عايزه أتجوز
كلمه نسمعها كثيرا من الفتيات الأن ، بعدما كانت حكرا علي الشباب فيما مضي ، فهل تغير المفهوم أم هل تبدلت الحالة العامه في أمتنا ؟ أم أن هذا نتاج أفكار وتصرفات خرقاء منا نحن حولت الزواج الذي هو طقس إحتفالي راق يحقق سنة الله في أرضه من العماره والعباده ، إلي كابوس يؤرق شباب وفتيات أمتنا من المحيط إلي الخليج ، بدأت المشكله صغيره ثم تفشت كالنار في الهشيم وعمت كل أصقاع أمتنا بأسباب وحجج مختلفة ، فمن قلة الأمكانات وعدم توافر السكن ، إلي غلاء المهور ، مرورا بضروروة تزويج الكبري قبل الصغري ، وضرورة زواج البنت بابن عمها ، وضرورة التكافيء العلمي والإجتماعي ، وكل هذه الأسباب التي يتوهم أصحابها دوما أنهم علي الحق .
عايزه أتجوز، كلما علت تلك الصيحه وكثرت الاصوات المطالبه بها نصبح علي يقين من أن هناك خلل ما ، وأننا علي أبواب كوارث ومشكلات سوف تتفجر علي المستوي النفسي والاخلاقي والاجتماعي وحين نصم أذاننا عن تلك الصيحات فأننا نهيء الفرصه لظهور تلك المشاكل وتفشي الامراض الاجتماعيه ، وأنتشار الجرائم الاخلاقيه .
فمن المتعارف عليه أن الخجل الذي يصاحب مرحلة الشباب مع قلة خبراتهم الحياتيه تمنعهم من الجهر بتلك الرغبات ، فما بالنا بالفتيات اللواتي جبلهن الله علي الحياء أصلا ، فإذا بهن يجهرن وتعلوا الأصوات بعدما تقلصت فرص الزواج أمامهن وأنتحرت أمالهن في تكوين أسره والعيش بهناء في كنف زوج عطوف ، وطارت أحلامهن بالأمومه وإحتضان طفل يشبع غريزتهن الطبيعيه ،
اذن فنحن أمام حالة يجب علينا دراستها ووضع حلول لها خاصة وإنها افرزت بالفعل وطبقا لدراسات واحصاءات صادره عن مراكز رسميه وأهليه أفرزت مشكلات ومصائب يتعسر حلها إن لم يكن مستحيلا أصلا إيجاد أي حل لها وليس المجال هنا مجال سردها تفصيليا ، لكننا نوجز بعضها الذي إنتشر وتفشي مثل الزواج العرفي وزواج المسيار والانحرافات الخلقيه التي خلفت الكثير من ضحايا القتل أو الإنتحار ، وتسببت في إنهيار الكثير من الأسر والعائلات ، بل وساهمت في إنتشار جرائم كثيره لعل أهمها الإجهاض ورواج تجارة المخدرات بأنواعها بعدما أصبح الجميع شبابا وفتيات يتوق إلي الهروب من واقع أظلم بقسوه في وجهه .
ونحن لا نريد كعادتنا مع المشاكل أن ندفن رؤسنا في الرمال وندافع بالباطل عن مجتمعاتنا مدعين أن هذا يحدث بعيدا عنها فلم تسلم بلد من بلدان أمتنا تقريبا من هذا البلاء وهذا من خلال أحصاءات رسميه وليس من بنات أفكارنا ، نريد أن نضع أيدينا علي الأسباب ونضع بعض التصورات للحلول التي يجب علينا دراستها والعمل علي تنفيذها كل علي قدر طاقته وبشكل يساهم في تخفيف أثارها المدمره علي شباب وفتيات الأمه الذين هم عماد نهضتنا المرجوه والتي نسعي لتفعيلها كي نعود أمه عظيمه كما كنا ونتبوء مكانتنا التي نستحق ، بعدما تخلفنا عن الركب كثيرا .
ولا يختلف معي أحد في أن لبنة المجتمع الناجح الذي هو قوام نجاح أي أمه إنما هم مجموعة أفراده الناجحين ، وإذا كنا نطالب الجميع بالتكاتف والنجاح من خلال الإنجاز والمثابره والجهد فلا أقل من أن نوفر له المناخ الملائم لينشط ويحقق المطلوب منه ، وإذا كانت لقمة العيش هي الدافع للعمل وبذل الجهد فإن الإستمرار في بذل الجهد يستلزم توافر ولو الحد الأدني من الدفء العاطفي والمناخ العائلي الذي يتحقق من خلال زواج شرعي والذي عز تحقيقه بعدما طحنتنا الأزمات وأكملنا نحن بشروط وضعنها ما أنزل الله بها من سلطان لنساهم في غلق الأبوب في وجوه أبنائنا بقسوه ولا مبالاة مع الأدعاء بأننا نفعل هذا حفاظا عليهم وعلي حقوقهم .
فلم نكتفي بما فرضته ظروف الحياة وضيق المعايش بقسوتها ، بل تفننا في فرض شروط تعجيزيه لأتمام اي زيجه ، و وأغلقنا عيوننا عن رؤية حال أبنائنا وبناتنا وصممنا أذاننا عن سماع أناتهم ، ودفعنا بهم الي طرق معوجه وسبل خاطئه سلكوها بعدما سددنا كل طريق أمامهم في محاوله منهم للبحث عن راحتهم طالما لم نوفر لهم بديل ، وطالما لم نحاول فهم صرختهم المدويه "عايز اتجوز "
فهل آن الآوان كي نغير من نظرتنا للأمور؟ ، ونتناول الأمور بطرق عمليه تحقق الفائده وبلا افكار مقولبه ورثناها أو وضعنها وكرسنا العمل بها ، هل نستطيع أن نتعامل بصدق مع مشاكلنا ونغير من أفكارنا بشكل نستطيع من خلاله أن نعييد تشكيل ثوبتنا بما يتلائم وظروفنا وظروف أبنائنا وبناتنا ؟ هل نستطيع أن نتخلي عن عنادنا وأن نعيد صياغة الواقع بشكل يعيد البسمه لوجوه أبنائنا وبناتنا ؟
اظننا قادرون علي التغير خاصة إذا بدأ كل منا بنفسه وتخلي عن شروطه وغير من مفاهيمه العتيقه وبحث بداخله عن الحب الحقيقي والرغبه التي تحركه لإسعاد بناته وأبنائه دون أن يلتفت لنظرة الناس التي تؤرقه دوما وتجعله بلا تفكير رصين ، تجعله متبع ومراقب لمن حوله دون أن يكون مترقب وخائف من إنتقاد من حوله ، نريد أن نحدث تغييرا يكون في صالح تلك الأجيال وما سيتبعها من أجيال ، لنؤسس قاعده إجتماعيه قويه تكون حصن لنا ونقطة إنطلاق لتحقيق تنميه لمجتماعاتنا بما يساهم في الخطه التنمويه الشامله التي نأمل أن تتحقق لأمتنا ، وأنا علي يقين من أن جميع المشاكل الإجتماعيه والأخلاقيه ستختفي بمجرد أن نيسر للشباب سبل الزواج ليقيم سنة الله في أرضه ويبتعد عن كل الطرق غير السويه ، بل وأني علي يقين من عدد الجرائم سيقل بكل تأكيد بعدما يتحقق ذلك ، ولا أظننا وقتها سنسمع من تصرخ قائله عايزه أتجوز .