الكابوس الايراني..!
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
العرب اليوم الاردنية- بيرناندو فاللي- ترجمة: بديع ابو عيده-عن: لاريبوبليكا الايطالية:لقد تحولت ايران الى كابوس. واصبح الامر يتطلب محللين نفسيين. فلم تعد كافية حصافة السياسيين والدبلوماسيين والعسكريين. فالمطلوب هو شيء آخر, لاجل العمل على انقشاع الشعور بالحزن والقلق اللذين باتت تتسبب بهما الجمهورية الاسلامية للاستشاريات, وللدول المصنفة بالقوى العظمى, والعادية, وانصاف العادية, غربية او شرقية.
بالمحصلة, لاكثر من نصف العالم, بدءا من واشنطن, مرورا بأوروبا, والعربية السعودية والامارات العربية, وصولا الى اسرائيل. جميع الانظار مصوبة نحو ايران. بعد ان تبين عدم فائدة العلاجات التي وضعت لغاية الان, من الحوارات, الى العقوبات الرخوة او الشديدة, وانتهاء بغارات الطيران الوقائية, التي ثبت عدم جدواها. تشكل ايران مصدر ازعاج. يظل الكابوس هناك. غير قابل للعزل. بامكان المحللين النفسيين العمل كذلك على مساعدتنا في التمييز بين ما هو حاصل واوهام الحقيقة.
دون ان يتم التقاط معنى الاحداث اليومية. فليست كافية قراءة اولية ووحيدة للوقائع. لقد سيرت مؤخرا مظاهرات امام ثلاث سفارات اوروبية, هي الايطالية, الفرنسية, والالمانية. كما قام بضع عشرات من عناصر الميليشيا, المدفوعين بكل وضوح لاستغلال المناسبة, فرددوا بعض الهتافات, وتدخلت الشرطة بعد ذلك لتفريقهم.
مشهد محبوك شبيه بما يعرض على خشبة مسرح ريفي. رددت مجموعة الكومبارس امام سفارتنا شعارات: الموت لايطاليا, والموت لبيرلوسكوني. وقاموا بقذف الحجارة. لم يكن ليتم التغاضي عن المدلول, يتم في الحال تجنب القراءة الاولى. من السذاجة التفكير بردود فعل وطنية عفوية. كان من المفترض ان تأخذ المظاهرات ابعادا اخرى ولكانت اضخم, فيما لو كان الامر متعلقا بالمواقف المتشددة التي اتخذتها مؤخرا كل من ايطاليا, والمانيا, فيما يخص العقوبات قيد الدرس, الهادفة الى اجبار النظام الايراني على القبول بالنظام النووي. كانت تلك المظاهرات للاستهلاك الداخلي.
كل ما يحدث في طهران في الوقت الحاضر هو للاستهلاك الداخلي. يعمد محمود احمدي نجاد منذ ما يزيد على الاسبوع باتمام آليّات تتسم بالغموض وعدم الفهم, لو انها لم تكن موجة لاحتواء وتفريق المعارضة عشية حلول الذكرى الحادية والثلاثين لتسلم آية الله الخميني مقاليد السلطة. موعد يحظى بما يكفي من الاهمية. ومن الممكن ان يكون حاسما. ستكشف مسألة الاحتفال بالذكرى عن مدى استقرار النظام بعد مرور اكثر من ستة اشهر على اجراء الانتخابات موضع الخلاف, التي جرت في شهر حزيران من العام الماضي.
لقد جاء الاعراب عن الغضب تجاه الامم الاوروبية من خلال حفنة من عناصر الميليشيا المتنكرين كمتظاهرين, متهمينها باعاقة المسيرة الايرانية نحو الانجاز النووي, نتيجة تأكيد آية الله خامينئي وتابعه احمدي نجاد على نظرية المؤامرة الدولية. مؤامرة مدعومة وفق ما يدعيان من قبل المعارضة. سوف يستغل خامينئي واحمدي نجاد الموضوع النووي ضد الخصوم. الموصوفين كخونة للوطن لكونهم يعاضدون الاجانب في نكران حق ايران بامتلاك تلك الطاقة, التي تحولت لتصبح رمزا للاستقلال الوطني. زيف وباطل وبهتان, لكنه كذلك.
كان اسبوع احمدي نجاد قد تميز بتغيير المواقف بشكل سافر, مبهم بالظاهر وحسب.
فقد صرح يوم الثلاثاء انه الى جانب تخصيب اليورانيوم في روسيا, ثم في فرنسا, موافقا على مستوى يستثنى بموجبه الاستخدام العسكري, في يوم الجمعة, جاء اعلان وزير خارجيته عن قرب توقيع الاتفاق, اما يوم الاحد فقد شهد تغيير احمدي نجاد لموقفه, فقد اصدر امرا لمدير هيئة الطاقة الذرية الايرانية يقضي بالبدء بتخصيب اليورانيوم داخل الوطن بنسبة تصل الى 20%, وذلك للاستخدام في مجال المستحضرات الطبية والدوائية, ويكون بذلك قد تبدد الاتفاق الذي بدا وكأنه قد تم التوصل اليه في شهر تشرين الاول الماضي, ان من العبث البحث عن اي مبرر منطقي, حتى على المستوى التقني فيما يخص قرار احمدي نجاد. ومع التحكم بعملية تخصيب اليورانيوم سيكون من الصعب ايصالها الى المستوى الضروري لانتاج قنبلة ذرية, الا اذا كانت النية مبيتة لتوفير حيز مناسب من الوقت, من غير تدخل خارجي صارم.
هناك تفسير فوري واحد: فمن خلال اذكاء الجدل على المستوى العالمي, سيكون من السهل اتهام المعارضة بالتواطؤ مع القوى الاجنبية, بحيث يصار الى التشهير بها, وتفريقها عن طريق استخدام القوة القمعية.
هذا الاخير, كان قد اصاب بقسوة اتباع حسين موسوي, ومهدي خروبي, المرشحين سيئي الحظ للرئاسة.
في الوقت نفسه, كان موسوي قد ارسل اتباعه للاشتراك بالمظاهرة الرسمية لاجل العمل على معارضة النظام, وعمد الرئيس السابق محمد خاتمي الى تبني هذه المعارضة: ان شاء الله, سيشارك الجميع بالمسيرة من اجل الدفاع عن الثورة وحقوق الانسان. مختلفة هي نبرة اية الله خامينئي, فقد قالت القيادة الروحية ان الامة الايرانية سوف تظهر عبر توحدها كيف تكيل اللكمات لوجوه كافة المتطاولين والمتكبرين في هذا العالم". بدءا بالامريكان وانتهاء بالصهاينة.
كثيرة هي المدارس الفكرية التي تتقاطع في تقديم حل للكابوس الايراني. الاسرائيلية هي الاكثر استهدافا: عقوبات فورية صارمة, مع امكانية تنفيذ عمليات عسكرية وقائية في حالة حدوث انتكاسة, اذا ما وصلت طهران للنقطة التي تتمكن معها من تصنيع الاسلحة النووية. أما تلك الامريكية, فتبدو مترددة, غير مستقرة على رأي او قرار, تكتفي بالعقوبات مع علمها المسبق انها لن تكون ناجعة. ومن الممكن ان تكون توطئة لاندلاع الصراع. وهناك من يقول ان ما سيحدث في طهران خلال الفترة القليلة القادمة من شأنه التأثير على هاتين المدرستين. وكذلك على الثالثة التي تميل الى الاعتقاد ان التدخلات الخارجية لن تؤدي سوى الى ترسيخ الوضع الايراني, وحتى التعجيل باتباع الخيار النووي لاهداف عسكرية, الذي ربما كان مؤجلا في الوقت الحاضر.