونة بأفكار وقوى مشابهة استجمعتها أثناء انطلاقتها ولن يتمكن صاحب الفكرة الأساسية من تلافيها لأن في ذلك المصدر مغناطيس يجذبها وسيصعب عندئذ التخلص منها قبل تفعيل أفكار وطاقات مضادة وبنفس القوة على الأقل.
هذا المغناطيس الفكري متفاوت من حيث القوة والنوعية. المغناطيس الضعيف مجال جذبه محدود نسبياً في حين للمغناطيس القوي قدرة على جذب أشياء أكبر وأكثر ومن مسافات أبعد.
طبعاً هناك أشياء يفكر بها المرء ويتمناها لنفسه أو لغيره لكن تحقيقها صعب أو شبه مستحيل بفعل محدودية الظروف أو لنقل عدم امتلاك الفكر القدرة الكافية على تحقيقها. (ما كل ما يتمنى المرء يدركه).
من يفكر أفكاراً سلبية سوداوية يتناغم مع مجال يعج بتلك الأفكار، تماماً كمن يبحث عن موضوع معين على الإنترنت. ومن يفكر بالإيجابيات يساعد نفسه فيما يتعدى قدرته الذاتية. فهو بتفكيره الإيجابي يفعّل طاقات حيوية تنطلق باحثة عن نظائر لها في عالم الأفكار اللا محدود لتعود إليه بشحنات إضافية تصب في صالحه.. زيادة الخير خير!
بعض الأشخاص ينزعون إلى التشاؤم فلا يبصرون أبداً الجانب المشرق من الحياة. فهم يفكرون ويتصرفون كما لو أن النور غير موجود أو لو أن السعادة مستحيلة التحقيق. لكنهم لو استبدلوا "مغناطيسهم" السلبي بآخر إيجابي لأبصروا صورة أو صوراً تختلف تماماً عما اعتادوا عليه، ولانفتحت لهم وأمامهم قنوات وأبواب كثيرة.
مع ذلك للجانب السلبي ايجابيته أيضاً. فهو يكشف لنا عقمه ويستحثنا على التخلص منه غير مأسوف عليه.
غالباً ما يكبل الإنسان نفسه بقيود لا سيما عندما يقنِع نفسه بأن السعادة التي يبحث عنها مستحيلة ما لم يحقق هدفاً معيناً أو يحصل على شيء يرغب بامتلاكه. لكن للمرء القدرة على أن يكون سعيداً – إن هو أراد ذلك – بغض النظر عن ظروفه الخارجية.
الفكر هو ذلك الخاتم لبيك الدائم العمل على تحقيق أماني صاحبه خيراً أو شراً. فإن جرى في قنوات مغلوطة يتحول إلى ثعبان يلدغ ونار تلذع. أما إن جرى في مسارات سليمة فلا بد أن يصل إلى مناهل الخيرات ويتحول إلى وميض ينير في الظلماء ليصبح "حديقة أفراح وكنز فوائدِ" لذاته وللآخرين.
والسلام عليكم
محمود عباس مسعود
المفضلات