رد: تدريس المحتوى، أم تدريس الطريقة!؟
لأستاذ الفاضل أبو زيد البليمي المحترم ، الأساتذة الأفاضل ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
كان المنهاج وما يزال أداة رئيسة للتربية والتعليم ويتكون من عناصر رئيسة هي: الأهداف ، المحتوى ، استراتيجيات أو طرق التدريس كما يحلو للبعض أن يسميها ، والتقويم ، وأضيف إليها التقنية والتي تمثل البيئة التي تتفاعل فيها ومعها العناصر الأربعة السابقة في علاقة تفاعلية تبادلية.
لقد شهدت بدايات القرن العشرين في الولايات المتحدة اهتماماً بالتركيز على محتوى التدريس مع إعارة اهتمام أقل لأصول التدريس وأدبياته. وفي سنة 1906م أكدت مؤسسة كارنجي لتقدم التعليم على الدور المحوري للمحتوى وعلى ضرورة اكتساب المعرفة ، ولم تؤكد أو تعطي أي تعليقات أو ملاحظات حول طرق تنفيذ التدريس. ونشر ديوي (1916) كتابه الديمقراطية والتربية الذي تمحور حول هدف محدد هو جعل النظام التربوي حاضنا ومنتجاً للديمقراطية القوية.وأوضح فيه كيف يمكن أن تكون قاعة الصف البيئة التي يتم فيها تبادل الآراء والتشارك فيها، و كيف تتطور فيها المبادئ الأساسية للعيش في المجتمع. وشكَّل هذا المنحى انفصالاً مهماً عن الفكر التربوي السابق الذي كان يركز على اكتساب المعرفة وحفظها.كما أكد ديوي الدور الرئيس للأسلوب العلمي في عملية التعلم. وأشار إلى الاستقصاء الجماعي باعتباره العلاج الشافي للوصول للب الأشياء وزبدتها. واستناداً لفكر ديوي ووليام كيلباترك، وغيرهما وضعت مبادئ التدريس في الفكر التربوي الديمقراطي.وقد قدمت هذه المبادئ موجهات قوية للممارسات الصفية. ومن هذه المبادئ:
أن يراعي التدريس الحاجات النمائية للمتعلم.
الابتعاد عن إلقاء أو عرض المعرفة على المتعلم فعليه أن يبنيها بنفسه.
المشاركة في الحياة الاجتماعية شيء مركزي في التعلم وللتعلم.
الأسلوب العلمي واحد من الأدوات الرئيسة للتعلم.
تنمية المتعلم واحد من الأهداف الرئيسة للتربية والتعليم.
ومنذ بداية السبعينيات، عرفت استراتيجيات التعلم لتناسب مختلف أنواع المعرفة والحالات في كل مجال من مجالات المواد الدراسية.وفي ضوئها ومع الزمن تحول دور المعلم من التركيز على تعليم المحتوى إلى التركيز على تعليم الطالب كيف يتعلم. واتفق هذا التحول مع نظرية طورها علماء النفس تقول: مهما كان نوع الكفاية ومهما كان مجالها فإن بالإمكان تعليمها وتعزيزها حتى لو كانت من مجال الذكاء العام.
لقد حاول عديدون تقديم تعريف للعلم فعرفه البعض بأنه جسم منظم من المعرفة ، وعرفه آخرون بأنه الطريقة أو الطرق التي استخدمت للوصول لهذه المعرفة المنظمة. وجاء آخرون وقدموا تعريفاً يجمع بين وجهتي النظر السابقتين فقالوا: العلم جسم معرفي منظم وطريقة الوصول لهذه المعرفة. ونخلص من ذلك أن تدريس المحتوى المعرفي شيء مهم وأساس ، وكذلك تدريس طريقة الوصول لهذه المعرفة والتفاعل معها وتطويرها، مع انعطاف واضح في التركيز من: (ماذا ُنعلِّم؟) إلى (كيف نُعلِّم أو كيف يجب أن نُعَلِّم الطالب كيف يتعلم). من هنا ظهر شعار تربوي بلسان الطالب يقول : علمني كيف أتعلم. ونخلص من ذلك كله إلى التأكيد على الدور المحوري للمعلم الذي يستطيع أن يبني العقول المفكرة المبدعة مهما كان المنهج ضعيفاً أو قوياً تمشياً مع القول التربوي المأثور: أعطني طالباً ، ومنهاجاً (بغض النظر عن جودتهما)، وأعطني معلماً مبدعاً أنتج لك طالباً مفكراً مبدعاً.
وفقنا الله جميعاً
د. وجيه القاسم
المفضلات