المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الباحثة وديعة عمراني
الشيخ الفاضل ابو مسلم العرابلي
أثابكم الله تعالى ،وزادكم من علمه وفضله
وانما حاولت بالأمثلة المعروضة ( عن السمع والبصر وغيرها .... الخ ) ، استوضاح لمعنى ( الرؤية والتفكر والتدبر ) ، فمثلا ( وفي أنفسكم افلا تنظرون ) فالنظر يشمل هنا النظر والتفقه العلمي في مكونات الجسم من خلايا ونظام وغيرها ، وذلك لم يمكن ان يكون كائنا لولا تقدم العلم .
فبالتالي : أظن ما نختلف فيه وحوله هو مفهوم ( الرؤية ) كما جاء ذكرها في القرآن الكريم ، سواء بمعنى المرور او التفكر او التدبر .
وطالما هذا الاختلاف موجود في هذا المفهوم ، ستبقى كل المفاهيم الأخرى عالقة ؟ بالنسبة لي .
فعني : فاني أؤمن ان الرؤيا المقصودة في القرآن الكريم ( هنا ) تشمل أيضا الرؤية العلمية ، وفضيلتكم تقولون بالرأي الاخر ،بانها تشمل فقط ما وصل اليه بصرنا أونظرنا او ما مررنا عليه من آيات في حدود رؤيتنا .
هذا هو الاختلاف في الراي المطروح حاليا
ونسال الله ان يوفقنا لحسن التفكر والتدبر والله المستعان
أختي الكريمة
قولك : عندما يقول الحق تعالى ما معناه ( وفي أنفسكم افلا تنظرون )
لا يوجد في القرآن هذا القول ،
ما يوجد في القرآن هو : (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) سورة الذاريات،
ولكل واحدة مدلولها كما بينت من قبل .. ولا يحل واحدة مكان الأخرى ويبقى له المعنى نفسه
فلا يمكن أن يكون مرتبة آيات الله الرؤية الدالة على العلم فقط، دون بلوغ مرتبة الإبصار واليقين،
وأعيد ذكر الآية في اجتماع المراتب الثلاث فيه؛
قال تعالى: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) الأعراف.
فسمى تعالى توجه الأصنام بعيونها إلى من يقف أمامها (نظر)، وليس فيه إبصار (ينظرون إليك)
وسمى رؤيتها بهذا الحال رؤية أدت علمًا لكنه غير صحيح، (وتراهم)،
بنفي الإبصار (وهم لا يبصرون)،
والرؤيا في المنام تؤدي علمًا لكن عند تحققها تصبح يقينًا
فرؤيا يوسف عليه السلام في سجود سبعة عشر كوكبًا والشمس والقمر له؛ أدى تأويلها علمًا، إلى أن تحقق هذا العلم بعد زمن طويل؛ فصار ما رآه يقينًا. ومثلها رؤيا ملك مصر في نفس السورة
ولعلك قصدت قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت،
وأصبح بعض ما أرانا الله تعالى في أنفسنا حقيقة ويقينًا بعد هذا التقدم العلمي
وبقي الكثير مما لا نعرفه ..
ففي أنفسنا آيات نعرفها من قبل؛ كالسمع والبصر والشم والذوق والنطق , .. وهي يقينية
وبعضها عرفناه حديثًا؛ كعملية الهضم للطعام وامتصاصه، وعملية التنفس، والعلاج وطرح الفضلات ,...... فاصبحت يقينية
وشيء لن نعرفه حتى يطلعنا الله تعالى عليه وعند ذلك يصبح يقينيًا، وسيظل تحت شمولية قوله تعالى (سنريهم) .
اللسان الذي نزل به القرآن هو الأفصح وهو الشاهد على صحة الاستعمال في اللغة.
وتحديد استعمالات الجذور والأفعال والأسماء يعتمد على دراسة استعمالها في القرآن أولاً، وفي اللغة في القواميس ثانيًا.
ولا أعلم أن الرؤية تفيد المرور ولا التدبر والا التفكير
الرؤية تفيد العلم ورؤية الإنسان في أمر ما؛ علمه بهذه الشيء أو المسألة، وهي قابلة للصحة وقابلة للنقض، وقد ينشأ العلم بالنظر والرؤية مباشرة وقد يكون عن التدبر والتفكير.
والرؤية العلمية هي العلم الذي نشأ عن طريق الأساليب والوسائل والأدوات المستعملة في العلم.
وكما قلت فإن الاختلاف إذا نشأ عن اختلاف المنهج في البحث، وتحديد مفاهيم الأشياء .. فالالتقاء عند ذلك يكون صعبًا ولو تم الاتفاق في أمور سيكون الاختلاف في غيرها
قبل أيام في اتحاد الكتاب ذكر أن تعريفات الثقافة أكثر من 260 تعريفًا وذلك لاختلاف المناهل والمناهج
وهذا ينشر تمييع المفاهيم وعدم الالتزام بثوابت معينة، فتتدخل الأهواء والقدرات وأصول التعليم والتغريب.
وكل ما نتمناه لك يا أختنا وديعه عمراني هو التوفيق والدعاء لك وللجميع بالسير على الطريق الذي يوافق الحق ويرضي الله عز وجل ولا ننسى أنفسنا في هذا الدعاء .
المفضلات