" هل النووي الإيراني يهدد وجود إسرائيل؟ "
أفنير كوهين
ترجمة: صالح النعامي
في الوقت الذي ترى معظم النخب الإسرائيلية في البرنامج النووي الإيراني كتهديد وجودي، فإنه برز من بين هذه النخب من يقدم تصوراً مختلفاً. الدكتور أفنير كوهين أحد أهم الخبراء في المجال النووي ومؤلف كتاب " إسرائيل والقنبلة النووية " يرى الأمور بصورة مختلفة تماماً، فهو يؤكد أن حصول إيران على سلاح نووي لا يشكل تهديداً وجودياً بل مجرد مشكلة سياسية عالمية. ويحذر في مقال نشره في صحيفة " هارتس " من أن التعاطي الإسرائيلي الرسمي مع البرنامج النووي الإيراني يمنح شرعية لاستخدام السلاح النووي في الحروب، وهذه ترجمة المقال:
ماذا كان سيحدث لو أن قادتنا وكتاب الأعمدة لدينا تعاطوا مع للبرنامج النووي الإيراني بطريقة تختلف تماماً عن الطريقة التي يتعاطون معها حاليا؟ ماذا كان سيحدث لو أنهم لم يتعاطوا مع البرنامج النووي الإيراني كـ " تهديد وجودي "، بحيث يروا في قدرة إيران على الحصول على قنبلة ذرية كمشكلة سياسية عالمية وليس كخطر عسكري، لأن إيران مثل أي دولة أخرى في العالم لا يمكنها استخدام السلاح النووي في المواجهات الحربية. ماذا كان سيحدث لو تعاطينا مع المشروع النووي الإيراني كمجرد محاولة عاطفية وحتى طفولية للأمة الإيرانية التي تغرق في أزمة هوية عميقة لتوظيف الإنجاز النووي لكي تمنح نفسها أسطورة قومية تقوم على أساس التقدم التقني المستند إلى انجاز محلي. مثل هذا التعاطي لا يقلل من خطورة تحدي إيران للنظام النووي العالمي، لكنه في نفس الوقت يترك إدارة الصراع ضده للدول المؤتمنة على هذا النظام، وإسرائيل ليست واحدة منها، ومثل هذا التعاطي لا يلزم إسرائيل بمهاجمة إيران. ماذا كان سيحدث لو رفضنا أن نرى في أنفسنا كأناس يقعون تحت التهديد، وتجاهلنا تقريباً التهديد النووي الإيراني على إسرائيل، ورأينا في أنفسنا كما ترانا معظم دول العالم كدولة نووية مسؤولة لا تهدد غيرها من الدول، لكنها في نفس الوقت لا تقع تحت أي تهديد نووي من الآخرين. ماذا كان سيحدث لو لم نسمح للهستيريا أن تستبد بنا وبقينا هادئين على مستوى الوجودي، لأن الإيرانيين لا يتعاملون معنا كتهديد أمتهم، لأنه على الرغم من أن الإيرانيين مقتنعين بأن لدينا سلاحاً نووياً وسلاح كثير، لكنهم يرون فينا تهديداً عسكرياً وليس تهديداً وجودياً على الأمة الإيرانية. أن نظرة إستراتيجية على هذا النحو لا تلزم إسرائيل بمهاجمة إيران، لأنها لا تمثل تهديداً وجودياً عليها. في نهاية الأمر علينا أن ندرك الحكمة التي عبر عنها الرئيس الإيراني نفسه هذا الأسبوع عندما قال أن كل الحديث عن قنبلة نووية إيرانية يفتقد كل أساس. أن مهاجمة إيران لإسرائيل بقنبلة نووية لا يقضي فقط على عدد كبير من الفلسطينيين، بل أنه يسمح لإسرائيل بإبادة إيران ذاتها، من هنا فإنه لا يمكن تفهم القول بأن السلاح النووي الإيراني يمكن أن يؤدي لإبادة إسرائيل. صحيح أن محمد أحمدي نجاد كان يتمنى لو أن إسرائيل تنهار من الداخل، لكن أمة واثقة بذاتها عليها ألا تأخذ مثل هذا الكلام بجدية مبالغ فيها، وبكل تأكيد لا يمكن أن نراها فيها تهديداً وجودياً. وبخلاف كل سلاح آخر، فإن قوة السلاح النووي لا تكمن في تركيبته وقدرته التدميرية الحقيقية، بل في الإنطباع السائد عنه. أن السلاح النووي سلاح سياسي بالدرجة الأولى وهو يستند بشكل أساسي إلى الإنطباعات والفزع، وهذا يميز الانطباع عن السلاح النووي حاليا أكثر مما كان الأمر في الماضي. وقد تبين بشكل واضح مؤخراً أنه باستثناء ظروف استثنائية متطرفة لا يوجد أي احتمال في استخدام السلاح النووي. إن احتكار تراث العهد النووي بمجمله، حيث لإسرائيل مساهمة في ذلك عندما تجنبت استخدامه في حرب 1973، وهذا الأمر تحول إلى نقطة أساسية في الواقعية السياسية والعسكرية في هذا العصر. من المؤسف أننا بتصرفاتنا وتحديداً بتعاطينا الهستيري نحول مشكلة سياسية إلى تهديد وجودي. كم مؤسف أننا نمنح شرعية للتفكير الذي يرى في السلاح النووي سلاح حقيقي، بدلاً من المساعدة في نزع الشرعية عن هذا السلاح المستحيل.
رابط المقال:
http://www.haaretz.co.il/hasite/spages/1152187.html