آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد

  1. #1
    مشرف منتـدى العلـوم التطبيـقيـة الصورة الرمزية محمود سلامه الهايشه
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    45
    المشاركات
    2,018
    معدل تقييم المستوى
    19

    Thumbs up مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد

    مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد


    صدر في الشهر شوال 1424هـ – ديسمبر 2003م كتاب بعنوان " مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد " تأليف الأستاذ الدكتور محمود حمدى زقزوق – وزير الأوقاف المصري، والكتاب ضم سلسلة "قضايا إسلامية" يصدرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى غرة كل شهر عربى وهو العدد رقم (104) ، وتم الطبع بمطبعة وزارة الأوقاف ، والكتاب من القطع المتوسط (13.5 × 19.5 سم) وعدد صفحاته 110 صفحة.
    والكتاب يتكون من مقدمة وكلمة ختامية ، وقد قسم المؤلف هذا البحث إلى قسمين جعل أولهما بمثابة مقدمات عامة تحدث فيه عن الشريعة الإسلامية وخصائصها وصلتها بالفقه الإسلامى وضرورة التجديد المستمر للفقه الإسلامى. أما القسم الثانى فقد خصص للحديث عن مقاصد الشريعة الإسلامية وفصل القول فيها تأكيداً على أهميتها القصوى لمصلحة الإنسان فى كل زمان ومكان.
    ويفتتح المؤلف بحثه بمقدمة بديعة تجذب القارئ لقراءة الكتاب حتى آخره ، ويبدأ بقوله : يتعرض الإسلام فى عصرنا الحاضر لموجات عاتية من التشويه لحقائقه والتزييف لتعاليمه. وتأتى هذه الموجات التى اشتدت حدتها بصفة خاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001م من جانب خصوم الإسلام فى المقام الأول ، وذلك فى محاولة لإبعاد الإسلام عن التأثير فى حياة المسلمين ، وعزله عن تيار الحياة بصفة عامة حتى ينزوى فى النهاية فى أركان المساجد بلا فاعلية أو تأثير فى حياة الناس الخاصة أو العامة ، هذا إذا لم يمكن القضاء عليه نهائياً.
    ولكننا فى الوقت نفسه لا نعفى أنفسنا نحن المسلمين من مسئولية انتشار هذه النظرة السلبية للإسلام. فهناك فريق من أنباء المسلمين يشارك فى هذا التشويه لتعاليم الإسلام بشكل أو بآخر ، سواء كان ذلك عن طريق بعض التصرفات الحمقاء التى تسىء إلى هذا الدين أو بتقديم نماذج سيئة عن الإسلام والمسلمين من حيث الشكل أو المضمون. وقد يكون ذلك عن غير قصد أو بحسن نية مثل الدبة التى قتلت صاحبها بحجر كبير ألقته فوق رأسه فى حين أنها أرادت بذلك أن تبعد ذبابة حطت على وجهة أثناء نومه .
    وكلا الفريقين بعيد عن الفهم الحقيقى لتعاليم الإسلام ، وبعيد عن إدراك المقاصد الحقيقية للشريعة الإسلامية. ومن هنا تأتى ضرورة التوضيح لحقائق الإسلام والتعريف بقيمه وتعاليمه ، والكشف عن مقاصد الشريعة الإسلامية وما ترمى إليه من خير كثير للبشرية جمعاء.
    ولا شك فى أن المسئولية عن ذلك كله تقع على عاتق كل قادر على تحمل هذه المسئولية والقيام بحقها من علماء الإسلام ومفكريه . فهم حماة هذا الدين والحراس على شريعته . وعليهم تقع مهمة تصحيح الأفكار الخاطئة والمفاهيم المغلوطة عن الإسلام ، والقضاء على الأحكام المسبقة فى عقول خصومه والتى تنبنى على أوهام وظنون وشائعات عن هذا الدين وترجع كلها إما إلى جهل أبنائه أو ظلم خصومه .
    ولن يكون ذلك أمراً ممكناً وفعالاً دون أن يكون هناك لدى من يتصدى لهذه المهمة سعة فى الأفق ومرونة فى الفكر ، ووعى حقيقى بمقاصد الشريعة الإسلامية وغاياتها العليا ، وإدراك سليم لطبيعة العصر ومتغيرات الحياة ، وقراءة صحيحة للواقع المحلى والعالمى ، واقتناع بضرورات التجديد المستمر للفكر الإسلامى بصفة عامة والفكر الفقهى بصفة خاصة .
    ومن شأن ذلك كله أن ينتج لنا خطاباً دينياً جديداً مفيداً ومثمراً لمجتمعاتنا الإسلامية يساعد على تطوير الحياة الإسلامية والدفع بها إلى آفاق التقدم والنهوض ، وفى الوقت نفسه يثرى علاقات العالم الإسلامى بكل شعوب العالم .
    ويأتى هذا البحث فى إطار التعريف بالإسلام – بمثابة إسهام متواضع فى الكشف عن جانب هام من جوانب هذا الدين ، ونعنى بذلك فى المقام الأول الكشف عن مقاصد الشريعة الإسلامية ، فى محاولة نرجو أن تكون فيها فائدة لقارئ أو نفع لباحث أو حفز لهمة من يريد السير على الدرب فى طريق البحث عن أفضل السبل للذود عن حياض الإسلام .

