ثم وجدت في الباب كلاما نفيسا للإمام سيد قطب رحمه الله

فيه السلوى ولذة الوجد لكل وارد لبيب

يدل على أن له في إدراك المراد فهما سديدا وإبصارا ثاقبا .

قال رحمه الله - يصف غاية تطلع الخليل عليه السلام

إلى أن يريه ربه جل وعلا كيف يحيي الموتى - :

( إنه تشوف لا يتعلق بوجود الإيمان وثباته وكماله واستقراره

وليس طلبا للبرهان أو تقوية للإيمان ..

إنما هو أمر آخر .. له مذاق آخر ..

إنه أمر الشوق الروحي إلى ملابسة السر الإلهي في أثناء وقوعه العملي

ومذاق هذه التجربة في الكيان البشري مذاق آخر غير مذاق الإيمان بالغيب

ولو كان هو إيمان إبراهيم الخليل الذي يقول لربه ، ويقول له ربه

وليس وراء هذا إيمان ، ولا برهان للإيمان ..

ولكنه أراد أن يرى يد القدرة وهي تعمل

ليحصل على مذاق هذه الملابسة فيستروح بها

ويتنفس في جوها ، ويعيش معها

وهي أمر آخر غير الإيمان الذي ليس بعده إيمان
) .


ثم قال رحمه الله :

( لقد كان – إبراهيم عليه السلام – ينشد اطمئنان الأنس

إلى رؤية يد الله تعمل واطمئنان التذوق للسر المحجب

وهو يجلى ويتكشف ، ولقد كان الله يعلم إيمان عبده وخليله

ولكنه سؤال الكشف والبيان

والتعريف بهذا الشوق وإعلانه

والتلطف من السيد الكريم الودود الرحيم

وع عبده الأواه الحليم المنيب
) .



في ظلال القرآن 1 / 301 – 302 .