الحرب والعنف الرياضي . حيرة الرياضيين
وإزاء هذه المشاهد الملتبسة , والمعارك ا لموجهة , طفت أسئلة ظلت تتفاعل في الأذها ن , وأذهان الرياضيين على الأخص
- ما مدى تأثير هذه الحروب وهذه المشاهد على الرياضة . خاصة بعد تفشي ظاهرة العنف الرياضي " ومصطلح العنف مرادف لمصطلح الحرب "
- أليست جدلية الغالب والمغلوب. تفرض أن المغلوب يستعد للمعركة القادمة ؟ خاصة وأنه يجبر على قبول شروط القوي الغالب , حتى إذا كانت الطاعة في نهاية المطاف . تبقى هناك الكراهية , وتحين الفرصة للانتقام والثأ ر
- هل أصبحت الحرب" العنف " وضعا مأ لوفا. من التوترات والمجابهات, ما دامت العلاقات الإنسانية " حتى الرياضية منها " تقوم على الصراع والتناقضات ؟ فكما ظهرت مصطلحات : الجهاد – المقاومة – الأنظمة المتعفنة– الديكتاتورية ...الخ , ظهرت في الرياضة مصطلحات: الاستعداد للخصم – الدفاع عن النفس – المواجهة – السيطرة ...الخ . وإذا كانت الحروب تغيب مفهوم السلام , وتولي ظهرها لحقوق الإنسان ومنهم الأطفال والنساء والمدنيين , وحماية الثرات الانساني , فإن عنف الرياضة , يغيب الأخلاق الرياضية واللاعنف الرياضي , ويثير الشغب ضد حقوق الإنسان والرياضيين والممتلكات والتجهيزات . إن العنف الرياضي , ما هو إلا مرآة تعكس بعضا مما تراكم في النفس البشرية , وما أثر فيها من : - عنف الطبيعة " زلزال – إعصار –بركان – زمهرير مثلا "
- وعنف الإنسا ن على الحيوان, وعنف الإنسان على أخيه الإنسا ن . وبشكل خاص عند إعلان الحروب والدخول في المواجهات , و هذا الترا كم يؤثر كثيراعلى شخصية الشبا ب و سلوكهم و تعا ملا تهم وقضاياهم , ويؤثر بشكل أكثر وضوحا , على الشاب الرياضي الذي يتعاطى أنشطته بعنف وغليان وتأجج واندفاع , في كل الأ نو اع الرياضية, سواء منها تلك التي هي بطبيعتها عنف : عنف ضد الآخر, كالملا كمة مثلا , أو عنف ضد الذات , كحمل الأثقال ,أو عنف ضد الطبيعة , كتسلق الجبال أو اختراق رمال الصحاري- طبعا تختلف درجات العنف من رياضة إلى أخرى نتيجة الخصائص التي تعتبر من العوا مل التي تثير السلوك العد وا ني لدى كل لاعب أو ممارس , ونتيجة لما راكمته نفسيته من مؤثرات العنف الأخرى و بصفة خاصة , عنف الحرب لأنها تجسد اعتداء الإنسان على الإنسان, هذا الاعتداء الذي ما يزال قيد الدراسة , وسيبقى موجودا . ما دامت الحروب موجودة , وما دام الصراع بين العقل والجنون متواجدا
فاستعمال العقل يقود إلى السلام والأخلاق الرياضية , أما التهور والجنون . فهما عصب الحروب والإقدام على العنف وانتشاره في الأنواع الرياضية
هكذا إذن , يتضح أن المنبع الرئيس للعنف , هو محاربة المخالف , هذه المحاربة التي تؤدي إلى حتمية ظهور النقيضين في نفس الآن , سواء على الميدان والحلبة أو على أرض المعركة وأجوائها ومياهها
وحتى لا ينفلت العنف من عقاله , ويعشش في سلوك الرياضيين , وخوفا من أن تتحول الرياضة إلى حروب مبطنة , سيما وأن بعض المقابلات الرياضية . سببت حروبا حقيقية, فأوجب ما يجب علينا . هو ألا نوظف بعض المصطلحات الحربية , في اللقاءات الرياضية لأنها تذكي الإثارة , كما تذكي العنف الرياضي , وتجعله مشحونا بالمشاعر السلبية . مع أنه بمجهود أقل وبشيء من التركيز والتدقيق , نساهم في التقليل من فرص استخدام العنف في المجال الرياضي
ونطمح إلى أن يعم رياضتنا مبدأ اللاعنف , فالعنف كما يؤكد الجميع , أنه لا يحل المشكلات , بل هو يقوم على تحطيم إرادة الآخر وإلغائه , وأصبحت القناعة المؤكدة أيضا أن " اللاعنف شجرة مباركة , جذورها الحب, وثمرتها الأمن والسلام "12 "*
ولعلنا نجد في الرياضة اليابانية مثالا يحيي رياضة اللاعنف : فاليابانيون يدربون الناس على القتال الفردي من أجل الدفاع عن النفس , ويقولون في الدرس الأول – إننا نتعلم هذه الرياضة . ليس من أجل توليد الصراعات , بل من أجل إبعادها
محمد التهامي بنيس



.................................................. ..............................................
* د . خالص جلبي – رحلتي إلى اللاعنف – الأرشيف العراقي في الدانمارك