آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الشيطان .... ذلك المعلِّق المعلَّق

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    الشيطان .... ذلك المعلِّق المعلَّق

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    لماذا سمي الشيطان بهذا الاسم ؟
    بينا في موضوعنا السابق "إبليس ... يا أيها الواقف المتحير" لماذا سمي إبليس بهذا الاسم .. وكانت تسميته من وقوفه متحيرًا؛ يدفعه إلى السجود الخوف من عواقب عدم السجود؛ وتنفيذ أمر الله، ويمنعه من السجود تفضيله لنفسه على آدم، واستكباره عليه ... وانتهى أمر السجود .. وأدان إبليس نفسه ... وكان ما كان لإبليس من اللعن والطرد.
    واليوم نبين إن شاء الله تعالى لماذا سمي إبليس بعد ذلك بالشيطان؟
    الشيطان من مادة "شطن" وقيل من مادة شوط وليس بقوي.
    ومفتاح فهم استعمال هذه المادة هو في فقه اللغة:
    الشطن وهو الحبل الثاني للدلو وللفرس المربوط بحبلين...وكل واحد منها شطن للآخر0
    والشطون من الآبار: هي التي تكون بعيدة القعر، متسعة من الأعلى، وضيقة من الأسفل،
    والدلو ينـزع بحبلين من جانبيها، فإذا نزع الدلو بحبل واحد انجر على طي البئر فتخرق.
    والْمُشاطن: الذي ينزع الدلو بحبلين لئلا يضرب طي البئر فيتخرق.
    وفرس مربوط بشطنين: مربوط بحبلين واحد من كل جانب ؛ لتثبيته في مكانه.
    وتصنع الأشطان من حبال قوية، شديدة الفتل، لأنها تكون طويلة، والدلال كبيرة وثقيلة.
    وقيل للبئر بعيد القعر في عوج: بئر شطون لأن دلوه لا ينـزع إلا بشطنين.
    وسمي كل حبل قوي الفتل طويل: شطن ؛ على التوسع.
    ولما دل الشطن على بعد قعر البئر، ومن استعماله لإبعاد الدلو عن طي البئر وحوافه؛
    قالوا: هوىً شطون. ونوىُ شطون0 أي بعيد، وشطن عنه: بعد .
    وسمي كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب : شيطان؛
    الشيطان جاءت تسمية من البعد والإبعاد.
    عمل الشيطان هو إبعاد بني آدم عن الله عز وجل.
    وعن الاعتماد على الله عز وجل.
    فمن يبعده الشيطان عن الله لن يجد له بعد الله ما يعتمد عليه،
    فيبقى معلقًا لا يعتمد على شيء ..
    فإن نجح ذلك الشقي في ذلك، فقد حقق هدفه واتصف بلقب الشيطان.
    ولما كان هذا العمل يقوم به الإنس والجن ...
    فكل من يبعد الناس عن الله ودينه وشرعه فهو شيطان.
    وكل من يبعد الناس عن الله هو مبعد بنفسه عن الله قبل فعله بغيره.
    إلا أن تسميته بالشيطان جاءت من فعله بغيره، وليس من فعله بنفسه، وإن كان الارتباط بينهما شديد.
    فالله عز وجل حذرنا في آيات كثيرة من الشيطان بسبب قيامه بإبعاد الناس عن الله.
    أنظر إلى قوله تعالى: (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) طه.
    هذا القول من الله تعالى لآدم كان بعد طرد إبليس من الجنة.
    وقبل أن يغوي آدم ويخرجه من الجنة،
    والقرآن يراعي سبب التسمية،
    لذلك لم يسمه بإبليس لأن موقف المتحير الذي وقف إبليس قد انتهى،
    ولم يسمه بالشيطان لأنه لم يكن منه إغواء لآدم بعد، وإخراجه من الجنة،
    فجاءت الإشارة إليه بـ "هذا" وهو اسم إشارة يدل على الذات دون الصفات.
    وبعد غوايته لآدم، وجعله يعصي الله، ويخرجه عن الجنة، سماه الله تعالى بالشيطان.
    قال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) الأعراف.
    فسماه تعالى بالشيطان مرتين، شيطان في وسوسته، وشيطان في عداوته، ونجاح غوايته،
    وأصبح اسم الشيطان علم يدل عليه،
    واسمه باق له ما بقي عمله في إبعاد الناس عن الله ورحمته،
    وعمله باق ما بقيت الحياة الدنيا قائمة لم تنته بعد.
    فهل يستمر هذا الاسم للشيطان في الآخرة؟
    وهل تبقى صفته فيه يوم القيامة؟
    صفة الشيطان تنتهي بنهاية الدنيا، ولا عمل لهم في الآخرة بإغواء الناس،
    فالآخرة دار حساب، وليست دار عمل.
    ولم يسم الشيطان باسمه في الآخرة إلا في آية واحدة، لما قضي الأمر، متبرئًا من إجباره لهم على الكفر والشرك.
    قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) إبراهيم،
    والمراد بقوله تعالى: "وقال الشيطان" أي قال الذي أغواهم وأبعدهم عن الله ورحمته، فهذا عمل سابق له، وليس من عمله يومئذ، وما كان منه في مخاطبة أهل النار في الآية ما يدل على ذلك.
    الشيطان طرد من الجنة وأبعد عنها بلا عودة،
    وهو مبعد عن رحمة الله،
    فهو مُبعَد مُبعِد،
    فكان معلَّقًا ومعلِّقًا،
    لا يجد بعد الله من ولي يلجأ إليه ويعتمد عليه.
    وفي تعلق الجن في السماء وحصر أنفسهم في مواضع منها
    قال تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) الملك.
    والسابح في الماء ومحصور فيه كالمعلق في الهواء،
    فسمى الله تعالى من يغوص من الجن في الماء إلى أعماق البحار بالشياطين؛
    قال تعالى: (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) الأنبياء.
    ولما كان البنَّاء معلقًا ومنحصرًا في المكان الذي يقف عليه،
    كانحصار الفرس المربوط بشطنين في مربطه؛
    فسمى الله تعالى الجن الذين يعملون في البناء بالشياطين؛
    قال تعالى: (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ (37) ص.
    ولما كان طلع الشجر يكون معلق بشجره، متدلي منه، ومحصورًا في موضعه،
    جاء تشبيه ثمر الزقوم برؤوس الشياطين؛
    وقال تعالى: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) الصافات.
    وسمى تعالى رؤوس الكفر من أهل الكتاب الذين يصدون أتباعهم عن الإسلام بالشياطين؛
    قال تعالى: (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ (14) البقرة..
    هذا هو الحال الذي عليه الشيطان، وكان سببًا في تسميته،
    ومطلوب منها أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. ليحمينا الله عز وجل من أفعاله ... لا أن نلعنه، لأنه هو ملعون؛ أي مطرود من رحمة الله منذ اليوم الذي عصى الله فيه، ولم ينفذ أمره بالسجود لآدم، فتوعده الله بالنار ... وجعلها مصيره في الآخرة.

    أرجو لزيادة المنفعة قراءة سبب تسمية إبليس بإبليس

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 17/09/2017 الساعة 11:52 AM

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •