Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 24

الموضوع: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    --------------------------------------------------------------------------------

    من آيات الله التي لفت الانتباه إليها –سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز تعدد لغات الناس وألسنهم، رغم أن أصلهم واحد، وأبوهم آدم عليه السلام.

    قال الله تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالِمين)
    فكيف نشأت تلك اللغات؟ وتفرعت كل ذلك التفرع؟ وماهي اللغة الأم للبشرية؟ وكم عددها الآن الرئيسي منها وغير الرئيسي؟ وهل تتغير اللغات وتتطور؟ وهل ينقرض البعض منها؟ وكيف يتعلم الإنسان الكلام بلغته؟ وما أسباب التشابه في كثير من الكلمات في بعض اللغات؟ وكيف ولدت اللغة العربية؟ وهل تطورت عن الوضع الذي ولدت به؟ وما مكانة اللغة العربية الآن بين اللغات عند علماء دراسة اللغات؟ وبماذا تتميز هذه اللغة عما سواها؟

    كل هذه أسئلة نحاول الإجابة عليها في هذا المبحث.

    علم الفيلولوجيا:

    هذا اسم علم دراسة اللغات، والذي يتخصص فيه مئات الخبراء والدارسين، واللغة كما يعرفها هذا العلم هي: أصوات يعبر كل جيل من الناس عما في وجدانهم، أو هي الكلام المصطلح عليه بين كل قوم.

    ويدعي البعض أن كلمة (لغة) في العربية مأخوذة من لفظة (لوغوس) اليونانية ومعناها (كلمة).

    عدد اللغات الآن، وأهمها:

    يقدر علماء الفيلولوجيا عدد اللغات المنطوقة الآن عند البشر بثلاثة آلاف لغة، كثير منها لغات محدودة ينطق بها عدد قليل من الناس، واللغات الرئيسية التي يتكلم بها أكثر من مليون شخص للغة الواحدة تزيد قليلا على المائة لغة.

    من تلك اللغات تسع عشرة لغة كبرى يزيد عدد المتكلمين بكل منها عن خمسين مليون شخص، وهي:

    في جنوب آسيا:الهندية، والأوردية، والبنغالية، والبنجابية، والتاميلية، والماراثية، والتيلوجية.

    وفي بقية آسيا: الصينية، الملايوية-أندنوسية، واليابانية، والكورية.

    وفي أوروبا: الروسية، والإيطالية، والألمانية.

    يضاف إليها الخمس لغات العابرة للحدود التي يتحدث بها سكان العديد من الدول، وهي اللغات الأهم في العالم، وهي:

    العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والبرتغالية.

    تقسيم اللغات حسب غناها اللفظي والمعنوي:

    تنقسم اللغات إلى قسمين:

    أ‌- اللغات المنحطة: وهي الأقل تعبيرا عن المعاني، وأبسط ألفاظا، ومنها اللغات الإفريقية، ولغات الهنود الحمر، واللغات الصينية،ولغة البربر، ولغة الأحباش، وبعض اللغات القديمة مثل لغة قدماء المصريين، وغيرها.

    ب‌- اللغات المرتقية: وهي اللغات واسعة التعبير عن المعاني، وشاملة الألفاظ، وهي قسمان:

    1- غير متصرفة: مثل اللغة التركية.

    2- متصرفة: تقبل التصريف، وهي قسمان عظيمان: آرية، وسامية.

    اللغات الآرية:

    وتسمى اللغات (الهندوأوروبية)، وقد توصل العلماء بعد استقراء طويل أن أصل كل تلك اللغات واحد وهو اللغة الآرية المفقودة،والتي يذهب البعض –وإن كانت فرضية لم تثبت- إلى أنها كانت لغة قوم في شمال أوروبا في القرون الغابرة قبيل الطوفان أو بعده، وربما كانوا من نسل يافث بن نوح عليه السلام.

    وهذه اللغات الآرية يتكلم بها حوالي نصف البشر وهم سكان جنوب آسيا (شبه القارة الهندية)، وكذلك سكان أوروبا والسكان الجدد الحاليين للأمريكتين وأستراليا.

    وهذه اللغة قسمان:جنوبية وشمالية.

    أ‌- الجنوبية: وهي اللغات السنسكريتية، ومنها اللغات الهندية، والأفغانية، واللغة الفارسية، والكردية، والأرمنية.

    ب‌- الشمالية: وهي أنواع متعددة أهمها:

    1- اللاتينية: ومنها الإيطالية والفرنسية والأسبانية والرومانية.

    2- الجرمانية: ومنها اللغات الإنجليزية والألمانية والهولندية.

    3- الإغريقية: ومنها اليونانية.

    اللغات السامية:

    وتسمى اللغات الأفروآسيوية، وهي لغات قديمة اندثر معظمها، ولكنها كانت لغات الحضارة الكبرى عبر التاريخ، وهي أقسام ثلاثة:

    ‌أ) الآرامية: ومنها اللغات البابلية والكلدانية والسريانية، ويرى بعض علماء اللغات أنها لغة واحدة تطورت في مراحل زمنية متفاوتة.

    ‌ب) العبرانية: ومنها اللغة العبرية الحالية لليهود، وكذلك الفينيقية والقرطاجية.

    ‌ج) العربية: وهي اللغة الأرقى ولغة القرآن الكريم، وقد تفرعت عنها بعض لغات الحبشة في الأدوار السابقة لها.

    اللغة الأم للبشرية:

    كان اليهود قد أشاعوا عند الناس قبل الاكتشافات الأثرية أن لغتهم العبرانية هي اللغة الأم للناس، وأنها لغة آدم والقرون الأولى، وانتشر هذا الاعتقاد في أوروبا في القرون الوسطى.

    ولما جاءت الاكتشافات الأثرية وتشكل علم اللغات لم تقو تلك الدعوى على الصمود، حيث اكتشفت كتابات بلغات أخرى قبل الزمن الذي دونت فيه التوراة، وأرسل فيه موسى، بل قبل زمن إبراهيم عليه السلام، ولم يعثر على كتابات أو آثار عبرية من تلك الأزمان المتقدمة بتاتا.

    فقد وجدت سجلات مكتوبة باللغة الصينية ترجع إلى قبل ثلاثة آلاف وخمسمائةسنة، أي في حدود 1500 ق.م، كما وجدت سجلات بالكتابة الهيروغليفية المصرية القديمة قبل خمسة آلاف عام, أما أقدم سجلات مكتوبة ومعروفة حتى الآن فهي صور الكلمات السومرية المكتوبة قبل حوالي خمسة آلاف وخمسمائة عام، أي في حدود 3500 ق.م.

    وعلى هذا الأساس؛ وعلى أساس دراسات التشابه اللغوي والاشتقاقات اللغوية والصوتية في اللغات، وأسس علمية أخرى؛ يرى بعض علماء اللغات أن اللغة البابلية هي اللغة الأم للبشرية، وهي اللغة التي تكونت السومرية منها.

    كما أن هناك فرضيات أخرى للغة الأم منها السريانية والعربية.

    والراجح أن اللغة البابلية هي لغة الناس الأم بعد الطوفان، في حدود الألف الرابعة قبل الميلاد.

    وهنا يتبادر السؤال المهم:

    كيف؛ ولماذا اختلفت اللغات وتنوعت؟

    نشأت الحضارة الأولى في العراق بين نهري دجلة والفرات، وهي حضارة البشرية بعد الطوفان ولغة الناس حينئذ البابلية.

    وحصل أن الناس كثروا بعد ذاك فتفرقوا في الأرض في هجرات جماعية طلبا للعيش وبحثا عن الرزق، وكان من أول الهجرات تلك التي كانت إلى بلاد النيل، وإلى الصين، وكونت حضارات كبرى مشهورة.

    وبدأ الناس يجدون في أماكنهم التي وصلوها أشياء جديدة، فيسمونها بأسماء يخترعونها، وتكون الأسماء المخترعة مختلفة بين أصحاب كل حضارة، وتعتمد الإضافات على أصوات ما يرون ويسمعون، وبدأت تضاف مع الأيام كلمات أخرى واختصارات وألفاظ جديدة على حسب الحاجة، واشتد الخلاف مع مرور السنين.

    ثم أصبحت تتفرع من أصحاب كل حضارة لغات أخرى أيضا بسبب الهجرة والتباعد، فتبلبلت ألسن الناس.

    هذه هي النظرية العلمية الأقوى، وعليها أكثر علماء اللغات.

    وهناك أساطير مشهورة تمتلئ بها كتب التاريخ التي تقوم على روايات ولا تعتمد على الدراسات والاكتشافات –ومنها كتب التاريخ العربية القديمة- تروي بعضها قصة طريفة لا بأس من ذكرها.

    فيذكرون أن الناس كانوا على اللغة البابلية حتى زمن النمرود الذي طلب أن يبنى له معراج عظيم للسماء ليرى رب إبراهيم النبي حينذاك، فعندما صعد السقف خر عليه وعلى قومه فنتج من سقوطه وما أحدثه من خوف عند الناس وذهول شديد أن تبلبلت ألسن الناس، وتفرقت فأصبحت كل مجموعة منهم تتكلم بلغة لا يفهمها الآخرون، وتفرقت كل مجموعة بلغتها إلى بلد من البلدان، فكانت أساس اللغات.

    ورغم أن القصة تقوم على مجرد روايات منقطعة، لكن يمكن اعتبارها فرضية في هذا المجال لأمور:

    منها دعواها أن البابلية هي أساس اللغات، وهذا ما يذهب إليه بعض خبراء علم اللغات الحديث بتجاربه، بعد تدوينه في تلك الكتب بألف عام أو يزيد.

    ومنها ذكر أن ذلك حصل في زمن إبراهيم (أواخر الألف الثالث قبل الميلاد) وهو زمن قريب من زمن نظرية الحضارة الأولى السابقة(أوائل الألف الثالثة للميلاد).

    هذا بغض النظر عن قصة النمرود وما حصل له مع إبراهيم من مواجهات، ومحاولته بناء المعراج، وتلك قصص حقيقية عرج عليها القرآن تصريحا أو تلميحا، وانظر بعض التفاسير عند آية (فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون)

    لكن أين دور الكتابة في المحافظة على اللغة في النظريتين السابقتين؟

    متى نشأت الكتابة للغات؟:

    الرأي السائد عند علماء اللغات أن الكتابة لم تظهر إلا بعد اللغة المنطوقة بفترة طويلة، وأن الناس لم يكونوا يستخدمون الكتابة في عصورهم الأولى.

    ويرجع بعض علماء اللغة ظهور الكتابة لمنتصف القرن الخامس قبل الميلاد!

    لغة الإسبرانتو:

    وهي لغة عالمية حاول بعض العلماء اختراعها في القرن الماضي، لتعميمها على الناس كلهم، ودعمتها بعض الدول والمنظمات العالمية، وتعلمها مئات الآلاف من الناس حينذاك، ولم تستمر الفكرة إلا سنوات قليلة حتى ضعفت وتلاشت، لفقدانها الخصائص الثقافية التي في كل اللغات الحية القديمة.

    كيف يتعلم الناس اللغة؟:

    يتعلمونها بطريقة تلقائية، فيشعر الصغار بالحاجة للتعبير عن احتياجاتهم الخاصة؛ ومن ثم يبدأون الاستماع للكبار وتقليدهم، ثم يتعلمون تدريجيا انتقاء ونطق الأصوات المستخدمة في اللغة السائدة في مجتمعاتهم.

    نظرية تطور اللغات:

    بنية اللغة –أي لغة- لا تبقى ثابتة بدون تغير، فقواعدها ومفرداتها وأنماطها الصوتية كلها تتغير مع الاستعمال ومرور الأجيال.

    ويكون التغير عادة بطيئا جدا، وتحدث معظم التغييرات للأشياء التي تستجد ولما يتغير في الحياة.

    فمثلا لا يلاحظ الإنجليز تغير لغتهم من سنة إلى أخرى؛ ولكن إذا حاول الحاليون منهم قراءة نصوص إنجليزية قديمة فسيجدون أنها مختلفة عما يتحدثون به بقدر اختلاف الألمانية والدانماركية عنها.

    وهناك لغات تعتبر الآن ميتة رغم أنها أصول لبعض اللغات الحية لعدم وجود من يتكلم بها أو حتى يفهمها في الوقت الحالي، مثل السومرية والبابلية والحثية والأكادية والمصرية القديمة والعربية الحميرية.

    وحتى نحن معاشر العرب توجد لغات عربية قديمة لا يمكننا قراءة أو فهم كلمة منها، مثل اللغات المسندية كالحميرية والسبأية والمعينية والقتبانية رغم أنها كلها لغات عربية، ولكنها تكتب بحروف ورسومات أخرى.

    وحتى لو تعلم الإنسان قراءة تلك الحروف والمفردات فإنه لن يفهم من تلك اللغات –إذا قارنها بالعربية الحديثة- إلا حزءا يسيرا، وهو عبارة عن الكلمات التي مازالت حتى الآن على صورتها.

    بل حتى اللغة العربية في فترات الجاهلية يصعب على كثير من الناس فهم كثير من مفرداتها التي تعتبر الآن غريبة وتجاوزها الزمن وأصبحت لا تستخدم بسبب نظرية التطور في اللغات.

    ولننظر إلى هذا النص الشعري العربي من الجاهلية وهو من معلقة طرفة بن العبد التي كانت معلقة على الكعبة:

    أمـون كألواح الإران نصـأتهـا على لاحـب كأنـه ظهـر بـرجـد

    جـمالية وجناء تـردي كـأنهـا سـفنـجـة تبـري لأزعـر أربـد

    تباري عتاقا ناجيـات وأتبعـت وظيفـا وظيفـا فوق مور معبد

    تربعت القفين في الشول ترتعي حـدائق مـولي الأسـرة أغـيـد

    كأن علـوب النسع في دأيـاتها موارد من خلقاء في ظهر قردد

    كل هذا مما يؤكد نظرية تطور اللغات.

    وتبذل مجمعات اللغة العربية في العصر الحديث جهودا حثيثة لتعريب كثير من المصطلحات الناشئة مثل مصطلحات الحضارة الحديثة، ومنها كلمات الطائرة والقطار والسيارة والبرقية.

    مكانة اللغة العربية:

    اللغة العربية من اللغات السامية التي شهدت تطورا كبيرا وتغيرا في مراحلها الداخلية.

    وللقرآن الكريم فضل عظيم على اللغة العربية حيث بسببه أصبحت هذه اللغة الفرع الوحيد من اللغات السامية الذي حافظ على توهجه وعالميته؛ في حين اندثرت معظم اللغات السامية، وما بقي منها غدا لغات محلية ذات نطاق ضيق مثل العبرية والحبشية.

    واللغة العربية يتكلم بها الآن قرابة 300مليون إنسان كلغة أم، كما يتحدث بها من المسلمين غير العرب قرابة العدد نفسه كلغة ثانية.

    ومن تأثير اللغة العربية على محيطها وعلى المسلمين أن هناك عدة لغات أخرى تكتب بالحرف العربي الحديث، ومنها:

    أ‌- في آسيا: الفارسية والأوردية، والكردية، والملايو، والبشتو.

    ب‌- في إفريقيا: الهوسا، والفلانية، والكانوري.

    ت‌- كما توجد لغات بقت سنين عديدة تكتب بذلك الحرف حتى غيرت مؤخرا لأسباب متعددة منها: التركية، والصومالية، والسواحلية.

    أول ظهور للعربية:

    لم يعرف على وجه الدقة متى ظهرت كلمة العرب؛ وكذلك جميع المفردات المشتقة من الأصل المشتمل على أحرف العين والراء والباء، مثل كلمات عربية وأعراب وغيرها.

    وأقدم نص أثري ورد فيه اسم العرب هو اللوح المسماري المنسوب للملك الآشوري (شلمانصر الثالث) في القرن التاسع قبل الميلاد، ذكر فيه انتصاره على تحالف ملوك آرام ضده بزعامة ملك دمشق، وأنه غنم ألف جمل من جنديبو من بلاد العرب.

    ويذكر البعض –من علماء اللغات- أن كلمة عرب وجدت في بعض القصص والأوصاف اليونانية والفارسية وكان يقصد بها أعراب الجزيرة العربية.

    ولم يكن هناك لغة عربية معينة، لكن جميع اللغات التي تكلمت بها القبائل والأقوام التي كانت تسكن الجزيرة العربية سميت لغات عربية، وهي لغات متطورة من البابلية وغيرها، ومنها لغة عاد وثمود وسواهم، وكانت لغات متقاربة وتتطور حينا بعد حين، وتتغير.

    ومن تلك اللغات القديمة اللغة المهرية المستخدمة حتى الآن في ثمود وسوقطرى.

    ولم تكن تلك اللغات تكتب بالأحرف العربية التي نعرفها الآن، ولكنها مرت بعدة تحولات كما سيأتي.

    من هم العرب؟:

    كان لنوح عليه السلام عدة أبناء منهم سام الذي تنتسب إليه كل الشعوب السامية؛ ومنهم العرب.

    وكان لسام بن نوح خمسة أبناء وهم:(إرم، ولاوذ، وأرفخشذ، وآشور، وعيلام).

    والقوم الذين اصطلح لاحقا على تسميتهم عربا، يعودون للأبناء الثلاثة الأوائل.

    وينقسم العرب إلى عرب بائدة وعرب عاربة وعرب مستعربة.

    فأما إرم بن سام فمن نسله جزء من العرب البائدة، وبعض العرب العاربة.

    وأما لاوذ بن سام فمن نسله بعض العرب البائدة.

    وأما أرفخشذ بن سام فمن نسله بعض العرب العاربة وكل العرب المستعربة، ومن أحفاده إبراهيم عليه السلام؛ وجميع أبناءه ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم.

    العرب البائدة:

    وهم العرب الذي كانوا في الجزيرة العربية في السنوات الغابرة ثم بادوا وانتهوا، ومنهم عاد المنتسبين لجدهم عاد بن عوص بن إرم، ويسمون عاد إرم، ومنهم ثمود وجديس وغيرهم من نسل إرم بن سام بن نوح.

    ومن نسل لاوذ بن سام بن نوح العمالقة وطسم وهم أصحاب الرس.

    العرب العاربة:

    ويسمون (القحطانية) وهم الذي كانت عندهم اللغة العربية القديمة، ومنهم أخذ العدنانيون العربية الحديثة.

    ومنهم سبأ وحمير ومعين وجرهم وهم من نسل عاد الذي يعود نسله لإرم بن سام.

    ومنهم حضرموت وعمان وهم من نسل أرفخشذ بن سام.

    فسبأ –مثلا- الذي ينتسب إليه قوم سبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام.

    وهود من نسل عاد ونبيهم، وهم من نسل إرم بن سام بن نوح.

    وقحطان بن هود هو الذي انتسب له القحطانيون، وقيل أنه أول من تكلم بالعربية، وقيل بل ولده يعرب بن قحطان، وهما جدان لمعظم العرب البائدة والعاربة، فمن أحدهما كان منشأ اللغات العربية القديمة.

    وهذه اللغات القديمة التي تطورت عصرا بعد عصر انقسمت إلى قسمين:

    أ‌- لغات عربية جنوبية قديمة:عند أقوام جنوب الجزيرة العربية، مثل المعينية والسبأية والحميرية، وكانت تكتب بالحرف المسندي.

    ب‌- لغات عربية شمالية قديمة:عند أقوام شمال الجزيرة العربية، مثل اللغات الثمودية واللحيانية والصفوية، وكانت تكتب بالحرف الثمودي.

    ولا يتيسر الآن لأحد منا أن يفهم شيئا من كتابة أولئك القوم سواء باللغة الشمالية أو الجنوبية، إلا بدراسة تلك الحروف والكتابات.

    العرب المستعربة:

    ويسمون (العدنانية)، وجدهم النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ويرجع نسب إبراهيم إلى أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام.

    وحين أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يترك ولده إسماعيل عليه السلام في ذلك الوادي غير ذي زرع، كان إبراهيم يقوم بغرس العرب العدنانية الذين سيشكلون جزءا من العرب لاحقا.

    فعندما نبع ماء زمزم جاء قوم من جرهم القحطانيين فسكنوا مع إسماعيل هناك، وأخذ منهم العربية الجنوبية القديمة التي خلط شيئا منها مع لغة أبيه الكلدانية.

    ثم جاء العماليق وتزوج إسماعيل منهم، ثم تزوج من جرهم، كان له الكثير من الولد، وانتشر نسله.

    وكان من أحفاده –بعد عدة أجيال- رجل اسمه عدنان، إليه ينتسب أبناء إسماعيل.

    وقد تأثرت لغتهم باللغات العربية الشمالية الموجودة حولهم حينئذ ومنها الثمودية واللحيانية تأثرا ظاهرا.

    ونشأ من ذلك التزاوج بين اللغتين العربيتين الجنوبية (من جرهم والعماليق) والشمالية من (الثمودية واللحيانية) إضافة للمصطلحات الكلدانية اليسيرة (من إبراهيم) نشأت اللغة العربية الحديثة التي هي أم اللغة العربية الفصحى كما سيأتي.

    وقد استمرت أكثر من ألفي سنة حتى تطورت إلى اللغة العربية الفصحى، بعد أن مرت على سنة التطور والتغير.

    اللغة العربية الفصحى:

    تطورت اللغة العربية الحديثة عبر مئات السنين، وبعد مرور أكثر من ألفي سنة من ولادتها أصبحت –قبيل الإسلام- تسمى (لغة مضر) وتستخدم في شمال الجزيرة وقد قضت على اللغة العربية الشمالية القديمة وحلت محلها.

    بينما كانت تسمى اللغة العربية الجنوبية القديمة (لغة حمير)، نسبة إلى أعظم ممالك اليمن حينذاك.

    وما كاد النصف الأول للألفية الأولى للميلاد ينقضي حتى كانت هناك لقريش ولغة لربيعة ولغة لقضاعة، وهذه تسمى لغات وإن كانت مازالت في ذلك الطور لهجات فحسب، ويفهم كل قوم غيرهم بسهولة، كما كانوا يفهمون لغة حمير أيضا وإن بشكل أقل.

    وكان نزول القرآن في تلك الفترة هو الحدث العظيم الذي خلد إحدى لغات العرب حينذاك، وهي اللغة التي نزل بها –والتي كانت أرقى لغات العرب- وهي لغة قريش.

    وسميت لغة قريش مذاك اللغة العربية الفصحى.

    يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

    (وكذلك أنزلناه حكما عربيا…)،( وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا)،(وهذا لسان عربي مبين).

    تطور الكتابة العربية:

    أسلفنا أن اللغات العربية القديمة كانت تكتب بالخطين المسندي والثمودي.

    ثم دخل مع اللغة العربية الحديثة الخط النبطي المأخوذ من الفينيقيين، وقيل أنه نسبة لنابت بن إسماعيل عليه السلام.

    وأخذ ذلك الخط مكان الخط الثمودي في شمال الجزيرة، وأصبح الخط المعتمد في لغة مضر (العربية الحديثة)، أما لغة حمير (العربية القديمة الجنوبية) فحافظت على الخط المسندي.

    وأخذ الخط النبطي –الذي هو أبو الخط العربي الحديث- يتطور أيضا.

    وكان أقدم نص عربي مكتشف مكتوبا بالخط النبطي وهو (نقش النمارة) المكتشف في سوريا، والذي يرجع لعام 328م.

    ولنحاول المقارنة في هذا الجزء من ذلك النص مع الحروف العربية الحديثة:



    امرء القيس بن عمرو ملك العرب

    وفي الفترة السابقة للإسلام كانت هناك خطوط أخرى حديثة للغة مضر مثل الخط الحيري (نسبة إلى الحيرة)، والخط الأنباري (نسبة إلى الأنبار).

    وعندما جاء الإسلام كان الخط المستعمل في قريش هو الخط النبطي المطور، وهو الخط الذي استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة رسائله للملوك والحكام حينذاك، ويلحظ في صور بعض تلك الخطابات الاختلاف عن الخط العربي الحديث الذي تطور من ذلك الخط.

    وبعض المختصين يعتبرون ذلك الخط النبطي المطور عربيا قديما، وأقدم مكتشفات منه (نقش زبد) 513م، و(نقش أم الجمال) 568م.

    الخط العربي الحديث:

    كان الحجازيون أول من حرر العربية من الخط النبطي، وبدأ يتغير بشكل متقارب حتى عهد الأمويين حين بدأ أبو الأسود الدؤلي بتنقيط الحروف.

    ثم أمر عبد الملك بن مروان عاصما الليثي ويحيى بن يعمر بتشكيل الحروف، فبدأوا بعمل نقطة فوق الحرف للدلالة على فتحه، ونقطة تحته للدلالة على كسره، ونقطة عن شماله للدلالة على ضمه.

    ثم تطور الوضع إلى وضع ألف صغيرة مائلة فوق الحرف للفتح، وياء صغيرة للكسر، وواو صغيرة للضم.

    ثم تطور الوضع للشكل الحالي في الفتح والكسر والضم.

    كما انتشرت الخطوط العربية وتفشت في البلاد والأمصار.

    من مميزات اللغة العربية:

    للغة العربية مميزات تميزها عن كل لغات العالم، ويجعلها نعمة حقيقية يتمتع بها العارفون بها والمحبون لها، منها:

    1- أنها لغة القرآن الكريم التي اختار –عز وجل- أن ينزل بها آخر كتبه التي سيتعبد به إلى نهاية تاريخ البشرية.

    2- أنها أقل لغات العالم تطورا منذ نزول القرآن الكريم، فلا توجد لغة مر عليها أكثر من ألف عام وما زال أهلها يمكنهم قراءة وفهم نصوصها بسهولة مثلها، وبعدها العبرية.

    3- الإعراب ميزة للغة العربية، حيث يشمل كل المفردات من اسم وفعل وحرف، ورغم وجود الإعراب في بعض اللغات الأخرى مثل الهندية والعبرية والحبشية والجرمانية والمصرية القديمة، إلا أنه إعراب قاصر ببعض الكلمات دون بعض.

    4- ومن المميزات ضبط الكلمة بالشكل من ضم وفتح وكسر، فكلمة علم -مثلا- يمكن أن تقرأ على سبعة أوجه حسب تشكيلها (عَلِم، عُلِم، عَلَّم، عُلِّم، عَلِّم، عِلم، عَلَم).

    وختاما:

    هذه هي لغتنا المقدسة، رأينا كيف تطورت عبر العصور حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، ويحس بجمالها الحقيقي وقيمتها من يدرسها ويتعلمها، وكفاها شرفا أنها لغة القرآن الكريم.

    التعديل الأخير تم بواسطة منصور الشامه ; 27/02/2010 الساعة 09:26 AM سبب آخر: لبعض الاسباب
    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية نجوى محمد
    تاريخ التسجيل
    16/04/2008
    العمر
    36
    المشاركات
    159
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    موضوع رائع جدا استاذ منصور الشامة
    سلمت يمناك لما قدمت لنا
    فمن المهم أن نعرف أصل اللغات وكيف تطورت
    تقبل مروري وتحياتي وخالص مودتي

    TO BE OR NOT TO BE

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية نظام الدين إبراهيم أوغلو
    تاريخ التسجيل
    23/09/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    661
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    الأخ الكريم منصور الشامة

    قبل كل شىء أشكركم على بحثكم الجيد، ولكن هناك بعض النواقص للبحث فمثلاً لم أرَ جواباً للأسئلة التي سئلتموه أدناه جواباً في البحث

    فكيف نشأت تلك اللغات؟ وتفرعت كل ذلك التفرع؟ وماهي اللغة الأم للبشرية؟

    ثمّ تقولون أنّ:

    1- غير متصرفة: مثل اللغة التركية.

    هذا غير صحيح ففي اللغة التركية مثل العربية والإنجليزية والفارسية وبقية اللغات تصريف أنظر المثال أدناه

    Geldi Geliyor Geliyorlar Geliyoruz Gelmek

    Kitap İki kitap Kitaplar vs

    بمعنى أتى يأتي يأتون تأتون آت

    كتاب كتابان كتب ونحو ذلك

    ودمتم في آمان الله

    التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى الزايد ; 26/02/2010 الساعة 02:56 AM
    (إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لستَ منهم في شيء إنما أمرهم الى الله ثم ينبؤهم بما كانوا يفعلون) صدق الله العظيم.

  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجوى محمد مشاهدة المشاركة
    موضوع رائع جدا استاذ منصور الشامة
    سلمت يمناك لما قدمت لنا
    فمن المهم أن نعرف أصل اللغات وكيف تطورت
    تقبل مروري وتحياتي وخالص مودتي
    نجوى

    سلمت على الزياره الجميلة والحلوة


    يعطيك العافيه على المرور المثالي

    التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى الزايد ; 04/03/2010 الساعة 10:00 AM
    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نظام الدين إبراهيم أوغلو مشاهدة المشاركة
    الأخ الكريم منصور الشامة
    قبل كل شىء أشكركم على بحثكم الجيد، ولكن هناك بعض النواقص للبحث فمثلاً لم أرى جواباً للأسئلة التي سئلتموه أدناه جواباً في البحث
    فكيف نشأت تلك اللغات؟ وتفرعت كل ذلك التفرع؟ وماهي اللغة الأم للبشرية؟
    ثمّ تقولون أنّ:
    1- غير متصرفة: مثل اللغة التركية.
    هذا غير صحيح ففي اللغة التركية مثل العربية والإنجليزية والفارسية وبقية اللغات تصريف أنظر المثال أدناه
    Geldi Geliyor Geliyorlar Geliyoruz Gelmek
    Kitap İki kitap Kitaplar vs
    بمعنى أتى يأتي يأتون تأتون آت
    كتاب كتابان كتب ونحو ذلك
    ودمتم في آمان الله
    استاذي العزيز نظام الدين

    سلمت استاذي على التعديل والمراجعه

    اخي هذا ما حصلت عليه
    ومشكور على المرور المثالي

    التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى الزايد ; 04/03/2010 الساعة 09:59 AM
    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    مدير عـام الصورة الرمزية مصطفى الزايد
    تاريخ التسجيل
    21/08/2008
    المشاركات
    1,382
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....


    الأستاذ منصور شامة
    تحية لك ، وشكرا على هذا البحث.
    لكنني أقف عند ملاحظة الأستاذ نظام الدين أوغلو ؛ الأسئلة التي طرحتها في بداية الموضوع ، لكنك لم تورد إجابات عليها.

    وقلت: "ويدعي البعض أن كلمة (لغة) في العربية مأخوذة من لفظة (لوغوس) اليونانية ومعناها (كلمة) ".
    ولم تعلق على الموضوع بشيء. مع علمنا أن كلمة (لغو) جذر أصلي في العربية ، وورد ذكره في القرآن الكريم(لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم).

    وملاحظة أخرى هي أن الباحث الذي يصل إلى مستوى البحث في اللسانيات وأصول اللغة هو إنسان متمكن من لغته عاشق للفصاحة.
    وقد تم التعليق على الموضوع من قبل عضوين بلغة فصيحة ، فكان ردك عليهم باللغة العامية. (نجوى .. يسلمو على الزياره الجميله والحلوه ). و (يسلمو استاذي على التعديل والمراجعه اخوي فهذا ما حصلت عليه )!

    أنـا الـحــرّ الــــذي أفـنـى تـلادي
    وقـوفي حـيـث يـرتـقـب الـرجـال

  7. #7
    (يرجى تصحيح الإيميل ثم إبلاغ الإدارة) الصورة الرمزية أم سلمى
    تاريخ التسجيل
    02/12/2006
    المشاركات
    170
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا أخى الفاضل صاحب الموضوع
    وأثمن غاليا تعليقات الأساتذة الأفاضل

    والبحث له بقية كنت قرأته كاملا هنا

    فاسمحوا لى بنقل الجزء المتبقى حتى يكتمل الموضوع
    ولكم جميعا جزيل الشكر
    تقبلوا تحيتى

    لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  8. #8
    (يرجى تصحيح الإيميل ثم إبلاغ الإدارة) الصورة الرمزية أم سلمى
    تاريخ التسجيل
    02/12/2006
    المشاركات
    170
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اللغة الأم للبشرية:
    كان اليهود قد أشاعوا عند الناس قبل الاكتشافات الأثرية أن لغتهم العبرانية هي اللغة الأم للناس، وأنها لغة آدم والقرون الأولى، وانتشر هذا الاعتقاد في أوروبا في القرون الوسطى.
    ولما جاءت الاكتشافات الأثرية وتشكل علم اللغات لم تقو تلك الدعوى على الصمود، حيث اكتشفت كتابات بلغات أخرى قبل الزمن الذي دونت فيه التوراة، وأرسل فيه موسى، بل قبل زمن إبراهيم عليه السلام، ولم يعثر على كتابات أو آثار عبرية من تلك الأزمان المتقدمة بتاتا.
    فقد وجدت سجلات مكتوبة باللغة الصينية ترجع إلى قبل ثلاثة آلاف وخمسمائةسنة، أي في حدود 1500 ق.م، كما وجدت سجلات بالكتابة الهيروغليفية المصرية القديمة قبل خمسة آلاف عام, أما أقدم سجلات مكتوبة ومعروفة حتى الآن فهي صور الكلمات السومرية المكتوبة قبل حوالي خمسة آلاف وخمسمائة عام، أي في حدود 3500 ق.م.
    وعلى هذا الأساس؛ وعلى أساس دراسات التشابه اللغوي والاشتقاقات اللغوية والصوتية في اللغات، وأسس علمية أخرى؛ يرى بعض علماء اللغات أن اللغة البابلية هي اللغة الأم للبشرية، وهي اللغة التي تكونت السومرية منها.
    كما أن هناك فرضيات أخرى للغة الأم منها السريانية والعربية.
    والراجح أن اللغة البابلية هي لغة الناس الأم بعد الطوفان، في حدود الألف الرابعة قبل الميلاد.
    وهنا يتبادر السؤال المهم:

    كيف؛ ولماذا اختلفت اللغات وتنوعت؟

    نشأت الحضارة الأولى في العراق بين نهري دجلة والفرات، وهي حضارة البشرية بعد الطوفان ولغة الناس حينئذ البابلية.
    وحصل أن الناس كثروا بعد ذاك فتفرقوا في الأرض في هجرات جماعية طلبا للعيش وبحثا عن الرزق، وكان من أول الهجرات تلك التي كانت إلى بلاد النيل، وإلى الصين، وكونت حضارات كبرى مشهورة.
    وبدأ الناس يجدون في أماكنهم التي وصلوها أشياء جديدة، فيسمونها بأسماء يخترعونها، وتكون الأسماء المخترعة مختلفة بين أصحاب كل حضارة، وتعتمد الإضافات على أصوات ما يرون ويسمعون، وبدأت تضاف مع الأيام كلمات أخرى واختصارات وألفاظ جديدة على حسب الحاجة، واشتد الخلاف مع مرور السنين.
    ثم أصبحت تتفرع من أصحاب كل حضارة لغات أخرى أيضا بسبب الهجرة والتباعد، فتبلبلت ألسن الناس.
    هذه هي النظرية العلمية الأقوى، وعليها أكثر علماء اللغات.
    وهناك أساطير مشهورة تمتلئ بها كتب التاريخ التي تقوم على روايات ولا تعتمد على الدراسات والاكتشافات –ومنها كتب التاريخ العربية القديمة- تروي بعضها قصة طريفة لا بأس من ذكرها.
    فيذكرون أن الناس كانوا على اللغة البابلية حتى زمن النمرود الذي طلب أن يبنى له معراج عظيم للسماء ليرى رب إبراهيم النبي حينذاك، فعندما صعد السقف خر عليه وعلى قومه فنتج من سقوطه وما أحدثه من خوف عند الناس وذهول شديد أن تبلبلت ألسن الناس، وتفرقت فأصبحت كل مجموعة منهم تتكلم بلغة لا يفهمها الآخرون، وتفرقت كل مجموعة بلغتها إلى بلد من البلدان، فكانت أساس اللغات.
    ورغم أن القصة تقوم على مجرد روايات منقطعة، لكن يمكن اعتبارها فرضية في هذا المجال لأمور:
    منها دعواها أن البابلية هي أساس اللغات، وهذا ما يذهب إليه بعض خبراء علم اللغات الحديث بتجاربه، بعد تدوينه في تلك الكتب بألف عام أو يزيد.
    ومنها ذكر أن ذلك حصل في زمن إبراهيم (أواخر الألف الثالث قبل الميلاد) وهو زمن قريب من زمن نظرية الحضارة الأولى السابقة(أوائل الألف الثالثة للميلاد).
    هذا بغض النظر عن قصة النمرود وما حصل له مع إبراهيم من مواجهات، ومحاولته بناء المعراج، وتلك قصص حقيقية عرج عليها القرآن تصريحا أو تلميحا، وانظر بعض التفاسير عند آية (فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون)
    لكن أين دور الكتابة في المحافظة على اللغة في النظريتين السابقتين؟

    متى نشأت الكتابة للغات؟:

    الرأي السائد عند علماء اللغات أن الكتابة لم تظهر إلا بعد اللغة المنطوقة بفترة طويلة، وأن الناس لم يكونوا يستخدمون الكتابة في عصورهم الأولى.
    ويرجع بعض علماء اللغة ظهور الكتابة لمنتصف القرن الخامس قبل الميلاد!

    لغة الإسبرانتو:

    وهي لغة عالمية حاول بعض العلماء اختراعها في القرن الماضي، لتعميمها على الناس كلهم، ودعمتها بعض الدول والمنظمات العالمية، وتعلمها مئات الآلاف من الناس حينذاك، ولم تستمر الفكرة إلا سنوات قليلة حتى ضعفت وتلاشت، لفقدانها الخصائص الثقافية التي في كل اللغات الحية القديمة.

    كيف يتعلم الناس اللغة؟:

    يتعلمونها بطريقة تلقائية، فيشعر الصغار بالحاجة للتعبير عن احتياجاتهم الخاصة؛ ومن ثم يبدأون الاستماع للكبار وتقليدهم، ثم يتعلمون تدريجيا انتقاء ونطق الأصوات المستخدمة في اللغة السائدة في مجتمعاتهم.
    نظرية تطور اللغات:
    بنية اللغة –أي لغة- لا تبقى ثابتة بدون تغير، فقواعدها ومفرداتها وأنماطها الصوتية كلها تتغير مع الاستعمال ومرور الأجيال.
    ويكون التغير عادة بطيئا جدا، وتحدث معظم التغييرات للأشياء التي تستجد ولما يتغير في الحياة.
    فمثلا لا يلاحظ الإنجليز تغير لغتهم من سنة إلى أخرى؛ ولكن إذا حاول الحاليون منهم قراءة نصوص إنجليزية قديمة فسيجدون أنها مختلفة عما يتحدثون به بقدر اختلاف الألمانية والدانماركية عنها.
    وهناك لغات تعتبر الآن ميتة رغم أنها أصول لبعض اللغات الحية لعدم وجود من يتكلم بها أو حتى يفهمها في الوقت الحالي، مثل السومرية والبابلية والحثية والأكادية والمصرية القديمة والعربية الحميرية.
    وحتى نحن معاشر العرب توجد لغات عربية قديمة لا يمكننا قراءة أو فهم كلمة منها، مثل اللغات المسندية كالحميرية والسبأية والمعينية والقتبانية رغم أنها كلها لغات عربية، ولكنها تكتب بحروف ورسومات أخرى.
    وحتى لو تعلم الإنسان قراءة تلك الحروف والمفردات فإنه لن يفهم من تلك اللغات –إذا قارنها بالعربية الحديثة- إلا حزءا يسيرا، وهو عبارة عن الكلمات التي مازالت حتى الآن على صورتها.
    بل حتى اللغة العربية في فترات الجاهلية يصعب على كثير من الناس فهم كثير من مفرداتها التي تعتبر الآن غريبة وتجاوزها الزمن وأصبحت لا تستخدم بسبب نظرية التطور في اللغات.
    ولننظر إلى هذا النص الشعري العربي من الجاهلية وهو من معلقة طرفة بن العبد التي كانت معلقة على الكعبة:
    أمـون كألواح الإران نصـأتهـا على لاحـب كأنـه ظهـر بـرجـد
    جـمالية وجناء تـردي كـأنهـا سـفنـجـة تبـري لأزعـر أربـد
    تباري عتاقا ناجيـات وأتبعـت وظيفـا وظيفـا فوق مور معبد
    تربعت القفين في الشول ترتعي حـدائق مـولي الأسـرة أغـيـد
    كأن علـوب النسع في دأيـاتها موارد من خلقاء في ظهر قردد


    كل هذا مما يؤكد نظرية تطور اللغات.
    وتبذل مجمعات اللغة العربية في العصر الحديث جهودا حثيثة لتعريب كثير من المصطلحات الناشئة مثل مصطلحات الحضارة الحديثة، ومنها كلمات الطائرة والقطار والسيارة والبرقية.
    مكانة اللغة العربية:
    اللغة العربية من اللغات السامية التي شهدت تطورا كبيرا وتغيرا في مراحلها الداخلية.
    وللقرآن الكريم فضل عظيم على اللغة العربية حيث بسببه أصبحت هذه اللغة الفرع الوحيد من اللغات السامية الذي حافظ على توهجه وعالميته؛ في حين اندثرت معظم اللغات السامية، وما بقي منها غدا لغات محلية ذات نطاق ضيق مثل العبرية والحبشية.
    واللغة العربية يتكلم بها الآن قرابة 300مليون إنسان كلغة أم،
    كما يتحدث بها من المسلمين غير العرب قرابة العدد نفسه كلغة ثانية.
    ومن تأثير اللغة العربية على محيطها وعلى المسلمين أن هناك عدة لغات أخرى تكتب بالحرف العربي الحديث، ومنها:
    أ‌- في آسيا: الفارسية والأوردية، والكردية، والملايو، والبشتو.
    ب‌- في إفريقيا: الهوسا، والفلانية، والكانوري.
    ت‌- كما توجد لغات بقت سنين عديدة تكتب بذلك الحرف حتى غيرت مؤخرا لأسباب متعددة منها: التركية، والصومالية، والسواحلية.
    أول ظهور للعربية:
    لم يعرف على وجه الدقة متى ظهرت كلمة العرب؛ وكذلك جميع المفردات المشتقة من الأصل المشتمل على أحرف العين والراء والباء، مثل كلمات عربية وأعراب وغيرها.
    وأقدم نص أثري ورد فيه اسم العرب هو اللوح المسماري المنسوب للملك الآشوري (شلمانصر الثالث) في القرن التاسع قبل الميلاد، ذكر فيه انتصاره على تحالف ملوك آرام ضده بزعامة ملك دمشق، وأنه غنم ألف جمل من جنديبو من بلاد العرب.
    ويذكر البعض –من علماء اللغات- أن كلمة عرب وجدت في بعض القصص والأوصاف اليونانية والفارسية وكان يقصد بها أعراب الجزيرة العربية.
    ولم يكن هناك لغة عربية معينة، لكن جميع اللغات التي تكلمت بها القبائل والأقوام التي كانت تسكن الجزيرة العربية سميت لغات عربية، وهي لغات متطورة من البابلية وغيرها، ومنها لغة عاد وثمود وسواهم، وكانت لغات متقاربة وتتطور حينا بعد حين، وتتغير.
    ومن تلك اللغات القديمة اللغة المهرية المستخدمة حتى الآن في ثمود وسوقطرى.
    ولم تكن تلك اللغات تكتب بالأحرف العربية التي نعرفها الآن، ولكنها مرت بعدة تحولات كما سيأتي.
    من هم العرب؟:
    كان لنوح عليه السلام عدة أبناء منهم سام الذي تنتسب إليه كل الشعوب السامية؛ ومنهم العرب.
    وكان لسام بن نوح خمسة أبناء وهم:(إرم، ولاوذ، وأرفخشذ، وآشور، وعيلام).
    والقوم الذين اصطلح لاحقا على تسميتهم عربا، يعودون للأبناء الثلاثة الأوائل.
    وينقسم العرب إلى عرب بائدة وعرب عاربة وعرب مستعربة.
    فأما إرم بن سام فمن نسله جزء من العرب البائدة، وبعض العرب العاربة.
    وأما لاوذ بن سام فمن نسله بعض العرب البائدة.
    وأما أرفخشذ بن سام فمن نسله بعض العرب العاربة وكل العرب المستعربة، ومن أحفاده إبراهيم عليه السلام؛ وجميع أبناءه ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم.
    العرب البائدة:
    وهم العرب الذي كانوا في الجزيرة العربية في السنوات الغابرة ثم بادوا وانتهوا، ومنهم عاد المنتسبين لجدهم عاد بن عوص بن إرم، ويسمون عاد إرم، ومنهم ثمود وجديس وغيرهم من نسل إرم بن سام بن نوح.
    ومن نسل لاوذ بن سام بن نوح العمالقة وطسم وهم أصحاب الرس.
    العرب العاربة:
    ويسمون (القحطانية) وهم الذي كانت عندهم اللغة العربية القديمة، ومنهم أخذ العدنانيون العربية الحديثة.
    ومنهم سبأ وحمير ومعين وجرهم وهم من نسل عاد الذي يعود نسله لإرم بن سام.
    ومنهم حضرموت وعمان وهم من نسل أرفخشذ بن سام.
    فسبأ –مثلا- الذي ينتسب إليه قوم سبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام.
    وهود من نسل عاد ونبيهم، وهم من نسل إرم بن سام بن نوح.
    وقحطان بن هود هو الذي انتسب له القحطانيون، وقيل أنه أول من تكلم بالعربية، وقيل بل ولده يعرب بن قحطان، وهما جدان لمعظم العرب البائدة والعاربة، فمن أحدهما كان منشأ اللغات العربية القديمة.
    وهذه اللغات القديمة التي تطورت عصرا بعد عصر انقسمت إلى قسمين:
    أ‌- لغات عربية جنوبية قديمة:عند أقوام جنوب الجزيرة العربية، مثل المعينية والسبأية والحميرية، وكانت تكتب بالحرف المسندي.
    ب‌- لغات عربية شمالية قديمة:عند أقوام شمال الجزيرة العربية، مثل اللغات الثمودية واللحيانية والصفوية، وكانت تكتب بالحرف الثمودي.
    ولا يتيسر الآن لأحد منا أن يفهم شيئا من كتابة أولئك القوم سواء باللغة الشمالية أو الجنوبية، إلا بدراسة تلك الحروف والكتابات.
    العرب المستعربة:
    ويسمون (العدنانية)، وجدهم النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ويرجع نسب إبراهيم إلى أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام.
    وحين أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يترك ولده إسماعيل عليه السلام في ذلك الوادي غير ذي زرع، كان إبراهيم يقوم بغرس العرب العدنانية الذين سيشكلون جزءا من العرب لاحقا.
    فعندما نبع ماء زمزم جاء قوم من جرهم القحطانيين فسكنوا مع إسماعيل هناك، وأخذ منهم العربية الجنوبية القديمة التي خلط شيئا منها مع لغة أبيه الكلدانية.
    ثم جاء العماليق وتزوج إسماعيل منهم، ثم تزوج من جرهم، كان له الكثير من الولد، وانتشر نسله.
    وكان من أحفاده –بعد عدة أجيال- رجل اسمه عدنان، إليه ينتسب أبناء إسماعيل.
    وقد تأثرت لغتهم باللغات العربية الشمالية الموجودة حولهم حينئذ ومنها الثمودية واللحيانية تأثرا ظاهرا.
    ونشأ من ذلك التزاوج بين اللغتين العربيتين الجنوبية (من جرهم والعماليق) والشمالية من (الثمودية واللحيانية) إضافة للمصطلحات الكلدانية اليسيرة (من إبراهيم) نشأت اللغة العربية الحديثة التي هي أم اللغة العربية الفصحى كما سيأتي.
    وقد استمرت أكثر من ألفي سنة حتى تطورت إلى اللغة العربية الفصحى، بعد أن مرت على سنة التطور والتغير.
    اللغة العربية الفصحى:
    تطورت اللغة العربية الحديثة عبر مئات السنين، وبعد مرور أكثر من ألفي سنة من ولادتها أصبحت –قبيل الإسلام- تسمى (لغة مضر) وتستخدم في شمال الجزيرة وقد قضت على اللغة العربية الشمالية القديمة وحلت محلها.
    بينما كانت تسمى اللغة العربية الجنوبية القديمة (لغة حمير)، نسبة إلى أعظم ممالك اليمن حينذاك.
    وما كاد النصف الأول للألفية الأولى للميلاد ينقضي حتى كانت هناك لقريش ولغة لربيعة ولغة لقضاعة، وهذه تسمى لغات وإن كانت مازالت في ذلك الطور لهجات فحسب، ويفهم كل قوم غيرهم بسهولة، كما كانوا يفهمون لغة حمير أيضا وإن بشكل أقل.
    وكان نزول القرآن في تلك الفترة هو الحدث العظيم الذي خلد إحدى لغات العرب حينذاك، وهي اللغة التي نزل بها –والتي كانت أرقى لغات العرب- وهي لغة قريش.
    وسميت لغة قريش مذاك اللغة العربية الفصحى.
    يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
    (وكذلك أنزلناه حكما عربيا…)الرعد37،( وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا)الأحقاف: ١٢،(وهذا لسان عربي مبين)النحل: ١٠٣
    تطور الكتابة العربية:
    أسلفنا أن اللغات العربية القديمة كانت تكتب بالخطين المسندي والثمودي.
    ثم دخل مع اللغة العربية الحديثة الخط النبطي المأخوذ من الفينيقيين، وقيل أنه نسبة لنابت بن إسماعيل عليه السلام.
    وأخذ ذلك الخط مكان الخط الثمودي في شمال الجزيرة، وأصبح الخط المعتمد في لغة مضر (العربية الحديثة)، أما لغة حمير (العربية القديمة الجنوبية) فحافظت على الخط المسندي.
    وأخذ الخط النبطي –الذي هو أبو الخط العربي الحديث- يتطور أيضا.
    وكان أقدم نص عربي مكتشف مكتوبا بالخط النبطي وهو (نقش النمارة) المكتشف في سوريا، والذي يرجع لعام 328م.
    ولنحاول المقارنة في هذا الجزء من ذلك النص مع الحروف العربية الحديثة:
    امرء القيس بن عمرو ملك العرب
    وفي الفترة السابقة للإسلام كانت هناك خطوط أخرى حديثة للغة مضر مثل الخط الحيري (نسبة إلى الحيرة)، والخط الأنباري (نسبة إلى الأنبار).
    وعندما جاء الإسلام كان الخط المستعمل في قريش هو الخط النبطي المطور، وهو الخط الذي استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة رسائله للملوك والحكام حينذاك، ويلحظ في صور بعض تلك الخطابات الاختلاف عن الخط العربي الحديث الذي تطور من ذلك الخط.
    وبعض المختصين يعتبرون ذلك الخط النبطي المطور عربيا قديما، وأقدم مكتشفات منه (نقش زبد) 513م، و(نقش أم الجمال) 568م.
    الخط العربي الحديث:
    كان الحجازيون أول من حرر العربية من الخط النبطي، وبدأ يتغير بشكل متقارب حتى عهد الأمويين حين بدأ أبو الأسود الدؤلي بتنقيط الحروف.
    ثم أمر عبد الملك بن مروان عاصما الليثي ويحيى بن يعمر بتشكيل الحروف، فبدأوا بعمل نقطة فوق الحرف للدلالة على فتحه، ونقطة تحته للدلالة على كسره، ونقطة عن شماله للدلالة على ضمه.
    ثم تطور الوضع إلى وضع ألف صغيرة مائلة فوق الحرف للفتح، وياء صغيرة للكسر، وواو صغيرة للضم.
    ثم تطور الوضع للشكل الحالي في الفتح والكسر والضم.
    كما انتشرت الخطوط العربية وتفشت في البلاد والأمصار.
    من مميزات اللغة العربية:
    للغة العربية مميزات تميزها عن كل لغات العالم، ويجعلها نعمة حقيقية يتمتع بها العارفون بها والمحبون لها، منها:
    1- أنها لغة القرآن الكريم التي اختار –عز وجل- أن ينزل بها آخر كتبه التي سيتعبد به إلى نهاية تاريخ البشرية.
    2- أنها أقل لغات العالم تطورا منذ نزول القرآن الكريم، فلا توجد لغة مر عليها أكثر من ألف عام وما زال أهلها يمكنهم قراءة وفهم نصوصها بسهولة مثلها، وبعدها العبرية.
    3- الإعراب ميزة للغة العربية، حيث يشمل كل المفردات من اسم وفعل وحرف، ورغم وجود الإعراب في بعض اللغات الأخرى مثل الهندية والعبرية والحبشية والجرمانية والمصرية القديمة، إلا أنه إعراب قاصر ببعض الكلمات دون بعض.
    4- ومن المميزات ضبط الكلمة بالشكل من ضم وفتح وكسر، فكلمة علم -مثلا- يمكن أن تقرأ على سبعة أوجه حسب تشكيلها (عَلِم، عُلِم، عَلَّم، عُلِّم، عَلِّم، عِلم، عَلَم).
    وختاما:
    هذه هي لغتنا المقدسة، رأينا كيف تطورت عبر العصور حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، ويحس بجمالها الحقيقي وقيمتها من يدرسها ويتعلمها، وكفاها شرفا أنها لغة القرآن الكريم.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    مراجع:
    1- القرآن الكريم.
    2- البداية والنهاية لابن كثير ج1، ج3
    3- الموسوعة العربية العالمية ج21
    4- دائرة معارف القرن العشرين لمحمد وجدي ج8
    5- الموسوعة العربية الميسرة ص 1557 وما بعدها
    6- المفصل في تاريخ العرب والإسلام ج1
    7- الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي م2
    8- سلسلة بهجة المعرفة (الإنسان والمجتمع) م3

    التعديل الأخير تم بواسطة أم سلمى ; 26/02/2010 الساعة 10:43 PM
    لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  9. #9
    عـضــو الصورة الرمزية د.محمد فتحي الحريري
    تاريخ التسجيل
    25/06/2009
    المشاركات
    4,840
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اخي لكم الشكر الموفور فالموضوع يغطي جانبا معرفيا هاما
    وخاصة بعد لمسات علمية رائعة مثلثة من السادة العلماء :
    أوغلـــــــــــــــــو ، والزايد ، وأم ســلمــــــــــى
    اشكركم بقوة والله الموفق ...


  10. #10
    مدير عـام الصورة الرمزية مصطفى الزايد
    تاريخ التسجيل
    21/08/2008
    المشاركات
    1,382
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    الأخت أم سلمى
    لك كل الشكر على رفد الموضوع وإغنائه.
    ولكن يتببادر لي هنا مجموعة من الأسئلة:
    قال تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها). فبأي لغة علمه الله؟ هذه هي بلا شك اللغة الأولى للإنسان.
    لماذا كان القرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي لفظه ومعناه من الله ، بينما الكتب السماوية الأخرى معناها من الله ، ولفظها من الأنبياء يصوغونها بلغة أقوامهم (مثل الحديث القدسي تماما).
    لماذا كانت العربية لغة أهل الجنة طالما أن هناك لغة اختارها الله وعلمها لآدم الذي خلقه بيده (البابلية كما جاء في موضوعك)؟
    وللحديث بقية..

    أنـا الـحــرّ الــــذي أفـنـى تـلادي
    وقـوفي حـيـث يـرتـقـب الـرجـال

  11. #11
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الزايد مشاهدة المشاركة

    الأستاذ منصور شامة
    تحية لك ، وشكرا على هذا البحث.
    لكنني أقف عند ملاحظة الأستاذ نظام الدين أوغلو ؛ الأسئلة التي طرحتها في بداية الموضوع ، لكنك لم تورد إجابات عليها.
    وقلت: "ويدعي البعض أن كلمة (لغة) في العربية مأخوذة من لفظة (لوغوس) اليونانية ومعناها (كلمة) ".
    ولم تعلق على الموضوع بشيء. مع علمنا أن كلمة (لغو) جذر أصلي في العربية ، وورد ذكره في القرآن الكريم(لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم).
    وملاحظة أخرى هي أن الباحث الذي يصل إلى مستوى البحث في اللسانيات وأصول اللغة هو إنسان متمكن من لغته عاشق للفصاحة.
    وقد تم التعليق على الموضوع من قبل عضوين بلغة فصيحة ، فكان ردك عليهم باللغة العامية. (نجوى .. يسلمو على الزياره الجميله والحلوه ). و (يسلمو استاذي على التعديل والمراجعه اخوي فهذا ما حصلت عليه )!
    يسلمو اخوي على الملامه


    لقد تم التعديل والذي لديه تعديل اخر فليعدل

    الانسان لم خلق عالم ولكن يتعلم

    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  12. #12
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    ام سلمى



    يسلمو اختي الكرمه على تتابعك للموضوع والاضافه لبقيته


    شكرا جزيلا

    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  13. #13
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.محمد فتحي الحريري مشاهدة المشاركة
    اخي لكم الشكر الموفور فالموضوع يغطي جانبا معرفيا هاما
    وخاصة بعد لمسات علمية رائعة مثلثة من السادة العلماء :
    أوغلـــــــــــــــــو ، والزايد ، وأم ســلمــــــــــى
    اشكركم بقوة والله الموفق ...
    الدكتور محمد فتحي الحرير

    ولك الشكر الجزيل والاحترام الدائم

    ولك تحياتي واخلاصي

    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  14. #14
    عـضــو الصورة الرمزية عمر أبودقة
    تاريخ التسجيل
    24/01/2009
    العمر
    66
    المشاركات
    499
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    وعلم آدم الأسماء كلها
    اللغة العربية هي أصل اللغات والله أعلم
    د‏.‏ زغلـول النجـار‏


    هذا النص القرآني الكريم جاء في الربع الأول من سورة البقرة‏,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ وآياتها مائتان وست وثمانون‏(286)‏ بعد البسملة‏,‏ ويدور محورها الرئيسي حول التشريع الإسلامي‏,‏ وهي أطول سور القرآن الكريم علي الإطلاق‏.‏

    هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض هذه السورة المباركة وما جاء فيها من تشريعات‏,‏ وعقائد‏,‏ وأخبار‏,‏ وقصص‏,‏ وقواعد أخلاقية وسلوكية‏,‏ وإشارات كونية‏,‏ ونركز هنا علي ومضتي الإعجاز الإنبائي والعلمي في الإخبار عن ذلك العلم الوهبي الذي علمه ربنا ـ تبارك وتعالي ـ لأبينا آدم ـ عليه السلام ـ عند خلقه‏.‏

    وحقيقة هذا العلم الوهبي تناقض كل ادعاءات الماديين التي تنادي بأن الإنسان بدأ أبكم جاهلاً كافراً‏,‏ ثم تعلم النطق بتقليد ما حوله من حيوانات‏,‏ وعرف ربه من خلال فزعه من الأحداث الطبيعية من حوله كالزلازل وثورات البراكين‏,‏ والعواصف والأعاصير وغيرها‏,‏وهي ادعاءات انتشرت في ظل الحضارة المادية المعاصرة هروباً من الإيمان بالخلق ومن الخضوع للخالق ـ سبحانه وتعالي ـ‏,‏ ونوجز هنا شيئاً عن ومضتي الإعجاز الإنبائي والعلمي في النص القرآني الذي اخترناه عنواناً لهذا المقال‏.

    أولاً‏:‏ من أوجه الإعجاز الإنبائي في النص الكريم‏:‏
    يؤكد هذا النص القرآني الكريم أن الإنسان بدأ عالما‏ً,‏ عابداً‏,‏ ناطقاً‏,‏ متكلماً بلغة منطقية مفهومة‏,‏ في الوقت الذي ينادي أغلب علماء الدراسات الإنسية‏(‏ الأنثروبولوجيا‏)‏ بأن الإنسان الأول لم تكن له قدرة علي الكلام‏,‏ ولم تكن له لغة يتكلم بها مع غيره سوي لغة الإشارة باليد الواحدة أو باليدين‏;‏ وأنه لم تكن له أية عقيدة محددة‏,‏ وإن تعرف علي الله ـ تعالي ـ بعد ذلك من خلال فزعه من الظواهر الطبيعية‏.‏ وانطلاقا من هذا الفهم الخاطئ كتب‏(‏ مايكل كورباليس‏)‏ الأستاذ بجامعة برنستون الأمريكية كتاباً بعنوان‏:‏ في نشأة اللغة‏:‏ من إشارة اليد إلي نطق الفم‏.‏

    ‏وجاء في هذا الكتاب ما ترجمته‏:‏ وأنا أزعم أن اللغة في معظم هذه الفترة كانت إشارية في الدرجة الأولي‏,‏ علي الرغم من أن الأصوات أخذت تتخللها بصورة متزايدة‏...‏ ويضيف‏:..‏ وقد يكون إصدار الأصوات قد خدم جزئياً ـ في نشأة اللغة ـ لكونه إضافة إلي إشارات الوجه والفم واليدين‏,‏ وجعل الإشارات غير المنظورة لكل من اللسان والتجويف الفمي مسموعة‏.‏ واللغة بالطبع ـ حتي لغة اليوم ـ نادراً ما تكون صوتية خالصة‏...‏

    وهذا التضارب في تحقيق قضية غيبية غيبة مطلقة كقضية نشأة اللغة عند الإنسان سببه الانخداع بفكرة التطور العضوي التي فندتها الكشوف العلمية أخيراً ودحضتها دحضاً كاملاً‏,‏ خاصة في مجالات مثل مجالات علوم الوراثة‏,‏ وعلم الخلية الحية‏,‏ وعلم الأحياء الجزيئي‏.‏

    وجميع ما وضع من نظريات وفروض لتفسير نشأة اللغة بعيداً عن حقيقة خلق أبينا آدم عليه السلام وتعليم خالقه له الأسماء كلها لحظة خلقه وعن تهيئة جسد الإنسان تشريحياً للنطق بالكلام‏,‏ هي نظريات وفروض باطلة‏,‏ يدحضها التقارب الشديد بين جميع لغات أهل الأرض‏,‏ وشيوع العديد من الألفاظ بينها‏,‏ خاصة بين اللغات القديمة منها‏,‏ مع تسليمنا بأن اللغة تنمو وتتطور كما ينمو ويتطور كل كائن حي‏.‏

    وتكفي في ذلك الإشارة إلي أن أكثر من خمسين في المائة من ألفاظ كل من اللغتين السريانية والعبرية هي ألفاظ عربية الأصل‏.‏ وبالتحليل الدقيق للغات أهل الأرض‏(‏ التي يقدر عددها اليوم بأكثر من خمسة آلاف لغة ولهجة‏)‏ يمكن ردها إلي أصل واحد هو لغة أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ وقد كانت اللغة العربية‏,‏ كما جاء في عدد من الآثار‏.‏

    ومن أقوال ربنا ـ تبارك وتعالي ـ المؤيدة لهذا الاستنتاج ما يلي‏:‏
    ‏1 ‏ ـ وعلم آدم الأسماء كلها‏[‏ البقرة‏:31].‏
    ‏2 ‏ ـ الرحمن‏‏ علم القرآن‏ خلق الإنسان‏‏ علمه البيان‏[‏ الرحمن‏:1‏ـ‏4].‏
    ‏3‏ ـ اقرأ باسم ربك الذي خلق‏ خلق الإنسان من علق‏‏ اقرأ وربك الأكرم‏ الذي علم بالقلم‏‏ علم الإنسان ما لم يعلم‏[‏
    العلق‏:1‏ ـ‏5].‏
    كذلك‏;‏ فإن خلق الإنسان مزوداً بأجهزة للسمع والنطق‏,(‏ منها الأذن‏,‏ واللسان‏,‏ والتجويف الفمي‏,‏ والأحبال الصوتية المرتبطة بجهاز عصبي غاية في دقة البناء‏,‏ وإحكام الأداء‏)‏ ينفي ادعاءات الدهريين بأن الإنسان بدأ وجوده جاهلاً‏,‏ كافراً‏,‏ أبكم‏,‏ ثم تعلم النطق بتقليد أصوات الحيوانات من حوله‏.

    كما تعرف علي الله من خلال فزعه من الظواهر الطبيعية‏.‏ وهذا هو موقف كثير من الملاحدة والمشركين الذين زادت أعدادهم زيادة مفزعة في ظل الحضارة المادية المعاصرة التي تتنكر لخالقها فتنسب كل شيء إلي الطبيعة‏,‏ دون أن تتمكن من تحديد دقيق لمدلول لفظة الطبيعة‏.‏
    أما نحن معشر المسلمين فنؤمن بأن الإنسان خلق عالما‏ًًًًًًًًًَ,‏ عابدا‏ًًًًُ,‏ ناطقا‏,‏ مفكرا‏,‏ مزودا بكل صفات التكريم التي كرمه بها خالقه‏,‏ ومزودا كذلك بكل الأدوات اللازمة لتأهيله بالقدرات المطلوبة لحمل أمانة الاستخلاف في الأرض‏,‏ والقيام بكل تكاليفها‏.‏

    ونحن معشر المسلمين نؤمن كذلك بأن كلا من أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ خلق بهذا التكريم‏,‏ ونكاد نجزم أنهما كانا يتكلمان العربية الفصحي‏(‏ أم اللغات كلها‏)‏ التي علمها لهما ربهما بتقديره ومنه وإحسانه‏,‏-لوجود آثار دالة على ذلك - وعلم كلا منهما حقيقة وجوده‏,‏ وفضل موجده عليه وعلي نسله من بعده‏,‏ وتفاصيل رسالته ورسالتهم‏,‏ومسئولية استخلافه واستخلافهم في الأرض‏,‏وحمل أمانة التكليف فيها‏.‏

    ومن معاني كلمة‏(‏ العربية‏)‏ الإبانة والإيضاح‏,‏ ومن هنا سمي الإعراب‏(‏إعرابا‏)‏ لتبيينه الأمر وإيضاحه‏.‏ ومن ذلك قول المسلمين في الجزيرة العربية أنهم كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي حين يعرب ـ أي حين ينطلق ويتكلم ـ أن يقول‏:‏ لا إله إلا الله سبع مرات‏.‏

    من ذلك يتضح فضل اللغة العربية علي جميع لغات أهل الأرض‏,‏ لأنها أصل هذه اللغات جميعاً‏,‏ وهي لغة أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ التي علمهما إياها رب العالمين الذي‏(‏ علم آدم الأسماء كلها‏),‏ أي أسماء كل شيء بمسمياته‏,‏ ولذلك فلابد من أن جميع لغات أهل الأرض‏(‏ المقدرة اليوم بأكثر من خمسة آلاف لغة ولهجة‏)‏ قد انبثقت عن اللغةالعربية‏,‏ التي أنزل بها ربنا ـ تبارك وتعالي ـ رسالته الخاتمة إلي الثقلين‏(‏الإنس والجن‏),‏ وتعهد بحفظ هذه الرسالة الخاتمة في نفس لغة الوحي بها‏(‏ اللغةالعربية‏),‏ فحفظت في القرآن الكريم وفي سنةخاتم النبيين ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي مدي فاق الأربعة عشر قرناً‏,‏ وتعهد ربنا ـ تبارك اسمه ـ بهذا الحفظ تعهداً مطلقاً إلي ما شاءت إرادته‏,‏ حتي يبقي الإسلام ـ الذي اكتمل في كتاب الله وفي سنة خاتم أنبيائه ورسله ـ حجة
    لله علي جميع خلقه إلي يوم الدين‏.‏

    من هنا كانت الإشارة القرآنية إلي تعليم الله ـ سبحانه وتعالي ـ لأبينا آدم ـ عليه السلام ـ الأسماء كلها‏(‏ أي أسماء كل شيء بمسمياته‏)‏ لمحة من لمحات الإعجاز الإنبائي الغيبي لو لم يخبرنا بها ربنا ـ تبارك وتعالي ـ ما كان أمام الإنسان من سبيل للوصول إليها‏,‏ ولذلك تضطرب آراء غير المسلمين في تفسير نشأة اللغة عند الإنسان‏,‏ كما ضربنا مثلاً واحداً علي ذلك‏,‏ وغيره كثير إلي درجة أنه أكثر من أن يحصي‏,‏ أو أن يعد في مقال
    محدود كالذي نكتبه‏.‏

    ثانيا‏ًًً:‏ من أوجه الإعجاز العلمي في النص الكريم‏:‏خلق الله ـ سبحانه وتعالي ـ أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ وفي فم كل واحد منهما لسان ينطق به‏,‏ وجعل لكل منهما حنجرة‏,‏ وعدداً من الأوتار الصوتية‏,‏ وشفتين‏,‏ وصفين من الأسنان‏,‏ ورئتين‏..‏ وهذه هي المكونات الأساسية للنطق‏,‏ التي يحركها المخ والجهاز العصبي‏,‏ وينظم حركاتها في أثناء الكلام حتي تخرج الحروف والألفاظ جلية واضحة‏.‏
    والمنطق السوي يحكم بأن الله ـ تعالي ـ لم يزود أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ بهذا الجهاز المتقن للكلام ثم يدعهما أبكمين لا يعرفان لغة يتكلمان بها‏.‏

    وتكفي في ذلك الإشارة إلي أن اللسان البشري يتألف من سبع عشرة عضلة متشعبة في مساحته بالكامل‏(‏ ثماني عضلات منها مزدوجة‏,‏ وعضلة واحدة مفردة‏),‏ ويتخلل هذه العضلات ويحيط بها أعداد من الخلايا والأنسجة
    المتخصصة التي من بينها أنسجة دهنية وليمفاوية‏,‏ وأعداد من الغدد اللعابية التي تبقي اللسان رطبا باستمرار‏.
    ويغلف ذلك كله بغشاء مخاطي رقيق‏.‏ وبناء علي هذا التركيب المرن جداً يستطيع الإنسان تحريك لسانه في كل الاتجاهات بمرونة كبيرة‏,‏ كما يستطيع تغيير شكل هذا اللسان وحجمه ووضعه بمرونة كبيرة كذلك‏.‏ وترتبط عضلات وأنسجة اللسان في الإنسان بفكه الأسفل بواسطة عظمة ذات رأسين تحكم حركته ولا تعوقها‏.‏

    أما الشفتان اللتان يستكمل وجه الإنسان بهما جماله‏,‏ وإحساسه‏,‏ وقدرته علي النطق فهما مليئتان‏ بالأوعية الدموية التي تتفرع بكثافة عالية في الأغشية المخاطية المكونة لهما‏,‏ ولذلك يبدوان باللون الأحمر‏.‏
    وهناك حزمة متمركزة من العضلات اللافة حول الشفتين لتمثل واحدة من مجموع العضلات المعقدة المعينة علي النطق بالكلام والمحددة لتعبيرات الوجه‏.‏ وتلعب الشفتان في الإنسان دوراً مهما في النطق‏,‏ فعند الكلام تجمع الحبال الصوتية في مكان واحد‏,‏ وتهتز جراء حركة تيار الهواء الخارج عند الزفير‏,‏ كما يتحرك كل من اللسان والشفتين والأسنان‏,‏ فيتمكن الإنسان من النطق بالكلام‏.‏

    وكذلك صممت القدرة الإلهية المبدعة كلاً من الأنف والفم في الإنسان‏,‏ علي أن يعطيا جميع المواصفات الخاصة بإطلاق الصوت‏,‏ وفي الوقت الذي تبدأ فيه الكلمات بالخروج من الفم بسلاسة‏,‏ فإن اللسان يأخذ وضعا بين الاقتراب والابتعاد من سقف الفم بمسافات محددة‏,‏ وتتقلص الشفتان أو تتوسعان‏,‏ ويتحرك في هذه العمليات العديد من العضلات بشكل سريع حتي يتحقق النطق عند الإنسان‏.‏

    ولولا هذا البناء المحكم لجهاز النطق ما استطاع الإنسان الكلام‏,‏ علي الإطلاق‏,‏ ومن هنا يمتن الله ـ الخالق البارئ المصور علي الإنسان بقوله العزيز‏:‏ ألم نجعل له عينين‏ ولساناً وشفتين‏‏ وهديناه النجدين‏‏ ‏[‏البلد‏:8‏ ـ‏10].‏

    وهل يمكن لعاقل أن يتصور خلق أجهزة الكلام المعقدة في الإنسان بغير تقدير الله؟ وهل يمكن أن يقدر الله ـ سبحانه وتعالي ـ للإنسان هذا كله ثم لا يعلمه لغة يعرف بها أسماء الأشياء؟ ومن هنا يأتي هذا النص القرآني
    الكريم معجزة علمية حقيقية‏,‏ كما يأتي معجزة إنبائية غيبية‏,‏ تشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏),‏ وحفظه‏(‏ دون نقص أو زيادة حرف واحد‏)‏ علي مدي أربعة عشر قرناً أو يزيد‏,‏ وتعهد بهذا الحفظ تعهداً مطلقاً إلي أن يشاء الله‏,‏ حتي يبقي القرآن الكريم حجة الله البالغة علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين‏.‏

    فالحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي بعثة خير الأنام ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.


  15. #15
    مدير عـام الصورة الرمزية مصطفى الزايد
    تاريخ التسجيل
    21/08/2008
    المشاركات
    1,382
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منصور الشامه مشاهدة المشاركة
    يسلمو اخوي على الملامه
    لقد تم التعديل والذي لديه تعديل اخر فليعدل
    الانسان لم خلق عالم ولكن يتعلم
    حبيبي منصور الشامة
    لم يتم تعديل شيء من مشاركاتك بـ (يسلمو) و (اخوي) وما شابه.
    وها أنت عدت إلى الألفاظ العامية ذاتها في المشاركات التالية.
    حبيبي
    أنت تكتب في جمعية لغوية ، ومشاركاتك يقرؤها لغويون وأدباء وشعراء فيشعرون بوخزة في ضميرهم عند كل كلمة عامية. لذا أرجو منك بالمحبة التي بيننا أن تستبدل كلمات (يسلمو) بـ (سلمت يداك) أو (سلمتَ). و(اخوي) بـ (أخي) ، وكل كلمة عامية وردت بمرادفها من اللغة الفصحى.
    كما أن الجمعية اتخذت قرارا بوجوب استعمال الفصحى سعيا في محاربة التهتك اللغوي ، وبحذف كل مشاركة باللهجة العامية.
    وأما عن التعديل فإنه يتم حين يكون الخطأ عارضا وفي مشاركة واحدة. أما أن نعود إلى كل المشاركات لتعديل كل ما فيها فهذا يحتاج لإنسان متفرغ يجري وراء من يكتب بالعامية ويتعقبهم فيضيع وقته المقرر للقراءة.
    تحياتي ومحبتي لك.

    أنـا الـحــرّ الــــذي أفـنـى تـلادي
    وقـوفي حـيـث يـرتـقـب الـرجـال

  16. #16
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    استاذي عمر ابو دقه


    سلمت يداك على استبيان الموضوع وتحسنه

    سلمت يمناك اخي واستاذي عمر

    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  17. #17
    عـضــو الصورة الرمزية منصور الشامه
    تاريخ التسجيل
    15/09/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    41
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    استاذي الفاضل مصطفى الزايد

    سلمت يداك على المتابعه

    وعذرا اذا كنت اخطأت او قصرت في الموضوع


    سلمت يمناك استاذي الفاضل على المتابعه

    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت **** ان السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها **** الا التي كان قبل الموت بانيها
    فأن بناها بخير طاب مسكنه ****** وان بناها بشر خاب بانيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  18. #18
    عـضــو الصورة الرمزية عزت التونسى
    تاريخ التسجيل
    14/07/2009
    العمر
    61
    المشاركات
    47
    معدل تقييم المستوى
    0

    Icon15f رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    سلمت يديك استاذ منصور وجزاك الله خيرا وشكر ا على موضوعك الرائع ومعلوماتك الثريةنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    د/ عزت التونسى

  19. #19
    (يرجى تصحيح الإيميل ثم إبلاغ الإدارة) الصورة الرمزية أم سلمى
    تاريخ التسجيل
    02/12/2006
    المشاركات
    170
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الزايد مشاهدة المشاركة
    الأخت أم سلمى
    لك كل الشكر على رفد الموضوع وإغنائه.
    لماذا كانت العربية لغة أهل الجنة طالما أن هناك لغة اختارها الله وعلمها لآدم الذي خلقه بيده
    (البابلية كما جاء في موضوعك)؟
    وللحديث بقية..
    أستاذى الكريم مصطفى الزايد
    أحييكم على المتابعة التى أثرت الموضوع
    وكما سبق ونوهت بمشاركتى الأولى فيه أن البحث منقول عن الأستاذ /محمد بن طاهر
    أى ليس لى فيه أى فضل
    أما عن أسئلتكم التى فتحت لنا آفاق من البحث
    فجزاكم الله خيرا
    وأشكر جزيلا الأستاذ المكرم /عمر أبودقة على توضيحه
    ولى توضيح بسيط على قولكم
    لماذا كانت العربية لغة أهل الجنة

    سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بماذا يخاطب الناس يوم البعث ؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب ؟ وهل صح أن لسان أهل النار الفارسية وأن لسان أهل الجنة العربية ؟
    فأجاب : " الحمد لله رب العالمين لا يُعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ ، ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا ؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك ولا رسوله عليه الصلاة والسلام ، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين ، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي ، ولا نعلم نزاعا في ذلك بين الصحابة رضي الله عنهم ، بل كلهم يكفون عن ذلك لأن الكلام في مثل هذا من فضول القول ... ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين ، فقال ناس : يتخاطبون بالعربية ، وقال آخرون : إلا أهل النار فإنهم يجيبون بالفارسية ، وهى لغتهم في النار . وقال آخرون : يتخاطبون بالسريانية لأنها لغة آدم وعنها تفرعت اللغات . وقال آخرون : إلا أهل الجنة فإنهم يتكلمون بالعربية . وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها لا من طريق عقلٍ ولا نقل بل هي دعاوى عارية عن الأدلة والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/299).
    والله أعلم ,,.....
    وللعلم أستاذى الكريم
    لم يرد في القرآن أو في السنة الصحيحة – فيما نعلم - بيان اللغة التي يتكلم بها أهل الجنة ، والوارد في ذلك حديث لا يصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، وبعض الآثار .
    فقد روى الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحبوا العرب لثلاث لأني عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنة عربي ) .
    وهذا الحديث حكم عليه ابن الجوزي بالوضع ، وقال الذهبي : أظن الحديث موضوعا ، وقال الألباني في السلسة الضعيفة (رقم 160) : موضوع .

    التعديل الأخير تم بواسطة أم سلمى ; 08/03/2010 الساعة 12:07 AM
    لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  20. #20
    (يرجى تصحيح الإيميل ثم إبلاغ الإدارة) الصورة الرمزية أم سلمى
    تاريخ التسجيل
    02/12/2006
    المشاركات
    170
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ....

    ولا أنسى تحية الأستاذ منصور الشامة على تعديله للعامية واستبدال الفصحى بها
    وأشكره جزيلا على الموضوع الذى أثرى معلوماتنا اللغوية والدينية

    ملاحظة الباء مع استبدل تدخل على المتروك

    التعديل الأخير تم بواسطة أم سلمى ; 08/03/2010 الساعة 12:30 AM
    لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •