الشعب الكوردي والفلسطيني ... وجهان لعملة واحدة !!





من ينظر لما جرى للشعبين الكوردي والعربي الفلسطيني في القرن المنصرم ولازال حتى هذه الساعة يظهر له بأنهما وجهان لعملة واحدة ، لتشابههما في الظلم الذي وقع عليهما نتيجة لمؤامرات دولية غادرة وسياسات غير منصفة ، ورفضهما لهذا الظلم وتلك المؤامرات والتصدي لها بكل الوسائل المتاحة ومنها الكفاح المسلح ، لنيل حقوقهم المشروعة واستعادة ما سلب منهم وتقرير مصيرهم كباقي خلق الله .
الشعب الفلسطيني العربي كان ضحية مؤامرة دولية بغيضة وهي استقدام اليهود من جميع ارجاء العالم الى فلسطين ، وما حصل بعدها من مسلسل الاعتداء على الشعب العربي فيه من سياسات التوسع والاستيطان لليهود وخططهم لاستملاك اراضي الفلسطينيين وتهجيرهم وقمع صوتهم ، ورغم كل المحاولات واستخدام القوة والسلاح المتطور من قبل اليهود الا انهم لم يتمكنوا من اخماد صوت الحق الفلسطيني وأنهاء نضالهم المسلح الذي وصل حد الفداء بالنفس والمال والصمود الاسطوري والتصدي للمعتدي و وقف اطماعه ورده على اعقابه .
واما الشعب الكوردي ... وهنا اقصد بهم جميعا ، فقد تم تقسيم وطنهم كوردستان وفي تاريخ قريب من احداث فلسطين ، بين عدد من الدول التي رسمت خرائط حدودها بعد الحرب العالمية الاولى من قبل دول كبرى خرجت من حروب وصراعات كبيرة ، تسلطوا على رقاب شعوب هذه المنطقة وحددوا مصيرهم بدون رغبتهم وأخذ رأيهم الذين كانوا يرزحون تحت نار الظلم ومآسي الجهل والفقر اصلا .
قسمت ارض كوردستان بين اربعة دول تم تشكيلها وهي تركيا وايران والعراق وسوريا ، فأصبح الشعب الكوردي ايضا ضحية مؤامرة ظالمة بعيدة عن الخلق والفكر الانساني السوي ، ذاق الكورد على اثرها الويلات على ايدي هؤلاء الاقوام المتسلطة وهم الفرس والعرب والاتراك الذين يعتبرون الاكثر عنصرية وقسوة من بين شعوب الارض يسيطر عليهم فكر ماضيهم ويحنّون الى امبراطورياتهم الزائلة .
حيث تجاهلوا هذه القومية الكبيرة محاولين اخماد صوتها معتقدين بأن باستطاعتهم انهائهم وأفنائهم وأذابتهم في بوتقة قومياتهم ، ولو يتصنتون لصوت العقل لعلموا بأن ذلك شئ مستحيل خاصة في زمننا الحاضر ، ولو ملكوا ضميرا حياً لخجلوا من افعالهم وسلوكهم هذا .
فأذا قلنا ... بالرغم من عدم شرعية استقدام اليهود الى فلسطين وقيامهم بأستخدام العنف والسلاح المتطور وبمساندة وتأييد دول اجنبية كبيرة ضد الشعب الفلسطيني ، الا انهم يظهرون بعض المبررات والحجج لعملهم هذا وهو ان اليهود هم شعب قديم سكن فلسطين وفيها بقاياهم ومعالمهم وآثارهم الدينية والتاريخية ، تعرضوا للحروب والحملات العسكرية كانت سببا لتدميرهم وتشتتهم في اصقاع العالم وضياع ملكهم .
أما الشعب الكوردي فهو الشعب الذي سكن ارضه منذ العصور القديمة ، لم يحاول قط القيام بالاعتداء على حقوق الاخرين ، فكان شعبا طيبا معطاءً صادقاً كأرضه المعطاءة الطيبة ، لذا فليس من حق احد ان يعتدي عليهم ويتسلط على رقابهم ويدعي بملكية الارض التي لم يسكن عليها احدا قبلهم و وطن عاشوا فيه طويلاً .
العقلاء والفضلاء من الناس يفقهون ويفهمون هذه الحقيقة تماما ، أما الجهلاء منهم ومن ضاق فكرهم وقصر نظرهم حتى اصبحوا توابع لمنهج الظلم وسيطرة القوي على الضعيف ، حريصين على غنائمهم من ارض وبشر ، مقدسين لحدود على الارض صنعتها يد الانسان وكأنها نزلت من السماء مع الكتب السماوية المقدسة لا يجوز المساس بها وأن كانت سلباً لحقوق شعوب اخرى وسبباً لاستعبادهم ،
ولو علموا بأن اكثر المآسي والحروب التي وقعت على مر التاريخ الانساني انما كانت بسبب فكر الغزو والاعتداء على الاخرين ، لا يصلح في عصرنا هذا بعد ان تطور الفكر الانساني واخذ يخرج من نطاق كوكبنا الارضي الى فضاء الكون الفسيح .
ان اقرب الشعوب للشعب الكوردي هو الشعب العربي ومن اهم اسباب هذا التقارب هو الدين الاسلامي الحنيف الذي اعتنقه الكورد مخلصين وخدموه صادقين .
ولو ألقينا نظرة تحليلية استراتيجية نحو الشعب الكوردي لرأينا بأنهم أمة كبيرة عريقة يبلغ عدد نفوسهم اكثر من ( 50 ) مليون نسمة ويمتلكون مقومات تأسيس دولة عصرية كباقي دول وشعوب العالم وهي :
الشعب ، الارض ، الموارد ، التاريخ ، الفكر والاعتزاز بالهوية القومية ، العزم وعدم الرضوخ للظلم وتسلط الآخرين ، روح النضال المسلح .
وفي ختام قولي ...
أوجه ندائي للشعب العربي واقول لهم ... اجعلوا من الشعب الكوردي اخوة لكم وحلفاء وليس اعداء ، وضَعوهم في خانة شعبكم الفلسطيني ونضالهم وليس في خانة عدوكم الاسرائيلي ، فشتّان بين الظالم والمظلوم .

* * *




حسين بلاني
1\11\2008