القضاء الإيراني سيحاكم 5 متهمين بالمشاركة في مظاهرات ديسمبر بتهمة الحرابة.. وعقوبتها الإعدام
طهران - لندن: «الشرق الأوسط»

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
1/9/2010
وجهت لجنة برلمانية في إيران اتهامات إلى مسؤول كبير وحليف بارز للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بالتورط في وفاة ثلاثة معتقلين لقوا حتفهم في سجن كهريزاك (جنوب طهران)، اعتقلوا بعد المظاهرات التي اجتاحت البلاد عقب انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران) الماضي، حسب موقع «أليف» على الإنترنت الذي يشرف عليه عضو محافظ بارز في البرلمان. وتعتزم السلطات الإيرانية محاكمة 5 أشخاص على خلفية الاضطرابات التي جرت أواخر الشهر الماضي في مناسبة عاشوراء بتهمة «الحرابة»، وعقوبتها الإعدام.
وذكر موقع «أليف» على الإنترنت الذي يشرف عليه أحمد توكلي عضو المحافظ في البرلمان، إن لجنة التحقيق البرلمانية، التي تحقق في وفاة عدد من المعتقلين في سجن كهريزاك الذي أغلقته السلطات الإيرانية بسبب سوء معاملة لقيها متظاهرون أوقفوا فيه، توصلت إلى أن سعيد مرتضوي مدعي طهران السابق هو المتهم الرئيسي في القضية، لأنه هو الذي أمر بنقل الموقوفين إلى السجن المذكور. وقال توكلي إن اللجنة قدمت تقريرها عن الأحداث يوم الأحد الماضي، ومن المتوقع أن يتم مناقشته من قبل أعضاء البرلمان الأسبوع المقبل.
وكان مرتضوي قد اعتقل أكثر من 100 من الصحافيين ونشطاء ومسؤولين سابقين في الحكومة بعد المظاهرات التي أعقبت الانتخابات. ومنذ أواخر التسعينات يواجه حملة انتقادات لاذعة من الإصلاحيين، لإغلاقه عشرات الصحف الإصلاحية واعتقال العشرات من الصحافيين. وتكشف الادعاءات الموجهة إلى مرتضوي عن وجود تيارين يتجاذبان داخل القوى المحافظة، واحد بقيادة أحمدي نجاد، والذي يفضل شن حملة شديدة ضد المتظاهرين، والثاني يتقدمه خصومه المحافظون الذين يؤيدون حلا وسطا لإنهاء الاحتجاجات، حسب خبراء إيرانيين. وقال محسن سازغارا، وهو من الشخصيات المعارضة ومحلل سياسي في واشنطن: «إنهم يريدون التضحية بمرتضوي، ظنا منهم أن الشعب لن يتراجع». وأضاف في تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز»: «هذا الفصيل المحافظ على استعداد للتضحية حتى بأحمدي نجاد لوضع حد للاحتجاجات».
وذكرت الإذاعة الرسمية في طهران أن اللجنة البرلمانية قد انتهت من التحقيق في وفاة معتقلين في السجون خلال شهر يونيو الماضي، وقامت بتحديد بعض المتهمين، لكنه لم يشِر إلى مرتضوي بالاسم. ووضعت اللجنة اسم مرتضوي «كمتهم رئيسي» باعتباره المسؤول عن مركز كهريزاك للاعتقال الذي وقعت في الأحداث إبان توليه منصب المدعي العام في طهران، حسب موقع «أليف». وهو الذي أصدر أوامر بترحيل المعتقلين إلى سجن كهريزاك. وخلصت اللجنة إلى أن الشبان الثلاثة الذين توفوا في المعتقل، وهم محسن روح الأميني، وأمير جافاديفار، ومحمد كمراني، لقوا مصرعهم بسبب وجود بيئة «غير صحية» ونتيجة الضرب من قبل سلطات السجن. ومحسن روح الأميني هو ابن أقرب مستشاري مرشّح الرئاسة محسن رضائي. وشغل مرتضوي منصب المدعي العام في طهران حتى أغسطس (آب) الماضي، عندما تم ترقيته إلى نائب المدعي العام الذي يشرف على الجهود المبذولة لمكافحة عمليات التهريب. ووجّه زعماء المعارضة اتهامات السلطات بتعذيب المعتقلين حتى الموت واغتصاب بعض السجناء من الذكور والإناث. وصبوا جام غضبهم، من سوء معاملة السجناء، مما اضطر الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي إلى أن يأمر بإغلاق مركز كهريزاك. ولم يشِر تقرير اللجنة البرلمانية إلى مزاعم الاغتصاب التي أطلقها رئيس البرلمان السابق مهدي كروبي، والتي نفتها الحكومة، كما أنها لم تقدم أي معلومات عن وفاة طبيب السجن رامين بوراندارجاني الذي توفي أيضا بعد كشفه لعمليات تعذيب داخل هذا السجن. وقد عثر عليه ميتا بعد مرور بعض الوقت من شهادته أمام اللجنة البرلمانية التي سألته عن الادعاءات القائلة بأن السجانين قد قاموا بتعذيب واغتصاب سجناء.
وكان مدعي عام طهران عباس جعفري دولت آبادي قال في وقت سابق إن طبيب سجن كهريزاك مات مسموما خلال اعتقاله. وقال دولت آبادي إن «الطب الشرعي أكد أن التسمم كان سبب الوفاة.. لكن من غير الواضح ما إذا كان الأمر قتلا أو انتحارا». وأضاف أنه عثر على حبوب في صحنه. وكان نواب طلبوا منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) إجراء تحقيق في وفاة رامين بوراندارجاني «المثيرة للشبهات».
ويعد تقرير اللجنة البرلمانية مفاجأة، كبرى لأن اللجنة كانت أعلنت في سبتمبر (أيلول) أنه لم تعد تتابع قضية وفاة المعتقلين الثلاثة، وأحالت القضية إلى محكمة عسكرية، التي أصدرت بيانا الشهر الماضي، قائلا إن 12 من المسؤولين في سجن كهريزاك قد وجهت إليهم تهمة القتل وغيرها من الجرائم، لكنها لم تذكرهم بالاسم.
وكان القنصل الإيراني في النرويج، محمد رضا حيدري، قد استقال من منصبه، احتجاجا على القمع الذي قال إن السلطات في بلاده تمارسه ضد المحتجين، خلال الفترة الأخيرة، حسب هيئة الإذاعة النرويجية، لكن الخارجية الإيرانية نفت هذا التقرير.
من جهة ثانية أفادت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) أمس أن إيران سوف تحاكم خمسة أشخاص في ما يتعلق باضطرابات جرت الشهر الماضي، وهي أسوأ أعمال عنف منذ اندلاع الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في يونيو. ولم يكشف الخبر المنسوب إلى بيان للمحكمة الثورية بطهران عن هوية المحتجزين أو اليوم الذي سيحاكمون فيه، ولكنه أوضح أن التهمة الموجهة إليهم هي «الحرابة» وعقوبتها الإعدام. من جانبها نقلت وكالة أنباء الطلبة (إسنا) عن بيان صادر عن مدعي عام طهران عباس جعفري دولت آبادي أن «ملف الأشخاص الخمسة أحيل إلى محكمة طهران الثورية». وأضاف البيان أن «المحاكمة ستبدأ قريبا». وقد أعلن دولت آبادي بداية يناير (كانون الثاني) أن بعض المتظاهرين الذين أحرقوا ممتلكات عمومية في 27 ديسمبر (كانون الأول) هم «مخربون» أي «أعداء الله»، وأن «القضاء سيتخذ بحقهم العقوبات المناسبة». ويعاقب القانون الإيراني من يدينه القضاء بأنه «مخرب» بالإعدام.
وأعلنت الشرطة أنها اعتقلت 500 متظاهر في طهران في 27 ديسمبر، كان 300 منهم لا يزالون موقوفين الأسبوع الماضي، لكن هذا العدد لا يشمل الاعتقالات التي قامت بها قوات أمنية أخرى مثل الباسيج وعناصر الاستخبارات. وألقي القبض منذ ذلك الحين على أكثر من 90 شخصية إصلاحية بارزة، بينهم 10 مستشارين لزعيم المعارضة مير حسين موسوي. ودعا رجال دين متشددون وسلطات القضاء إلى معاقبة قادة المعارضة لإثارتهم التوتر ويصفونهم بأنهم أعداء الله، ويطالبون بتطبيق حد الحرابة عليهم. وقال إن «دبلوماسيا أوروبيا كان بين المعتقلين خلال اضطرابات يوم عاشوراء، لكن أطلق سراحه بعد 24 ساعة بسبب اتفاقية فيينا».
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «اعتماد» أمس فإن وزير المخابرات الإيراني حيدر مصلحي جدد الاتهامات الحكومية بأن عناصر أجنبية تقف وراء المظاهرات. ونقلت الصحيفة عن مصلحي قوله: «وفقا للمعلومات التي حصلت عليها وزارة المخابرات فإن مثيري الشغب ورموزا مناهضة للثورة لديهم بعض الصلات مع أعداء الدولة والنظام». وقالت وزارة المخابرات في وقت سابق هذا الأسبوع إن عددا من الأجانب كانوا بين من جرى اعتقالهم على خلفية أعمال العنف يوم عاشوراء. وذكر موقع تابع للمعارضة الإيرانية على شبكة الإنترنت أن مهدي كروبي الذي خسر هو وموسوي في الانتخابات الرئاسية قال في اجتماع مع نشطاء سياسيين إن «الوضع السياسي الراهن هو الأسوأ في 30 عاما». ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية نقلا عن النائب علاء الدين بوروجيردي أن دبلوماسيا أوروبيا كان بين المعتقلين لكن أطلق سراحه.
بسبب القواعد الدبلوماسية.