آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 20 من 21

الموضوع: إشارة القرآن إلى الغواصة المبحرة في الظلمات

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    إشارة القرآن إلى الغواصة المبحرة في الظلمات

    القرآن يشير إلى 000 غواصة في الظلمات
    بسم الله الرحمن الرحيم
    لقد بين تعالى في القرآن أن فيه تفصيلاً لكل شيء في آيات عديدة:
    ﴿هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (138) آل عمران.
    ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ...(38) الأنعام.
    ﴿وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (37﴾ يونس.
    ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) يوسف.
    تبين هذه الآيات أن القرآن اشتمل على كل شيء، وفيه تفصيل كل شيء، وما فرط الله فيه من شيء.
    والقرآن الكريم ليس كتاب علوم، ولا يخصص كل سورة في موضوع من الموضوعات، بل إننا قد نجد في السورة الواحدة حديثًا عن جميع العبادات، وعن الأخلاق، وعن الأمم السابقة، وعن أحداث يوم القيامة، وعن الجنة والنار، وأحكام شرعية في مسائل فقهية عديدة، فهذا التنوع في القرآن هو ميزة فيه، تجعله مختلفًا عن كل الكتب، فكل موضوع من المواضيع التي تحدث عنها منتشرة وموزعة بين آيات السور، وهي درر في مواضعها، وإذا جمعتها شكلت منها عقدًا بهيًا، وذكرت فيه لفتات إلى جوانب من العلوم تبدو كأنها غير مقصودة، ولكن ليس هناك في كتاب الله شيء غير مقصود، إلا أن يُحمَّّل النص ما لا يحتمل.
    وأريد أن أضرب مثلا من القرآن في إشارته إلى شيء لم يعرفه الإنسان إلا في القرن العشرين، وطريقة إشارته لا تدل على أنه يتحدث عما يشير إليه مباشرة.
    يقول تعالى في سورة النور: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40﴾ النور.
    تحدث الله في هذه الآية عن أمر لا يعرفه حتى العاملون في البحر؛ إذ بين تعالى في هذه الآية عدة أمور منها:
    - أن في البحر أمواجًا باطنية مخفية في أعماقه غير الأمواج السطحية الظاهرة على وجهه.
    - وأن أسفل البحر مظلم مع أن الماء شفاف يسمح للضوء بالمرور، وقد تبين أن أطياف الضوء تبدأ بالاختفاء ابتداء من الطيف الأحمر على عمق عشرة أمتار فأكثر، ومن يجرح بعد هذا العمق لا يرى لون دمه في الماء، ويستمر اختفاء أطياف الضوء حتى إذا بلغنا مائتي متر اختفت جميعها، وأصبحت الأعماق في ظلام دامس.
    لقد عرف الإنسان الغطس ومارسه، ولكن إلى أعماق قليلة محدودة، بضعة أمتار فقط، لاستخراج المحار الذي يحتوي في أصدافه اللؤلؤ، وهو يستخدم يديه في الغطس والسباحة، لكنه لا يستطيع أن يصل إلى تلك الأعماق الشديدة الظلمة، والتي تكون فيها الأمواج الداخلية، وهو لم يكن يعرف المصابيح الكهربائية بعد، وضغط الماء فيها لا يحتمله جسد البشر، فيحتاج إلى شيء يكون فيه يحفظ له نفسه وجسده، وقد فعل الإنسان ذلك، وبلغ تلك الأعماق بالغواصات، ولو خرج منها لهلك من شدة ضغط الماء ... فجاءت إشارة القرآن إلى الغواصة بطريقة أخرى عندما قال تعالى: ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ... (40﴾ النور.
    فأين كانت يده؟
    ومن أين يخرجها؟
    وإذا كانت يده هي أكبر معين له على التحرك في الماء فلماذا أخفاها وسترها؟
    ولماذا عطل عملها في الماء؟ وهل سيترك باقي جسده في الأعماق مكشوفًا؟
    لم يتحدث تعالى عن الغواصة نفسها ... لكنه تحدث عن فعل الإنسان في تلك الأعماق المظلمة ما دل على أنه كان في مثل الغواصة التي نعرفها، وفي تلك الأعماق السحيقة لا يستطيع الإنسان أن يرى يده لو أخرجها من الغواصة إلا بأجهزة كاشفة عن الأشعة الحرارية، أو الكهرومغناطيسية التي تصدر منها في تلك المياه الشديدة البرودة، فستظهر لها صورة ضعيفة لا تكاد ترى.
    هذا هو أسلوب القرآن في الإشارة إلى العلوم، حتى لا يفتن أهل الأهواء من الناس بما يشير إليه ... في زمن لم يعرفوا المشار إليه ... ليبين الله تعالى للناس أن ما وصلوا إليه من علم بعد ذلك كان الله به عليمًا من قبل وصولهم إليه.
    وهذه الآية تشير إلى أنه سيكون هناك من يصل إلى هذه الأعماق، وإلى هذه الظلمات، وإلا لما قال تعالى : (إذا أخرج يده) وقوله تعالى الحق، وقد تحقق ذلك، ولا يستطيع أحد أن ينكره ... لكن أين نصيبنا في هذا الوصول؟ .... وأين الأدوات التي صنعتها أيدينا لنحقق بها إشارة الله عز وجل إلى ذلك.
    ولو سبقْنا الأمم إلى ذلك لرُفع ذكرنا في الأرض؛ فكل حكم لله في كتابة نطبقه يرفع ذكرنا في الأرض، وكل حكمة في كتاب الله نعمل بها ترفع ذكرنا في الأرض، وكل إشارة في القرآن، أو فهم وفقه نستنبطه من كتاب الله، ثم نعمل به، يرفع ذكرنا في الأرض ... قال تعالى : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف. والله تعالى أعلم.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 01/10/2017 الساعة 03:50 PM

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •