الفطر وإيران
للمصالح الإنسانية أوجه متعددة منها:
1- مصالح متبادلة تفيد الطرفين (يسميها علماء الأحياء التعايش التكافلي)، فتجد أن حيوانا يعيش على حيوان أخر وكلا الحيوانين يستفيدان من بعضيهما.
2- مصالح غير متبادلة (مصالح أنانية تصب في صالح طرف واحد على حساب طرف آخر) أحيانا يسميها أصحاب علم الأحياء التطفل أو (التعايش التطفلي) وهذا مثل الأميبا في جسمنا وبقية مسببات الأمراض حيث لا حياة لهذا الطفيلي إلا بإضرار الأخر حتى لو لم يقصد ضره، وإنما حياة هذا الطفيلي تكون على حساب الأخر الذي يصبح اسمه العائل.
3- مصالح انتهازية (تعايش انتهازي) وهو أن يعيش أحدهما ويترعرع عندما يضعف الطرف الثاني، مثل الفطريات والطفيليات التي تعيش في جسمنا بدون أي ضرر ولكن عندما تضعف مناعتنا فإنها تثور وتنقض على جسمنا. مثل هذه الفطريات تظهر في مريض الإيدز. فبالتالي مصلحة هذه الانتهازيات هي بقاء الجسم ضعيفا.
إن معظم العلاقات الدولية تقوم على النظام الأول من المصالح،لأن كلا الطرفين يتمتع بالعافية. وهذا هو الطبيعي. لكن للنظر إلى العلاقات الإنسانية الغير طبيعية متمثلا بالعلاقات العربية مع كل من إسرائيل وإيران.
لننظر إلى إسرائيل، فهي كيان زرع بالجسد العربي ويسعى إلى إضعافه واستغلاله وإمراضه، فإسرائيل كيان طفيلي يقوم على احتلال ارض الغرير والدمار والقتل والتخريب. كما أنها تدبر المؤامرات ليلا نهارا كي تضعف العرب من أجل أن تزيد قوتها ومكانتها وسطوتها، فهي كيان انتهازي في نفس الوقت. إن الكيان الانتهازي يقوم أساسا على المؤامرات والدسائس وإضعاف الآخرين.
أما إيران (الحبيبة عند بعض مثقفينا) فهي تستفيد من الضعف العربي وتزيد من سطوتها على حساب الدور والضعف العربي، ففي لبنان كانت السطوة الإيرانية على حساب اللبنانيين والعرب وضعفهم، فهي تتدخل في كل شؤن لبنان الداخلية، ولو أن العرب قووا موقفهم وزادت قوتهم لما كانت لإيران يد في لبنان أو فلسطين. إن الانتهازية الإيرانية تكون جلية في أبرز صورها في العراق، فنجد أن يد إيران طويلة جدا في هذا البلد لأن الجسم العراقي أصبح منهك وضعيف، وسطوة إيران وقوتها تزيد مع إضعاف العراق. إن إيران كيان انتهازي بامتياز فهي تبحث عن الدول المريضة كي يترعرع دورها. لذلك نجد أن الدور الإيراني يبرز في فلسطين والصومال وأخيرا اليمن. وكما قلنا أن التعايش الانتهازي يقوم دوما على المؤامرات ومحاولة إضعاف الأخر وأنه بمجرد أن يقوى الأخر فإن الكيان الانتهازي ينتهي وبدون علاجات أو حروب غالبا. فأساس قيام الدول الانتهازية هي إضعاف الأخر, وأساس التخلص من هذه الدول الانتهازية هي قوة الأخر. لذلك من ينفى نظرية المؤامرة هو جاهل بحقيقة التعايش الإنساني. لأن معظم الدول المؤثرة على الساحة الدولية هي انتهازية، بمعنى أنها تقوم على المؤامرة لإضعاف الآخرين.
الغريب في كل هذا أننا نسمى انتهازية إيران "حق مشروع للدفاع عن مصالحها"، بمعنى أخر نشرعن انتهازيتها. إيران ليست مقاومة خالصة، إيران انتهازية بامتياز، و إلا أين المقاومة من دعمها للإرهاب الحوثي الموجه ضد شعب اليمن المقاوم. الغريب أننا ندافع عن تأمر إيران... وعلى من؟ على أنفسنا نحن العرب، بل ونكتب هذا بلا حياء أو خجل. إن مثل هؤلاء كمن يقول للمحتال إستغلنى لأننى إنسان محتاج، أو نقول له انتهز فرصة مرضى لكي تضربني.
أنا هنا لا أحرض ضد إيران كشعب بل علينا أن لا نرجوا الكثير من هؤلاء الانتهازيين فى هذا النظام الملاليلى القائم على الفتن والتآمر, وعلينا تقوية أنفسنا والنظر إلى مصالحنا كعرب. وعلينا أن لا ننخدع بالكلام المنمق من ثنايا عبايات الملالى، وعلينا أن نتذكر التأريخ جيدا فقد كانت بداية احتلال الأرض العربية تأتى من مثقفيها فقد سموا الإنجليز ذات يوم المحررين، وسموا هولاكو كذلك والصليبين، فقد قالوا مثقفي ذلك الزمن أنهم جاؤا للتحرير، وهاهو السيناريو يتكرر من مثقفينا بقصد أو بدون قصد بأن إيران هي قوة للعرب وعليها أن تمر إلى فلسطين على جماجم الخونة العرب. ولذلك إيران تجاهر يوميا بالكفر وبإهدار الدم العربي كله على أننا خونة ويأتي من بنى جلدتنا ليخفف اللهجة الإيرانية ليقول للمواطن العربي "إيران تقصد بان بعضنا خونة" نفس المقولة ونفس السيناريو والتأريخ يكرر نفسه.
إن مثل من يشجع إيران كمن يشجع الفطريات الانتهازية على السرطان في مريض الإيدز. فإيران ذلك الفطر الانتهازي القاتل وإسرائيل ذلك السرطان وسبب الوفاة الرئيسية في مريض الإيدز هو الكائنات الانتهازية وبعدها السرطان.
د. فائد اليوسفي
المفضلات