..عقلاء..عرب.. أمريكا.. و"اسرائيل "
عقلاء عرب أمريكا وإسرائيل ..
--------------------------------------------------------------------------------
القطرية العربية , حقيقة تاريخية قديمة ومتأصلة في الجغرافيا العربية , وهي "تعبر" في معظم الحالات (ولو أن الاستعمار هو من ثبتها بمعنى رسمها على الأرض وفق مصالحه على الأغلب) عن التاريخ الإنساني لشعوب (الشعوب هنا تعني تجمع قبائل) المنطقة العربية بلسانها (اللسان هنا تعني اللغة) .
القومية العربية , رؤية علمية تستند على التاريخ واللغة والمصالح ورفض الاستعمار , لصناعة دولة مستحقة وقادرة على رفع الدور الإنساني لشعوب هذه الجغرافيا إلى مستوى أكثر ايجابية , إلى مستوى الدور الطبيعي .
الواقع العربي , واقع استعماري , قطريا وسياسيا , والمعركة لذلك معركة ارتقاء في الفكر التحرري السلمي وصولا إلى قاعدة جماهيرية عربية قادرة على إحداث فعل التغيير القطري على أرضية الالتقاء القومي , الشراكة القومية الطبيعية المستقبلية .
القضية الفلسطينية , قضية العرب المركزية وفق أدبيات الفكر القومي العربي بتياراته كلها .
وهذا التوصيف صحيح وعلمي لان الخطر الإسرائيلي لا يقف عند حدود ارض فلسطين الطبيعية أو حتى ضمن جوارها الجغرافي (جنوب لبنان , الجولان , شرق الضفة , سيناء) .
بل الحقيقية أن الدور الإسرائيلي مُعلن بوقاحة فاقعة , ومنذ نشوء الكيان الاستعماري .
ليس فقط ملاحقة القيادات المقاومة الفلسطينية عبر العالم , أو اغتيال العلماء العرب وتحديدا علماء الذرة العراقيين وغير العراقيين .
بل في ضرب المفاعل النووي العراقي , ومواقع سورية نووية/إستراتيجية افتراضية .
والتهديد القائم اليوم بكل جدية في احتمال ضرب إسرائيل للمواقع النووية الإيرانية .
والانتشار البحري العسكري الإسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب , إلى جوار قوات الحلف الأطلسي والأساطيل الأمريكية يشير بما لا يقبل الجدل إلى طبيعة الدور الإسرائيلي شديد الخطر على المصالح القطرية والقومية العربية , وليس على القضية الفلسطينية أو جوارها الجغرافي .
بل إن الانتشار الأمني الإسرائيلي في أفريقيا وتحديدا في حوض بحيرة فكتوريا ومجرى تدفق نهر النيل والأنهار المتصلة به , يجعل الأمن المائي العربي في السودان ومصر تحت القبضة الإسرائيلية مباشرة .
هذا الدور الإسرائيلي العسكري الأمني العدائي الإقليمي , لا يزال , وسيبقى يتمتع بتغطية غربية كاملة , ودعم أمريكي مطلق ونهائي .
وهذا الدور يتمتع اليوم بتغطية الدول العربية النفطية , نظرا لارتباط هذه الكيانات المباشر كأنظمة واقتصاد وكيانيه بمعنى الاستمرارية , بأمريكا .
بل الحقيقية الصارخة أن إسرائيل تقود المجموعة النفطية العربية وفق الأجندة الأمريكية فيما يتعلق بالصراعات في المنطقة وجوارها وبشكل مباشر .
والتناغم العربي النفطي الإسرائيلي حتى الإعلامي منه صار يوميا واستهلاكيا ومقرفا إلى حد بعيد .
وهذا الدور الإسرائيلي الأمني العسكري العدائي الإقليمي , يستند لوجستيا امنيا , في المشرق العربي , على النظام الأردني وجهازه الأمني شديد الاحتراف .
ويستند لوجستيا امنيا ودبلوماسيا , عربيا وإفريقيا , على النظام المصري .
الاتفاقيات الإسرائيلية المصرية الأردنية , وتعديلاتها المستمرة , جعلت هذا الثلاثي المتحالف بصلابة , قادرا فعليا على حماية الأنظمة النفطية العربية , وتعويم تبعيتها المباشرة لأمريكا , بما يحفظ استمراريتها كملكيات وإمارات عائلية تعود إلى أزمنة تاريخية موغلة في القدم .
وبمقدار ما يشكل الحلف الأمني الدبلوماسي (الإسرائيلي المصري الأردني) , جدارا واقيا شديد الفعالية للأنظمة النفطية في جزيرة العرب تفاخر بمنجزاتها في كتاب غينيس للأرقام القياسية شديدة الغباء والتهتك .
يشكل أيضا , ومن ضمن الرؤية الإسرائيلية الشيطانية , ليس لدورها , بل ليكيانيتها , جدرا عزل وتطويق وتركيع وإبادة , الشعب العربي الفلسطيني المسلم , وخصوصا في غزة .
ليس السؤال الذي لا بد من طرحه بقوة اليوم وغدا , بلا مواربة وبلا استحياء ..
ليس السؤال هو في مدى تطابق القيادات الأمنية تسمى سياسية , في الكيان الإسرائيلي , مع رؤية "الناخب الإسرائيلي" لدوره في المنطقة التي زرعه الاستعمار فيها , فالتطابق المعلن تام ونهائي .
الإسرائيليون جميعا , يبررون العمليات الأمنية الإسرائيلية الدموية , في المنطقة وضد الشعب الفلسطيني .
السؤال الآن ..
هو في مدى تطابق الرؤية الأمنية للنظامين العربيين في مصر والأردن , مع رؤية شعبي البلدين العربيين باختيارهما الحر .
لا نستطيع هنا أن نستعمل مصطلح "ناخب عربي" للأسباب المعروفة , لذلك نستعمل مصطلح "عاقل عربي" .
السؤال بصيغة أخرى ..
ما هو حجم الكتلة العاقلة العربية المصرية المؤيدة للنظام المصري في إقامة الجدار الفولاذي على حدود غزة لصالح إسرائيل ..؟؟
ما هو حجم الكتلة العاقلة العربية الأردنية المؤيدة للنظام الأردني في استمرارية التحالف الأمني مع إسرائيل التي تريد القضاء على الوجود الفلسطيني في غرب الضفة ..؟؟
ما هو حجم الكتلة العاقلة العربية النفطية الخليجية المؤيدة لملوك وأمراء الخليج , المتحالفين مع أمريكا , وتحت قيادة إسرائيل ..؟؟
الحجم كبير , وهو خيار حر وحقيقي , له ما له وعليه ما عليه .
ولكن المؤلم في الموضوع هو استمرارية المتاجرة الرسمية والشعبية العربية العاقلة في مصر والأردن والخليج , بالقضية الفلسطينية .
تلك المتاجرة الرخيصة بكل أسف .
تستطيع أن تكون إلى جوار إسرائيل ومتحالفا مع أمريكا هذا خيار أكثر من نصف الكرة الأرضية شعوبا وجغرافية , على سبيل المثال وبغض النظر عن الأسباب .
ولكنك لست مطالبا بان تكون "منافقا عربيا" على طول الخط , تدعي انك قومي عربي , وتدعي أن قضيتك المركزية فلسطين , وتضع اللوم كله على الفلسطينيين في حالتهم الكارثية , هذا المشهد شديد الابتذال وشديد الخداع وشديد الفجور أيضا .
من يعتقد من عقلاء عرب أمريكا وإسرائيل , أن إسرائيل لن تستهدفهم إذا ما سقطت القضية الفلسطينية , يكون تافها إلى درجة لا يستحق أن نبصق عليه .
عظمة الإنسان الفلسطيني , ليس في معركته الوجودية مع إسرائيل , وسينتصر .
بل في دوره الاستراتيجي في حماية التاريخ العربي والمستقبل العربي من "عقلاء العرب" أنفسهم .
عرب الأبراج , والقبليات , والمذهبيات , والنفاق , والنُكح .
الفكر القومي العربي فكر مقاوم , وحرية الجغرافيا العربية , شعاره الأول والرئيسي والطبيعي والعاقل .
والتحرير لن يكون بغير السلاح والمقاومة , والمقاومة ليست عملية نخبوية ثقافية سياسية مترفه .
بل هي عملية صعبة صلبة مستمرة قاسية وفيها الكثير من القهر والألم والدماء .
وعليه , المعركة الفكرية الإستراتيجية القومية الأكثر إلحاحا , هي في تحرير الفكر القومي العربي من عملاء القطرية وأنظمتها السياسية , ونخب النفط الناعمة النائمة في ساحات هذا الفكر القائد للمستقبل العربي .
والقاعدة بسيطة , من مع المقاومة هو معنا , ومن ضد المقاومة هو علينا .
عقلاء عرب أمريكا وإسرائيل هم من أكثر المخاطر الإقليمية والدولية التي ستهدد امن العالم العربي عام 2010
زياد هواش
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عليان البدوى
المفضلات