إذا استمرَّت الأمة في تخاذلها عن إنقاذ المقدسات
سلامة: مكة والمدينة ليستا بمنأى عن الخطر

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

[ 10/03/2010 - 02:11 م ]

القاهرة - المركز الفلسطيني للإعلام



أكد الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى ووزير الأوقاف الفلسطيني الأسبق، أن المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة ليست بمنأى عن الخطر الصهيوني إذا استمرَّت الأمة الإسلامية والنظام العربي في خذلانها قضية المقدسات الإسلامية، خاصة في ظل التصعيد الصهيوني لتهويد المقدسات وضمِّها والسعي إلى هدم المسجد الأقصى.

وأضاف في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "لو فرَّطت الأمة في المسجد الأقصى وصمتت عن المحاولات الصهيونية لتهويد القدس فإنها سوف تفرِّط في مكة والمدينة المنورة اللتين تقعان على رأس المقدسات الإسلامية".

وأوضح سلامة أن أعداء الإسلام يبرِّرون اعتداءاتهم على القدس بدعوى أنها في المرتبة الثالثة ضمن مقدسات المسلمين عقب المسجد الحرام والمسجد النبوي، لا على سلم أولوياتهم، وأن العرب أهملوا مدينة القدس على مر التاريخ، مؤكدًا كذب تلك الادعاءات وزيفها، ومشددًا على أن المسلمين لو عزفوا وصمتوا عن نصرة المسجد الأقصى فإنه سوف يأتي اليوم الذي يفرِّطون فيه أيضًا في مكة والمدينة والعياذ بالله، على حد قوله.

وقال الشيخ سلامة: "إن المسجد الأقصى لم يَعُد فيه سوى ضربة معول لهدمه، وإن بنيانه أصيب بالضعف للحفريات التي تتم أسفله"، مشيرًا إلى وجود تشقُّقات في أعمدة المسجد وجدرانه بسبب عمليات الحفر المستمرة التي تقوم بها قوات الاحتلال.

وأكد خطيب الأقصى أن حماية المسلمين للمسجد والتصدِّيَ لمحاولات تهويده والاعتداءات علي قداسته واجبٌ شرعيٌّ وأمانةٌ في عنق كل مسلم ومسلمة، ومن يتخلف عن أداء هذا الواجب فهو آثم ومقصِّر.

وحول تأثير اتجاه الحكومة الصهيونية المقبلة في مخططات التهويد، قال: "أعمال الحفر والتخريب في أساسات المسجد الأقصى ليست فكرة الحكومات اليمينية، إنما إستراتيجية صهيونية اتفقوا عليها جميعًا رغم اختلافاتهم، وكلٌّ منهم يقوم بدوره في الوقت المناسب"، مشيرًا إلى أن ملف الحفريات ليس في أيدي الحكام، إنما في أيدي الجماعات المتطرفة التي استغلت الانقسام الفلسطيني والتشرذم العربي والصمت الدولي للمضي في مخططاتها.

وأوضح أن "ارتباط الأمة الإسلامية بالمسجد الأقصى ارتباطٌ عقائديٌّ؛ لأن رحلة الإسراء والمعراج من المعجزات التي هي جزءٌ من عقيدتنا"، مشيرًا إلى أن المسجد الأقصى شهد عقد أكبر مؤتمر قمة حضره جميع المرسلين في ليلة الإسراء والمعراج، وصلَّى بهم النبي إمامًا، مذكرًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرُّهم مَن خذلهم"، قيل: أين هم يا رسول الله؟، قال: "في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".

وقال: "إنه تم إرسال خطاب مؤخرًا إلى أمين عام جامعة الدول العربية للمطالبة بطرح قضية القدس على جدول أعمال اجتماع الدول العربية المقبل، وجعل مسألة الاعتداءات "الإسرائيلية" على القدس في أولويات عمل القمة العربية المقبلة، والتي ستعقد في ليبيا، كما طالب الدول العربية والإسلامية بأن تقف مع الشعب الفلسطيني وتتبنى كل دولة قضية معينة، كأن تتبنى إحدى الدول بناء المساجد وترميم الأقصى، وواحدة تتبنى بناء المستشفيات وأخرى تتبنى توفير حراسة لحماية الأقصى، وغيرها مسؤولة عن الجامعات والمستشفيات، وأخرى عن ترميم البيوت التي هدمت؛ وذلك للتصدي لمحاولات تهويد القدس وتقسيم الأقصى التي تقوم بها "إسرائيل" ليل نهار.

وشدد على أن القدس ليست قضية المسلمين وحدهم، بل هي أيضًا تهم المسيحيين؛ وذلك لوجود عدد من الكنائس والمقدسات المسيحية.

وتساءل إمام الأقصى مستنكرًا: "ماذا كان موقف المسيحيين في العالم عندما ضربت كنيسة القيامة التي هي من أكبر مقدساتهم ويزورها الملايين سنويًّا؟!".

وحول القرارات الصهيونية ببناء 1600 وحدة استيطانية في القدس أكد سلامة أن هذا المخطط يمثل تصعيدًا واضحًا للسياسة "الاستيطانية" التي تنتهجها الحكومة الصهيونية تجاه مدينة القدس المحتلة؛ حيث قامت سلطات الاحتلال الصهيوني في الفترة الأخيرة بإقامة مئات الوحدات "الاستيطانية" في قلب مدينة القدس، كما تقوم بمحاولات إجلاء قسرية بحق عددٍ من العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح وشعفاط، وسلوان وجبل المكبر، وغيرها من أحياء المدينة المقدسة.

وأكد أن المنظمات الصهيونية في أمريكا وغيرها تمول هذه الأعمال "الاستيطانية"، وأن المليونير اليهودي "ميسكوفيتش" الذي تبرَّع بـ600 مليون دولار في السنوات الماضية لإقامة مغتصبة جبل أبي غنيم، قد أبدى استعداده لتمويل هذه المغتصبات في قلب حي رأس العامود بالمدينة المقدسة.

وقال الشيخ سلامة إن هناك مخططًا لإبعاد عشرات الآلاف من المواطنين المقدسيين الذين يحملون الهوية الزرقاء بحجة أنهم يعيشون خارج ما يسمَّى بجدار الفصل العنصري؛ وذلك من أجل تفريغ المدينة من سكانها الأصليين، واستقدام آلاف المغتصبين بدلاً منهم.

وحذر من الممارسات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الصهيوني، والمتمثلة في تطبيق سياسة التطهير العرقي بحق المواطنين الفلسطينيين في المدينة المقدسة، مبينًا المخاطر الحقيقية التي تهدد عشرات الآلاف من المقدسيين بفقدانهم حق الإقامة في مدينتهم المقدسة.

وناشد الشيخ سلامة الدول العربية والإسلامية ضرورة الإسهام في دعم المشاريع الإسكانية للأزواج الشابة داخل المدينة المقدسة، وكذلك المشاريع التعليمية، مثل جامعة القدس وجميع المؤسسات التعليمية، وكذلك دعم المشاريع الصحية، مثل مستشفى المقاصد الإسلامية ومستشفى المطلع والمركز العربي داخل المدينة المقدسة، وغير ذلك من المؤسسات الصحية، وضرورة دعم التجار عن طريق الغرفة التجارية بمدينة القدس كي يبقوا مرابطين ثابتين، وكذلك دعم سدنة الأقصى وحرَّاسه وطلاب الجامعات والعمال والأسر الفقيرة والمحتاجة، وكذلك الإسهام في دعم عمليات الترميم داخل المدينة المقدسة للمحافظة على الطابع العربي والإسلامي لها؛ وذلك من خلال عمل وقفيات لكل مشروع من هذه المشاريع، تكون مصدرًا ثابتًا ومستمرًّا للمحافظة على المدينة المقدسة، ودعم صمود أهلها.

وطالب علماء الأمة الإسلامية بتوضيح حقيقة الصراع العربي - الصهيوني بأنه صراع ديني لا صراع سياسي، محذرًا من قرب اكتمال المخططات الصهيونية لتهويد القدس.

وشدد على أن الكيان الصهيوني يهدف من هذه المخططات إلى إحكام قبضته على المدينة المقدسة وإضفاء الصبغة الصهيونية عليها وإزالة أي أثرٍ عربيٍّ أو إسلاميٍّ أو حتى مسيحيٍّ فيها، مؤكدًا أن "الأمة تمتلك كافة مقومات الانتصار من قوة اقتصادية وعقول مفكرة وأيد عاملة، ولكن ينقصنا الوحدة".

وأشار سلامة إلى أن ما يحدث في القدس الآن ليس وليد اليوم، ولكنه حلقة في مسلسل صهيوني بدأ منذ أن سيطر اليهود على المدينة المقدسة عقب عدوان 1967، وكان أول ما فعله الصهاينة هو نسف حائط المغاربة لتوسيع ما يُسمُّونه "حائط المبكى" الذي صدر قرار من عصبة الأمم عام 1931م بأن "حائط البراق" جزءٌ لا يتجزَّأ من المسجد الأقصى وملكية خاصة للمسلمين وليس لليهود أي حق فيه.