آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الـمـنـحـوس !/ رواية واقعية من المجتمع العراقي تنقصها الصراحة / ح 9

  1. #1
    أسـتاذ جامعة بغداد / سـابقاً الصورة الرمزية الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
    تاريخ التسجيل
    06/04/2008
    العمر
    91
    المشاركات
    607
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي الـمـنـحـوس !/ رواية واقعية من المجتمع العراقي تنقصها الصراحة / ح 9



    الـمـنحـوس / رواية من المجتمع العراقي تنقصها الصراحة / ح 9


    بعد عام على حادث وفاة جميل وجميله," شــهداء الحب", وصل امحيسن الى بغداد وتوجه على الفورالى دارعمه بشارع الزهاوي في الأعظمية,.. وبعد ان استرجع انفاسه من صدمته بفقدان حبيبته جميله, راح يتهيأ للسفرالى قريته في قضاء الشطرة / محافظة ذي قار / جنوب العراق,..ليتعرف عن كثب عما حدث من مصدر موثوق به!
    توجه نحو محطة قطارغربي بغداد, ليسافرالى اهله بالقطارالنازل الى البصرة,.. وفي المحطة سلم حقيبته لأحد الحمالين, وتوجه لقطع تذكرة السفر واشترى بطاقة في الدرجة الأولى, وتوجه نحو رصيف القطارومن خلفه الحمال (الشيال), وما ان يصل الى العربة ( الفاركون), وفق رقم البطاقة, يســتقبله العامل المشرف على خدمة العربة, ويتلقف الحقيبة من الحمال, ... وقاد امحيسن الى داخل المقصورة ,ثم وضع الحقيبة في المكان المخصص للحقائب ,.. ثم تناول (البخشيش) من أمحيسن , وامطره بعبارات الشكر !
    توجه أمحيسن نحو شباك العربة المطل على رصيف المحطة, وراح يراقب المسافرين ( الغلابه), وهم على عجلة لأيجاد مقعد لهم في عربات الدرجة الثالثة !
    وعلى اية حال, ففي تلك اللحظة, تقع عين امحيسن على امرأة ترتدي الزي الشعبي,
    (العباءة والبوشي),ثم ترفع تلك المرأة البوشي عن وجهها, الذي ســطع كالقمر, وبدأت تقترب نحوه رويداً...رويداً, وتوقفت امام الشباك في مواجهته, وركزنظره فيها !!
    أرتعب امحيسن من شدة المفاجئة غير الواقعية, والتي لا يهضمها لا العقل ولا المنطق, فأن التي امامه هي جميله,.. نعم انها حبيبته جميله,.. ولا يمكن ان تكون مشابهة لها !...
    انه يمبزها حتى في عتمة الليل, كما تقول فيروز: ... اعرفك لو كنت ماشي بالظلام!
    ***
    فقد امحيسن صوابه , وراح يردد مع نفسه كلمات مبهمة, وتعوذ من الشيطان , وقرأ آية الكرسي,.. وتتطلع بكل جوارحه في المرأة الشاخصة امام الشباك , وفتحت عباءتها وكشفت عن جسمها وقد كسي ببدلة بيضاء انيقة من قماش زاهي لم يرى مثله في بغداد ولا حتى في شمال العراق,... ففتح فاهه محملقاً فيها كالمسطول !.. وقالت له :
    " مسا الخير,...اشلونك .. عيوني امحيسن؟ ",... ويجيبها:
    "مًن ؟..مًن ؟ ...جًـ..,جًـ... انت جميله ؟",...فتقول:
    " شنو,..أحبيب ؟ نسيت جمولتك ؟... حبيبة عمرك !
    ويلك أمـحـيسن ( بنبرة حادة),... آني جميله ؟!
    يـسترجع امحيسن بعضاً من وعيه, ويستجمع شجاعته ويقول:
    - أشلون انساج ياحبيبه!... الحب لا يموت,...الا انهم اخبروني بوفاتك بجانب زوجك الذي خطفك مني, وقد اتهمموني بقتلك!.. وأبن عمك راد ينتقم مني! ولذا اضطررت الى الأختفاء,... والآن انت حًيًة امامي,..ماذا حدث,.. ولماذا تصرفتي هكذا ؟!
    - اسمع يا امحيسن,..لم يبقى لدي وقت,..فالقطارعلى وشك المغادره, خذ حقيبتك وتعال معي من غير سؤال او تردد,.. وبعد ذلك سأشرح لك كل شيئ بالتفصيل الممل !
    فقال لها وهو ما زال في شك منها :
    - ارسلت برقية للأهل,..فماذا سيقولون لو لم اصل في الوقت المحدد ؟
    - لا تهتم يا امحيسن سأجد لك حلاً, فقط طاوعني, انا حبيبتك جميلة,.تقولها بغنج, ويتطلع
    امحيسن فيها بأمعان, فيغمره الشوق والهيام, وزادت من اغراءه,..فشم عبيقها من على بعد,فهاجت الذكرى ,..فأين الهرمان , ... ورحم الله الموسيقار محمد عبدالوهاب !
    وبنظرة خاطفة وبسمة عذبة كنسمة الصباح المداعبة للعاشق السهران مع شبح حبيبتة ( المعشعشة), في خياله!
    كان أمحيسن المسؤول عن كل ما اصاب حبيبته جميله,.. منذ ان تركها وحيدة بين الأستبداد والعرف القبلي المتخلف ودفنها في مخيلته الى الأبد !...فكيف يصدق الآن ما يرى وما يسمع؟!...وهل يمكن ان ينخدع وهو الذي دوخ الجميع بأعماله السحرية!
    أسـتسـلم امحيسن للأمر الواقع فوراً,...وسحب شنطته, وهبط مسرعاً نحوها,..وعانقها
    بلهفة, وقادها بعيداً عن الناس وجلسا على احد المصاطب,...وبجانبهما شاب بيده مذياع يرسل الألحان والأغاني,.. فطربت جميله وهي تستمع لسيدة الطرب العربي أم كلثوم وهي تغني:
    هذه ليلتي وحلمُ خيالي بين ماض من الأيام وآتي,..
    بعد حين يبدلُ الحبُ تارً والعصافيرُ تهجرُ الأوكارً,
    وديارُ كانت قديما ديارً, فترانا كما نراها قفارً !...
    وبعد لحظات يتحرك القطار, ..ويطلق صفارته ذات النغمة الشهيرة, لتوديع المحطة ومن فيها,...وتتحرك الأيادي مودعة الأحباب بالرغم من شدة الشوق,...فهذه سنة الحياة!
    يبتعد القطار عن المحطة, ويختفي صوته, ويغادر معظم المودعين وسواق السيارات والحمالين ساحة المحطة, ولم يبقى فيها سوى امحيسن سارحاً بجانب حبيبة الصبا جميله يصارع امواج مشاعره بما اقترفه من ذنب بحقها وهو سارح بين الحقيقة والخيال !!
    هذه اول مرة تجتمع جميلة مع امحيسن في خلوة, فتطفح عواطفها الأنثوية,... وينهار امحيسن امام جســدها المتناسق وصدرها النافر, وتذكر يوم طلبت ان يقسم لها فقال: "أقـسم بالصدر المراهق نهده!" ورٍكز بأمعان في وجهها الطافح حيويةً وأشعاعاً كأشعة ليزر غير المرئية والتي تذيب الجليد وحتى الحديد!... وهكذا وبلمحة بصرهبط وطوقته وأمطرته بوابلاً من القبل, وضمته الى صدرها كما تضم الأم طفلها الرضيع!!
    انهار امحيسن, واعتراه احساس مفعم بالجنس, فهذه هي المرة الأولى التي تدب عنده مشاعراً من هذا النوع,..كذلك هاجت عواطف جميلة المكبوته للحبيب الأول,فهي لم تراه ولم تنزوي منه منذ تهجيره عن القرية, وان زواجها من المعلم جميل لم يطمرنبتة الحب العذري التي زرعها امحيسن في قلبها النقي, وها هو القدرانهى حياتها في ليلة عرسها!
    حاولت جميلة تهدئة امحيسن, وهـمـسـت بأذنه عبارات طمأنته بتنفيذ كل ما يختلج بنفسه مما يتمناه العاشق الولهان, وما عليه سوى الصبر!.. الا انه ما زال مرتعباً, حيث لا يستطيع حتى المرء السوي ان يهدأ امام امرأة بتلك المواصفات, فكيف الحال مع حبيبة العمر كله التي اجبرعلى الأبتعاد عنها ,.. وما فعل ليس جبناً منه بل حباً بها, لأنه يعرف قساوة والدة في حالة عدم تنفيذ ارادته, فسيلجأ الى طرد والد جميلة وكل اسرتها من القرية, وان عصى الأمر فستكون العقوبة أقسى وألعن,.. ولذا ضحى بحبه من اجلها ! وعلى اية حال,.. ماذا يفعل بعد ان توفت جميله وزوجها وساحت الدماء في القرية , وفقاً لقانون القبيله : " لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه الدمُ! "
    واغرب ما في الأمركونها الآن جالسة بجنبه بشحمها ولحمها, فهل من احد بمثل حاله ان يضبط نفسه؟!...او ان يصدق ان الأمر حقيقي وليس فلم هندي او مسلسل تركي !!؟
    انه امر يصعب تصـديقه,.. وراح يبني الأحتمالات وهو بين احضانها, ورجح موتها كتمثيلية اعد لها سيناريو محكم خطط بذكاء لكي يبعدون شبح بن عمها الذي كان يمانع زواجها من امحيسن اواي شخص آخر, وهكذا استطاعت جميلة التخلص من جميل ومن بن عمها, اي انها ضربت عصفورين بحجرواحد ليخلو الجولها مع الحبيب الأول!
    يقنع امحيسن نفسه على تصديق ما يراه, وانه حقيقة وليس خيال, وان قصة موتها قد اعد لها اعداداً ذكياً للتخلص من اهل القرية, ومن تهديد بن عمها,.. ثم أستدرك , وتذكر ما سمعه من عمه عن التحقيقات الأمنية مع كل من له علاقة بجميل وجميلة,.. فهل مثل هذا الأمر ينطلي على الحكومة؟ ..اذن كيف عادت لها الحياة, ولماذا هي مازالت تحبه بجنون,..وتهدأ عواطفه, ويقول: لنترك الخلق للخالق,..والله راسي راح ينفطر!!
    ***
    استمر العتاب بين الحبيبين, وتحدثت جميلة بأطناب عن كل ما مر في حياتها منذ وصول المعلم جميل وتطورالعلاقة معه وقالت:
    - انا حبيبتك التي رميتها وهربت الى بغداد, ولم تقف بوجه والدك وتبقى في القرية, وقد حرمتني حتى من اخبارك, ولم ترسل حتى رسالة تشرح لي فيها موقفك!

    - وعلى الفور نهضت جميله وقالت له : لنترك الماضي,..وهذي ليلتي وحلم حياتي !
    ... " قد يكون الماضي حلواً,انما الحاضر احلى!" .
    هيا يا أمحيسن ليس امامنا وقت,... دعنا نغادر المحطة الى بيتي لنقضي ليلة من ليالي العمر, (صمت),.. وينتاب امحيسن الذهول لما يسمع من كلام طلسم ويقول لها :
    - لماذا خنت العهد وتزوجت من رجل غريب عن القرية, بسرية ومن خلف ظهري؟
    - انا لم أخنك,.. بعدك عني وعدم قدرتك على اتخاذ القرارلمخالفة العرف الرجعي الذي ترعرعت فيه,..هو السبب الحقيقي,.. لقد احببتك منذ ان دبت الحياة بعروقي, ولذا وقفت شامخة ومزهوة بك,..ومع الأسف تهدم هيكل حبنا عندما دخل والدك على الخط واصر على ابعادك عني,متذرعاً بأسباب غير حقيقية, جعلتني افقد اي بصيص من الأمل باللقاء معك ثانية,.. وكم من رسائل كنت احلم بأرسالها لك يوماً ما لتزيد صمودي امام ترغيب والدي بالزواج, ليطمئن على مستقبلي,..ولكن ليس من وسيلة لأرسالها لك,.. وهكذا بقيت اصارع الزمن فترة طويلة, واقارن بين حبك لي والعلاقة الجديدة مع المعلم جميل الذي ارسله الله الى القرية بعد سفرك مباشرة الى بغداد, وما ان شاهدني بصحبة والدي , حتى تعلق بي,..وراح يسأل والدي عن وضعنا في القرية’ وصارت بينهما صحبة ومودة , كما انني وجدت فيه صفات نبيلة, وساعدني على استيعاب المقررات الدراسية, ومكنني من اجتياز الأمتحان العام في الناصرية, ووقف بجانبي عندما علم بتسمم الوالد نتيجة تناوله بنهم لطعام غير صحي, وكاد ان يفقد حياته لولا رحمة الله وهمة رجال الأسعاف, الذين سارعوا بنقله بسيارة الأسعاف ليلاً الى المستشفى,.. والأهم من كل ذلك, انك لم تلمح لي ولو مع معارفنا عن مكان وجودك, و مدى استمرار رغبتك بالتمسك بحبنا,.. فما ذنبي يا امحيسن اذا كان والدي فراشاً في مدرسة حكومية, بعد ان انهى خدمته في الجيش العراقي,... فهل شرف البنت مرتبط بوضع والدها الأجتماعي او المهني؟!
    تكمل جميلة حديثها عن زواجها من جميل, وتنزوي جانباً, وتطلعه على عقد الزواج !!
    - وعلى اية حال,.. انا وزوجي نعتبر بعرف البشر اموات (شهداء), الا اننا نعود في كل سنة للدنيا مرة واحدة , .....في اول ليلة جمعة من تاريخ مغادرتنا ارضكم!!
    وقد تكهن نزار قباني بحالتنا حينما انشد البيت الآتي:
    " يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداءً للمحبوب "
    يفتح امحيسن فاهه كالمعتوه,...ويقول لها:
    انني غير مقتنع مما اسمع وارى,..يارب ساعدني,.. فهل حقاً هذه هي حبيبتي جميلة؟
    - من حقك عدم التصديق, فنحن في عداد الموتى, الا اننا شهداء, والشهداء احياء, ولكن لا نملك حريتنا, نحن مسيرون, نأتي للأرض لنتفقد الأهل والأحباب, ونتعبد في العتبات المقدسة, ولقد تقصيت اخبارك, وعلمت بتواجدك في محطة القطار النازل الى البصرة من اجل ان ترافقني الى دار والد زوجي جميل, حيث ما زال يشعر بالذنب لأنه خطفني منك , وتطالبه بقبول الأعتذار من جميل !!
    تصمت جميله قليلاً, ثم تنطق بنبرة مفعمة بالألم وتقول: شاء القدر ان يرتبط مصيرك المنحوس مع قروية كل ذنبها انها من الصعاليك ,... فبعد المعاناة واليأس التي عشتها وحيدة بعد رحيلك عن القرية, ...اقتحم جميل مكانك, وتمكن من سد الفراغ !..ولقد بذل ذلك الوافد الى القرية جهده لتعليم ابناء القرية , الا ان القدراو قل حظك المنحوس كان
    بالمرصاد لرسم تلك الصورة المأساوية, او العقوبة الربانية التي ادت الى موتي المفاجئ واوصلتني الى ما أنا عليه الآن, لأنني شـرعاً اعتبر خائنة لحبك!
    - طلبت جميلة من امحيسن عدم اخبار اياً من البشرعن قصتها,. حيث لن يصدقها احداً, كما انها سوف تحرم من العودة الى الأرض في العام القادم!!
    يستمر الحديث بينهما على نغمات اغنية عبدالحليم حافظ :
    " يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب " !
    تمر لحظات من الصمت, وامحيسن يتطلع بوجه حبيبته,.. ولاحظ ضوء ذهبي اللون يحيط به كما تحيط هالة من الضوء القمر ليلة الرابعة عشر!
    تـحـسـسـت جميله ما اعترى امحيسن من قلق, وقربت عينها من عينه وابتسمت له بحنان,...وهم بتقبيلها لولا الحرج من الناس المارة, وشم رائحتها العبقة, والتي لم يشم مثلها حتى في صالونات بغداد الشهيرة بعطورها الزكية!
    وراح ينشد بصمت :
    يافؤادي لا تـسـل اين الهوى = كان صـرحـاً من خيالي فـهـوى

    يتبع في الحلقة / 10


  2. #2
    تسنيم زيتون
    زائر

    افتراضي رد: الـمـنـحـوس !/ رواية واقعية من المجتمع العراقي تنقصها الصراحة / ح 9

    بالله عليك ..توقعت ان يكون هناك ..امر مخفيا

    الان وضعتنا ..بالحلقة ..الاصعب لنرى ماذا سيجري

    دمت بخير و محبة


  3. #3
    أسـتاذ جامعة بغداد / سـابقاً الصورة الرمزية الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
    تاريخ التسجيل
    06/04/2008
    العمر
    91
    المشاركات
    607
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: الـمـنـحـوس !/ رواية واقعية من المجتمع العراقي تنقصها الصراحة / ح 9

    ابنتي تنسيم حفظها الله

    بالرغم من توشحي باللقب الموسوم بـ ( ابوسـريع), بسبب سرعة القضاء على الشخصية المهمة في رواياتي ,..الا انني ولأسباب لا مجال لشرحها ,..صار قلمي العبد المامور او قل المستر( يـس), لقوة خفية !... فهو الذي يأخذ اوامره من موقع معين في الدماغ , لأسطرها من دون وعي في البداية الى ان أصـل الى موقف مشرف ينقذني من السقوط في النفق المظلم ! ..وكلما اتوخى هذا الموقف , أجد من يدفعني الى انـقـاذ ما يمكن انقاذه ,..وانت واحدة منها!!؟


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •