آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: من أساليب التربية النبوية/حسن الخلق والتحبب/د.عثمان قدري مكانسي

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي من أساليب التربية النبوية/حسن الخلق والتحبب/د.عثمان قدري مكانسي

    من أساليب التربية النبوية

    حسن الخلق والتحبب

    الدكتور عثمان قدري مكانسي


    (( الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف )) .
    ويزداد الإنسان بالإنسان تعارفاً إذا عامله بخلق حسن ، وتحبب إليه . وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثال المسلم الخلوق ، حتى مدحه رب العزة فقال : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }
    (1) . كما مدح فيه لطف معشره وحسن أدبه مع الناس ، فاجتمعوا إليه وأخذوا عنه ، وجعلوه أسوتهم ، فقال : { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }(2) ، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ مهوى أفئدة من عرفه ، يفدونه بأرواحهم ، ويفضلونه على آبائهم وأولادهم .
    وبحسن الخلق دخل عقولهم وقلوبهم ، فصنع منهم سادة الأمم وقادتها .
    عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( . . وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله عز وجل )(3) .
    وكان إذا رأى خطأ من أحد أصحابه نبهه بلطف دون أن يجبهه ، فيعمّم . عن عمر رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعاناً )(4) .
    فالمسلم داعية ، والداعية ذو أخلاق ، والمدعو يرى الداعية ويقوّمه بما يفعل وما يصدر عنه من تصرف قبل أن يأخذ عنه ، حتى إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أساء إليه أحد عفا عنه ، وإذا شتمه يهودي رد عليه بما يناسب دون أن يفحش .
    روت عائشة رضي الله عنها أن يهوداً أتـَوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليكم(5) (أي إنهم كانوا يدعون على النبي صلى الله عليه وسلم بالموت )
    فقالت عائشة وهي الزوج المحب لزوجها ، الصبية المندفعة غير المتروية ـ فقد كانت في الرابعة عشرة أو أقل ـ : وعليكم ، ولعنكم الله ، وغضب عليكم .
    ( إنه رد منفعل يوضح مدى التأثر الذي أصابها من اليهود حين سمعتهم يدعون على رسول الله جهاراً نهاراً بحجة أنهم يسلمون عليه ) .
    فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : مهلاً يا عائشة ، عليك بالرفق ، وإياك والعنف والفحش ( جواب يدل على سمو في الأخلاق ، وترفع عن السفاسف ، وتحمل في سبيل الدعوة ، وهذا يغيظ الشاتم ويقلقه ، فالمشتوم أهمله ، ولم يرد عليه بعنف يوحي بانفعال وتحرق ).
    قالت : أولم تسمع ما قالوا ؟! ( سؤال لم تطلب عائشة الإجابة عليه ، إنما أرادت الدفاع عن موقفها ، فقد ردت عليهم بمثل ما قالوا ).
    قال صلى الله عليه وسلم : أو لم تسمعي ما قلت ؟! ( وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رد عليهم بقوله : ( وعليكم ) فكلامهم مردود عليهم والموت لهم . فكان جوابه لها بصيغة السؤال نفسه الذي لا يحتاج لجواب ، بل يحتاج أن تنتبه عائشة إلى معناه وفحواه . ) ردَدْتُ عليهم فيستجاب لي فيهم ، ولا يستجاب لهم فيّ (6) .
    ( فهو حبيب الله ورسوله يحميه ويدافع عنه ، واليهود أعداء الله لعنهم وغضب عليهم ، فدعاؤهم على النبي صلى الله عليه وسلم لا يستجاب ، ودعاؤه عليهم مستجاب . . فالويل لهم ثم الويل لهم ) .
    أدب عظيم يعلمُناه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويجمل بنا أن نتمثله ونحياه .
    ومن التحبب الذي يؤتي ثماره سريعاً : إشعار المخاطب أنه عندك ذو مكانة ، وأن له في قلبك وداً وإكراماً ، فإذا شعر بهذا اطمأن ، فكان إليك قريباً وإلى دعوتك مجيباً . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بارعاً في هذا المضمار :
    فقد كان يُردف بعض أصحابه وراءه في سفره ، كما فعل مع معاذ بن جبل وعبد الله بن عباس وأسامة بن زيد رضي الله عنهم جميعاً وكان يطلب من أصحابه أن يدعوا له فهو بحاجة إلى دعائهم ، كما كان يخص بعضهم الآخر بلفتة كريمة منه صلى الله عليه وسلم ، ويلقبهم بالألقاب الكريمة أو الكنى الطيبة :
    ( الصدّيق ، الفاروق ، أمين الأمة ، سيف الله .. ) وكان يدعو لبعضهم بالخير . . و يؤثر الآخرين بشيء يحبونه . . وهكذا .
    فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله بمنكِبَيَّ فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )(7) .
    تصوروا معي رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إليه ، ، ويستقبله بوجهه ، ويمسك منكبيه تحبباً ، وهو الفتى الشاب . . فيرى ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيماً لا ينساه ، ولقد عُرِفَ عن ابن عمر أنه كان يمشي في المكان الذي كان رسول الله يمشي فيه ، ويتوقف في المكان الذي توقف فيه ، ويصلي في المكان الذي صلى فيه . . أليس هذا من حسن أخلاق سيد الدعاة ؟!! ألم يثمر هديه العملي في أصحابه ، حتى إن أبا سفيان قال في جاهليته : لقد رأيت هرقل في أصحابه ، وكسرى في أصحابه ، فلم أجد أحداً يُعظّم أحداً كتعظيم أصحابِ محمد محمداً ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم .
    إنك إن مدحت إنساناً مسْلِماً بما فيه فقد استفدت أموراً عدة :

    أولها : أنك ترفع من قدره ، وتشعره بمكانته عندك .
    ثانيها : أنك تجعل بينك وبينه وداً ورباطاً من الأخوة والمحبة .
    ثالثها : أنك تدفعه إلى التمسك بما فيه من خصال حميدة مدحته عليها .
    رابعها : أنك تحثه على الاستزادة من هذه الشمائل .
    خامسها : أنه ينجذب إليك وترتاح نفسك لسماعك ومعاشرتك والأخذ عنك . وهذا ما يريده الداعية المسلم من المدعو فتصل التربية والأفكار إلى قلبه وعقله دون عائق ، فيكون لك طيّعاً منقاداً . . وأنت تريد له الخير وتحرص عليه . ( على أن يكون مدحك له بما فيه ، وإلا كان نفاقاً ـ نعوذ بالله من ذلك ـ ) .
    وقديماً قال الشاعر :
    أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ** فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ
    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبد القيس :
    ( إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم ، والأناة )(8) .
    كما أنك حين تخبر أخاك أنك تحبه ، يحبك ويقبل عليك ، ويفتح قلبه لك ، وهذا ما يريده الداعية من الناس : حبٌّ وودٌ وراحة نفس وإقبالٌ . فقد روى المقدام بن معدي كرب قال :
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه )(9)
    فلا يكون الود وداً من طرفٍ واحد .
    ولن تكون العلاقة من جهة واحدة علاقة .
    وسيظل الطرف الآخر يجهل نواياك تجاهه ، وتقديرك له ، وحبك اياه ، ( على أساس أنه في الله تعالى ) . إلا أن توضح ذلك فيتبادل الطرفان المحبة في الله فيكون رباط الأخوّة متين العرى مكين الأركان .


  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    15/10/2009
    المشاركات
    172
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: من أساليب التربية النبوية/حسن الخلق والتحبب/د.عثمان قدري مكانسي

    شكرا لك وبارك فيك لاختيارك فكلنا يحتاج لحسن الخلق
    اللهم ارزقنا أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم


  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    27/10/2009
    المشاركات
    43
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: من أساليب التربية النبوية/حسن الخلق والتحبب/د.عثمان قدري مكانسي

    مشكور على هذا الاختيار لأنّنا في حاجة ماسّة إلى التذكير بأخلاق رسولنا صلّى اللّه عليه و سلّم و إلى تذكّر خلقه السّمحة و العظيمة عسانا ننهل من معينها ثمّ نتشبّه به فهو ،عليه الصّلاة والسّلام،على خلق عظيم و هو الّذي أدّبه اللّه فأحسن تأديبه.
    فما أحوجنا إلى هذا المنهل الكريم تعديلا لسلوكنا و تقويما لاعوجاجنا...


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية رابعة ماطوس
    تاريخ التسجيل
    10/02/2009
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: من أساليب التربية النبوية/حسن الخلق والتحبب/د.عثمان قدري مكانسي

    شكراً وبوركت أناملك علي كل حرف دونتها فهي الحروف المضيئة من سيرة منير العالم بتلك الرسالة - صلي الله عليه وسلم - وجعلها الله في ميزان حسناتك

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي لكم مني أجمل تحية.....:

  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية عليان البدوى
    تاريخ التسجيل
    05/01/2010
    العمر
    58
    المشاركات
    353
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: من أساليب التربية النبوية/حسن الخلق والتحبب/د.عثمان قدري مكانسي

    الاستاذ الاخ/ نبيل الجبلى
    السلام عليكم ورحمة الله وبركانه
    بارك الله فيك ونفع بك وجعل ذلك فى ميزان حسناتك فعلا نحن فى امس الحاجة الى هذه الاخلاق الاسلامية الراقية


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •