آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: خديعة الشكل الشعري في ديوان"السفينة والجدار"لعبد القادر رابحي/محمد سعيدي

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية محمد الأمين سعيدي
    تاريخ التسجيل
    06/06/2007
    المشاركات
    568
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي خديعة الشكل الشعري في ديوان"السفينة والجدار"لعبد القادر رابحي/محمد سعيدي

    خديعة الشكل الشعري في ديوان"السفينة والجدار" لعبد القادر رابحي
    بقلم الشاعر:محمد الأمين سعيدي

    يُعتبر الشكل الشعريّ مطيّة موسيقية يمتطيها الشاعر ليقطع بها غابات القول وأدغاله الكثيرة، فالشاعر فارس خيلُه الكلمات وقد تموسقتْ على ألحان شتى، وتختلف قدرة الشعراء على الكرّ والفرّ وعلى المناورة والإغارة. فليس كل شاعر فارس في موسيقاه، وليس كل واحد منهم قادر على لَـيِّ عنق الوزن وشدِّ لجامه إلى حيث جهة شاء وفي أي وجهةٍ أراد. ونحن بكلامنا هذا لا نقصد إعطاء الوزن أكثر مما يستحقه لأنه جزء بسيط من العناصر المكونة للشعر، ولكننا نفرِّق بين شاعر يركبُ الوزن فيقود معانيه وشعره كما يشاء وبين آخر يركبُه الوزنُ فيقوده بنغماته إلى التكرار وإعادة ما قيل سابقا، "وعلى هذا كان لابدّ في الأوزان التي نظم بها العرب من موافقة المعنى في حركاته النفسية للوزن في حركاته اللفظية، حتى يكون هذا قالب ذاك."(1) وإذا اعتمدنا على هذا المقياس وجدْنا أغلب الشعر القديم موافق لهذا المذهب، وأكثر شعرنا الحديث مخالف له مبتعد عنه. وحركات الوزن اللفظية ليستْ في معزل –كما يرى الجرجاني-"عن اللفظ الجزل، والقول الفصل، والمنطق الحسن، والكلام البيِّن، وإلى حسن التمثيل والاستعارة وإلى التلويح والإشارة."(2)
    من هذه المقدِّمة أردنا أنْ نلج قراءتنا لديوان:"السفينة والجدار" للشاعر عبد القادر رابحي، الصادر هذه الأيام عن دار ليجوند في العاصمة الجزائر، ولعلَّ تقديما كهذا الذي به قدَّمتُ يوحي إلى القارئ بطبيعة هذه الدراسة، التي تتوجَّه كما أردْنا لها -وفق ما وقعْنا عليه في الديوان من خصائص- إلى بحث الجانب الموسيقيِّ من حيث علاقته بالمعنى ومن حيث قدرة الشاعر على التحكّم فيه على وجه أنقذه من التكرار الممجوج والنغمية التي أصبح شعراء العمودي يخفون بها عورات قصائدهم.
    أما الشاعر عبد القادر رابحي فمعرفتنا بإنتاجاته الشعرية السابقة تجعلنا نتفاجأ بهذا الديوان ونتساءل، لأن الشاعر منذ ما يقارب ثلاثين سنة كان لا ينشر إلا قصائد التفعيلة ولمْ نقرأ له في دواوينه السابقة:"الصعود إلى قمة الونشريس"، "حنين السنبلة"، "على حساب الوقت" قصيدةً عمودية واحدة إلا بعض المقطوعات العمودية التي اشتغل فيها اشتغالا حداثيا فغيَّر وجهها حتى صارتْ على غير العمود، ومن هذه المقطوعات ما يقوله في ديوان"على حساب الوقت"، قصيدة"مقام الصبا":
    "أذروكَ تنسجمُ
    أقفو خطاك التي كالرمل نائمةٌ
    أسرارُها في جدارٍ ظلَّ يبتسمُ
    أبنيكَ تنهدمُ
    أُدمي سفائن عينيكَ التي ضحكتْ
    حزنا على كلماتي دونما ندمٍ
    ها أنتَ تلتئمُ
    ها أنتَ تولد من صبري بلا خجلٍ
    في صمتكَ الوقتُ لمْ تغرقْ سفائنه
    وفي معانيكَ هذا اللوحُ والقلمُ.."(3)
    وفورَ قراءتي للديوان سنة 2005 تفاجأتُ حقا بهذا النص، وطرحتُ الأسئلة التالية: هل باستطاعة شاعر الآن أنْ يكتب القصيدة العمودية بمنطق شعري حداثي؟ كيف استطاع الشاعر في هذه الومضة أنْ يكتب الشعر على نمط موسيقي عمودي وفي الآن نفسه بطرح حداثي حتى إنّ من لا يعرف الإيقاع والوزن يعتبر هذه القصيدة من شعر التفعيلة؟ هل أعتبرُ هذه القصيدة إنقاذا للشعر العمودي من سجن التكرار والاجترار؟
    ولمْ أستطع حينها أنْ أجزم في أمري حتى وصلني ديوان"السفينة والجدار" هذه الأيام، فوجدتُ أنّ الشاعر حقَّق في ديوانه هذا نفس ما حققه في قصيدة"مقام الصبا" في ديوان"على حساب الوقت" بل إنه استطاع في اشتغالات كثيرة على القصيدة العمودية أنْ يكتبها على غير ما كُتبتْ به وقد نجح في أكثر القصائد في هذا الأمر.
    1/مخادعة أفق انتظار القارئ موسيقيا وهندسيا:
    يبدأ الديوان بقصيدة: "بكائية امرئ الجرح الأخيرة" ويفتتحها الشاعر بمقطع تفعيلي ثمّ ينتقل بعده مباشرة إلى بحر الخفيف ليقول فيه 60 بيتا ليتأكّد لنا بعد ذلك أنّ كلمة بكائية في العنوان يقصد بها المعلقة:
    "أتذكر حين تملَّككَ اليأسُ
    حينَ تأبَّطتَ قلبَكَ
    غادرْتَ قومَكَ
    في ليلة لا تراكَ
    وعلَّقْتَ عمركَ في صمت هذا الطريقْ
    أتذكُر حين تغمَّدكَ الوجع الباطنيُّ
    وحاولْتَ أنْ تستفيقْ..؟"(4)
    انطلاقا من هذه المقطوعة يصاب القارئ بخيبة أفق انتظار تنقلها إليه العينُ بمجرد ما يقلب الصفحة ليجد أنّ بقية القصيدة عمودي، وأنّ المقطع التفعيلي ليس إلا مقدِّمة مخادعة، بل وسيشاهد بالعين انتقال القصيدة من هندسة شكلية قائمة على مبدأ السطر الشعري المتفاوت إلى هندسة أخرى تقوم على البيت المتساوي المحدود البداية والنهاية. أو ربما إذا كان قارئا جيدا يكتشف أنّ استكمال ما بقيَ في نفس امرئ الجرح/القيس لا يمكن أنْ يتأتى إلا بمطلع حداثيّ لأنّ موضوع القصيدة ذاته هو رؤيا شعرية تصورَها شاعر يعيش في هذا العصر معنا وربما يعي-القارئ-أنّ استكمال ما في نفس امرئ القيس يجب أنْ يكون بالشكل الذي أخرج به هذا الشاعر الجاهليّ أوّل ما كان في نفسه، ومن ثمة تصبح القصيدة الأولى بما فيها من ابتداء بالتفعيلة مسوِّغا للديوان كله ومبررا لماذا كتبه الشاعر بالشكل العمودي، وكأنّ الديوان"السفينة والجدار" ليس سوى استكمالٍ لما بدأه امرؤ القيس ذات يوم من رحلة تمتدّ من الخمر إلى الأمر(5)، أو من الغفلة إلى الفجيعة.
    يقول الشاعر:
    قد خبرْنا جراح عصر كذوبٍ
    كيف نخشى ما تبتغيه اللعوبُ
    فاغمد الحزن في شقوق السجايا
    وترجَّلْ ما عاد يجدي الركوبُ
    طبْ مقاما وكن لقلبي شفاءً
    واملأ الكأس واسقني يا طبيبُ
    ليتَ أمرا يصير من بعد خمرٍ
    مستساغا وليتَ سهما يصيبُ(6)
    ونضيف أيضا أنّ وراء كل هذا توجد رسالة ضمنية تقول أنْ لا فرقَ بين الأشكال الشعرية، فكأنّ المقطع التفعيلي ليس إلا مدخلا للقصيدة العمودية، أو أنّ هذه التفعيلة التي أُخذتْ ذات ثورة من جسد البحور الخليلية تُعلنُ الهدنة مع هذه التشكيلة الموسيقية الموروثة التي لطالما هجرها الشاعر نفسه في دواوينه السابقة.
    إذن، فتصدّر هذه المقطوعة التفعيلية لديوان عمودي توجد خلفه فلسفة قائمة بذاتها لا ترى الأشياء في ظاهرها(السطح) وإنما تهتمّ بالباطن(الجوهر)، فالظاهر الشعري عندها سواءً أكان تفعيليا أو عموديا هو مجرد تجلٍّ لتجربة باطنية غير مرئية هي الكفيلة بخلق القصيدة وتشكيل عالمها الخاص، والشاعر كمخلوق يرى على غير ما يرى الظاهريون يُحاول" أنْ يهبط(أو يصعد) إلى نواة الأشياء، وأنْ يضع هذه المحاولة في لغة، في شكلٍ-صورة.".(7) من هنا يصبح من هذه النظرة لا فرق بين العمودي والتفعيلي، لأنهما كشكلين توالد ثانيهما من الأول يمثلان الظاهر الذي يحمل في طياته عوالم واسعة من الباطن.
    2/محدودية البيت موسيقيا واتساعه من حيث الدلالة:
    لا يغيبُ عن العارف بحال الشعر العموديّ أنه يقوم على شطرين متساويين يُختمان دائما بقافية، ولم يختلف علماؤنا قديما في هذا الأمر، بل إنهم اتفقوا في الوزن والقافية واختلفوا في أشياء أخرى لها علاقة بصناعة الشعر فنيا وجماليا. ومن التعريفات المهمّة ما أورده ابن سينا معرِّفا الشعر بأنه"كلام مخيَّل مؤلف من أقوال موزونة متساوية، وعند العرب مقفاة."(8).
    وبما أنّ الشاعر عبد القادر كانتْ كلُّ قصائد ديوانه عمودية عدا مقطوعة واحدة، فإنه لا يخرج شعرُه عن تعريف ابن سينا، فهو خاضع للقوانين العروضية التي يقوم عليها العمودُ. غير أنَّ ما لفت انتباهنا هو المعنى في حدّ ذاته وتمظهراته على صورٍ مركبة بطريقة مزجية تعطيها التفرّد والاختلاف، وهذا ما يجعل امتداد المعنى أطول بكثير من امتداد اللفظ والوزن، وهو راجع لا محالة إلى سعة الرؤية والرؤيا التي قام عليهما شعر الشاعر، لأنّ قصائده أبعد من أنْ تكون عاطفية خالصة، بل إنّ فيها اشتغالا على الموضوع وفق ما يقتضيه منطق الشعر ذاته.فكأنّ هناك –بالإضافة إلى العاطفة- انفعالا عقليا،"وهذا يضمن للنص شرط وجوده الجمالي"(9) لأنّ رصف أفكار الموضوع في هذا الديوان لا يمكن ردَّها إلى العاطفة الخالصة والغنائية، ونجد هذا الحال عند أبي تمام مثلا في شعره وعند المتنبي وغيرهم ممن سموا بشعراء النزعة العقلية.
    والحقُّ أنّ الحديث عن سعة المعنى ليس أمرا مستحدثا، فالجاحظ فصّل القول فيه في كتابه البيان والتبين، إذ يرى:"أنّ حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ، لأنّ المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وممتدة إلى غير نهاية، وأسماء المعاني مقصورة معدودة ومحصلة محدودة."(10)، هذا في العموم، أما حين يتعلّق الأمر بالشعر فإنّ ما يلمّ بالمعنى من احتمالات الفهم كثير نظرا لما يقوم عليه الشعر من إيحاء ورمز.
    يقول الشاعر:
    قلبي الذي هرّبته الريح من زمنٍ
    فلمْ يعدْ بي إلى قلبي الذي هربا
    كأنّ قلبي الذي في قلبه مـدنٌ
    ينأى..وترجعني الأقدار مستلبا(11)
    إنّ هذين البيتين من قصيدة"تضيق نفسي وأرض الله واسعة" يمثلان ركيزة القصيدة كلها، هذه الأخيرة التي تعرض حوارا بين قلب سؤول وقلبٍ يُجيبه، وتدلّ كل قرائن النص على تناص كاملٍ مع قصة موسى مع الخضر، ويُصبح القلب السائل هو موسى والقلب المسئول هو الخضر، ويدلّ الأول على الظاهر والثاني على الباطن، أو الأول مملوء بالشريعة والثاني مترع بالحقيقة. ويصبح البيت الثاني هنا يدلّ على خيبة القلب الظاهري الذي لم يستطعْ فهم أفعال القلب الباطني فأرجعته الأقدار مستلبا، أو ربما يدلّ البيتان على أنّ القلب الذي "هرّبته الريح" في سعة مدنه الداخلية كان أقسى على القلب السؤول الذي سرعان ما ترجعه الأقدار مستلبا ليأخذ من قلبه/ذاته العبرة، ويخرج بالحكمة العميقة التي يقولها القلب العارف له:
    بل يلتقي مرج البحرين في وطنٍ
    لو أنّ برزخ مجد عنهما احتجبا(12)
    إنّ هذه القصيدة أنموذج لكثير مما في الديوان من اشتغالٍ شعري لا يخلو من عاطفة ولا يفتقر إلى فكر، فكأنّ الشاعر يثبت في هذا الديوان أنّ قصيدته العمودية التي كتبها لا يرجع بها النسب إلا إلى أبي تمام وأبي العلاء وبشار بن برد ..وغيرهم ممن أبدعوا آلياتٍ تفكيرية تتعارض مع المنطق الرياضياتي وتتفق مع المنطق الشعري.
    * * * * * * * * * * * *
    إذن، كانتْ هذه هي رؤيتنا للديوان الجديد للشاعر عبد القادر رابحي الذي أثبت لنا أنّ البحور الخليلية ليستْ هي السبب في بوارنا الشعريّ وإنما العقم في راكب البحر أي في الشاعر، وأن ادِّعاء أنّ الحداثة منبعها الشكل الشعري ادعاء يبخس الكثير من حق التشكيلة الموسيقية الموروثة، لأنه استطاع أنْ يكتب شعرا عموديا فيه من التوظيف والطرح ما يوجد مثله في الأشكال الشعرية الجديدة "فالشعر نفاذ وتأصيل ولا علاقة لهذه الكلمة الأخيرة بالحداثة أو القدم ، أو التقليد أو التجديد ، بل لها علاقة بترسيخ مَوْطأِ القول في المدوّنة الجماعية."(13)
    الهوامش:
    (1)الرافعي، مصطفى صادق. تاريخ آداب العرب. منشورات محمد علي بيضون، الجزء الثالث.ص18.
    (2)الجرجانيّ، عبد القاهر. دلائل الإعجاز. قرأه وعلّق عليه:محمود محمد شاكر. دار المدني بجدَّة. الطبعة الثالثة1992. ص24.
    (3)رابحي، عبد القادر. على حساب الوقت. دار الغرب للنشر والتوزيع. الطبعة الأولى 2006. ص57.
    (4)رابحي، عبد القادر. السفينة والجدار. منشورات ليجوند. الطبعة الأولى2009 .ص7.
    (5)أنظر:الزوزني، أبي عبد الله الحسين بن أحمد. منشورات لجنة التحقيق في الدار العالمية.ص11.
    (6)المصدر نفسه.ص10
    (7)أدونيس. الصوفية والسوريالية. دار الساقي.ص223.
    (8)صبحي، محيي الدين. نظرية النقد العربي وتطوُّرها إلى عصرنا. الدار العربية للكتاب.ليبيا-تونس1984. ص24.
    (9)الغذَّامي، عبد الله. تشريح النص. المركز الثقافي العربي.الطبعة الثانية2006. ص55. (10)الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر.البيان والتبيين.منشورات محمد علي بيضون . دار الكتب العلمية. المجلد1. ج1. ص60.
    (11)رابحي، عبد القادر. السفينة والجدار. ص26.
    (13)حوار مع الشاعر عبد القادر رابحي، حاوره: محمد الأمين سعيدي. منشور في:جريدة العرب اللندنية بتاريخ13/11/2009، والموعد الأدبي بجريدة الحوار بتاريخ21/4/2009، وفي مجلة أصوات الشمال.


  2. #2
    شاعر/ عضو القيادة الجماعية الصورة الرمزية مجذوب العيد المشراوي
    تاريخ التسجيل
    01/01/2007
    المشاركات
    4,165
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: خديعة الشكل الشعري في ديوان"السفينة والجدار"لعبد القادر رابحي/بقلم:محمد الأمين سعيدي

    قرأت هنا ..

    أحييك على محاولة النفوذ إلى مدارات رابحي العجيبة وعلى استنطاق بعض ما في الديوان من زهر ..

    ولكني تحديدا رأيت أن ما في هذا الديوان من قصائد جديدة كتبها الشاعر في 5 سنوات الأخيرة هيَ بحق ّ ِ أهم ّ إنجاز له في قلوب القراء وفي الطبقة الواسعة من هذه الأمة .. بل رأيت أنها تؤكّد شاعرية رابحي الحقة عند كل ّ معاند أو مكابر .
    إن هذا الديوان هو باكورة خوض كبير في التفعيلة ومجاهلها المتعددة لأن شعره المتاخر كان الثمار التي انتظرناها من بعد 30 سنة من زراعة في سهول من لغة حاولت أن تتطهر من ميراث التكرار والإرث وتقترب من أنفاس هذا القرن الممتدذ ّ لغويا في قرية واحدة إسمها الأرض .. فكانت قصائد جديدة تماما في المعنى وتذكر كثيرا من ناحية الشكل بمهارة الأجداد في النسج البديع مع فارق استخدام اللغة نفسها .
    لي عودة هنا ربما لأكمل .


  3. #3
    شاعر / أستاذ بارز الصورة الرمزية أحمد نمر الخطيب
    تاريخ التسجيل
    02/02/2009
    المشاركات
    4,535
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: خديعة الشكل الشعري في ديوان"السفينة والجدار"لعبد القادر رابحي/محمد سعيدي

    نعم أخي محمد
    هناك إثم كبير تطأطىء لهُ رؤوس كثير من الشعراء الذين ظنّوا " وبعض الظن إثم " أنّ المركب العمودي قد استنفد كلّ ما في اللغة من مدارات، أو من متخيّلات تتعاظم فيها اللغة لتصبح كائناً ينمو ويقلق ويُستفز ويهادن أحياناً، وهنا في مقاربتك وضعت الإصبع على مدار الإشارة، فقراءاتي القليلة للشاعر رابحي ربما لا تفتح لي آفاقاً للولوج إلى تفكيك مثل هذا التمازج، بين الاقتناص من المركب القديم مآل مجابهته للوزن المحدود هندسياً، وبين الرؤية المعاصرة، لاختراق الخطوط المتقاطعة في هذا المركب المحدود، ولكنك وبما أفردت من مقاطع متفرّقة، وما تبعها من محاورة، استطعت أن تشي بهذا الامتداد العظيم للإرث، وبما يحمله من مقوّمات، أعتقد أن الرواد الأوائل من شعراء قصيدة التفعيلة كانوا في مدار هذا الوعي، حيث لم تخرج قصائدهم عن النسق إلا بمقدار ما يطلبه العنصر الحداثي " رؤية، واستنطاق"، لهذا جاءت صرخة الشاعرة نازك الملائكة مدوية حول الخلط العجيب والرهيب في مسألة التدوير على سبيل المثال لا الحصر.
    كما أعتقد أنك فتحت العين، وقاربت بؤبؤها من جديد حول النظر بما تستظهره الشبكية من فرز للإشارات وإرسالها إلى مقر التفكيك، من هنا جاءت رؤيتك ثاقبة حول تمظهر العاطفة والفكر، فهما الوسيلتان الحميدتان لخلق مثل هذا التمازج بين الشكل كحاضن للألفاظ، والإيقاع كراصد لتحوّلات المعاني.
    أخي الشاعر والناقد الرائع محمد الأمين سعيدي
    سعدت كثيراً بهذا الاستنطاق، والذي أجزم أنه يفتح آفاقاً جديدة للاقتران من جديد بين نافذتي الشعر العربي " القديم والحديث"
    أحييك
    مع خالص المودة

    هنا
    يفرق الأمر
    لا تدخلي يا زنابق في مخدع الأرجوان
    إذا كنت خلف الرماد أرى إصبعي

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •