"التصويت على التاريخ"...بشري لكم ياعرب


عجيبا حقا ماحدث في مجلس النواب الأمريكي، ، لقد نصب النواب أنفسهم، وكرَسوا جزءا من وقتهم الثمين لإعادة صياغة التاريخ ، بل وتمكنوا من أن يخضعوا التاريخ للتصويت !!!
هذا لم يكن دعابة أمريكية ولكنها وللاسف حقيقية!!!
ليس أمريكا فقط!!
من المعروف أن فرنسا سبقت إلى هذه الخطوة في عهد الرئيس السابق جاك شيراك؛ إذ صدر يوم 12/10/2006م قرار بمنزلة القانون عن "الجمعية الوطنية" يعتبر جريمة الإبادة أمرا ثابتا والتشكيك فيها -ولو في دراسات علمية جامعية- "جريمة" يعاقب عليها القانون، على غرار ما صدر من قوانين غربية بشأن "الإبادة النازية لليهود".
ويحسب أنّ أوّل ما حرّك الكونجرس الأمريكي للسير في اتجاه استخدام "قضية الأرمن" ضدّ تركيا، كانت "لجنة مكافحة التمييز اليهودية" في واشنطون يوم 24/8/2007م بإصدارها بيانا يدعو إلى الاعتراف بمذبحة الأرمن، في خطوة عدائية لتركيا أوصلت تدريجيا إلى المرحلة الثانية التي اتخذت شكل قرار غير ملزم من جانب لجنة الشئون الخارجية في الكونجرس الأمريكي يوم 11/10/2007م، مما يعتبر مقدمة لقرار يصدر عن الكونجرس نفسه.

فمن المعروف على مسرح التاريخ أن الهون وبعض القبائل التركية كانت لهم علاقات مع الأرمن، وأن هذه العلاقات استمرت وتكاثفت بصورة خاصة في عهود السلاجقة والعثمانيين. وبعبارة أخرى فإن العلاقات بين الأتراك والأرمن تعود إلى ماض سحيق.
والتوصل إلى تقييم سليم حول العلاقات التركية- الأرمنية، يتطلب البحث فيه خلال فترة زمنية قدرها ألف عام علي أقل تقدير ابتداء من ظهور السلاجقة في الأناضول.
ولكن وللاسف تم تقييمها وأصدار نتيجتها في زمن قياسي ...
من حق الكونجرس نشره في موسعة جينيس!!!
وعجب العجاب أن اللجنة ما كانت لتجتمع على هيئة "مجموعة بحث تاريخية" هكذا بل اجتمعت بناء علي قوى ضغط وجماعات مصالح تقف خلف هؤلاء النواب الذين رفعوا رايات "العدل والإنصاف" للأرمن ضحايا العسف التركي المزعوم، ولعل أهم هذه القوى والجماعات "اللوبي اليهودي" الذي يسعى في معاقبة تركيا عامة وأردوغان والعدالة والتنمية بصفة خاصة ،في الوقت الذي تقوم الحكومة لاعادة حكم الدستور بين الجيش والحكومة..
وكذا انتقاما لمواقف تركيا من غطرسة إسرائيل وعدوانيتها، وانتقادات أنقرة المتكررة لسياسات واشنطن في العراق وإيران وغيرهما، على أمل أن تعود تركيا "لأطلسيتها"، وتصطف من جديد في خنادق "التحالف الاستراتيجي" مع إسرائيل.
ولم يكلف المشرّع الأمريكي نفسه عناء البحث والتقصي عن العدالة والإنصاف في مذابح السود والهنود الحمر، والجرائم ضد الانسانية التي كانت نرتكب بحقهم في بلدهم، لم يبحثوا عن المذابح بحق الشعب الفلسطيني بداية من مذبحة دير ياسين وانتهاءا بمذبحة غزة!!!
بينما يجتمعون علي قلب رجل واحد،ليس انتصارا للأرمن من الأتراك،وانما لدس الفتن والاحقاد بين الشعوب!!!
ان كذب التارخ فنحن الكذابون!!!
تقول المصادر التاريخية الأرمينية: إن الدولة الأرمينية التاريخية في العصور القديمة كانت في المرتبة الثالثة بعد فارس والروم، قبل أن تقتسمها الدولتان، ثم تخضع لاحقا للحكم الإسلامي، إلى أن احتل الروس المنطقة، وظهرت أرمينيا بحدودها الراهنة.

وعلاوة على الرجوع بالأصل الأرميني إلى الأصل الآري الأوروبي من قبل 5000 عام، يلفت النظر في القراءة التاريخية الأرمينية الذاتية، الحديث عن أرمينيا الصغرى وأرمينيا الكبرى، والقول إن الأرض التاريخية الأرمينية تمتد من سلسلة جبال القوقاز شمالا إلى سلسلة جبال طوروس الأرمينية جنوبا على الحدود العراقية، ومن منابع نهر لفرات غربا في قلب تركيا الحديثة، وحتى بحر قزوين والعراق، فتشمل بذلك أراضي تابعة لتركيا وإيران والعراق وجيورجيا، على مساحة 358 ألف كيلو متر مربع، أي ما يعادل 12 ضعف أرض أرمينيا بحدودها الرسمية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه.

وظهرت المملكة الأرمينية الأولى في القرن السادس قبل ميلاد المسيح عليه السلام، وبلغت مساحة سيطرتها الإمبراطورية ضعف مساحة "أرمينيا التاريخية"، فامتد سلطانها إلى أفغانستان في الجنوب الشرقي وبلاد الشام في الجنوب الغربي. ونشأت المملكة الأرمينية الثانية في القرن الأول قبل الميلاد، وبقيت قائمة حتى القرن الخامس الميلادي. وتقول المصادر الأرمينية أيضا إنّ هذه المملكة (الآرشاكونية) اعتنقت المسيحية رسميا عام 301م، فسبقت بذلك الدولة الرومانية، ثم دخلت في عداء معها لتمسكها بالمذهب المسيحي الأرميني، وتعاونها لاحقا مع المسلمين، إضافة إلى العداء مع الدولة الفارسية.


أما الحملات الإسلامية التي وصلت إلى أرض "أرمينيا التاريخية" في عهد الفاروق رضي الله عنه، فقد انتهت إلى معاهدة بين الجانبين في عهد عثمان رضي الله عنه (عام 31 هـ و652م) ومنذ ذلك الحين قامت علاقات تعاون وثيق بين الجانبين على امتداد القرون التالية، وبلغت ذروتها في العهود الأموية والعباسية بما في ذلك خوض حروب مشتركة ضدّ الخزر (في منطقة بحر قزوين). وبرغم الآثار السلبية للصراع الطويل بين العثمانيين والصفويين وتقسيم المنطقة بينهما مرارًا، بقيت أوضاع الأرمن مستقرة نسبيا في العهد العثماني أيضا حتى حقبة السلطان عبد الحميد الثاني.

وتنسب المصادر الأرمينية الحديثة ما تسميه (إبادة الأرمن) إلى حقبة عبد الحميد الثاني نفسه وحقبة حزب الاتحاد والترقي من بعده، ولكن ظهور ما عُرف بقضية الأرمن كان وليد اللعبة الدولية التي بدأت مع ضعف الدولة العثمانية، فالهزيمة تجاه الدولة الروسية القيصرية أوصلت عام 1878م (1295هـ) إلى ذكر أرمينيا في معاهدات دولية، مثل معاهدتي سان ستيفانو ومعاهدة برلين، التي وافقت الدولة العثمانية فيها تحت تأثير الهزيمة العسكرية على عدد من البنود على حساب الأراضي التابعة لها، في أوروبا وآسيا، بينما رفض السلطان عبد الحميد الثاني تطبيق تلك البنود لاحقا، وهنا تقول المصادر الغربية والأرمينية إنّه قتل زهاء 300 ألف من الأرمن بين عامي 1894 و1896م (1311و1314هـ). على أنّ ما يوصف بالمذبحة الكبرى أو حرب الإبادة، كانت في حقبة حزب الاتحاد والترقي التي بدأت عام 1908م (1326هـ)، ليرسخ القومية الطورانية على حساب الخلافة الإسلامية؛ فكان هذا الانقلاب هو المقدّمة لإسقاطها لاحقا عام 1921م (1339هـ).