آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مثل واحد تمثلت به ست من نساء العرب لوصف جمالهن في شبابهن

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية عيسى حسن الجراجرة
    تاريخ التسجيل
    03/10/2009
    المشاركات
    48
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي مثل واحد تمثلت به ست من نساء العرب لوصف جمالهن في شبابهن

    دراسات في جمال المرأة العربية وحسنها في التراث العربي وأدبيات الأمثال:
    مثل واحد تمثلت به ست من شهيرات نساء العرب
    لوصـــــــــف جمـــــــــــالهن أيام الصبا والشــــــــــــباب
    بقلم: عيسى الجراجرة/ مستشار وزير الثقافة والإعلام (س)
    * * ((1)) * *
    ** ((المثل هو: أحسن من النار)) **
    أما المثل، فهو قولهم في الأمثال: لوصف المرأة بالجمال والبهاء في صباها وشبابها، ((أحسن من النار)) لاعتقادهم أنّ ((الحُسْنَ)) في الحُمرة من الألوان، مع البياض دون الصفرة، أو غيرها من الألوان، والنار حمراء. ومن هنا جاء قولهم الآخر في أمثالهم إذا خَضَّبتْ المرأة يديها، وصَبَّغَتْ ثوبها: ((الحُسن أحمر)). يريدون: ((الحُسْن في الحمرة)). وخاصة الحمرة المشربة بالبياض، أو البياض المشرب بالحمرة. ولهذا تُسمّي العرب الموالي والأعاجم من الفرس والروم: ((الحُمْر))، لغلبة البياض المشرب بالحمرة على ألوانهم، وفي الحديث: ((بعثت إلى الأسود والأحمر))، والأحمر الأبيض المشرب بالحمرة، والجمال برأي العرب فيه.(مطلع الفوائد لابن نباته المصري 39).
    ولهذا السبب كذلك كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لجمالها بسبب غلبة البياض المشرب بالحمرة على لونها تُسمى ((الحُمَيْراء)). (مجمع الأمثال للميداني193)، وفي الحديث: ((خذوا شطر دينكم من الحميراء)) أي البيضاء، وحميراء تصغير حمراء، (التاج).
    وقيل: إن معنى الحسن أحمر: أي: ((إن الحسن يحتمل في طلبه المشقة، ويصبر على الشدائد، تماماً كما يصبر ويحتمل صاحب الحرب من الحرب))، وهو من قولهم: ((موت أحمر)) أي شديد. والأصل أن تكون الدماء قد جرت بسببه، ثمَّ استعمل التعبير في كلِّ أمر شديد، وإن لم يجرِ فيه دم. ومنه قولهم في المأثور: ((كنا إذا احمَّ البأس، اتقينا برسول الله (ص)، أي اشتدَّ البأس. ومعنى المثل: ((من طلب الجمال احتمل من أجله المشقة والشدائد)).
    وإلى بعض هذه المعاني أشار الشاعر بشار بن برد (فصل المقال للبكري 344)، عندما قال:
    وإذا خَرَجَتِ تَقَنَّعِي بالحمْرِ إنَّ الحُسْنَ أَحْمَرْ
    وخُذي ملابس زينَةٍ ومَصْبّغاتٍ فَهْيَ أَشْهَر
    ,أما قول الشاعر الآخر (جمهرة العسكري1/296):
    هِجَانٌ عَلَتْها حُمْرَةٌ في بياضها تَرُوقُ به العَيْنَين والحُسْنُ أَحْمَرُ
    فإنه يعني أن الحُسْن في حُمرة اللون مع البياض، دون الصُفرة وغيرها من الألوان.
    ومنه قول الشاعر الآخر:
    ((فادخلي في الحُمر إنَّ الحُسن أحمَر)).
    وبهذا المعنى فسر المفسرون قوله تعالى:{ فَخَرج على قَوْمِهِ في زينَتِهِ}،(القصص79) أي أنه: قد خرج إلى الناس في ثياب حمر.
    ومنه قول الشاعر الآخر كذلك، (مطلع الفوائد لابن نباته المصري 124):
    وقد خنقتها عبرة، فكأنها على خدها حُمْرٌ وفي نحرها صُفْرُ
    فإنما المراد هنا الطيب، فإن الدمع قد صُبغ به، فصار أصفر، كما أن خدَّها صَبَغَتْهُ بِحُمْرتِهِ.
    وقريب من هذا المعنى قول ذي الرمة، (مطلع الفوائد لابن نباته المصري 122):
    كحلاء في برج صفراء في لعج كأنها فضة قد مسَّها ذهب
    * * (( 2)) * *
    ** ((من أول من نطق بالمثل )) **
    وهنا يثور سؤال: ((من أول من نطق بهذا المثل؟؟)).
    وللإجابة على هذا السؤال، نشير إلى أن أغلب كتب الأدب والأمثال والمعاجم العربية، وقبل أن تُورد هذا المثل: ((أحسن من النار))، فإنها تشير إلى قائله الأول، بالقول: ((قالت أعرابية)). ثم تورد بعد ذلك قول بنت الخسّ في نفسها، وفي إبنتها. وكأن هذه الكتب تريد أن تشير أو توحي على الأقل، بأن أول من نطق بهذا المثل، هي: ((بنت الخسِّ الإيادية)) (تمثال الأمثال 135-138).
    ولا يجوز لنا أخذ كلام صاحب المستقصي (1/67) على عواهنه، حيث يقول: ((إن هذا المثل من (قول الأعرابية)، ذلك لأن هذا الكلام يحتمل أكثر من وجه. فمن الممكن أن تكون الأعرابية التي أشار إليها صاحب المستقصي، هي: ((بنت الخسّ))، أو مَيَّة، أو عزة، أو خولة. وأما سكينة وعائشة فلا يطلق على أيَّ واحدة منهما، مثل هذا الوصف، أي الوصف: ((بأنها أعرابية)).
    ولكن المعروف أنه قد نطق بهذا الكلام الجميل،وهذا المثل المعبر ، بعد بنت الخسِّ الإيادية، وتمثل به من بعدها خمس من شهيرات جميلات نساء العرب. وسوف نعرض لحكاية كلُّ واحدة منهن، وما قالت وهي تتمثل بالمثل نفسه لوصف جمالها وبهائها أيام شبابها، ثم نقدمهن واحدة تلو الأخرى.
    * * (( 3)) * *
    ** ((هند بنت الخُسِّ الإيادية )) **
    أما أولى النساء التي تمثلت بهذا المثل: ((أحسن من النار)) لوصف جمالها، وبهائها أيام شبابها، فهي: ((هند بنت الخسُّ الإيادية)). وكانت ذات فصاحة وأجوبة عجيبة. ولها أقوال منثورة في أمالي القالي، والحيوان والبيان والتبيين، وبلاغات النساء، ومحاضرات الأدباء. ويقال في إسمها: ((بنت الخُسّ))، ((وبنت الخصُّ))، ((وبنت الخسف)). وقيل: ((لا يقال إلا بنت الأخسِّ)). وتوصف في كتب الأدب والأمثال والمعاجم بأنها: ((الأعرابية)) (البيان والتبيين 1/313-الحيوان5/94)
    ويذكرون أنها قالت لوصف جمالها وبهائها وصباها أيام شبابها: (( كنت في شبابي أحسن من النار الموقدة، في ليلة القرّ)) ذلك أن النار تكون في ((ليلة القرّ)) أي الليلة الشتوية الباردة، أحسن في العيون، وأحبُّ إلى النفوس لإشاعتها الدفء والحرارة في أوصال الناس وجوانحهم. وقيل أنها قالت: ((كنت احسن من الصلاء)).وهي النار التي يصطلي بها الناس طلباً للدفء في ليل الشتاء البارد)).
    ثم حُكِيَ عن ابنة الخسُّ أنها قالت في وصف جمال ابنتها: ((هي أحسن من النار في عين المقرور، وأصدق من قطاة، وأصلب من حصاة))(المستقصي1/67)
    * * ((4)) * *
    ** ((سكينة بنت الحسين)) **
    أما الثانية من النساء التي تمثلت بهذا المثل: ((أحسن من النار))، لوصف جمالها وبهاء حسنها، وروعة صباها، أيام شبابها، فهي: ((سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب))(المتوفاة عام117هـ/735م): سيدة نساء عصرها، شرفاً وكرماً وجمالاً. وفي يوم منتداها كان يأتيها الشعراء، فتفاضل بينهم وتجيزهم. وكانت تصفف شعرها تصفيفاً بديعاً، لم يُرَ أحسن منه روعة وجمالاً، حتى سُميَ إبداعها في تصفيف شعرها وتمشيطه وتجميل نفسها بـ ((الطرَّة السكينية)) نسبة إليها. وقيل أنّ اسمها آمنة، وقيل أمينة، وقيل أميمة. وسكينة، لقب لقبتها بها أمها الرباب ابنة امرئ القيس بن عدي (تمثال الأمثال،وفيات الأعيان2/394- أعلام الزركلي3/161، وعمر رضا كحالة في أعلام النساء 2/202).
    وقد قيل: أن سكينة قد قالت هذا المثل المعبر وتمثلت به لوصف حالها وجمالها البهي يوم تزوجت من مصعب بن الزبير بن العوام رضى الله عنه حيث قالت: ((دخلت على مُصعب وأنا أحسن من النار الموقدة ليلة القرَّة)).وكان مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله قد تزوج سكينة بعد وفاة ابن عمها، وأبي عذرتها (أي الذي تزوجها بكراً) عبد الله بن الحسن بن أبي طالب.
    ويذكر أنَّ مصعب من أبرز الولاة والقادة الأبطال في صدر الإسلام، وكان عضد أخيه عبد الله بن الزبير الأقوى في تثبيت ملكه وخلافته في الحجاز والعراق، عندما أعلن نفسه خليفة المسلمين بعد موت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. وقد تغلب مصعب على كل الجيوش التي أرسلها فيما بعد الخليفة عبد الملك بن مروان إلى العراق لقتاله، حتى اضطر عبد الملك بسبب ذلك أن يخرج لقتاله بنفسه، وقد انتصر عبد الملك عليه في معركة دير الجاثليق على شاطئ دجيل من أرض مسكن في العراق عام 71هـ (أعلام الزركلي 7/247).

    * * ((5)) * *
    ** ((عائشة بنت طلحة)) **
    وكانت الثالثة التي تمثلت بهذا المثل لوصف جمالها، وبهائها أيام شبابها، هي: ((عائشة بنت طلحة بن عبيد الله)) من بني تميم بن مُرّة (المتوفاة عام 101هـ/719م). وكانت أديبة عالمة بأخبار العرب وأسماء النجوم. كما كانت أشبه الناس بخالتها أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق.(الأغاني 10/54، 11/176، أعلام النساء لعمر رضا كحالة 3/137).
    ويُرْوَى أنَّ أبا هريرة قال: لعائشة بنت طلحة رضي الله عنهم جميعاً: ((ما رأيت شيئاً أحسن منك، إلا معاوية أول يوم خطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم))، فقالت: ((أنا والله أحسنُ من النار في الليلة القرَّةِ في عين المقرور))(تمثال الأمثال 135-138).
    وفي رواية أخرى: كانت عائشة قد غاضبت زوجها الأول وأبا عذرتها طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر، حيث تركت بيته، فمرت بالمسجد، وهي في طريقها للإقامة عند خالتها: عائشة رضي الله عنها في حجرتها. فرآها أبو هريرة رضي الله عنه، فسبّح وقال: ((كأنها من الحور العين)) (المردفات من قريش/ نوادر المخطوطات 1/77).
    * * ((6)) * *
    ** ((مَيَّة بنت طلَبَة المِنْقَريّة)) **
    وكانت الرابعة، التي تمثلت بهذا المثل لتصف جمالها وبهائها أيام شبابها، هي: ((مَيَّة بنت طَلَبة بن قيس بن عاصم المِنْقَريَّةُ (المتوفاة نحو عام: 150هـ نحو767). وكانت من أجمل نساء زمانها، حتى وصفها الإنطاكي صاحب: كتاب تزيين الأسواق، فقال: ((إن في كلام ميَّة عذوبة، وفي طرفها تغزل)). كما كانت شاعرة من شواعر العرب.
    وكان لذي الرُمَّة الشاعر أشعار كثيرة فيها، وأخبار عديدة معها. ومنها خبر بدايات تعلقه بحبها، يوم رآها صدفة في بيت أهلها عندما عرج عليهم ليستسقي ماء للشرب لمن معه، فأعجب بها وأعجبت به إلى حدِّ الذهول عن الماء المسفوح بعد أن امتلأت شكوته بالماء، ولم ينتبيهان لضياع الماء، إلا عندما جاءت أمُّ ميَّة فقالت له: يا بني ألهتك مي عمَّا بعثك أهلك له، أما ترى الماء يسفح يميناً وشمالاً. فقال ذو الرمَّة للعجوز: ((أما والله ليطولن هيامي بها)). ومكث يهيم بها في ديارها عشرين سنة. (أعلام الزركلي 8/302، وعمر رضا كحالة، أعلام النساء 5/131).
    وأما مَيّة، فيروى أنّ محمد بن الحجاج الأسيدي من بني أُسيد بن عمرو بن تميم قال: ((مررت على مَيَّة وقد أسنَّت فوقفت عليها، وأنا يومئذ شاب، قلت: يا ميَّة ما أرى ذا الرمة إلا قد ضيَّع فيك قوله، (كحالة، أعلام النساء 5/133):
    وما أنت عن ذكراك مَيَّة مُقصِرٌ ولا أنت ناسي العهد منها فتذكر
    تهيم بها ما تستفيق ودونهــا حجابٌ وأبوابٌ وستر مُسَــتَّرُ
    قال: فضحكت ثم قالت: ((لقد رأيتني يا ابن أخي وقد ولى جمالي، وذهب بهاء محاسني، ويرحم الله غيلان، فلقد قال هذا: ((وأنا والله، يومذاك أحسن من النار الموقدة في الليلة القرّة في عين المقرور)).
    والشاعر ذو الرِمَّة، هو: ((غيلان بن عقبة بن بُهَيش وقيل (نهيس) بن مسعود العدوي، من مُضر، أبو الحارث، الملقب بذي الرمة (77-117هـ/696-735م): شاعر من فحول الطبقة الثانية في عصره، امتاز بإجادة التشبيه. عشق ((ميَّة)) بنت مقاتل المنقرية واشتهر بها، فكان يقال: ((صاحب ميًّة))، كما كان يقال: ((ميًّة ذي الرِّمة)). (الشعر والشعراء 437، ووفيات الأعيان 4/11)
    * * ((7)) * *
    ** ((عَزَّة بنت حُمَيل صاحبة كُثَيْر الشاعر)) **
    وكانت المرأة الخامسة التي تمثلت بهذا المثل، هي: ((عَزَّة بنت حُمَيْل (بضم الحاء المهملة) بن حفص من بني حاجب بن غِفار، وأبو حُمَيْل، هو أبو بصرة الغِفاريُّ المحدث (المتوفى 85هـ/704م): صاحبة الأخبار مع كُثَيِّر الشاعر)). كانت غزيرة الأدب، ماتت بمصر أيام عبد العزيز بن مروان. (سمط الآلئ698، الزركلي، أعلام5/22، مقدمة ديوان كُثَيّر 20).
    وأما عَزّةُ فَيُروى أنَّها دخلت على عبد الملك بن مروان وقد عَجُزَت. فقال لها: ((أنت عزة كثير؟))، فقالت: ((أنا عزة بنت حُمَيل)). فقال: ((أنت الذي يقول لك كثير:
    لعزة نار ما تبوخ كأنها إذا ما رمقناها من البعد كوكبُ
    فقالت: ((نعم)). فقال لها: ((فما أعجبه منك؟؟))، قالت: كلا يا أمير المؤمنين، ((فوالله لقد كنت في عهده ذلك: ((أحسن من النار في الليلة القرَّة)). وقيل أنها قالت: ((كنت في وقته ذاك كالنار الموقدة في الليلة القرَّة)).وقيل: أنها قالت له: ((أعجبه مني ما أعجب الناس منك حتى صيَّروك خليفة)). وكان لعبد الملك سنٌّ سوداء تالفة يخفيها. فضحك من كلامها حتى بدت تلك السن السوداء الخربة. فقالت له: ((هذا الذي أردت له أن يظهر (أي السن) فيبدو قبحه)).(تجريد الأغاني لابن واصل 1113)
    وصاحب عزَّة كُثَيِّر هو: كُثَيِّر بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي (المتوفى سنة 105هـ-723م) شاعر متيم مشهور. وهو من فحول الشعراء، وجعله ابن سلام في الطبقة الأولي منهم. وقرن به الفرزدق وجريراً والأخطل والراعي. وكان غالياً في تشيعه، ومع ذلك كان جليل المكانة عند آل مروان في دولة بني أمية (تجريد الأغاني لابن واصل1008، تمثال الأمثال 135-138)
    * * ((8)) * *
    ** ((خَولة بنت منظور الفَزاريةُ)) **
    وكانت المرأة السادسة التي تمثلت بهذا المثل، لتصف نفسها وجمالها أيام شبابها هي: ((خولة بنت منظور بن زَبَّان بن سيّار بن عمرو الفَزّاري الذُيباني الغَطَفاني، وأمها مُليكة بنت سِنان ابن أبي حارثة المري، وأخواها: هاشم وعبد الجبّار،تزوجت من الحسن بن علي عليه السلام،وكانت رائعة الحسن والجمال، فصيحة اللسان)). (الأغاني11/193، 12/193، 21/287).
    وأما خولة ، فَرُوي أنها قالت لمعبد، وقد غنّاها بشعر فيها: ((أنا والله يومئذ أحسن من النار الموقدة)).
    أما معبد المغني فهو: ((معبد بن وهب، أبو عباد المدني (المتوفى126هـ/ 743م): نابغة الغناء العربي في العصر الأموي، كان أديباً فصيحاً)). (تجريد الأغاني25، الزركلي، الأعلام8/177)
    * * ((9)) * *
    ** ((تشبيه المرأة بالنار وبشعلة النار)) **
    والملاحظ أن غالب كلام هؤلاء النسوة، إنما هو في تخصيص التشبيه بالنار في الليلة القرة، لوصف الواحدة منهن نفسها بالجمال الفائق، وبهاء الشباب الرائق.
    وقد جاء كذلك تشبيه الجارية الحسناء بالنار فقط، من غير تخصيص، فيقال: ((كأنها النار)). وقد جاء مثل ذلك في شعر لرجل من بني سعد، حيث قال (أمالي القالي1/284):
    وشعثاء غبراءِ الفروع منيفة بها تُوصفُ الحسناءُ أو هي أجمل
    دعوتْ بنا أبناء ليل كأنهم وقد أبصروها مُعْطشون فأنهلـوا
    يصف هذا الشاعر شعلة النار، وقد جعلها (أي النار) شعثاء لتفرق لهبها، وغبراء الفروع لدخانها، والمنيفة: المرتفعة، يريد أنها على جبل أو في مكان عالٍ. وذلك ليقول أن هذه هي النار ذات البهاء والرواء والجمال، التي تُرى عن بعد، والتي تُشَبّهُ بها المرأة الجميلة ذات البهاء والجمال. ولكن الشاعر يستدرك ليقول: وقد تكون الحسناء أجمل من النار وأكثر بهاء ورواء.
    وقد يستعمل الشاعر الألغاز في تشبيه المرأة الحسناء بالنار، كقول ذلك الشاعر (تمثال الأمثال138):
    ومشبوبة لا يُقْبِسُ الجارَ ربُّها ولا طارقُ الظلماء منها يؤَنَّسُ
    متى ما يَزُرْها زائرٌ يُلْفِ عندها عقيلة داريّ من العُجم تُفْرَسُ
    وتُفْرَس: تُشقُّ، فتفوح أي لا تعدو أن يكون عندها طيب.
    يعني: أنَّها امرأة جميلة، وقد شبهها بنار مشبوبة بسبب من حُسْنِها وجمالها الفتان. وفي هذا المعنى قال العجاج (ديوانه 1/47):
    *ومن قريش كل مشبوبِ أَعزّ*
    ثم ألْغَزَ الشاعر رغبة منه في الإبهام والتورية، فقال: لا يُقْبسُ الجارَ ربُّها، (يعني بربها: زوجها)، أي لا يبديها حتى يراها غيره، فيقبس من حسنها. والعقيلة: الخيار من كلّ شئ، أراد مسكاً أو طيباً نسبه إلى دارين. ودارين: فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند، والنسبة إليها داريّ.
    وقال الفرزدق في هذا المعنى (معجم البلدان 2/432):
    كأن تريكة من ماء مُزْن وداري الذكي من المدام
    وفي المعنى نفسه، وزاد عليه أن جعل النار في جمالها وبهائها، وكأنها ضرة للمرأة الجميلة، قال الحسن بن وهب (أمالي القالي1/217):
    بأبي كرهت النــار لما أوُقدتْ فعلمت ما معناك في إبعادها
    هي ضرَّةٌ لك بالتمــاع ضيائها وبحسن صورتها لدى إيقادها
    وأرى صنيعك بالقلوب صنيعهـا وضيائها وصلاحها وفسادها
    السيال: شجر سَبْط الأغصان عليه شوك أبيض أصوله مثل ثنايا العذارى. والأراك: واحدته أراكة، شجر السّواك. وهو أفضل ما استيك بفروعه وعروقه من الشجر، وأطيب ما رعته الماشية رائحة لبن. والعراد والعَرَادة: حشيش طيب الريح. والعرادة البادية. وهي صلبة العود منتشرة الأغصان لا رائحة لها، قال: والذي أراد الليث بالعرادة هنا فيما أحْسَبُ وهي بَهارُ البرّ.
    أخوكم الكاتب والصحفي (صاحب الرؤيا)…
    عيسـى حسن الجراجرة \ مستشار وزير الثقافة والإعلام ( س )
    الأردن \ عمان \ ص0ب 17112- ضاحية الحسـين للإسكان
    فاكس: 856913 \ هاتف: 5537275خلوي0777400609





















    المراجع والمصادر:
    ** ملاحظة مسبقة: جرت الإشارة إلى هذه المراجع والمصادر، وتمَّ ذكرها في طيّات هذا المقال. ولذلك يمكنكم (إذا رأيتم ذلك مناسباً)، حذف هذه القائمة من هنا في نهاية المقال، والاكتفاء بذكرها هناك في طيات المقال نفسه… وفيما يلي أهم هذه المصادر والمراجع:
    -الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني. بيروت، دار الثقافة، 1955.
    -تجريد الأغاني.لابن واصل الحموي.تحقيق:د.طه حسين، وآخر.القاهرة، مطبعة مصر،1374 هـ /1955م.
    -جمهرة الأمثال. للعسكري.تحقيق عبد الحميد قطامش وآخر.القاهرة،المؤسسة العربية الحديثة، 1964
    -المستقصى في أمثال العرب. تأليف جاد الله الزمخشري. (بيروت، دار الكتب العلمية، 1987).
    -معجم مجمع الأمثال للميداني. صنفه تحقيقاً وترتيباً الدكتور قصي الحسين. (طرابلس/لبنان، دار الشمال، 1990م).(كما جرى الاستعانة بنسخة من مجمع الأمثال طبعة القاهرة، مطبعة السنة المحمدية، 1955م).
    -وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان. لابن خلكان، تحقيق: إحسان عباس. بيروت، دار صادر، 1968.
    فصل المقال في شرح كتاب الأمثال للبكري. تحقيق إحسان عباس وآخر. بيروت، مؤسسة الرسالة،1971م.
    البيان والتبين. تأليف: عمرو بن بحر الجاحظ. تحقيق عبد السلام هارون، عام 1948. بيروت، دار الجيل، (د.ت)
    الحيوان. تأليف: عمرو بن بحر، الجاحظ. تحقيق: عبد السلام هارون. (بيروت، دار الجيل، 1988م).
    أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام. تأليف: عمر رضا كحالة. بيروت، مؤسسة الرسالة، 1959م)
    المردفات من قريش. تأليف: علي بن محمد المدائني. ضمن كتاب: ((نوادر المخطوطات)) تحقيق عبد السلام هارون. (بيروت، دار الجيل، 1991م)
    الشعر والشعراء. تأليف: أبو محمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري. (القاهرة، الحلبي، 1370هـ)
    سمط اللآليء في شرح أمالي القالي. تأليف: الوزير أبو عبيد، عبد الله البكري الأونبي. تحقيق: عبد العزيز الميمني. بيروت، دار الحديث، 1984م.
    أمالي القالي. (القاهرة، طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية، عام 1344هـ)
    ديوان العجاج، طبعة القاهرة، وطبعه ليبسك عام 1902م، عن مراجع نوادر المخطوطات.
    معجم البلدان. تأليف: ياقوت الحموي. طبعة ليبزيغ (ليبسك):ألمانيا،1866.(بيروت، دار صادر، (د.ت).
    تمثال الأمثال. محمد بن علي العبدري الشيبي. تحقيق: د. أسعد ذبيان. بيروت، دار المسيرة، 1982م.


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية هيام ضمره
    تاريخ التسجيل
    26/07/2009
    المشاركات
    377
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: مثل واحد تمثلت به ست من نساء العرب لوصف جمالهن في شبابهن

    جهد طيب يا ابن العم الفاضل
    ما شد العيون شيء بقدر حسن النساء وجمالهن وجاذبيتهن وألق شخصياتهن
    فلم يكن الجمال يوصف فقط لجمال الشكل وإنما كانت تدخل في تكويناته جمال الروح والمنطق والصوت والمبسم وقوة الشخصية وما تملكه من ابداعات وقدرة على خلق أجواء رائعة
    فما نفع جمال جامد ينطفئ الانبهار به بعد هوينات، فالانبهار يذوي ويبقى جمال الروح والشخصية
    فالجمال نسبي بين فرد وآخر ولولا ذلك ما تقاربت القلوب لكل هذا البشر المتنوع
    وهو أيضاً نسبي بين زمن وآخر فما تراه العين من محددات الجمال لهذا الزمن لن تكون نفسها بعد عشرين عاماً.. مثلما لم تكن نفسها قبل عشرين عاماً كذلك
    وهناك جمال آيل للخراب سريعاً وفي عمر مبكر فتذوي الملامح وترسم غضونها بشكل مشوه وتذهب زهوة البشرة وضياؤها.. فيما هناك جمال قد تظل صاحبته تحمل ملامحه وضياؤه وإشراقة إلى مرحلة متقدمة من العمر فتظل العيون تقرأه واضحاً بشكل ملفت
    وتختلف مواطن الجمال في المرأة فهناك من يراه في عينيها كشكلهما أو لونهما أو سعتهما
    وهناك من يراه في شعرها من ناحية طوله أو لونه أو طبيعته أو كثافته أو انحساره عن الجبين أو في ضيق الجبين
    وهناك من يرى الجمال في مبسم المرأة وانسيابية تحرك الشفاه خلال الحديث
    وهناك من يعشق صدى صوتها ونبرته وترنيمة عزفه على طبلة أذنه
    وهناك من يرى بالطول الفارع جمالاً انثويا كما هناك من ينجذب للقصر والضآلة
    وهكذا إلى أمور وصفات كثيرة.. إنما يظل تناسب الصفات مع بعضها إضافة للروح والشخصية هي المعيار الرئيس في تقدير الجمال
    وإن تمعنا بمن اشتهرن بالجمال ووضاءة الوجه هن بمجملهن من النسوة البرزات اللائي اشتهرن بتفرد وتميز محدد في الشعر أو الأدب أو الحكمة أو القيادة مما يؤكد أن الجمال المرتبط بالروح والشخصية هو صاحب المعيار الحقيقي في توصيف الجمال وشهرة صاحبته
    فشكراً لجهودك


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •