المدينة الواقفة
باسم الهيجاوي
سما بكِ الشـعرُ حتى هاج بي وشَجا .... مني الفـؤادَ ، فثارَ الوجدُ واخْتَـلجا
وخامَرَ القلبَ نبضٌ من هواكِ بـهِ .... كُلُّ المشــاعِرِ رَفَّتْ في الهوى مُهَجا
تفيضُ بالشـعرِ والأشـعارُ ما فَتِئَتْ .... تُفجِّرُ البــحرَ في أمواجـها لُـججا
يا أخت مكةَ ، يا مسرى من ارتفعت .... له الجـبال ومـن آفـاقـها عَـرَجا
فأَشْـرقَ الكَوْنُ وافْتـرَّتْ مَلامِحُهُ .... لَـمّا احْتَـفى بِرَسـولِ اللهِ وابْتَـهَجا
وزنـَّـرَ السـورُ آفاقـاً مُفَتَّـحَةً .... على ترابك ذَرَّتْ طيــــبَها أَرِجا
تُتَوِّجُ الأرضَ عَـدْلاً يُـستـنار بهِ .... وَتُبْدِلُ الخـوفَ أمـناً والقـنوطَ رَجا
وما اشــتكى الهـمُّ مما قد ألمَّ بهِ .... إلا وجـــاءَ على الأعتابِ مُنْسَدِجا
لما رأى " عُمَرَ الفاروق " مقـتبِساً .... من هَـدْيِ " أحمدَ " نبـراساً ومُنْـتَهَجا
يَشيدُ بالعَدْلِ إنصافـاً و " عُهْدَتُهُ " .... على هُـداها ضميرُ الخـيرِ قـد دَرَجا
وما أغارتْ فُلـولُ " الرومِ " في ظُلَمٍ .... إلا وَآلَتْ إلى الإصــباحِ فـانْـبَلَجا
لـمّا أتاهـا صــلاح الدين منبعثاً .... فأسـرج الخـيلَ واستسقى بما سَـرَجا
فيضـاً من الغيثِ مَـدَّتْهُ السَّـماءُ بهِ .... فأذْعَنَ السَّـيفُ للحَـقِّ الذي خَـرَجا
يَزينُ " حطـين " فضلاً من شـمائلهِ .... لـمّا أعادَ " لبيت المقـدس " الفَـرَجا
يا " قُدْسُ " أنتِ ويا مهدَ السَّـلامِ ويا .... أرضَ الرســالاتِ ضاءتْ للأُلى سُرُجا
وَدُرَّةُ الكـونِ والأنـوارُ ما بَهَـتَتْ .... وما دجى الليـلُ إلا زادَهــا وَهَـجا
ومــا ضَلَلْتِ وإنْ ضَلَّتْ مَـراكِبُـنا .... وهائـجُ البحـرِ أعلى مـوجَهُ لُـجَجا
وغافل القـومَ عن خَطْبٍ وعن نُـوَبٍ .... وَجَنَّـدَ الظُّلـمَ إظْـلامـاً طغى ودجا
وشــادَ فيهم وصـالاً دون مرحمـةٍ .... كلٌّ يُغــني على " ليـلاه " مبتـهجا
وعِـزَّةُ النفـسِ صارتْ محضَ أُغْنِيـَةٍ .... تُجَــرِّعُ الحـقَّ من أهــدابِها هَرَجا
تُهـادِنُ الذُّلَ والإذعـانَ في دعةٍ .... فَــلا أثابت ولا لاقت بــذا حَرَجا
فقاسَمَ القومَ صَمْتٌ كُلَّما حَفَـلَتْ .... بِـهِمْ حَياةٌ أَتَـوا " يَبْـغونَـها عِوَجا "
فلا اسـتناروا ولا نارت بهم قِيَـمٌ .... ولا خُـطـاهُمْ رَأَتْ دَربـاً ليُـنْـتَهجا
يا قدسُ صَبراً فإنَّ اللـيلَ مُرتَـحِلٌ .... ولنْ يَضيـقَ بِصَـــبْرٍ أن يرى فَرَجا
وإنَّ للفـجرِ بعـد الليـلِ مَولـدَهُ .... وموعـدُ الفـجرِ للميــلادِ قد وَلَجا
المفضلات