آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 3 من 9 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 174

الموضوع: 120 كلم سماكة السماوات السبع ....في كتاب "حقيقة السماوات" للعرابلي

  1. #41
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    38- أيهما الأقدم: آلشمس والقمر؟ أم السموات والأرض؟

    قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) التوبة0
    تبين هذه الآية من سورة التوبة أن الشمس والقمر كانا موجودين قبل خلق السموات والأرض؛ إذ إن الشهور لا تقدر إلا بالشمس أو القمر، والأشهر الحرم هي أشهر قمرية، والشهر القمري يرتبط بمقدار عكسه للنور الذي يستمده من الشمس إلى الأرض، فدلت هذه الآية أن للقمر وجودًا قبل خلق السموات والأرض، وليس قبل وجود السموات والأرض، والفرق بينهما كبير بعد أن بينا أن الخلق تغيير في الصفات لا الإيجاد من العدم في اللغة واستعمال القرآن، والقول بالعدم ألفاظ فلاسفة لا غير، والخلق لهما هي الفترة الأخيرة من وجودهما0
    وقد تبين للإنسان أن عمر صخور القمر التي أحضرت إلى الأرض مع رواد الفضاء الذين هبطوا على القمر تقدر بـ 3.9 مليار سنة، بينما أقدم صخور الأرض غير قواعد القارات لا يزيد على 3 مليار سنة، مما دفع إلى القول أن القمر له تاريخه الخاص غير المرتبط بالأرض بعد النظريات التي تحدثت عن نشأة القمر بعد الأرض أو مع الأرض أو أنه كان جزءا من الأرض0
    ودلالة ذلك أن صخور القمر أخذت استقرارها قبل استقرار الأرض، ولا تخلو صخور الأرض من فتات صخري ، عمره يزيد على 4 مليار سنة 00 وفي هذه الآية تقرير من العليم الخبير أقر به العلماء بعد طول مخالفة له، فسبحان العليم الخبير0

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 06/01/2010 الساعة 09:06 AM

  2. #42
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    39- من أين تبدأ السماء ؟

    تبدأ السماء من الطرف القريب منا من وجه الأرض مباشرة0
    قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) إبراهيم0
    : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) إبراهيم 0
    فكم من الشجر الطيب ما هو بطول الإنسان أو أطول منه بقليل، وثمره في متناول يده، ومنه ما هو أقصر من ذلك، وكل هذه الأشجار فروعها في السماء، وأصلها ثابت في الأرض، ومن الشجر ما يكون في الجبال، ومنه ما يكون في السهول والوديان، وفي هذه الحالة فإن الجبال تكون أعلى منه، فالجزء من السماء التي فيها فروع هذه الشجار لم يأخذ صفة العلو على إطلاقه، فهناك من الأرض ما هو أعلى منها، وفي هذا زيادة تأكيد على أن السماء سميت من ديمومتها لا من علوها 00 فإذا كان فرع الشجر في السماء فانظر إلى نفسك فأنت تقف على الأرض مثل الشجر، لكنك تمشي وتسير عليها وجسمك يتحرك في الحقيقة في مادة السماء، فجسمك في السماء كالنبات، واعتمادك على الأرض وثباتك عليها كثبات النبات، وانظر إلى من يسير أمامك وتأكد من ذلك بنفسك، وتأمل إلى حركة الأشياء هل تتحرك وجسمها في السماء أو في الأرض ؟0
    فهذه الآية حددت السماء بأنها فوق الأرض، وأن بدايتها هي وجه الأرض، وهي المحيط بكل الكائنات الحية النباتية والحيوانية، والوسط الذي تعيش فيه وتنمو0

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 06/01/2010 الساعة 09:06 AM

  3. #43
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    40- حدود السموات

    تنحصر السموات بين حدين؛ حد قريب يبدأ من وجه الأرض، وحد بعيد، والسموات محصورة بين الحدين، والسموات محيطة بالأرض من جميع جهاتها، فتكون الأرض في بطن السموات، ووجه الأرض هو حد السماء الأول، وحدها البعيد حيث تنتهي نهاية مادة السماء المكونة منها على الوصف الذي وصف الله به السموات0
    حد الأرض الأول معروف لشدة قربه؛ حيث يبدأ من وجه الأرض مباشرة، أما حدها البعيد فهو الذي يصعب التأكد منه على سبيل التحقيق، وذلك لأسباب عديدة، فمادة السماء تتأثر بالحرارة والبرودة، فيرتفع سقفها، وتزداد سماكتها مع شدة الحرارة، وينعكس الوضع مع الليل والبرودة، وكذلك تأثير جاذبية كل من القمر والشمس وتنازعهما مع جاذبية الأرض في التأثير في الأرض والماء ومادة السموات المحيطة بالأرض0
    وكذلك لتحديد السموات ومعرفة مقدار سماكتها ينظر إلى كل صفات السموات التي جاء ذكرها في القرآن، والتي قد مررنا على بعضها ونحن في طريق احتواء كل تلك الصفات، فحيثما وجدنا ان السماء ما زالت متصفة بهذه الصفات فهي دلالة على أننا ما زلنا فيها، فإذا فقدنا هذه الصفات نكون قد خرجنا منها، فهي مما عرفناه أنها بناء، وهذا البناء شديد محكم، يطبق بعضه على بعض 00 إلى بقية الصفات0

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 06/01/2010 الساعة 09:06 AM

  4. #44
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    41- هل الأجرام والنجوم والكواكب داخل السموات أم خارجها ؟

    انظر إلى قوله تعالى في هذه الآيات:
    : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف0
    : (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) الرعد0
    : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) العنكبوت0
    : (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) الزمر0
    في هذه الآيات يتبين أن خلق السموات والأرض أمر آخر غير تسخير الشمس والقمر والنجوم0
    لم يرد في آيات القرآن الكريم، على كثرتها وهي بالمئات، ما يفيد أن القمر والشمس والنجوم في السموات أو داخلها0
    أما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) الحج 00 فمن هي للعاقل ولا يدخل معهم الشمس والقمر والنجوم أما الجبال والشجر والدواب والناس والباقي فهو مما بينهما0

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 06/01/2010 الساعة 09:06 AM

  5. #45
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    42- "له ما في السموات والأرض" هل تشمل الكواكب والنجوم ؟

    قال تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) النساء0
    وقال تعالى: (اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) إبراهيم0
    وقال تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) طه0
    وقال تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) الحج0
    في هذه الآيات وأمثالها يبين الله تعالى أنه له ما في السموات 00 فهل النجوم والكواكب والشمس والقمر مما في السموات؟
    حرف الجر في يفيد الظرفية الزمانية كقوله تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) البقرة0
    والظرفية المكانية كقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) الأعراف0
    وسر ارتباط حرف الجر "في" بالظروف الزمانية أو المكانية أنه يستعمل مع الحركة 00 وهذه الحركة إما أن تكون من الأشياء فلا يدوم لها استقرار في موضع واحد، وإما أن تكون الحركة ممن يبحث عنها لمعرفة مكانها لتحديد موضعها0
    ولبيان ذلك فعندما نقول فلان في الدار، فيحتمل أن يكون في المجلس، أو غرفة النوم، أو المطبخ، أو الحمام أو أي جزء من البيت، واحتمال أن يكون في وسط الغرفة، أو بجانب بابها، أو صدرها، لكن إذا كان ثابتًا فنحن نجده على الكرسي، أو على الكنبة، ولا نقول في الكرسي، ولا في الكنبة، لكننا نقول في السرير لأنه يحتمل أن يتقلب فيه، وعلى السرير إذا كان السرير يستعمل كمقعد0
    انظر إلى قوله تعالى:
    (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) الشورى0
    فمع الحركة في البحر، وجري السفن فيها، استعمل "في" البحر، وعندما سكنت الريح وبقيت في مكانها قال "على" ظهره "ففي" تستعمل مع الحركة "وعلى" مع الثبات0
    ومثل ذلك مع الحركة والسير في الأرض يقول تعالى:
    (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) البقرة0
    (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) آل عمران0
    (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (22) يونس0
    (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) الملك0
    أما في حال السكون وانعدام الحركة بالموت فتوضع "على" موضع "في" كما في قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45) فاطر0
    (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل0
    هذه الآيات بينت بوضوح استخدام "في" مع الحركة والانتقال واستخدام "على" مع السكون0
    ولما كانت الظروف المكانية والزمانية هي محل الحركة، والانتقال في المكان أو الزمان، كان استعمال "في" لبيان أنها ظروف، وأنها محل الحركة0
    وانظر كيف استخدمت "في" في هذه الآية في قوله تعالى:
    (وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) الذاريات0
    فموسى لا يمكن أن يكون ظرفًا، ولكن لما كان الانتقال من قصة الملائكة مع إبراهيم، ثم مع لوط وقومه، عليهما السلام، إلى قصة موسى صلى الله عليه السلام مع فرعون، وما فيها من الآيات والعبر، استعمل "في" لتغني عن ذكر التفصيل الذي سبق القول فيه، وانتقل الحديث بعدها ليكون في عاد وثمود وقوم نوح عليه السلام0
    وكذلك استعمالها في قوله تعالى:
    (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) إبراهيم0
    فقد أبدلوا ما يجب عليهم فعله بأن يستجيبوا للرسل، ويمدوا أيديهم إليهم بالبيعة على الإيمان، إلى الرد على رسلهم بأفواههم بالتكذيب والكفر، لهذا الانتقال استعملت "في" أفواههم بمعنى "إلى" 00 لكن "إلى" تفيد انتهاء الغاية وليس في فعلهم انتهاء للغاية فكان استعمال "في" في هذا الموضع على أصل وضعها وهي الأبلغ في الاستعمال0
    وكذلك استعمال "في" بمعنى على" في قوله تعالى:
    (قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) طه0
    الصلب هو تعليق المقتول على شجر أو خشب زمنًا يسيح لحمه صديدًا؛ فلا يبقى منه إلا ما صلب منه وهو العظم، لذلك جاء قوله تعالى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ "في" جذوع النخل فقيل "في" بمعنى "على" ولكن "على" تفيد الثبات، ولم يقصد من فعل الصلب الثبات على جذوع النخل، بل يراد التنكيل بجسد القتيل، وأن يرى الناس التحول الذي يحدث له؛ فينتن ويسيل صديدًا، ولا يبقى منه إلا العظم0
    مما سبق يتبين لنا أن في قوله تعالى: ﴿أن لله ما في السموات﴾ تشمل كل متحرك يرى فيها، كانت وعاء له أم لم تكن، ورؤيته تتم من خلالها0
    فنحن نرى أنفسنا في المرآة وهي لا تحتوينا وإنما الذي نراه هو صورتنا0
    وننظر من خلال الزجاج فنرى ما خلفه وكأن الزجاج غير موجود0
    وكذلك رؤيتنا للنجوم والكواكب والشمس والقمر في السماء هي رؤية ما خلفها من خلالها؛ لما تميزت به من شفافية تفوق شفافية الماء والزجاج0
    فالقول "في" السموات لا يدل إلا على كل متحرك يرى فيها، كانت السموات وعاء له أم لم تكن0
    وقد وردت "في السموات"سبعين مرة مقرونة مع الأرض إلا في النجم منفردة، في قوله تعالى: (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) النجم، وشفاعتهم هي لمن في الأرض0


  6. #46
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    43- أقطار السموات

    أقطار جمع قطر، والقطر: الجانب والناحية، وأصل التسمية أن مادة قطر تفيد تجمع الزائد وخروجه، فالماء الزائد في الملابس المغسولة، أو المبلولة، يتجمع ويقطر منها، والقطار إبل القافلة المربوطة على نسق واحد، والصحيح أن سبب التسمية هو أنها محملة من زوائد البلاد الأخرى وتحمل زوائد البلد ليباع في غيرها0 وقطر هي امتداد زائد في مياه الخليج، وقطر البلد وأقطاره هي أطرافها التي يعد ما بعدها زائدًا عليها، وهي موضع خروج الزائد عنها ودخول الزائد عليها؛
    فانظر إلى قوله تعالى: (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) الأحزاب0
    أي لو دخلت المدينة ممن لا يعدون منها من أقطارها، وربط الدخول بالأقطار لأن ما يدخل من الأقطار يلقى القبول لدى أهلها، وهم سيقبلون الفتنة ثم لا يكونون من أهلها فيخرجوا منها0
    والقطران يؤخذ من أنواع معينة من الشجر كالسرو، والصنوبر، والسلم، والسمر، إذا طبخ واشتدت الحرارة عليه تجمع وخرج من الخشب وهو يقطر، وكذلك استخراج النحاس من معدنه قال تعالى: (آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) الكهف0
    : (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) سبأ0
    ومثل هذا ما يحدث لأهل النار فيخرج من جلودهم من حر جهنم ما يكون لباسهم قال تعالى: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) إبراهيم0
    وفي قراءة أخرى للآية "من قطرٍ آن"0
    أما أقطار السموات والأرض في قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن، فهي جوانبها وحدودها فما زاد فيها يخرج منها ويأتيها الزائد من خارجها 00 فهذه الآية دالة على أن للسموات حدودًا تنتهي عندها0
    في هذه الآية يخاطب تعالى الإنس والجن بالنفاذ من أقطار السموات، وقد أذن تعالى لهم (فانفذوا) ، وبين تعالى أن طريق النفاذ لا يكون إلا بفعل واحد محدد هو النفاذ بسلطان، والسلطان معروف في اللغة 00 لكن الشيء الذي لا نسعى لمعرفته هو أن لكل اسم سببًا للتسمية، وأن لكل جذر له معنى عليه تم الاشتقاق والبناء من هذا الجذر 00 وسلطان من مادة سلط وهي تفيد غلبة القليل الكثير بيسر وسهولة، وأمره لا يرد، وعليه سمي الحاكم بالسلطان فهو فرد، وأمره نافذ في رعيته، مهما بلغ عددهم، بيسر وسهولة، ولا يرد أمره0
    والسلطان جمع سليط والسليط زيت السمسم، وسمي بذلك لأنه يستخدم في السراج فاشتعال قليل منه يضيء أضعافًا كثيرة من اشتعال أضعافه من الحطب، ويغلب الظلام0
    فالنفاذ من أقطار السموات والخروج خارجها لا يكون إلا بوقود شديد الاشتعال شديد الإضاءة؛ ليغلب مقاومة الهواء وجاذبية الأرض معًا بيسر وسهولة فلا يرتد 00 فهل فعل الإنسان غير ما صرحت به الآية وأرشدت إليه للنفاذ إلى الفضاء خارج أقطار السموات ؟!0
    الحديث يطول لو وقفنا على تفاصيل وإرشادات آية النفاذ، وسيكون له المكان في غير هذا الكتاب إن شاء الله تعالى0
    وصرف الطلب في هذه الآية إلى يوم القيامة فيه نظر، فالإنس والجن يوم القيامة لا يملكون شيئًا، ولا حتى أعضاءهم التي تشهد عليهم، ولا يملكون حتى ملابس تسترهم، فأنى لهم المقدرة، والأدوات للنفاذ، وأن يكون بينهم اجتماع وتعاون على تنفيذ ذلك، وكل واحد يفر من أقرب المقربين إليه، وكل واحد منهم موكل به سائق وشهيد؛ ليحاسب وحيدًا على كل أعماله0
    أما مجيء آية النفاذ بعد قوله تعالى: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31) الرحمن؛ فهي للبيان للثقلين أنه إذا أردتم النفاذ فانفذوا الآن قبل يوم الحساب ... فإن نفذتم فستعلمون أنه لا مفر لكم من الله، وأنه لا مكان في الكون يصلح للحياة كما صلحت الأرض لكم، وأنه لا مفر لكم من الأرض مهما بلغتم من العلم والمقدرة، وصدق الله العظيم في قوله تعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) طه0
    وحتى الآن فإن لم يهلك من رواد الفضاء أحد إلا قبل خروجه للفضاء أو بعد رجوعه، ولم يهلك أحد خارج الأرض والسموات "ذات الرجع" لتبقى جثته متناثرة في الفضاء بلا عودة لها إلى الأرض0
    أما قوله تعالى: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35) الرحمن0
    فهذا متعلق بالنفاذ من أقطار الأرض، لأن التحدي كان في النفاذ من أقطار السموات والنفاذ من أقطار الأرض؛ فالنفاذ من الأولى ممكن بسلطان، والنفاذ من الثانية غير ممكن فسيرسل عليكما ما بينته الآية، ونحن نرى ونسمع لما يحدث في الأرض كلما وجد باطن الأرض الملتهب طريقًا إلى سطحها، وهذا مما سنبينه إن شاء الله تعالى في كتابنا اللاحق عن "خلق السموات والأرض0


  7. #47
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    44- أي شيء يثقبه النجم الثاقب؟

    قال تعالى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) الصافات0
    وقال تعالى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) الطارق0
    وقال تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) الجن0
    الثقب هو الخرق النافذ، والأداة لعمله هي المثقب، وبها يتوصل إلى باطن الشيء، ثم النفاذ منه إلى الطرف الآخر؛ كالفعل في ثقب اللؤلؤ، والثقاب الذي يثقب به النار فتضيء، لذلك إذا أضاء الباطن فقد ثقب، والثاقب المضيء، وحسب ثاقب: له شهرة وعلو، ورجل ثاقب: نافذ الرأي0 والشهاب الثاقب: المضيء لباطن السماء في ظلمة الليل، (لسان العرب مادة ثقب)0
    والنجم الثاقب: المضيء وذلك إذا دخل باطن السماء فأضاء فيها، سواء نفذ أم لم ينفذ 00 وفي هذه الآية دلالة أن النجم لا يكون في بطن السماء، فإذا دخلها من طرف وخرج من الطرف الآخر فقد ثقبها، وإذا أضاء باطنها فقد ثقبها، وكل ذلك يحدث؛ فبعضها يصل إلى وجه الأرض ويسمى بالنيزك، وبعضها يحترق كله فلا يبقى منه شيء قبل الوصول إلى الأرض ويسمى بالشهاب0
    وسؤال يطرح نفسه هل المقصود بالنجم الثاقب؛ النجم هو جرم مشتعل مضيء أو أنه القطع الصخرية التي تسمى بالنيازك كالتي تضرب الأرض ؟0
    يرجع سبب تسمية النجم باسمه أنه يظهر في أشهر من السنة، ثم يزول في الأخرى، وعلى ذلك سمي النبات الفصلي أو الحولي غير الدائم بالنجم؛
    قال تعالى: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) الرحمن0
    وبعض النجوم تزول لتظهر ثانية، أو يزول بعضها أو كلها بغير عودة، كما يحصل للنجوم المتفجرة التي تسمى بالسوبر نوفا، ومن قطع هذه النجوم الزائلة ما يصل الأرض وتسمى بالنيازك0
    فالنجم سمي بالنجم لزواله؛ فقد يراد بالآية النجم الذي اشتعل باطنه وأضاء، أو بالذي يخرق السماء من قطع النجوم فيضيء باطنها، وصل إلى الأرض أم لم يصل، وارتباط القسم بالسماء، وتفسير الطارق بالنجم الثاقب هو لإحدى القطع من النجوم؛ أي لنيزك منها؛ لأن حجم الأرض وأغلفتها من السموات لا يساوي إلا شيئًا يسيرًا من النجوم الصغيرة فكيف بالكبيرة منها؟0والنجوم قادرة على ابتلاع الأرض بسمواتها، وهذا لا يتناسب مع ثقب السماء فهذا العمل يكفيه قطع صخرية قطرها بضعة أمتار، أو بعض عشرات من الأمتار 00 والله تعالى أعلم 0


  8. #48
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    45- وسع كرسيه السموات والأرض

    قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) البقرة.
    وقال تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) ص
    الكرسي في بيوت الناس: ما يعتمد عليه ويجلس عليه من أثاث البيت0
    والكرسي ما تعرفه العرب من كراسي الملوك0
    والكرسي من مادة "كرس" وهي تفيد التجمع والتلبد والالتزام والانتظام والتكريس: أي ضم الشيء بعضه إلى بعض ؛ فالكراس هو أوراق جمعت ولزمت مع بعضها فثبتت0
    والكِرس بالكسر: الطين المتلبد والقلادة المنظومة المضموم بعضها إلى بعض0
    وتكرس الشيء وتكارس: تراكم وتلازم 0 وتكرس رأس البناء: صلب واشتد (انظر لسان العرب، مادة كرس)0
    والكروس في استعمال بعض القبائل: القبور التي اجتمعت، وأسند بعضها إلى بعض، تكون في سنين الأوبئة، أو من كثرة القتلى في الحروب، وقد وقفت على بعض منها في جنوب السعودية0
    ويفهم من هذه المادة أن "كرسي الملوك" سمي بذلك لاجتماع المُلك لصاحبه وثباته، وسمي المقعد في البيت بالكرسي على التشبيه به في الشكل0
    فالكرسي دال على ملك صاحبه، وانتظام ملكه وثباته والتزامه به، وهو المقصود بكرسيه تعالى في آية الكرسي0
    وما ورد من أحاديث بأنه "ما السموات والأرض في الكرسي إلا كحلقة في أرض فلاة" لم يصح منها شيء، وقد ذكر مجموعها الأمام الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الصحيحة، بعد أن ضعفها جميعها، قال بأنها صحيحة في مجملها ثم تراجع عن ذلك، كما أفاد ذلك سليم الهلالي أحد تلميذ الشيخ0
    وما السموات والأرض في الحقيقة إلا شيء يسير من ملك الله عز وجل، فلا تساوي الأرض مع سمائها في الكون المنظور عند العلماء إلا كحبة رمل من رمال شواطئ بحار الأرض جميعًا0
    فكرسيه سبحانه وتعالى وسع جميع ملكه ومنه السموات والأرض، ولا يحيط أحد بعلم الله ولا ملكه أبدًا، وما نحن في الأرض مع السموات في هذا الكون إلا كحبة رمل كما وصف العلماء، فلتذل أنفسنا، ولتخشع قلوبنا أمام عظمة الله وسعة ملكه0
    وقد فسر الكرسي بملك الله، وبعلم الله، وبالعرش، والأول هو الأقرب، والأصح لغة، وما يوافق جذره، وفي دلالة الآية والاستعمال0
    أما ما ورد في بعض التفاسير؛ من تفسير الكرسي بموضع القدمين من العرش، وهو من العرش كحلقة في فلاة، فهذا تفسير عجيب، وهو يخالف ما في القرآن، إذ كيف يكون العرش فوق الناس في المحشر وهم على جزء من الأرض يوم القيامة،فقد قال تعالى: (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) الحاقة، والناس ترى حدود العرش وطواف الملائكة حوله، فقد قال تعالى: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) الزمر، ثم يوصف الكرسي بأنه موضع القدمين، وهو من العرش كالحلقة في فلاة، وهو قد وسع السموات والأرض ؟0
    الكرسي هو ملك الله الذي تكرس فيه وتجمع وانتظم جميع ما يملك، فوسع السموات والأرض، وهما شيء يسير من ملك الله، وليس الكرسي شيئًا له أبعاد كالعرش0


  9. #49
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبعة مع هامش احتياط للدقة


    46- عدد السموات

    بين تعالى في تسع آيات أن السموات التي خلقها هي سبع سموات:
    (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) البقرة0
    (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) الإسراء0
    (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) المؤمنون0
    (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) المؤمنون0
    (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصلت0
    (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) الطلاق0
    (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) الملك0
    (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) نوح0
    (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) النبأ0
    هذا العدد الكبير من الآيات التي تحدد عدد السموات بعدد محدد هو سبع سموات ما يدل على إرادة العدد نفسه0
    وقد قيل بأن العدد سبعة ومضاعفاته يستعمل لكمال العدد لا لتحديد العدد، ومن ذلك قوله تعالى للنبي صلى الله عليه السلام: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) التوبة0
    فلو استغفر لهم أكثر من ذلك هل سيغفر الله لهم؟ 00 المفهوم من الآية أن كثرة الاستغفار لهم لن تجلب لهم المغفرة؛ لكفرهم بالله ورسوله، ولو زاد الاستغفار على ذلك0
    وكما في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) لقمان0
    فلو مد البحر أبحرًا فوق السبعة ما نفدت أيضًا كلمات الله، فاختير العدد سبع ومضاعفاته للدلالة على الكثرة بهذا العدد الذي لا حاجة لذكر ما فوقه0
    وقد سمي وحش البر الذي قد اكتمل قوة وجرأة وبأسًا فخشيه الناس بالسبُع، والسباع تتفاوت فيما بينها فبعضها أشد قوة وبطشًا من غيرها، وعلى رأسها الأسد الذي يسمى ملك الحيوان أو ملك الغابة، وليس فوقها ما هو أشد منها بطشًا0
    والسموات السبع بهذا العدد هو إما عدد حقيقي لكثرة الآيات التي حددته بهذا العدد، وإما للدلالة على أنها أكثر من ذلك 00 غلبة الظن أن العدد سبعة هو المقصود لنفسه في هذه الآيات0


  10. #50
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    47- كيف نحدد عدد السموات

    قد عرفنا عدد السموات وأن هذا العدد هو سبعة0
    وإذا خاطبنا الله تعالى بأمر دنيوي فمعنى ذلك أن هذا الأمر سندركه، ولو بعد حين، قبل يوم القيامة 00 وما تعلق بما بعد يوم القيامة سيراه الناس بعد البعث0
    فقد قال تعالى: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) القيامة0
    فكيف نقف على حقيقة عدد السموات ؟0
    والإجابة عن ذلك أن الوقوف على عدد السموات لا يكون حتى نعرف بما اختصت به كل سماء وتميزت به عن غيرها0
    قال تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصلت0
    هذه الآية بينت أن كل سماء اختصت بأمر من الأمور 00 ومن عجائب الرسم العثماني أن رسم سموات في كامل المصحف حذفت الألف الأولى والثانية في (189) موضعًا، وثبتت الألف الثانية في هذا الموضع فقط من سورة فصلت 00 وسر هذا الإثبات أن الألف في جمع المؤنث السالم (الدالة على الجمع) تحذف لأن الفرد لما دخل في الجمع تساوى مع باقي أفراد الجمع، فسقطت معرفة ما يزيد به، ويمتد به على غيره، وهذه قاعدة في رسمها في القرآن الكريم، ولم تثبت إلا في كلمات أقل من عدد أصابع اليد لعلل فيها 00 (أحببنا التنبيه لطريقة رسم السموات في آية فصلت لا الدخول في الحديث عن تفاصيل الرسم العثماني، فعجائب وأسرار ولطائف الرسم العثماني موجودة في آلاف المواضع من القرآن الكريم ) 00 ففي هذه الآية لم تستو السموات بهذا الجمع لأنه تعالى خص كل سماء بأمر انفردت وزادت به على الأخريات؛ (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ) لذلك ثبتت الألف في هذا الموضع الوحيد فقط من بين (190) موضعًا ذكرت فيه0
    فطريق معرفة السموات يكون من معرفة أن لكل سماء مهمة وكلت بها، فإذا عرفنا هذه الخاصية لكل سماء استطعنا تمييز السموات كلها0
    وقد تبين لأهل العلم الشيء الكثير عن طبيعة السماء التي أصبحت تسمى بالغلاف الغازي على اعتبار المادة التي تتكون منها، ومكانتها وعلاقتها بالأرض0
    ومن الأشياء التي تمكن أهل العلم الوصول إليها، وأظهر تمايز السموات بعضها عن بعض، هو اختلاف الضغط، فيشتد على الأرض كلما انخفضت، ويقل كلما ارتفعت، فهي على البحر الميت أشد ما تكون، وهي على أعلى جبال الهملايا أقل ما تكون، وتزداد ضعفًا كلما ارتفعنا في السماء حتى يتلاشى الضغط0
    تختلف درجة الحرارة على الأرض فهي مرتفعة بشكل دائم تزيد على الأربعين درجة مئوية على خط الاستواء في النهار، ومنخفضة بدرجة كبيرة وبشكل دائم دون الصفر في القطبين 00 هذا على وجه الأرض، وتنخفض على المرتفعات، وتزداد حرًا في المنخفضات 00 أما في الطبقات العليا، فطبقة ترتفع فيها بشدة كبيرة، لتعود فيما فوقها إلى الانخفاض 00 ناهيك عن تقلبات الليل والنهار واختلاف الفصول0
    واختلاف سرعة الرياح في طبقات السماء من سماء إلى سماء0
    وتعكس طبقات الجو القريبة من الأرض الحرارة مرة ثانية إلى الأرض؛ ليحتفظ الهواء بالدفء الذي يساعد الإنسان على الحياة0
    وكذلك فإن الموجات الراديوية تنعكس إلى الأرض عن طبقة في السماء، ولا ترد طبقات السماء الموجات المستعملة في البث التلفزيوني فتنطلق إلى الفضاء0
    وتتعامل طبقات السماء مع الأشعة القادمة من خارجها بصورة تمنع الضار منها، وتسمح بالمفيد فقط بالدخول، وكل طبقة من الطبقات العليا ترد نوعًا من الأشعة، فأبعدها ترد الأشعة الكونية، ثم التي قبلها ترد أشعة جاما، ثم التي قبلها ترد الأشعة السينية، ثم التي قبلها طبقة الأوزون تمتص الأشعة فوق البنفسجية، ومنها التي تحرق الأجسام التي تدخل إليها بسرعة كبيرة، فتظهر كشهب محترقة 00 فكل سماء قد اختصت بمهمة تميزها عن غيرها مصداقًا لقوله تعالى: (وأوحى في كل سماء أمرها)0
    فالسبيل لتحديد السموات هو النظر في خصائصها بعد معرفتها، وتحديد سماكة كل طبقة من السماء بناء على هذه الخصائص0
    تبين لنا أن هناك مجموعة خصائص توزعت على طبقات السماء، فاختصت كل سماء بواحدة منها، مما يجعلها سماء واحدة متميزة عن السموات الأخرى0
    وبناء على ذلك نجتهد في تحديد السموات، لعل هذا الاجتهاد يوافق ما أعلمنا به تعالى بأنه خلق سبع سموات، وأنه خص كل سماء بأمر يكون فيه المنفعة والصلاح للإنسان ولحياته0
    1. سماء قريبة مرتفعة الضغط، حافظة للحرارة من الانخفاض الشديد، ناقلة للصوت، تسهل الحركة فيها، هي الوسط الصالح للحياة، الذي يعيش ويتنفس به الإنسان والكائنات الحية0
    2. وسماء يتكون بها السحاب ومنها ينـزل المطر، مزينة بالكواكب والمصابيح ليلا ومضيئة بالنهار0
    3. وسماء تمتص الحرارة، وترد إلى الأرض المنعكس منها، فتحفظ الجو من التقلبات الشديدة0
    4. وسماء تمتص الأشعة فوق البنفسجية الضارة على جلد الإنسان والمزروعات، فلا ينفذ منها إلا القليل0
    5. وسماء تمنع المقذوفات الكونية من رمال وشهب ونيازك من الدخول إلى الأرض بنفس سرعتها، فتعترض لها، فتحرقها، وتفتتها، وتميت سرعتها قبل وصولها إلى الأرض0
    6. وسماء ترد الموجات إلى الأرض ليتواصل الناس في اتصالاتهم الإذاعية واللاسلكية0
    7. وسماء تصد وتمنع أشعة جاما والنيوترونات والأشعة السينية الشديدة القتل والضرر من الدخول والوصول إلى الأرض0

    وقد يجري التقسيم على أساس آخر هو تقسيم السحب التي تظهر في السماء حسب صفاتها وارتفاعها في السماء إلى سبعة أقسام، أو على الاختلاف القائم بينها في درجات الحرارة من طبقة إلى طبقة0
    لكن هذا التقسيم القائم على خصائص كل سماء هو الذي ارتاحت إليه نفسي واطمأنت به، لأنه يوافق ما أخبرنا به الله تعالى في القرآن بأنه: ﴿وأوحى في كل سماء أمرها﴾0


  11. #51
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    48- هل السموات كل الغازات التي تحيط بالأرض
    أو هي جزء منها ؟


    نحن نعلم أن السموات ليست أجرامًا، ولا مجموعة الأجرام، بل هي المادة في الحالة الغازية، فالسموات كلها من الغاز أو البخار الستير أو السغيل (الدقيق الضعيف) 00 والأرض تحيط بها الأغلفة من الغازات، تتفاوت في السماكة، ودرجة الحرارة، والضغط، والصفات 00 وقد تصل هذه الأغلفة إلى ارتفاع يقارب الألف كيلومتر 00 فهل كل هذه الأغلفة هي كل السموات ؟ أم أن السموات جزء منها؟0
    عندما تنتهي صفات السموات في هذه الأغلفة الغازية تنتهي السموات، ولو لم نبلغ إلى نهايتها، فالسموات لا يحدها انتهاء مادة الغاز وانعدامها، بل تقف حدود السموات عند حدود صفاتها0
    للسموات صفات كثيرة، وردت في القرآن الكريم نستدل بها على حقيقة السموات، ودون هذه الصفات لا نصل إلى حقيقتها، ومن صفاتها أنها بناء قائم فوق الأرض، مكون من طبقات سبع، كل واحدة مطبقة على ما تحتها، وهي شديدة تعرف شدتها أمام من أراد دخولها عنوة؛ كالنيازك والشهب التي تحترق فيها، فإذا ذهبت الشدة، وانتهي البناء الذي يعتمد بعضه على بعض، فلا سماء عند ذلك0
    وأعالي طبقة الغازات أجزاؤها متباعدة، لا يصطدم بعضها ببعض، ولا يعتمد بعضها على بعض، ومنها ما يتفلت من جاذبية الأرض، وتسير فيه الأقمار الصناعية بسرعات عالية جدًا من غير أن تؤثر فيها0


  12. #52
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    49- تكون السماء من سبع طبقات

    قال تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) نوح0
    وقال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) الملك0
    طباق كل شيء غطاء ما تحته، ولا يكون ما تحته زائدًا عليه0
    ولا يكون الشيء طباقًا حتى يكون كقطعة واحدة لا خلل فيها، ولا فرجة، وتعلو كل ما تحتها0
    ولما كانت الأرض بشكل الكرة، وطرفها من الشرق يلتقي مع طرفها من الغرب، وكذلك جميع أطرافها 00كانت كل سماء مطبقة على ما تحتها، وهن مطبقات على الأرض 00 ولن تجد فطورًا ولا انشقاقًا ولا تباعدًا بين أجزاء كل سماء، ولا بين كل سماء وسماء0
    فلا طباق من متباعدات ولا متفرقات 00 ولا ينطبق هذا إلا على الأغلفة الغازية التي اسمها السماء، وهن سموات على التفصيل والاختصاص الذي تميزت به كل سماء عن غيرها من السموات0


  13. #53
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    50- تكون السماء من سبع طرائق

    قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) المؤمنون0
    الطرائق جمع طريقة، والطريقة واحدة شيء مكون من طبقات بعضها فوق بعض، والطريق: الدرب الموصل إلى الأماكن، والسنن الموصلة للأهداف والرغائب0
    ومادة طرق دارت حول الضرب في الباطن، فطرق الصوف يكون بضرب باطنه لينتفش، وضرب الأرض بالسير عليها يجعلها تتلبد، وما حولها يصبح أعلى منها، فيصبح الطريق باطنًا فيه، وكذلك في طرق الحديد لبسطه يطرق باطنه بالمطارق حتى يتسع 00 والوقوف قد يطول على مشتقات هذه المادة إن أردنا بيان سر انتظام مشتقاتها على معنى جذرها، مما يثقل على القارئ0
    فوصف الله تعالى للسموات بأنها سبع طرائق يفيد عدة إفادات منها:
    قد بين وصف السموات في الآيات السابقة بأنهن طباقًا؛ أي كل واحدة مطبقة على ما تحتها ، فقد بينت هذه الآية أن كل السموات طرائق؛ أي أن كل سماء تتأثر من باطنها؛ أي من السموات التي أسفل منها ومن الأرض0
    أن كل سماء مستقلة بذاتها وبمسارها مع أنها جزء من باقي السموات، وهذا يوافق قوله تعالى: (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا(12) فصلت0
    أن في وصف السموات بالطرائق ما يفيد النفش الذي أشارت إليه آية فتق السموات والأرض0


  14. #54
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    51- السموات سبع شداد

    قال تعالى: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) النبأ0
    هذه الآية تشير إلى أربعة أوصاف للسموات؛ بأنها بناء، وأن هذا البناء مكانه فوقنا، وهذا البناء مكون من سبعة أبنية، وأن هذه الأبنية السبعة شداد0
    والشدة تظهر عند الاستثارة فهي تظهر بقوة الريح والعواصف، وتظهر هذه الشدة مع الشهب والنيازك التي تدخل بسرعة، تريد اختراق هذا البناء الشديد0
    وفي بيان استعمال الشدة يقول تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (29) الفتح 0 هم أشداء في حال مواجهة الكفار أما فيما بينهم فهم رحماء0
    ومثل ذلك حال الملائكة مع الكفار: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) التحريم0
    والشدة تزداد كلما عظم البناء ، فهي سبعة أبنية عظيمة ، بعضها فوق بعض 00 وفي بيان أنها فوقنا حتى لا يظن ظان أنها سبعة متجاورات، فهي بناء، والبناء لا يقوم حتى يعتمد بعضه على بعض، فتزداد الشدة فيه شدة0


  15. #55
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    52- حبك السماء

    قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) الذاريات.
    من تفسير القرطبي لهذه الآية؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما عن معنى حبك السماء: ذات الجمال والبهاء والحسن والاستواء، وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد وهو الحسن والبهاء كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، فإنها من حسنها مرتفعة، شفافة، صفيقة، شديدة البناء، متسعة الأرجاء، أنيقة البهاء، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات، موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات0
    وقيل: المراد بالسماء هاهنا السحب التي تظل الأرض. وقيل: السماء المرفوعة. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: هي السماء السابعة: وفي "الحبك" أقوال سبعة:
    الأول: ذات الخلق الحسن المستوي. وقال عكرمة: ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه ؛ يقال عنه حبك الثوب يحبكه بالكسر حبكا أي أجاد نسجه. قال ابن الأعرابي: كل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد أحتبكته.
    الثاني: ذات الزينة0
    الثالث: ذات النجوم0
    الرابع: قال الضحاك: ذات الطرائق: يقال لما تراه في الماء والرمل إذا أصابته الريح حبك. ونحوه قول الفراء ؛ قال: الحبك تكسر كل شيء كالرمل إذا مرت به الريح الساكنة، والماء القائم إذا مرت به الريح، ودرع الحديد لها حبك، والشعرة الجعدة تكسرها حبك. وفي حديث الدجال: أن شعره حبك0
    الخامس: قال زهير: ذات الشدة، قال ابن زيد، وقرأ "وبنينا فوقكم سبعا شدادا" [النبأ:12]. والمحبوك الشديد الخلق من الفرس وغيره0
    وفي الحديث: أن عائشة رضي الله عنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة؛ أي تشد الإزار وتحكمه0
    السادس: ذات الصفاقة: قاله خصيف، ومنه ثوب صفيق ووجه صفيق بين الصفاقة0
    السابع: أن المراد بطرق المجرة التي في السماء: سميت بذلك لأنها كأثر المجر. والحبك" جمع حباك0


  16. #56
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    53- الحركة في السماء

    قال تعالى: (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) سبأ0
    لما عرفنا أن بداية السموات هو وجه الأرض نستطيع أن ندرك أن كل ما يتحرك على وجه الأرض، وينمو عليها، أو ينتصب قائمًا عليها، يكون في بطن السماء 0 لذلك فإن السماء من بين أيدينا ومن خلفنا 00 فهي محيطة بنا في كل مكان، ولا حياة لنا دونها، ولا نتحرك إلا في بطنها، فهي التي تؤمن لنا الضغط الذي يحفظ دماءنا، وهي التي توفر لنا الدفء، وهي تمدنا بالأكسجين الذي يدخل إلى صدورنا في تنفسنا حتى تستمر فينا الحياة 00 فقد بينت الآية حقيقة ما نحن فيه، وأن حركتنا لا تكون إلا في السماء0
    وانظر أيضًا إلى قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) البقرة0
    تقلب الوجه في السماء على اعتبار أن السماء جهة نزول الرحمة ونزول الوحي 00 ولكن الوجه في الحقيقة هو في السماء لأنه جزء من الجسم، وسمي الوجه بهذا الاسم لأن فيه أهم الحواس وهو البصر، فأينما توجه بصرك توجه وجهك ليتحقق لك النظر والرؤية0
    والصورة الفنية في هذه الآية أن قلب الوجه صرفه إلى جهة خلاف الجهة التي تريدها، أو التي أنت عليها، وقلب رسول الله صلى الله عليه السلام متعلق بالكعبة، والتوجه إليها هو المحبب إلى قلبه، فإذا أقيمت الصلاة، وهو في المدينة، تحول إلى الجهة المخالفة لها فتوجه إلى بيت المقدس 00 وهذا الذي جعل في نفس رسول الله موافق لمنـزلة الكعبة عند الله، وأنها أفضل من بيت المقدس 00 وما التوجه في الصلاة لبيت المقدس أيام مكة إلا لكثرة وجود الأصنام حول الحرم، وبعد الهجرة كان فيه تحبب لأهل الكتاب؛ ليمدوا أيديهم لهذا الدين فلم يفعلوا شيئًا 00 وكان رد الأمر إلى الأصل هو الذي عليه الدين فحولت وجهة الصلاة إلى الكعبة، الأمر الذي أغضب اليهود كثيرًا، فسماهم الله تعالى بالسفهاء0
    وانظر أيضًا إلى قوله تعالى مبينًا حال المعذبين في النار: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) الأحزاب، والنار محيطة بهم من فوقهم ومن أسفل منهم0
    فتقلب الوجه في السماء يبين حقيقة السموات مع بقية الآيات المبينة لحقيقة السموات، وكل آية تسلط على جانب من هذه الحقيقة للسموات0


  17. #57
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    54- العروح في السماء

    العروج: الحركة بميل إلى الأعلى؛ لذلك سميت السلالم والدرجات بالمعارج؛ لأنها تنصب وتبنى بوضع مائل للصعود عليها إلى الأماكن العالية والسطوح؛ قال تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) الزخرف0
    وبسبب قصر إحدى الرجلين يمشي الأعرج بميلان، ويثني ركبتيه كفعل الصاعد على الدرجات، ولذلك سمي بالأعرج قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) الفتح0
    والحركة بميلان عند إرادة الارتفاع إلى أعلى هو الأيسر والأسهل، وتفعله كل الطيور في طيرانها 0 وعلى هذه القاعدة في الصعود تتمكن الطائرات من الإقلاع عن الأرض والارتفاع في السماء0
    قال تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) سبأ0
    وقال تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) الحجر.
    والعروج في السماء إلى أعلى لا يكون إلا بميل، وإذا فارقنا الأرض والسموات فإن خط سيرنا يظل في ميل عن الأرض لأن الأرض تغير مكانها في دورتها حول نفسها وحول الشمس، والشمس تنقلها معها في دورتها حول مركز المجرة، والمجرة في حركة تباعدها عن باقي المجرات 00 فكل ما في الكون لا يبقى على استقامة ثابتة لأنه غير ثابت، ولا جرم في الكون ثابت يقاس على مكانه بقية ما في الكون قال تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) السجدة0
    وقال تعالى: (مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) المعارج0
    هذه الحقيقة الكونية للحركة في السموات، وفي بقية الكون أشار إليها القرآن في هذه الآيات، وهي تشير إلى خط سير الحركة إلى أعلى0
    وفي هذا بيان لمن أراد أن ينتفع بهذه الحقيقة، وقد بين القرآن هذه الحقيقة قبل أن تكون محل العمل بها بعد أن تمكن الإنسان من الطيران في جو السماء والنفاذ إلى الفضاء، ليقدر زمن الحركة وسير الحركة واتجاهها؛ ليحقق الوصول إلى الأهداف التي أرادها0


  18. #58
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    55- الارتقاء في السماء

    قال تعالى: (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) الإسراء0
    وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) ص0
    تبين هاتان الآيتان نوعًا آخر من الحركة في السموات؛ ألا وهو الرقي في السماء وفي السموات 0 ولا يكون الرقي إلا على شيء، أو بسبب، لذلك تسمى الدرجة بالمرقاة، وجاء في الحديث: أنه يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الحياة الدنيا فإن منـزلتك عند آخر آية تحفظها0
    قال الشاعر: أنت الذي كلفتني رقي الدرج على الكلال والمشيب والعرج
    والارتقاء: طلب العلو في المكان أو المنـزلة والعلم، وكذلك الخروج من أسفل إلى أعلى بسبب، لذلك تستعمل الرقية لخروج المريض أو المعيون مما أصيب به0
    ومن المعجزات التي سألها المشركون رسول الله صلى الله عليه السلام الرقي في السماء دون سبب، زيادة إعجاز له عليه السلام والمعجزات لا يأتي بها الأنبياء من أنفسهم إنما هي عطاء من الله 00 فلم يستجب الله تعالى لهم لأن معجزات الأنبياء لا يقدر عليها البشر، والله تعالى يعلم ما سيصل إليه الإنسان، وأنه سيرقى في السموات بالأسباب التي صنعها0
    وفي آية "ص" التي ذكرت يطلب تعالى منهم أن يرتقوا في الأسباب، وإذا ارتقوا هل سيملكونها ويسكنون فيها؟ 00 إنما هي ساعات وأوقات قصيرة، ثم ينـزل مضطرًا إلى الأرض فلا استقرار له إلا عليها0


  19. #59
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    56- التصعد في السماء

    قال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) الأنعام0
    هذه الآية تبين جانبًا آخر للحركة في السماء 00
    تبين هذه الآية أثر الصعود في السماء على تنفس الإنسان 00 فكلما ارتقى الإنسان إلى أعلى خف ضغط الجو وقل الأكسجين فضاق الصدر وصعب التنفس0
    وجاءت الآية بصيغة التضعيف: يصعَّد في السماء؛ لبيان أنه كلما صعد إلى السماء أكثر زادت مشقة الصعود؛ لزيادة أثر قلة الضغط ؛ ولقلة الأكسجين؛ وحتى الطائرات فلكل طائرة قدرة ومستوى في الارتفاع لا تستطيع تجاوزه، وكلما زاد ارتفاعها ازدادت تكلفة ارتفاعها، ومقدار استهلاكها من الوقود0
    ولماذا ذكر الصدر دون غيره؟ لقد ذكر الصدر لبيان أثر الارتفاع على الإنسان0
    ذكر الصدر لأن أثر انخفاض الضغط وانخفاض نسبة الأكسجين أو ما يظهر على عملية التنفس، فيزيد المرتفع من عدد مرات الشهيق والزفير؛ ودقات القلب، لتعويض انخفاض نسبة الأكسجين، والمشقة الثانية تأتي من ثقل الرئتين بسبب تجمع السوائل فيهما لقلة الضغط 00 وبعد ذلك لا يستطيع الإنسان الارتفاع دون أجهزة تساعده، وإلا فقد وعيه، أو تفجرت الشرايين في رئتيه أولاً، لذلك ذكر الصدر لأن الأثر الأكبر يظهر فيه قبل أن يموت الإنسان، أو يغمى عليه من الصعود فيها0
    ولأن ضيق الصدر نوع من العذاب قال تعالى: (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) المدثر0 وقال تعالى: (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17) الجن0


  20. #60
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: 120 كلم سماكة السماوات السبع مع هامش احتياط للدقة


    57- سلمًا في السماء

    قال تعالى: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام0
    السُّلم معروف، واستعماله للوصول إلى السطوح واعتلائها، أو إلى الأماكن المرتفعة لوضع الأشياء عليها، أو إنزالها منها، ويكون بها وعليها النـزول من أعلى إلى أسفل أيضًا للوصول إلى القاع والأعماق0
    ومادة سلم دارت مع العلو الذي لا يعلى عليه، لذلك سمى العرب نوعًا من الشجر الشوكي بالسَّلم أو السلام؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يتسلقه ويعتليه، وشوك هذا الشجر يمسك بمن يمر من جانبه، فكيف بمن يريد تسلقه، ولذلك لما سمع أعرابي السلام عليه لأول مرة من أحد المسلمين بقوله "السلام عليكم" رد قائلا: "وعليكم الضحضاح" فاستغرب المسلم من هذا الرد فقال له: رميتني بشجرة شوك، فرميتك بشر منها؛ فلم يعرف معنى للسلام إلا اسم شجرة الشوك هذه0
    وتحية المسلم على المسلم "السلام عليكم" تعني طلبًا ودعوة له بالعلو الذي لا يعلو عليه أحد؛ لذلك لا تكون هذه التحية إلا بين المسلمين، ولا يجوز التحية بها على من لا يريد العلو على شياطين الإنس والجن من غير المسلمين0
    وقد سمي سليمان بهذا الاسم لأنه لم يعلُ عليه أحد من الإنس أو الجن أو الطير، فإذا كان الطير الذي يعلو في السماء ينـزل تحت أمره، ويكون جنديًا من جنوده، فكيف بباقي دواب الأرض ؟ هذا غير رفع الريح له في السماء 0 وانظر في رسالته إلى ملكة سبأ: (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) النمل0
    والإسلام هو الدين الذي يعلو فوق كل دين، وهكذا يجب أن يكون، وهكذا يجب على كل مسلم أن يعلو على كل شياطين الإنس والجن، ولا ينسى أن يخفض جناحه للمؤمنين فقد قال صلى الله عليه السلام "المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه"0
    أما تعريف الإسلام بأنه الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك، فهذا وصف يجب على كل مسلم أن يتصف به، وهو مبني على العلاقة بين المسلم وربه، ولكن هذا التعريف في الحقيقة لا علاقة له بتعريف الإسلام المبني على علو هذا الدين وعلو أهله على كل أهل الكفر من إنس أو جن، ولكن هذا العلو الذي ينشده المسلم لا ينشده لنفسه ولعلوه في الأرض، إنما ينشده من أجل الله، ومن أجل دينه، وأن يستمد ذلك من الله ليعطيه القوة على العلو على أهل الكفر بالقوة المادية أو بالحجة العقلية0
    وعلو الله فوق كل علو، لذلك جاء من أسمائه تعالى السلام0
    ومن أسماء الجنة السلام أيضًا لعلوها ولمكانة أهلها عند الله0
    والسَّلم هو ترك القتال، والرضا بالنـزول تحت ظل الخصم المحارب، وهذا ليس من خلق المسلمين وسياستهم، وهذا السَّلم غير الهدنة التي تعقد بين المسلمين وغيرهم 000

    ويقبل ذلك من غير المسلمين إذا قبلوا السَّلم، وتركوا الحرب، وقبلوا بالجزية، ودخلوا مع غيرهم من أهل الذمة0
    وقد حذر تعالى من عدم قبول من ألقى علينا السلام، وتحصن به، فنرد إسلامه عليه بأي علة، مستبيحين دمه وماله؛ لأنه بإسلامه يرفع عنه كل سيف سلط عليه من المسلمين0
    لقد أطنبنا في الحديث عن هذه المادة اللغوية لأمرين أولهما: لتوضيح هذه المادة لدى المسلمين الذين لا ينظرون إلى هذه المادة بهذا المنظار، وثانيهما: ليسهل بيان كيف يكون السُّلًّم في السماء0
    والسُّلم في الآية المخاطب بها رسول الله صلى الله عليه السلام هو الذي يرفعه ويوصله إلى أعالي السماء وفوقها ؛ ليأتيهم بآية، وما هو بقادر على فعل ذلك؛ لذا حذره تعالى في الآية أن يكون من الجاهلين، وبين تعالى أنه لو شاء جمعهم على الهدى، والآيات في الحقيقة بين أيدي الناس، وموضع نظرهم، وليس بعد السموات إلا فراغًا موحشًا خالٍ ليس فيه أكثر مما يعرفون مما لا يحمل ولا ينقل0
    فإذا كان خلق السموات والأرض، وتسخير ما فيهما، وكلمات الله المعجزة التي أنزلها على نبيه لم تهدهم إلى الإيمان بالله، فأي آية غير المشاهد المعلوم من آيات الله تهديهم وتقودهم إلى الله؟ وما الآيات وحدها تحقق الهدى دون إرادة المرء الاهتداء وطلب الهدى والسعي إليه0


+ الرد على الموضوع
صفحة 3 من 9 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 ... الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •