غزة .. لا نامت اعين الجبناء

ماهر ابو طير


بعد مذبحة غزة ، تداعى العرب لاجتماعات عاجلة اقروا فيها دفع المليارات لاعمار غزة ، ولان معظم العرب يكذبون كما يتنفسون ، فلم يتم دفع قرش واحد لغزة لاعمارها.

بيوت الطين في غزة ، ليست اهانة لاهل غزة ، فهي اهانة للعرب ، الذين يُنفقون على حفلة في ليلة واحدة ، ما ينفقه الف بيت في غزة. عرب الردة.العرب الذين تحت ثيابهم ارانب تتخفى ، ولا يريدون ان يُغضبوا اسرائيل ولا واشنطن ، فلا يدفعون من اجل اعمار غزة ، ويُكدسون المليارات تلو المليارات ، في مصارف الغرب ، التي يديرها اصدقاء اسرائيل وابناء اسرائيل في العالم.

من يبني بيتا من الطين في غزة.من ينام في خيمة.من يمضي ايامه فوق بيته المهدم.بخيره وشره.اشرف بكثير من كل هؤلاء.هل تعرفون من هؤلاء؟هم ذاتهم الذين خذلوا الشعب الفلسطيني على مدى ستين عاما.هم ذاتهم الذين خذلوا شعب العراق واطفاله.في العراق وحده مليوني ارملة وملايين الايتام لا يجدون رغيف الخبز.هم ذاتهم الذين خذلوا لبنان واطفال جنوب لبنان ، ولم يقدموا قرشا لاعماره ، لكنهم فقط غمزوا من اموال الاعمار في لبنان ومن اين جاءت؟.لا يرحمون ولا يريدون لرحمة الله ان تتنزل ايضا.يدعون الشرف ويفعلون كل ما يطعن في الشرف.

الموت على الهواء بات سمة العصر الحديث.ترى القتل عبر الشاشة.والانين عبر البث المباشر ، وترى النزف حيا.العرب اجسادهم ثقيلة.كيف يتحركون اساسا ، وقد ابتلع الواحد منهم نصف كيلو من "العسل البري" لعله يستعيد رجولة مفقودة ، والحقها بغرامات من الكافيار ، لعلها ترد كرامته المهدورة. وليت الوصفة تُفلح.هذه هي الكرامة المهمة ، اما الكرامات الاخرى غير مهمة عندهم.الكرامات المهدورة كل يوم ، لا يمكن استعادتها ، ولا توجد رغبة بأستعادتها اساسا ، وربما القتل في غزة نغص على البعض لياليه الحمراء ، وهدد المليارات التي يُكدسها العرب في المصارف حتى يأتيها الشيطان ويحمل نصفها كما حدث قبيل شهور.

اسرائيل بنت جدارا عازلا في الضفة الغربية المحتلة ، ومصر العربية العزيزة "ام العرب" تبني جدارا فولاذيا بين مصر وغزة ، وتتمنع عن ادخال قافلة شريان الحياة.هل من المعقول هذا الذي يحدث والى اين وصلنا؟وماذا بعد الجدار الفولاذي واغراق الانفاق بالماء؟لا يمكن ان اكره مصر ولاشعب مصر ، ولا بيننا من يكره مصر ولا شعب مصر.هي المفارقة المؤلمة حد ادخال سكين تالفة في القلب ، حين لا يكون مُقنعا ولا مقبولا ، بناء جدار فولاذي بين مصر وغزة.وحين نرى الجدران فقط في الضفة وغزة.فوق الارض وتحت الارض.لا فرق ، فالمذبوح واحد.

الفرق بين اهل غزة واغلب العرب ، ان اهل غزة قاموسهم واضح ، ويحمل تعريفا محددا للكرامة ومتى تكون مهدورة ، ومتى لا تكون.اما اغلب عرب الكافيار فقد قدموا لنا تعريفا اخر للكرامة المهدورة ، وحتى يقضي الله امرا كان مفعولا ، فعلينا ان نتذكر ان كل هذا البلاء ، هو من نصيب الكبار فقط ، حين يتماثلون مع انبياء الله.اقدامهم على ذات اقدامهم وخطاهم ، في البلاء وحمل الاحمال الثقيلة على الظهر ، من اجل الراية التي ما تكسرت وان عصفت بها ريح السموم.

فوق الذي رآه اهل غزة ، هل سيُحاسبون مثل غيرهم يوم الحساب.لا اظن.الله اكرم من ان يحاسبهم ويُعذبهم لاجل ذنوبهم الدنيوية.سيعتقهم بلا سؤال ولا جواب ، وفي الجنة جنة صغيرة لاهل غزة فقط.لا يدخلها الا الغزيون.وفي تلك الجنة لا جدران ولا انفاق ولا انتظار لمعونات وشحنات سردين منتهية الصلاحية ، وهناك فقط سيعبث اطفال غزة بشطآن البحر الذي حرمهم منه الصديق قبل العدو... هناك فقط ، واني لاسمع قهقهات الاطفال منذ يومي هذا.

.. لا نامت اعين الجبناء.

عن الدار العراقية