آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الترجمة.. التاريخ والنظريات

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية حبيب مونسي
    تاريخ التسجيل
    21/07/2009
    المشاركات
    11
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الترجمة.. التاريخ والنظريات

    بسم الله الرحمن الرحيم
    التجمة، التاريخ والنظريات.
    ج.غيلومان-فليشر.
    Traduction. Par G.GUILLEMIN-FLESCHER .
    ENCYCLOPEDIE UNIVERSALIS.2001.CD-ROM.
    ترجمة وتعريب:أ. د. حبيب مونسي.
    جامعة سيدي بلعباس.
    كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
    يشتق الاسم ترجمة من الفعل ترجم " traduire" الذي يعود أصله إلى الفعل اللاتيني "traducere" "مرّر" ، والمعنى الشائع هو: "تمرير النص من لغة إلى أخرى". وفي لغات أخرى مثل الإنجليزية "translate " والألمانية " ubersetzen "، فإن مفهوم " النقل " هو الذي يحيل على التأثيل. ونصادف استعمالات هذا المعنى في إنجيل " وكليف " "WYCLIF" ، وبالمعنى المشتق من تغيير الحال في "Canterbury Tales " ل "شوسير" "CHAUSER" .
    لقد ظهر فعل "ترجم" أول مرة في الفرنسية عام 1539 ، والاسم "ترجمة" "TRADUCTION" عام 1540 .ونلاحظ ا، العبارة الاسمية موقوفة فقط على الفهم الشائع، الدالة على فعل الترجمة، أو على الناتج المنتهي ( النص المترجم).
    النشاط الترجمي:
    إن النشاط الترجمي قديم جدا. فالكتابة المزدوجة اللغة على أضرحة أمراء جزيرة "ELEPHANTINE" في بحر النيل بمصر، تعود إلى الألفية الثالثة قبل المسيح.وتمثل الشاهد الأول المكتوب. لقد كان لهؤلاء الأمراء المقام الرسمي ل "رؤساء المترجمين". وعليه فأصل الترجمة يتجلى نشاطا شفويا خاصا بالعلاقات السياسية والاقتصادية.
    إن حجارة "ROSETTE" (196ق.م) تعد من الترجمات الشهيرة في العصور القديمة، شهادة على التشريفات المقدمة ل "بطوليمي" "PTOLEMEE" مقابل الخدمات التي قدمها لمصر، والتي لم تكتشف إلا عام 1799، وتوجد حاليا في المتحف البريطاني "BRITISH MUSEUM". وتحمل هذه الحجارة كتابة من لغتين: الإغريقية والمصرية، ولكن في ثلاثة خطوط. فالنصوص المصرية هيروغليفية، والأخرى "ديموطية" "DEMOTIQUE". ثم تعدد النشاط الترجمي وتنوع في العهد الروماني، الأمر الذي طرح لأول مرة تفكيرا نظريا. بيد أنه من الصعب تبين الحدود بوضوح، في سياق العصر، بين الترجمة وبين النصوص الأصلية. فالجدل حول الخاصية الأولية أو الثانوية للترجمة لم يعرض إلا مؤخرا. ومن المفيد أن نسجل في هذا الصدد أن عددا من الترجمات هي من فعل شعراء معروفين أمثال: "جيوفري شوسير" "GEOFREY CHAUSER"، "جون دريدن" "JOHN DRYDEN" ، "ألكسندر بوب" "ALEXENDER POPE"و "غوته" "GOETHE". وبالمقابل فإن الترجمات التي تعتمد تأريخا، ليست من آثار الشعراء والكتاب، ولكنها، من بين أخرى، ترجمات فرضت نفسها على الرغم من الانتقادات التي واجهتها ك "La vie des hommes illustres. De PLUTARQUE" ل "جاك أميو" "JACQUES AMYOT"، إنجيل "لوثر" ، "authorized version" للإنجيل، "شكسبير" ل "شليجل" "SCHLEGEL" ، و"بروست" "PROUST" ل "سكوت مونكريف" "SCOTT MONCRIEF". وقد عبر غالبية المترجمين المذكورين عن موافقهم الأيديولوجية المتعلقة بالترجمة في شكل مقدمات للأعمال المترجمة، أوفي رسائل إشكالية.
    نظرية الترجمة:
    لقد تركز التفكير حول الترجمة، عبر تاريخها، على التعارض المزدوج بين : اللغة المصدر/اللغة الهدف، النص الأصلي/ النص المترجم. الحرفية/الترجمة الحرة، ترجمة الحرف/ ترجمة الفكر.وهي قطبية متباينة الدرجات. ومهما كانت الاختلافات، فإن الظاهرة تظل مركزية. إنها الاتجاه نحو النص المصدر، أو نحو النص المترجم . فالتفكير انطلاقا من التعارض ليس ثمرة للمواقف الفردية فقط، فالاتجاه المفضل قد تغير بحسب الأزمنة، وبحسب السياقات السوسيوثقافية. ومع ذلك نستطيع التساؤل، لماذا طرحت المواضيع بهذه الاصطلاحات ؟ لقد ارتبطت المبادئ النظرية المقترحة ابتداء- على الأقل قبل القرن العشرين- بإجراء سنحلل أسبابه لاحقا.فقد قامت على نظريات تستتبع رفض المواقف المعاكسة. كما عملت الظواهر الخارجية، سواء أكانت ثقافية، أو اجتماعية، أو سياسية، على توجيه المواقف الفردية. بيد أن التفكير من هذا الضرب، يقوم في الأخير على حكم القيمة، ولا ينتهي إذن إلى نتيجة نهائية. ثم هناك شارة مميزة، إذ التفكير الترجمي السابق للقرن العشرين، يتأسس كلية من ناحية على ترجمة الإنجيل، ومن ناحية أخرى على الترجمة الأدبية، والشعرية منها خاصة.وقد لعب الاقتصار على النمطين النصيين دورا في تكرار ومعاودة الإشكالية المطروحة.فإذا بدا الحوار المركزي ثابتا، فإن الدواعي التي تحرك كل قطبية تعتريها –على العكس من ذلك-تحولات مختلفة.
    لقد تحدد الاتجاه نحو اللغة المصدر، فيما يخص ترجمة الإنجيل بالاحتراز من خيانة الكلام المقدس.الأمر الذي يفسر احترام الشكل الذي أقضى في كثير من الأحيان إلى الحرفية. ونستطيع أن نمثل لهذه الوجهة بالترجمة الإنجيلية في العصور القديمة ب "revised version" للإنجيل (1881/1889) بإنجلترا، و "American standard version" (1901) وكذلك الترجمات المعاصرة ل "أندريه شوراكي" "ANDRE CHOURAQUI" .فالحرفية إذن مصدرها الحرمة الدينية.
    لم يأخذ تقويم النص المصدر دائما شكل الحرفية، سواء على مستوى الكلمات، أو البنى التركيبية. واستخدم الشعار المشهور ل "شيشرون" "CICERON" « ترجمة معنى بمعنى، بدل كلمة بكلمة » تارة من طرف أنصار النص المصدر، وتارة من طرف أنصار النص المترجم، في حدود أن ما نفهمه من "إعادة إنتاج المعنى" لم يعبر عنه إلا من خلال اصطلاحات عامة حتى بداية القرن العشرين. ومن الصعب الحكم على الفحوى الحقيقي لهذه التعبيرات. بيد أننا نلاحظ أن التفكير الذي كان مرتكزا، أول الأمر، على الكلمات، قد بدأ شيئا فشيئا- وعلى الرغم من وجود استثناءات- يتحول إلى ترجمة وحدات أوسع. وتقدم لنا الرومنسية الألمانية مثالا آخر لتقويم النص المصدر، إذ يقوم الأمر عندها على تثمين لغتها وإغناء آدابها من خلال الأثر الأصلي حتى تبلغ العالمية.
    ارتبط تفضيل النص المترجم –بنفس الصفة- باهتمامات مختلفة.فعندما أوصى "شيشرون" ب "لتننة" "LATINISATION" النصوص الإغريقية، فإننا نستطيع اكتشاف سبب سياسي وثقافي في ذات الآن: الرغبة في تأكيد الهيمنة الرومانية. وقد اعتبر النص المترجم إبداعا كاملا، ذو وضع مستقل عن الأثر الأصلي. وعليه ف "شوسير" "CHAUCER" لا يقيم أبدا فرقا بين أعماله والآثار الأصلية التي يترجمها. فالنظرة العكسية تندرج في إطار امتداد النص الأصلي. أما في عصر التنوير، وخاصة في ترجمة إنجيل "لوثر" "LUTHER" فإننا نلحظ ظهور اهتمام جديد : اهتمام جعل النصوص الإنجيلية مفهومة عند عامة الشعب. ولهذا الغرض سعى "لوثر" إلى استعمال اللغة الدارجة. لقد قبل في هذا المسعى تغيير البنيات والألفاظ التي يصعب فهمها في الألمانية. وفي ظرف رؤية مغايرة غير مترجمو القرن السابع عشر، والثامن عشر بشكل أوسع النص الأصلي، وداعيهم إذ ذاك "الحرية"، التي أفضت أحيانا إلى حد التعديل. ومنه كانت : "الجميلات المحرفة " "BELLES INFIDELLES".
    القرن العشرون:
    لقد غدت الوضعية أكثر تعقيدا في القرن العشرين.فهناك عاملان لهما تأثير على الترجمة: ظهور اللسانيات على المستوى العلمي، وإدماج المعلوماتية على المستوى التقني.لقد استقبل المترجمون اللسانيات، تارة باعتبارها أداة تدقيق في نشاطهم، وتارة رفضوها على العكس من ذلك.إن تأثير اللسانيات جذري على المستوى النظري. فقد تجلت داخل الإطار النظري للبنيوية، من جهة في أوربا الشرقية مع حلقة براغ، ومن جهة أخرى في الولايات المتحدة مع تحريض "يوجين ندا" "EUGENE NIDA" رئيس جمعية ترجمة الإنجيل. لقد سجلت مؤلفات "يوجين ندا" "بنية اللغة ونظرية الترجمة" "STRUCTURE OF LANGAGE AND THEORIE OF TRANSLATION " ،وخاصة "TOWARDS A SCIENCE OF TRALATION" موقفا جديدا تجاه الترجمة التي اعتبرت إلى غاية ذلك العهد فنا. ثم تأكد فيما بعد، تأثير اللسانيات في أوروبا مع تنوع الأطر النظرية.واليوم يسجل كثير من المنظرين ضرورة الترجمة استعانة بنظرية اللغة. شأن "جورج شتاينر" "GEORGE STEINER" في "AFTER BABEL"، و "هنري ميشونيك" "HENRI MESCHONNIC" في "POUR LA POETIQUE II"، و "لوي كيلي" "LOUIS KELLY" في "THE TRUE INTERPRETER"، و "بيتر نيومارك" "PETER NEWMARK" في "ASPECTS OF TRANSLATION"، و "أنطوان بارمان" "ANTOINE BERMAN" في "L’EPREUVE DE L’ETRANGER " و"pour une critiaue des trqductions: JOHN DONE." . و يتم عادة تمييز وجهين للغة: البعد الثقافي، والبعد الخطابي. كما حظيت الترجمة الآلية بأبحاث كثيرة على المستوى العالمي. وتم إنشاء مراكز للبحث في أوروبا في إطار البرنامج "EUROTRA" الذي قدمه الاتحاد الأوروبي. وهدفه ترجمة نص في لغات مختلفة في ذات الآن. وقد ساهمت النتائج المحصل عليها في إعادة توجيه هذه المبادرة. وبدلا عن الترجمة الآلية، نتحدث اليوم عن الترجمة "المدعمة بالحاسوب" . كما أعطى للترجمة انطلاقة جديدة، إنشاء العديد من المراكز والجمعيات والنشرات على المستوى الثقافي، وساهم الاتحاد الأوروبي على المستوى الاقتصادي الاجتماعي. ففي عام 1953 أنشئت الفدرالية العالمية للمترجمين. أما في فرنسا فقد شاهدنا مولد الشركة الفرنسية للمترجمين عام 1947، وفي عام 1973 تكوين جمعية للمترجمين الأدبيين. ويشر إنشاء مراكز للترجمة –فيSTRAHLEN بألمانيا، وARLES بفرنسا، وللترجمة التقنية مركزAMYOT بباريس- إلى تحول جديد. لقد اكتسبت الترجمة اليوم وضعا مؤسساتيا.
    وبالموازاة مع التطور الجاري في الميادين العلمية للترجمة، فإن التيارات النظرية تعددت وتنوعت، بيد أننا بغض النظر عن التنويعات، نلاحظ على وجه التحديد خطوتين: النموذج المثالي المؤسس على نقد الترجمات، والحكم الكيفي، والنموذج العلمي المؤسس على منهجة الظاهرة المشاهدة.
    يساند المدافعون عن الرؤية التقويمية "OPTIQUE EVALUATIVE" معايير "والتر بن يامين" "WALTER BENJAMIN" المعروضة في "مهمة المترجم" "LA TACHE DU TRADUCTEUR"، النص الذي أثر في تيار كامل للتفكير الترجمي. إن "بن يامين " يبحث فيما وراء اللغات الطبيعية عن لغة تكون "جوهرا محضا" "PURE ESSENCE". فهو يتصور الترجمة تحولا يغير الأثر الأصلي، ويغير اللغة الأم بواسطة اللغة الأجنبية. وهو بذلك يشارك الرؤية الرومنسية الألمانية.كما يرى "هنري ميشونيك" في نفسه تابعا ل "بن يامين" في رفضه للإضافة الترجمية "ANNEXATION TRADUCTRICE". وعلى العكس من ذلك يرفض الحرفية الشكلية ل "أندريه شوراكي" التي تمثل بالنسبة إليه خرقا للغة "DE JONAS A JONA"، و يلح "ميشونيك" على ضرورة نظرية تستند إلى إجراء يأخذ في حسبانه الأبعاد الكلية للخطاب. كما يولي قيمة خاصة ل ""الإيقاع" و"الشفوية" " ORALITE " في النص المكتوب "POUR UNE POETIQUE II ".
    يقف "أنطوان بارمان" كذلك في خط "بن يامين"، ويخصص مؤلفه الأول "L’PREUVE DE L’ETRANGER" للترجمة في ألمانيا الرومنسية، في علاقتها مع الثقافة. كما يقف ضد الإنكار المطلق لغرابة الأثر الأجنبي "La negation systematique de l’étrangété de l’oeuvre étrangère"، ويؤكد على ضرورة إنشاء أخلاق للترجمة. ثم أعاد ذكر مفهوم الأخلاق في مؤلفه الثاني "Pour une critique des traductions :JOHN DONE" في إطار تفكير حول إمكانية تقويم الترجمات بحسب معايير مرتضاة. ويقدم معيارين لتأسيس حكم يتجاوز البعد الذاتي، وخاصيتهما أنهما معياران أخلاقيان شعريان. ويركز "بارمان" تحليله على نقد الترجمات، وخاصة ترجمات "جون دون"، كما يقدم-كذلك- الطريقتين النظريتين المعروضتين سالفا، مناقشا فضائلهما الخاصة على التوالي.
    يتصور "جورج شتاينر" في "AFTER BABEL"منظورا واسعا يدمج الترجمة داخل اللغة الواحدة نفسها، ذلك التصور الذي أنكره "ميشونيك". بيد أنه –مثل ميشونيك- يقف ضد اللسانيات المجردة، ويؤكد على الخصوصي في اللغات والثقافات. أما على المستوى الأيديولوجي فيقف ضد التوجهات المتطرفة نحو قطب النص الأصلي، أو نحو قطب النص المترجم. ثم يختم بأنه لا وجود –أخيرا ،
    عندما اعتزم "جون لابلانش" "JEAN LAPLANCHEوفي جميع الحالات- إلا توازن بزيادة أو نقصان." و فريقه ترجمة الأعمال الكاملة ل "فرويد" إلى الفرنسية، تبنى الفريق موقفا – على العكس من مواقف المنظرين- ينسب لاحقا إلى النص المترجم. وباسم التلاحم يقرر الفريق إرجاع كل الاتفاقات للكلمة الواحدة عند المؤلف إلى نفس الكلمة في اللغة الفرنسية. وعندما صدر الجزء XIII والأول المنشور من هذه الأعمال عام 1988 ، أحدث جدلا بين المترجمين- تبعا للتباينات السابقة -حول هذا الموضوع بين النفسانيين والنحاة. فالنفسانيون، وبمساندة "فرويد" يرمون إلى "ألمنة" "GERMANISER" الفرنسية، والنحاة الفرنسيون يسعون إلى "فرنسة" "FRANCISATION" الألمانية. هذه الاختلافات تعيدنا من جديد إلى جدل لغة مصدر/ لغة هدف.
    أما الطريقة الثانية التي ذكرناها، فلا تقوم على نقد الترجمات، ولكن على الملاحظة المحايدة للنصوص المترجمة.وتؤمن بعلاقة بين الإجراء والنظرية التي ليست من جنس نظام الإجراء. ووجود هذين التيارين، يكشف عن حدث، نادرا ما يسجل، والذي يتعلق بمفهوم النظرية ذاتها. فإذا كنا في حقول أخرى نؤسس الفرضيات على أفعال محققة ومتوقعة، فإنه في الترجمة، وفي غالبية الحالات، نعنى بنظرية متمركزة حول نموذج مثالي، وهدف مقصود. وعنها ينتج السؤال المنهجي "كيف يجب أن نترجم ؟ " لا " كيف نترجم ؟ " .إن الموقف الأول، والذي يظهر في المصطلحات المستخدمة في "LA TACHE DU TRADUCTEUR .W. BENJAMIN" و "la visee du traducteur. A. BERMAN"، تهدف إلى بيان معايير ترجمة كيفية. ويستند الموقف الثاني إلى مجموعات النصوص المترجمة،ويسعى إلى بيان الثوابت في إجراء المترجمين. إنها طريقة استنتاجية، وليست احتمالية. وتظهر خاصة في ثلاثة ميادين: علم الاجتماع، تاريخ الترجمات، و اللسانيات.ولكن بتمايز . فإذا كانت النظرية نابعة من الوصف في الأحوال الثلاثة ، فإن المقاربة السوسيولوجية ل " جديون توري " " GIDEON TOURY "
    و"مدرسة تل أبيب"، والمقاربة التاريخية ل "خوسي لومبارت" "JOSE LAMBERT" تشدد على الوصف، ولا ترقي سوى النص المترجم ، وتقع خارج نظرية الكلام.ولا تستند فقط على النصوص المترجمة، ولكن على النصوص الأصلية.وتؤسس نظرتها على الوصف، ولكنها تهدف خاصة إلى النظرية النابعة منه.
    لا تستطيع مثل هذه النظرية أن تأخذ في اعتبارها جميع الظواهر التي تدخل في الإجراء الترجمي، فوراء حد معين، تتباين النصوص وأصنافها. ولكن كل ما هو خاص، سواء أكان إبداعية مؤلف، أو الاختيار الذاتي لمترجم، ينفلت عادة من التعميم. فالخاص تعيينا ليس متوقعا. وتظهر كثير من التحويلات بصفة رجعية، من مترجم لآخر، وتدل على خطاطات باطنية، تختلف بحسب اللغات أو المجموعات اللغوية. وأمام عدد من الخيارات النظرية الممكنة، نلاحظ في العديد من الحالات أن المترجمين يفضلون منهجيا حلا واحدا، يوافق تلك الخيارات الثقافية للتمثيلات اللسانية. وهذه الثوابت تكيف النشاط الترجمي إلى درجة لا نستطيع تحسسها. وذلك يستتبع أنه لا يمكننا اعتبار أسلوب مؤلف في ذاته ظاهرة مطلقة. فالإبداعية، وإن كانت واضحة الأثر، تسجل في اللغة، وتتألف هذه الأخيرة من مستويات عدة: أول للإكراهات الصرفية، والتركيبية التي لا يمكن تجاوزها. ومستوى ثان للمقاييس الجماعية التي تشكل إكراهات نسبية. وأخيرا الخيارات الخاصة للمؤلفين والمترجمين. وتسجل هذه المستويات المختلفة على التوالي، حتى أنه ليصعب معرفة متى نمر من الواحد منها إلى الأخر. حتى في حال إمكان نقل أثر أسلوبي بطريقة حرفية إلى لغة أخرى، فإنه لا ينتج ضرورة عين الأثر، لأنه سيكون معزولا عن بقية الظواهر الكلامية التي تكيفه.
    إن الاختلاف الذي ذكرناه في اللغة ذات الأصناف النصية المختلفة ( أدب، نصوص علمية، نصوص إدارية) ليس اختلافا جذريا مثلما نعتقد. ومن المؤكد أننا لا نترجم نصا أدبيا بعين الطريقة التي نترجم بها وصفة تحضير الطعام. ولكن يظهر بصورة جلية في مجموع النصوص غير المصنفة، هو أن كل نص مؤلََّف في ذات اللغة بشاطر رصيدا مشتركا من اللغة الدارجة، والتي هي غير مختلفة. فبعض أمثلة من الفرنسية والإنجليزية تكفي للتدليل على ذلك:
    -the voice was still in his ears , but the turf whereon he lay sprawled was clearly vacant. K.GRAHAM.
    « taupe croyait encore l"entendre et vit qu"il n"avait plus personne sur le gason ou un instant auparant il etait étendu" J. PARSONS.
    -« some familiarity with the théoretical and descriptive studies listed in the bibliography is presupposed.N. CHOMSKY.
    « l"on supposera une certaine pratique des etudes théorique et descriptives citées dans la bibliographie.J.C.MILNER.
    -« du moins on ne connait pas chez nous le desordre.A. CAMUS.
    « but a last social unrest is quite unknown among us. S. GILBERT.
    هذه الأمثلة مختارة عن عمد من نصوص ذات طبيعة مختلفة: قصة للأطفال، رواية، مؤلف نظري، تحتوي كلها في الترجمة الفرنسية، سواء تعلق الأمر بالنص مترجما أو أصليا، فعلا يعبر عن الإدراك أو المعرفة. أما في النص الإنجليزي فموضوع الإدراك أو المعرفة هو الذي يظهر في المكانة الأولى. إن التحول عبر المرور من لغة إلى لغة أخرى، هو في بعض الحالات خاضع لإرغامات نحوية. وحتى في أحوال أخرى – ونستطيع تعديد الأمثلة- فإن هذا التحول ليس دالا باعتباره ظاهرة متفردة، وإنما يسجل في مجموع ثوابت كلامية.ففي الملفوظات التالية، فإن العناصر المدمجة في الإنجليزية بواسطة THERE IS ترصد في اللغة الفرنسية في علاقة مع لفظ مصدري يعين نشاطا إنسانيا:
    -THERE WERE MANY FRIENDS WITH US AS WE WAITED FOR THE RESULTS TO COME IN.M. THATCHER.
    J’AVAIS BEAUCOUP D’AMIS AVEC MOI DEVANT CES LONGUES HEURES OU NOUS ATTENDIONS LES RESULTATS. P. BLOT .
    -THER’S BLOOD ON YOUR HANDS. A. CHRISTIE
    VOUS AVEZ DU SANG SUR LES MAINS. M. LE HOUBIE.
    -ET MEGRET TOURNAIT LE BOUT DE PAPIER EN TOUS LES SENS. IL LUI TROUVAIT QUELQUE CHOSE D’EQUIVOQUE.G. SIMENON.
    MEGRET TURNED THE PICES OF PAPER OVER AND OVER. THERE WAS SOMETHING PECULIAR ABOUT IT.R. BALDICK.
    Bibliographie
    - W. BENJAMIN, «La Tâche du traducteur», in Œuvres , vol. I, Mythe et violence , Denoël, Paris, 1971
    - A. BERMAN, L’ةpreuve de l’étranger . Culture et traduction dans l’Allemagne romantique , Gallimard, Paris, 1984; Pour une critique des traductions: John Donne , ibid. , 1995
    - J. GUILLEMIN-FLESCHER, Syntaxe comparée du français et de l’anglais: problèmes de traduction , Ophrys, Paris, 1981
    - L. G. KELLY, The True Interpreter. A History of Translation Theory and Practice in the West , Blackwell, Oxford, 1979
    - H. MESCHONNIC, Pour la poétique II . ةpistémologie de l’écriture . Poétique de la traduction , Gallimard, 1973
    - P. NEWMARK, Approaches to Translation , 1re éd. 1981, réimpr. Pergamon Press, Oxford, 1984
    - E. NIDA, Toward a Science of Translating , E.-J. Brill, Leyde, 1964
    - G. STEINER, After Babel Aspects of Language and Translation , Oxford Univ. Press, New York-Londres, 1975
    - G. TOURY, In Search of a Theory of Translation , The Porter Institute of Poetics and Semiotics, Tel-Aviv Univ., 1980.


  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    21/12/2009
    المشاركات
    65
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: الترجمة.. التاريخ والنظريات

    تحية طيبة
    المشاركة جميلة جدا وثمنة وانا عن نفسي افضل هذه المقلات
    تحية عطرة للجميع


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية أشرف أمين
    تاريخ التسجيل
    02/02/2009
    المشاركات
    42
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: الترجمة.. التاريخ والنظريات

    جزاكم الله أخي الكريم.


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية سمل السودانى
    تاريخ التسجيل
    12/05/2009
    المشاركات
    95
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: الترجمة.. التاريخ والنظريات

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . وعلى بوستك الجميل


  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية قليل خديجة
    تاريخ التسجيل
    16/01/2010
    العمر
    38
    المشاركات
    12
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: الترجمة.. التاريخ والنظريات

    شكرا استاد مونسي لقد افدتني كثيرا كثيرا موضوع جميل .انا لدي مطبوعة عن نظريات الترجمة ياللغة الفرنسية ساضيفها ان شاء الله قريبا.شكرا لك و جزاك الله خيرا على تعبك.شكرا.

    سيدي الرئيس تحية و بعد:
    اقول في قلبيا و المساء يغمر البلاد في الشجون
    والياس بيننا و سيف الخوف مسلط علينا
    والقلق المضني يبيت ليلة اخرى لدينا
    سيدي الرئيس اقول في قلبي:
    من سبا الحلم و ارخى الهم في حقد علينا
    ومن رما ايامنا بالقهر بالغدر باغلال السجون
    سيدي الرئيس:
    اتسمع الاحرار حين يسالون امرتين الشهداء يقتلون اطفالنا في الليل ما عادو يحلمون من ينقد الاحلام حين ينعسون

  6. #6
    عـضــو الصورة الرمزية حكمة محمد
    تاريخ التسجيل
    13/09/2008
    المشاركات
    124
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: الترجمة.. التاريخ والنظريات

    معلومات قيمة جدا أستاذنا جزاك الله خيرا و ننتظر منك المزيد فنحن بأمس الحاجة إلى هذه المعلومات .

    لاتتخيل ان كل الناس ملائكه
    فتنهار احلامك ..
    ولاتجعل ثقتك بهم عمياء لأنك ستبكي يومآ
    ما على سذاجتك ..
    ولتكن فيك طبيعة الماء الذي يحطم الصخره
    بينما ينســــــــــاب
    قطره ..
    قطره ..

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •