مع اطلالة العام الميلادي الجديد ومع ذروة احتفالات الشعب الفلسطيني بالذكرى الخامسة والاربعين لانطلاقة الثورة التي اعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية ، اطلق المربي الاستاذ "محمد القبج " مدير التربية والتعليم في محافظة طولكرم اول مبادرة ثقافية تحت عنوان ( هيّا نقرأ ) تستهدف طلاب المدارس من الصف الخامس حتى العاشر ضمن معايير وشروط حددتها اللجنة التي كلفت بالاشراف على تنفيذ هذه المبادرة.
تأتي هذه المبادرة في الوقت الذي تشهد فيه فلسطين عزوفا عن القراءة في ظل انتشار وسائل التكنولوجيا المتطورة ، مما حدا بكثير من الناس الى اهمال الكتاب والاعتماد فقط على الشبكة العنكبوتية واجهزة الاتصال لما فيها من تقنيات حديثة ، الا انه ورغم هذا التطور التكنولوجي لا غنى عن الكتاب لما يمثله من معرفة واتجاهات ومهارات ومرجعيات موثقة ، واذا كان البعض يرجع سبب العزوف عن القراءة الى ارتفاع اثمان الكتب والضائقة الاقتصادية فان هذا مناف للواقع امام التكلفة الباهظة لوسائل التكنولوجيا الحديثة ، حيث تحتل فلسطين مرتبة متقدمة في استخدام الانترنت والحاسوب والهواتف الخلوية ، فيبقى الكتاب رخيصا من حيث الثمن ولكنه كبير الفائدة ، فالكتاب في متناول الجميع سواء في مكتبات المدارس والجمعيات والمكتبات العامة ومكتبات الجامعات .
ولهذا فان الاستا " محمد القبج " قد وضع يده على الجرح بما يمتلكه من حس وطني وتربوي وثقافي في اطلاق هذه المبادرة لما تشكله من صرخة صادرة يقدّر حق الكلمة ويقدّر الكتاب ويشجع عادة القراءة ، لما لذلك من علاقة جدلية بين التربية والثقافة ، فلا تربية بدون ثقافة ولا ثقافة بدون تربية ، واذا كان البعض يقول " يا سيدي ، يقرأ الطلاب كتبهم المدرسية ويخلف عليهم " فان هذا القول يدل على عدم الاهتمام بالقراءة الخارجية ، وقراءة الكتب المدرسية شئ ضروري ومهم ، ولكم ورغم ما تقدمه تلك الكتب من معرفة تبقى منقوصة اذا لم يرافق ذلك مطالعة كتب اضافية تغني البوصلة الثقافية ، لقد كنا ونحن طلاب ورغم الفقر نوفر مصروفنا اليومي وهو ضئيل بحد ذاته لكي نقوم بشراء الكتب ومداولتها بيننا ، بالاضافة الى عقد اللقاءات والجلسات لمناقشة كتاب الاسبوع ، وذلك من اجل الوعي الثقافي والمعرفة ، وكنا نستعير الكتب من المكتبة العام او من مكتبة المدرسة ، وكانت التربية قديما تخصص حصة للمكتبة من اجل المطالعة وتنمية مهارات اللغة والمعرفة.
تشكل هذه المبادرة قفزة نوعية في تحريك الحركة الثقافية الفلسطينية الراكدة في الوقت الحالي ، وهي تعطي مؤشرات صادقة انه لا غنى عن الثقافة فمن يمتلك ناصيتها يمتلك ارادة صلبة لمواجهة التحديات ، واذا كانت المبادرة تستهدف الطلبة فانني اوصي بان تشمل المعلمين والمعلمات ، وان تصبح منهجا متبعا في كل محافظات الوطن من اجل خلق حراك ثقافي يجعلنا نشارك في صنع المعرفة وليس بقبول نتائجها فقط.