[SIZE="7"]الألعاب الرياضية والاندماج الاجتماعي للطفل
الإطار العام لهيكلة البحث
تتسع البيئة الاجتماعية للطفل , وتمتد خلال سني الطفولة المتوسطة والمتأخرة – من وقت التحاقه بالمدرسة إلى قبيل المراهقة أي 6 – 12 وفي هذه المرحلة يتبلور توحد الطفل مع دوره الجنسي وتعلمه التفاعل مع أقرانه وتنمية مهاراته المختلفة وتقوية الأنا الأعلى , وهذه الأنواع من النمو النفسي تنذر بالمشكلات التي على المراهق مواجهتها , وخلال هذه المرحلة تبدأ المدرسة وظيفتها مكملة تعاليم الأسرة , ولقد أطلق أصحاب التحليل النفسي على السنوات المتأخرة من الطفولة . قترة الكمون وقد يواجه الطفل في هذه المرحلة صراعات هامة ومصادر للقلق , ومن أكثرها :
* احتمالات النبذ من طرف الأهل والأقران
* التعبير المباشر والصريح , للعدوان والتمرد إزاء الآباء والمدرسين والأتراب
* الإخفاق في العيش بما يتناسب مع المفهوم النمطي لدور الفرد كذكر أو أنثى
* نقص في المهارات أو الكفاية الشخصية
وهناك سلوكان دفاعيان يظهران خلال هذه الفترة , لمواجهة المواقف المثيرة للقلق , هما : الانسحاب أو الانتقام , وهذا ما قد يؤدي إلى الجنوح والانحراف , ما لم تلعب المدرسة مع الأسرة دورها الأساسي في التخفيف من هذه المشاكل . ويبرز دور التربية الرياضية كأداة للتنفيس ونمو الفرد الجسماني والحركي . فمن الحقائق العلمية المعروفة أن النمو يشمل عمليتي النضج والتعليم . والنضج وظيفة طبيعية والتعليم وظيفة التربية , ومن ثم فالتربية الرياضية تساعد إلى حد كبير على نمو الفرد
وإذا أخذنا الفترة من سن 9 إلى 12 سنة والتي تعرف بسن العصابات " أي ميل الطفل إلى الجماعات في مثل عمره " وجدنا أنها فترة نمو اجتماعي قوي , وفيها يعد الأطفال إعدادا رائعا فيما إذا وجدوا في وسط يهتم بالجانب الرياضي الذي يميلون إليه , وحيث تؤدي التربية الرياضية في هذا الحد الزمني من عمر الفرد دورا مؤثرا في إشباع متطلبات نموه الاجتماعي , وتمده بكل مستلزمات المهارة التي تساعد ه على التطور , مثلما تساهم في نموه الجسمي والعقلي .
فما سبيل المدرسة إلى ذلك ؟
وما وسيلة التربية الرياضية في بلوغ الطفل هذه الأهداف ؟
إن الطفل ليس في حاجة إلى تعلم اللعب , ولكنه في حاجة إلى توجيه وإرشاد وتنظيم لهذا اللعب , وهذه كلها من المهام المنوطة بالمدرسة , والمدرسة هيئة اجتماعية , يجب أن تساهم في تحقيق أهداف وقيم المجتمع التي تعد الأطفال للاندماج فيه , فهل تحقق ذلك إذا اقتصر عملها على نقل التراث الثقافي وإمداد الصغار بالمعارف والقيم بشكل معرفي وغير إجرائي ؟ فهل يكون سبيلها الوحيد إخضاع الأتراب إلى مجال التطبيق حتى يحصل التغيير في قواعد السلوك ؟
سبق وقلنا إن الألعاب الرياضية كخبرة مباشرة , فيها يتفاعل الطفل مع الحركات التي تؤهله لياقة وقوة يتطلبهما واقع الحياة , وهي تخضع لشروط عملية التعلم المباشر حيث الهدف واضح , والحركات محسوسة عملية , والطفل إذن يتحمل مسئولية التفاعل معها , وتعطيه معارف ينتهي إليها . كتكوين فكرة عن اللعبة . وهذا يعطيه قدرة على التكيف مع ظروف البيئة , لأن المهارات المكتسبة والقيم الناتجة عنها , تأتي بطريقة الامتصاص السلبي من البيئة , بل عن طريق التفاعل والاحتكاك والمعاناة
فهل من مزايا الألعاب الرياضية كخبرة مباشرة هادفة , أنها تتيح الفرصة لمراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ , وتدلل فيها صعوبات توفر الواقع المطلوب دراسته , وتقدم خبرات حية عملية لهم تدعوهم للنشاط الذاتي ؟
هل مع تقدم النمو العقلي والجسمي , يستطيعون إدراك بعض ما كان يخفى عليهم , فيبدأون في إعادة التنظيم تهييئا لخبرات مستقبلية ؟
إلا أن الخبرة الرياضية بشكلها المباشر تحتمل وجهين – سلبي وإيجابي – فالسلبي يظهر فيما ينجم عنها أحيانا من تربية خاطئة كما هو تعلم الطفل الرماية أو الملاكمة مثلا , واستخدامها في مشاجراته , إن خبرته هنا تكون حية ولكنها غير سليمة تربويا , وهذا ما يجعل هذا النوع من الألعاب الرياضية غير مربي
أما الإيجابي فهو نوع الألعاب الرياضية المربية . فأيهما يؤدي إلى الاندماج الاجتماعي الطبيعي السليم , وإلى أي حد يمكن لمدرستنا تسخير الألعاب الرياضية المربية لمتطلبات وحاجات أطفالنا ؟
فالألعاب الرياضية كغيرها من المواد تحتوي على تمارين , فهل ينبغي أن تسير تمارينها وفق خبرات ذات مغزى ومعنى بالنسبة للمتعلم والطفل ؟ أو تبقى مجرد تداريب ترويضية أكثر مما هي تربوية ؟
وبالقرب من المدرسة , تظهر الابتكارات الجديدة التي تؤدي إلى التغيير الكبير في ديناميكية الحياة اليومية , فالسرعة وكثافة حركة المرور الحديثة بالحواضر , تجعل اللعب في الشارع خطيرا , وقد يلجأ الأطفال إلى اللعب في الأماكن الخربة , وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن ألعاب الأطفال تأثرت بالتطورات التكنولوجية الحديثة أكثر من أي شيء آخر , فهل أثر ذلك في خلق وابتكار ألعاب رياضية ووسائل تسلية في برامج مدارسنا العربية ؟
ومن الملاحظ أن عددا من الألعاب الرياضية وألعاب التسلية الخاضعة للقوانين الأصلية , قد ازداد باتساع الثقافة , وقد أصبح التعليم فيها تقنيا ورقميا أكثر من ذي قبل , فهل يراعي ذلك في إعداد المربين الذين تشترط فيهم هذه المهارة أولا لنقلها أو التعامل معها بمهارة مطلوبة ؟
باختصار إنه في الطفولة يكون اللعب غريزة , وجميع تصرفات الطفل رياضية, ولذلك يخشى أن يمارس ضربا من الحركات يسبب له ضررا جسميا بليغا لعد موافقته لاستعداده ونموه البدني , وأي إصابة من هذا القبيل تورث تشويها عضويا يجعل الطفل سلبيا وسط الجماعة , ويحجم على المشاركة والاندماج الاجتماعي الذي يبتدئ بالاندماج والتكيف المدرسي , ثم تكون آثاره كالعدوى على شخصيته الاجتماعية مستقبلا
محمد التهامي بنيس