في السينما والجريمة
هل المجتمع العربي برئ من الجريمة الكاملة ؟
-----------------------------

في وقت نسمع ونقرأ خلاله عن الجرائم ترتكب في حق الناس والمجتمع , ونتسائل : لماذا ؟.. وكيف ..؟؟ ولا نلتقط الاجابة الوافية والكافية لتساؤلاتنا من خلال الصحف والمجلات , تقف السينما شامخة لتلعب دورا اكثر دقة وتاثيرا , من وسائل الاعلام المقروءة لتعطي في النهاية النتيجة التي يسعى اليها اناس بحثا عن الحقيقة في تلك الجرائم , وهل استوي ميزان العدل والقضاء , ام اختل ..!! والمقصود بالجريمة والعقاب هو كل ما يدخل في حكم العمل الجنائيمن اغتصاب ولصوصية وقتل ..!! وتزوير وتهريب للممنوعات بعيدا عن المخالفات اصغيرة .. !!
ولعبت السينما دورا عظيما في المجال بالتاكيد .. فانتقلت السينما الامريكية بعد توقف الحرب الفيتنامية الى بحث الآثار الاجتماعية التي خلفتها حرب فيتنام على الانسان الامريكي بشكل عام , حيث كانت النظرة التشاؤمية للجنود العائدين من حرب فيتنام , تفرض نفسها على المجتمع الذي يخشى او يرفض التعاون مع الذين لطخت ايديهم بسفك الدماء في آسيا , وعالجت السينما الامريكية هذا الموضوع في العديد من افلامها عن الاحساس بالذنب والشعور بعذاب الضمير , الذي يرافق كل العائدين من ميدان الحرب الفيتنامية , وانعكاس ذلك على تصرفاتهم الحمقاء مع انباء مجتمعهم , يؤدي بالتالي الى اقترافهم لبعض الجرائم والقائمة التي تشمل اسماء مثل هذه النوعية من الافلام طويلة لا مجال لحصرها الآن .. !!
لكن الفيلم الذي يستحق التوقف عنده حول الجريمة المنظمة
المافيا – هو فيلم " الاب الروحي " بطولة مارلون براندو وآل باسينو , بجزئية " الاول والثاني " حيث عشنا مع زعماء المافيا في امريكا دقائق حياتهم بالتفصيل المثير وهم يبشرون كالوباء في كل شئ داخل امريكا من الكونجرس الى هوليوود الى تجارة المخدرات , والاشراف على نوادي القمار , وبقاء الفنادق والكازينوهات والملاهي وحتى تنظيم ادعارة , وشراء ضمائر بعض القضاة وضباط البوليس اما بتخويفهم او بترغيبهم , كل هذا وذاك والحرب الخفية على الزعامة بينهم تدور بشكل عنيف لا رحمة فيه , حيث يصلون الى غايتهم ولو كانت في اقصى العالم .
وكان " لآلان ديلون " نجم السينما الفرنسية في افلام الجريمة قصة في تمثيل احد الادوار عن المافبا , يقتل من خلالها عدد من زعمائها , بعد قتلهم لابنه وزوجته , ولكنه في النهاية لا يخوفهم , ويقتلوه على ابواب احد الكنائس ..!!
وقد لمع اسم " جان بو بلموندو " في السينما الفرنسية التي تحدثت عن الجريمة , وشارك الآن ديلون بطولة فيلم لا ينسى في تاريخ السينما الفرنسية باسم " الصديقان " كما اشترك في بطوة فيلم بوليسي آخر مع " عمر الشريف " باسم " الرجل القذر" من انتاج فرنسي ايضا ..!!
واشترك عمر الشريف ايضا في بطولة فيلم " الزمرد الاخضر " بجانب دايان اونيل , بطل فيلم " قصة حب " المشهورة ..!!
وعمر الشريف لعب اكثر من دور بوليسي في السينما العربية قبل ان يلمع نجمة في السينما العالمية , اشهرها دوره في فيلم " شاطئ الاسرار " من بطولة " ماجدة " كما كانت له عدة ادوار في مقاومة المجرمين منها دوره في فيلم " صراع في الميناء " مع فاتن حمامة ودوره في فيلم " صراع في الوادي " امام هند رستم ورشدي اباظة .
لكن الممثل الاكثر شهرة في افلام اجريمة هو فتوة الشاشة فريد شوقي – او ملك الترسو – في الخمسينات بالذات وقد لعب اكثر من دور , اشهرها دوره في فيلم " جعلوني مجرما " الذي تحدث عن عصابات النشل المنتشرة في القاهرة خلال الخمسينات , ودوره في فيلم " رصيف نمرة خمسة " عن عصابات الميناء , وادواره العديدة التي تحدثت عن القتوات في الخمسينات مثل " سوق السلاح " و " سواق نص الليل " و " عبيد الجسد " و " سواق الحسينية " و " الفتوة " الى آخر القائمة الطويلة التي تربع خلالها فريد شوقي تعيدا للحق مقاوما عنيدا للجريمة والمجرمين , الذين مثل ادوارهم باتقان يحسد عليه , مجرم الشاشة العربية واذكى ممثيها " محمود المليجي " و " زكي رستم " ومعاونوهم " توفيق الدقن " و " حسن حامد " وكانت كل ادوارهم كرؤساء عصابة تهرب الممنوعات وتتاجر فيها , وتقتل الناس بسمومها , او تفرض الاتاوات على الضعفاء وتحصي العمولات , وتتاجر في السوق السوداء , الى آخره ..
وهذه الدوار السينمائية التي عشناها في الخمسينات بعثت من جديد في اواخر السبعينات ابتداء من فيلم " الباطنية " بطولة نادية الجندي ومحمود ياسين وفريد شوقي اخراج حسام الدين مصطفى , الذي ارتبط اسمه باكثر من فيلم يتحدث عن الجريمة , منها فيلم " سونيا والمجنون " الذي تحدث فيه عن فلسفة درامية للجريمة من خلال طالب جامعي فقير , مهزوز الاعصاب , يقتل مرابية عجوز لينقذ اخته من الزواج بثري عجوز , ولينقذ نفسة من الضياع والجوع , ولينقذ حبيبته من الارتماء في احضان الرذيلة , فهل يكفي هذا كله مبررا له ليقتل ..؟؟ نفس الفلسفة نجدها في فيلم " الاخوة الاعداء " حول الدوافع التي خلقت من هذا الانسان او ذاك مجرما وسط ظروف الحاجة والاضطهاد التي يعيشها .
لكن حسام الدين مصطفى يدين الجريمة والمجرمين في فيلم " الشياطين " بطولة حسين فهمي ونور الشريف , رغم انه يحاول ايجاد دوافع لنقمة الشياطين من ابقاء المجتمع على الباشاوات المسجلة اسماؤهم في قائمة المحكوم عليهم بالاعدام في عرف هؤلاء , الذين بدوا وكأنهم فاقدي الوعي , حيث يتقلبون في نهاية الامر على بعضهم البعض , لأن الجريمة امر يختلف تماما عن العمل الوطني الصادق الحر ..!!