    مقاصد الشريعة الإسلامية :
    ويمكن إجمال المقاصد الشرعية من الأحكام التى جاءت بها الشريعة الإسلامية فى كلمة واحدة تعد عنواناً على الإسلام ذاته ، ونعنى بذلك "الرحمة " ، التى جعلها القرآن الكريم الهدف الأسمى من الرسالة الإسلامية كلها ، وذلك فى قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء آية: (107)] ، والتى تعد على قمة منظومة القيم الإسلامية .
    ومن منطلق هذه "الرحمة" بالعباد جاءت الشريعة الإسلامية – بما تشتمل عليه من أحكام – ترجمة حقيقية لهذه القيمة الأساسية. ومن هنا اتجه الإسلام فى أحكامه إلى تأكيد أمور ثلاثة تنبع كلها فى النهاية من ينبوع الرحمة . وأول هذه الأمور يتمثل فى العبادات التى شرعها الله تعذيباً للنفس الإنسانية لتجعل من الفرد مصدر خير للمجتمع . أما الأمر الثانى فهو إقامة العدل بين الناس دون استثناء بأى حال من الأحوال . وهذا ما يؤكد عليه القرآن الكريم تأكيداً واضحاً لا لبس فيه فى قوله تعالى : (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة آية: (8)] .
    أما الأمر الثالث فإنه يتمثل فى تأكيد المصلحة الحقيقية للعباد . وهذه المصلحة – كما سبق أن أشرنا – لا صلة لها بالأهواء والأغراض ، ولا بالمصالح الفردية وإنما تعنى الخير كل الخير بأشمل معانيه للناس جميعاً .
    ومقاصد الشريعة الإسلامية منها ما هو فى مرتبة "الضروريات" ومنها ما هو فى مرتبة "الحاجيات" ، ومنها ما هو فى مرتبة "التحسينات" .
    وقد عرف الإمام الشاطبى الضروريات بقوله : إنها تعنى "ما لابد منه فى قيام مصالح الدين والدنيا ، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفى الآخرة فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين"
    ومن هنا شرع الإسلام من الأحكام والتكاليف ما يحمى هذه المصالح التى تبلغ الحاجة إليها مبلغ الضرورة ، ولا تقوم حياة الناس بدونها. وهذه المقاصد الضرورية خمسة هى : حفظ النفس والعقل والدين والمال والنسل. وحياة الإنسان فى هذه الدنيا تقوم على هذه الأمور الخمسة التى تعد ضروريات لازمة للإنسان من حيث هو إنسان ، كما تعد أصولاً راسخة لحقوق الإنسان العامة التى ينادى بها المجتمع الإنسانى فى العصر الحديث ، والتى لا تتوافر الحياة الإنسانية الرفيعة إلا بها.
    ولاشك فى أن تحقيق هذه المطالب الخمسة تحقق للإنسان مصلحة حقيقية فى دينه ودنياه. ومن هنا جاءت الشرائع السماوية للمحافظة عليها ، كما أن الشرائع الوضعية تحاول أن تحققها.
    أما الحاجيات والتحسينات فإنها بمثابة الأمور التكميلية. وليس معنى ذلك أنها غير مطلوبة ويمكن الاستغناء عنها ، وإنما هى فى مرتبة دون مرتبة الضروريات . فالحاجيات هى الأمور التى لا يكون الحكم الشرعى فيها لحماية أصل من الأصول الخمسة المشار إليها ، بل يقصد بها دفع المشقة أو الحرج أو الاحتياط لهذه الأمور الخمسة.
    أما التحسينات فهى فى مرتبة الكماليات وهى الأمور التى لا تحقق أصل هذه المصالح (الخمسة) ولا الاحتياط لها ، ولكنها ترفع المهابة وتحفظ الكرامة وتحمى الأصول الخمسة. ومن ذلك بالنسبة للنفس حمايتها من الدعاوى الباطلة والسب وغير ذلك مما لا يمس أصل الحياة ، ولا حاجيات من حاجياتها ، ولكن يمس كمالها ويشينها .
    وفى الخاتمة ؛ يقول المؤلف : من خلال هذا العرض الموجز لمقاصد الشيعة الإسلامية يتضح لنا أن هذه الكليات الخمس التى تشكل مقاصد الشريعة الإسلامية تستوعب حياة الإنسان كلها. وإدراكها على وجهها الصحيح من شأنه تمكين المسلم من بناء حياته أسرته ومجتمعه على الوجه الصحيح ، والإسهام فى بناء المجتمع الإنسانى والمشاركة فى بناء الحضارة الإنسانية ، وإرساء دعائم الأمن والسلام فى العالم.
    إن الإسلام من خلال هذه المقاصد يريد مسلماً يشعر بانتمائه إلى الإنسانية ، ويتفاعل مع الآخرين ويتعايش فى سلام مع كل الناس من كل الأعراق والأديان والحضارات.
    يريد مسلماً متفتح العقل متيقظ الوعى له من الإدراك لمسئولياته والفهم لذات ولمن حوله ولمجتمعه الإنسانى ما يجعله عضواً فعالاً فى المجتمع يعمل على تقدمه وتطويره متسلحاً بالعلم والوعى بمتغيرات العصر. يريد مسلماً يعيش دنياه ويعيش عصره ، ولكنه لا ينسى صلته بخالقه ، بل يظل موصولاً بأصله الروحى. يريد مسلماً صاحب نظرة تكاملية للأمور : نظرة مرتبطة بالأرض التى يعيش عليها ، ولكنها فى الوقت نفسه مرتبطة بالسماء ، وهذه النظرة المرتبطة بالسماء تصحح له مساره على الأرض .
    يريد الإسلام من المسلم أن يكون متديناً عن وعى ، وليس متديناً ساذجاً يرتمى فى أحضان الخرافة والكسل العقلى والفكرى الذى يجعل منه عضواً غير فاعل فى المجتمع ، لا يسهم فى تطويره ، بل يشكل عبئاً عليه .
    يريد الإسلام نسلاً قوياً يستطيع أن يتحمل مسئولية خلافته لله فى الأرض ، لا يعتمد على الكثرة العددية غير الفاعلة ولكنه يعتمد على الكيف والنوعية أكثر من اعتماده على الكم الكبير الذى لا فاعلية له . فالإسلام لا يريد غثاء كغثاء السيل يصل تعداده اليوم إلى أكثر من خمس سكان العالم ولكنه ضعيف وغير فاعل ويتحكم الآخرون الأقل عدداً فى مصيره ، بل فى مصير العالم كله .
    يريد الإسلام من المسلم ألا يحتقر العمل للدنيا ، بل يدرك أن مهمته الحضارية فيها هى بناؤها وتعميرها مادياً وروحياً. وأن هذا البناء يتطلب عقلاً واعياً ويتطلب مالاً وثروة تساعد على هذا التعمير.
    يريد الإسلام أن يسابق السلم غيره فى عالمه الذى يعيش فيه فى "الخيرات" بشتى ألوانها من علوم وآداب وفنون ، وذلك من أجل توفير حياة حرة كريمة لنفسه ولمجتمعه وللعالم الذى يعيش فيه ، استجابة للأمر الإلهى : (فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ) [البقرة آية: (148)].
    نحن فى حاجة ماسة إلى إدراك مغزى هذه المقاصد الضرورية وما تمثله من منهج حياة للمسلم إذا سار عليه أمكنه أن يصل إلى غاياته النبيلة وأهدافه السامية.
    ومن هنا نعتقد أن الإدراك الواعى والتطبيق السليم لهذه الغايات والمقاصد للشريعة الإسلامية يشكل صمام أمان للمجتمع الإسلامى وحماية له من الواقع فى براثن التطرف أو التعصب أو الإرهاب .
    ولكن غياب الوعى بهذه المقاصد والانشغال بالأمور الثانوية والقضايا الهامشية يجعله يتوه فى دوامة من اللاوعى تبتلعه وتبتلع نشاطه العضلى والفكرى وتجعل منه فريسة لكل الظواهر السلبية التى تجعله فى النهاية لقمة سائغة فى فم الآخرين.
    ومن هنا نقول: إن إدراكنا الواعى بمقاصد الشريعة الإسلامية من شأنه أن يحرك المياه الراكدة، ويحيى الأمل فى النفوس المحبطة ، ويحفز الهمم ، ويوقظ الغافلين ويدفع الكسالى إلى العمل المثمر.
    والأمل كبير فى عودة الوعى إلى جماهير المسلمين وعلمائهم وقادتهم ليخرجوا بعالم الإسلام من النفق المظلم الذى حوصر فيه ، والأخذ بيده إلى مستقبل مشرق يستعيد فيه المسلمون أمجادهم وعزتهم وحضارتهم ويسهمون إسهاماً فعالاً فى تقدم وسلام البشرية جمعاء.

    قراءة وعرض
    محمود سلامة الهايشة


  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    30/09/2009
    المشاركات
    87
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    . وأول هذه الأمور يتمثل فى العبادات التى شرعها الله تعذيباً للنفس الإنسانية لتجعل من الفرد مصدر خير للمجتمع . أما الأمر الثانى فهو إقامة العدل بين الناس دون استثناء بأى حال من الأحوال .
    اظنك يا استاذ قصدت تهذيباً
    لايحضرني الكتاب حاليا لأتأكد ولكن من السياق لا يمكن ان تكون تعذيباً.
    صحيح اختلف حرف واحد لكن هناك بون شاسع في معنى الكلمتين.

    تحيات مدقق


  3. #3
    مشرف منتـدى العلـوم التطبيـقيـة الصورة الرمزية محمود سلامه الهايشه
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    45
    المشاركات
    2,018
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    أهلا وسهلا بكم أستاذنا المحترم/ عبدالله بن سالم


    معك كل الحق، فالكلمة تهذيباً وليس تعذيباً، وهذا التصحيح إن دل فإن يدل على ان سيادتكم قد اطلعتم على الموضوع بشكل متميز


    تحياتي القلبية لسيادتكم


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية عبد الرحيم لبوزيدي
    تاريخ التسجيل
    13/12/2008
    العمر
    61
    المشاركات
    373
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بداية نشكر الاخ الكريم على هذا التقديم القيم للكتاب الذي اصدره الدكتورمحمود حمدى زقزوق مستعرضا فيه مقاصد الشريعة الاسلامية.
    حقا اخي الكريم جاءت الشريعة الاسلامية رحمة بهذا الانسان المعذب في هذه الارض ،جاءت لتخرجه من عذاب الجهل الى رحمة العلم ،من عذاب الحروب الى راحة الاستقرار والهدوء،،وتحقق هذا كله لايتاتى إلا بالمحافظة على الضروريات الخمس او الكليات الخمس او المقاصد الخمس ،سميت بالضروريات كون الانسان لايمكن ان يعيش بدونها ،فهي ضرورية بالنسبة له ضرورة الماء لحياته ،وسميت الكليات الخمس لان الاحكام الشرعية كلها جاءت لحمايتها وتدور في فلكها ،وسميت بالمقاصد لان غاية الشريعة المثلى ومقصدها الرئيسي هو حماية هذه الضروريات.
    فالضروريات الخمس هي حسب اهميتها :الدين والنفس والعقل والعرض والمال .
    جاءت الشريعة الاسلامية لحماية الدين في المقدمة اذ لايمكن العيش بدون دين ،وكما قال احد الفلاسفة بوسعنا ان نرى مجتمعا بدون حضارة ولكن لايمكننا ان نرى مجتمعا بدون دين ،ولهذا عدت الشريعة الاسلامية الدين من اولوية اولوياتها ،لذا استمرء المسلمون في بداية الدعوة الاسلامية التخلي عن الاموال والممتلكات بل والاولاد وراء حماية الدين ،فهربوا بعقيدتهم مرة الى اثيوبيا واخرى الى المدينة ،ولحماية الدين فرض الاسلام الجهاد حتى وان ادى الامر الى التضحية بالنفس ،فالدين وكما سبقت الاشارة في المقدمة واذا تعارض الحفاظ على الدين والحفاظ على النفس تمت التضحية بالنفس في سبيل الدين وهذا ما يفسر فرضية الجهاد في سبيل الله وعد فرض عين في الحالات المعروفة عند الفقهاء حتى وان ادى كما سبقت الاشارة الى هلاك النفس.
    لكن هل بقي شيئ من هذا الامر في الوقت الراهن ،الذي وضع فيه الجهاد والارهاب في كفة واحدة ،واصبح ينظر الى كل مسلم متدين متشبث بقيم الاسلام وتعاليمه عقيدة وعبادة وسلوكا ارهابيا،وغدت الدول الغربية تنظر الى الاسلام بمثابة خطر يتهدد مصالحها وتعمل ليل نهار من اجل كبح جماحه ،والحيلولة دون انتشاره بل وزرع الاشواك في طريقه ،واكثر من هذا تمكنت هذه الدول من غزونا فكريا الى الحد الذي جعلتنا نتماهى مع طروحاتها في تعاملنا مع الدين الاسلامي ،واضحينا نقول بان الاسلام لا ينبغي له ان يتجاوز حدود بناية المسجد ،اذ كل استحضار للاسلام خارجه يعتبر تجنيا عليه.
    اما النفس فتاتي في المرتبة الثانية بعد الدين ،لذا يجب تقديم المحافظة عليها اذا تعارض ذلك مع المحافظة على العقل ،فقد اجاز العلماء شرب مسكر اذا تم ذلك تحت طائلة التهديد بالقتل ،ومن اجل الحفاظ على النفس شرع الاسلام القصاص واعتبر قتل نفس بدون مصوغ شرعي بمثابة قتل الناس جميعا،كما اوجب حد الحرابة ،وعاقب القاتل بمثل جنايته.
    اما م هذا الامر ماذا بوسعنا ان نقول عن من يمد يد المساعدة للاعداء لقتل شعب برمته سواء بسكوته عن الجرم او تواطئه مع العدو عن طريق فرض الحصار عليه ،واعني بذلك ما يرتكب في حق الفلسطينيين بغزة ،بماذا سيواجه المسؤول عن ذلك امام ربه ،وما هو المصوغ الشرعي والقانوني الذي تم اعتماده لاقامة جدران بعضها فوق الارض وبعضها تحت الارض بدعوى العمل على ابقاء الفلسطينيين بارضهم ،والحيلولة دون تسللهم خارج وطنهم وتحت ذريعة حماية الامن القومي،مع العلم ان الحدود مفتوحة في وجه الاسرائيليين ،ولااحد يمنعهم من الذهاب الى مصر وقت ما شاءوا،ومغادرتها الى الاراضي المحتلة وقت ما شاءوا.
    اما الضروري الثالث فهو العقل ،فانسان بدون عقل كسيارة بدون مقود ولا كوابح ،وبغرض حماية العقل حث الاسلام على العلم والتعلم ،بل وعد العلم فرضا على كل مسلم ومسلمة ،واذا كان الامر كذلك ماهي النسبة المئوية من الدخل القومي التي تخصصها الدول العربية للبحث العلمي ،وفي اطار المحافظة على العقل حرم الاسلام الخمر والمخدرات بجميع انواعها واشكالها ،واذا كان الامر كذلك ماذا بوسعنا ان نقول بخصوص انتشار المخدرات والخمور في بلادنا الاسلامية ،فحانات الخمر منتشرة في بلادنا الاسلامية اصبحت تنافس المساجد في الرواد ،فاين نحن من تحريم الخمر ،بل واين نحن من لعن الاصناف العشرة المشار اليهم في الحديث النبوي الشريف ،اكثر من هذا غدا الخمر وهو الذي يسمونه ضمن المشروبات الروحية وذلك بغرض التعمية مشروبا عاديا على موائدنا ،الا يعد هذا فسادا؟؟
    اما الضروري الرابع فهو النسل او العرض فقد عمل الاسلام على تشجيع النسل بالدعوة الى الزواج ،وعد الزواج احيانا واجبا ،ومن اجل حماية النسل حرم الاسلام الزنا وحرم القذف وعاقب عليهما.
    وعندما ينتشر الزنى في مجتمع من المجتمعات فان الله عز وجل يسلط عليه اوبئة عديدة غير معروفة في السابق ،وهذا ما تاكد من خلال انتشار داء فقد المانعة الذي كان مجهولا في السابق ،وتشير الاحصائيات الى ان العلاقات غير الشرعية تعد من اسباب انتشار هذا الداء بشكل واسع،وعوض ان تعمل المؤسسات الاعلامية على دعوة الشباب الى العفة للحيلولة دون الاصابة بهذا المرض فانها تحثه على استعمال العازل الطبي ،واذا كانت هذه الدعوة لها ما يبررها في المجتمع الغربي ،فما الافضل في التعامل مع الشباب المسلم دعوته الى العفة واظهار حكم الاسلام بخصوص الزنا ام تشجيعه على استعمال العازل الطبي.اليس في ذلك تشجيع على الزنا بصورة ملتوية؟؟
    وفي سياق المحافظة على العرض اوجب الاسلام حد الزنا فاين نحن من هذه الاحكام في الدول الاسلامية؟؟
    اما الضروري الخامس فهو المال ،وفي اطار المحافظة عليه شرع الاسلام البيع والشراء ،كم حرم الاعتداء على اموال الاخرين باي شكل من اشكال الاعتداء وعاقب المعتدي باشد العقوبات ،وفي هذا السياق اوجب القطع في حق من ادين بجريمة السرقة ،كما عاقب المحارب ،وعزر غيرهما من الذين ادينوا بتهمة الاعتداء على اموال الاخرين.
    ووفي غياب هذه العقوبات انتشرت جريمة السرقة بمجتمعاتنا مخافة من منظمات حقوق الانسان الذي تعتبر قطع يد السارق انتهاكا صريحا لحقوق الانسان ،دون الالتفات الى المتضرر من عملية السرقة اليس من حق كل انسان ايعيش وحقوقه مضمونة مصونة من كل اعتداء،هذا باختصار شديد ما يتعلق بالمقاصد الشرعية التي جاءت الشريعة الاسلامية لحمايتها ،وقد اعود لهذا الامر لاحقا بحول الله.
    تحياتي للاخ محمود ولك مني الشكر والتقدير.

    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرحيم لبوزيدي ; 06/01/2010 الساعة 12:31 AM سبب آخر: تصحيح

  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية د.محمد فتحي الحريري
    تاريخ التسجيل
    25/06/2009
    المشاركات
    4,840
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد

    احييكم مولاي واثني على ما تفضلتم به الثناء اللائق
    اخي الاستاذ محمود بود وسلام
    يريدون ان يزرعوا في الاسلام اكليروس جديدا ، فلا سياسة في الدين ولا نظريات حكم ولا ادارة ولا منهج !!!
    الاسلام نمارسه في المسجد ساعة بالاسبوع وكفى !
    هكذا يريدون ونسوا ان الاسلام منهج وسياسة وتربية وادارة ودعوة
    الاسلام شامل لكل منحى من مناحي الحياة وما كان ربك نَـســـيّـا !
    للاسلام رسالة وهي الارتقاء بالفكر البشري الى مصافه وآفاقه الحضارية السامقة وتحقيق مصالح العباد وسياسة علائقهــم مـــع الـــ :
    *الله تعالى <<<<<<<<<<<<<<< العبادات والعقيدة الصحيحة
    *نفســـه :<<<<<<<<<<<<<<<< منظومة الاخلاق الاسلامية
    * الناس <<<<<<<<<<<<<<<< نظام المعاملات ومنهج الحلال والحرام
    فالاسلام عقيدة وشريعة وسياسة ومنهج وسلوك ....
    مع الود والتحية .
    *


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •