ربما تختلف جذور الصراع الدائر اليوم ما بين الصين وتايوان من جهة , وبين روسيا وجورجيا على سبيل المثال من جهة أخرى , ولكنهما بكل تأكيد تلتقيان في نقطتين حاسمتين سترسمان البناء الايديوبوليتيكي للنظام العالمي خلال المرحلة القادمة من القرن الحادي والعشرين , هاتين النقطتين هما :
( 1 ) ان كلتا القوتين الروسية والصينية تسعيان اليوم لتوحيد واسترجاع نفوذهما القديم 0
( 2 ) لدى كلا الدولتين خلافات جذرية مع الولايات المتحدة الاميركية حول ذلك النفوذ الذي تسعيان لاستعادته , وتقوم الولايات المتحدة الاميركية بالوقوف في وجه ذلك التوجه 0
وباختصار - يعود تاريخ الصراع الصيني الاميركي اليوم بسبب دعم هذه الأخيرة لجزيرة تايوان الى العام 1949م , وهو نفس العام الذي تعود إليه جذور الصراع الصيني مع تايوان نفسها نتيجة سعيها المتواصل للاستقلال والانفصال عن بر الصين الرئيسي , ويطلق هذا المصطلح الجغرافي – أي – بر الصين الرئيسي على تلك المناطق التي تديرها جمـهورية الصــين الشعبية , باســتثناء تـايوان وبسكادورز كنمن وماتسو , والمنطقتين اللتين تتمتعان بالحكم الذاتي عدا مسائل الأمن الوطني والتمثيل الدولي وهما : هونغ كونغ ومكاو 0
ظلت تايوان تتبع الصين حتى سنة 1859م ثم استولت عليها اليابان وفقا لمعاهدة سيمونسكي، قاوم الحزب الشيوعي الصيني وحزب الكومينتانغ الصيني بشكل مشترك القوات اليابانية التي اعتدت على الصين , وبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ، عادت تايوان إلى الصين في سنة 1945م ، ولكن بعد الانتصار في الحرب العالمية الثانية وحرب المقاومة الصينية ضد الغزاة اليابانيين ، رفض حزب الكومينتانغ الصيني برئاسة الجنرال جيانغ كاى شيك فى عام 1945 م , تأسيس حكومة ائتلافية مع الحزب الشيوعي الصيني وشن الحرب الأهلية منذ عام 1946 م للقضاء على الحزب الشيوعي الصيني وتأسيس حكومة تحت سيطرة حزب الكومينتانغ وحده0
ولكن بعد توقف الحرب الأهلية التي استمرت ثلاثة أعوام ، وانتصار الحزب الشيوعي الصيني رغم ضعفه عسكريا على حزب الكومينتانغ بفضل الدعم القوي من قبل الشعب , شكل ذلك الانتصار الولادة الحقيقية للحزب الذي لا زال يدير جمهورية الصين الشعبية الى يومنا هذا , على اثر ذلك الانتصار انسحبت قوى حزب الكومينتانغ من بر الصين الرئيسي إلى جزيرة تايوان جنوب شرقي الصين بتشجيع من الولايات المتحدة الاميركية التي ظلت الى يومنا هذا تدعم حكومة تايوان , أو الدولة التي تسمي نفسها رسميا بـالجمهورية الصينية أو جمهورية الصين والتي تقع في بعض الجزر في بحر الصين شرق القارة الآسيوية , وهو ما جعل هذه الجزيرة معزولة عن البر الصيني الرئيسي " الوطن الأم " لأكثر من 6 عقود تقريبا 0
وقد انقسم الأسلوب الصيني الرسمي في معالجة هذه القضية خلال هذه الفترة الزمنية الى مرحلتين :-
( 1 ) مرحلة ما يطلق عليه بأسلوب التفكير العسكري في حسم القضية , والذي استمر على الطاولة بشكل جدي حتى العام 1979م , رغم ان بلورة الحلول السلمية قد بدأت في حقيقة الأمر منذ عقد الخمسينيات من القرن العشرين 0
حيث أشار الزعيم الراحل شوآن لاي رئيس مجلس الدولة سابقا في اجتماعات اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب المنعقد في مايو 1955 إلى أنه توجد طريقتان محتملتان لدى الشعب الصيني لتسوية مسألة تايوان ، ألا وهما طريقة حربية وطريقة سلمية ، ولكن الشعب الصيني يفضل تسوية المسألة بالطريقة السلمية 0
( 2 ) مرحلة المعالجة الدبلوماسية , أو استخدام أسلوب السياسة اللينة والتي بدأت مع بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين , وذلك نتيجة تطور العلاقات الاميركية – الصينية , مما دفع الصين الى التراجع عن تصعيد القضية واستخدام الأسلوب العسكري لحسم الوضع القائم 0
ففي يناير من العام 1979م أصدرت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب لجمهورية الصين الشعبية الخطاب الموجه إلى أهالي تايوان ، ليكون بمثابة السياسة العامة التي ستنتهجها الحكومة الصينية لتسوية مسألة تايوان سلميا , وتدعو إلى إجراء المشاورات بين جانبي المضيق حول إنهاء هذه المسالة ، مؤكدة التصميم على احترام الوضع الحاضر في تايوان وآراء شخصيات الأوساط المختلفة فيها واتخاذ سياسات وتدابير معقولة الى حين يتحقق إعادة توحيد الدولة 0
ولكن وبالرغم من ذلك – أي – من التحسن الطفيف في العلاقات الاميركية – الصينية خلال مرحلة الثمانينات والتسعينيات , وتحديدا عقب زيارة الرئيس الصيني زيمين للولايات المتحدة في أواخر أكتوبر 1997، ظلت النظرة الصينية الى الولايات المتحدة الاميركية كما هي – أي - أنها عدو لابد من الحذر منه , حتى ان الرئيس الصيني نفسه وبعد عامين على تلك الزيارة أكد في خطابه في أكتوبر من العام 1999: أن الصين ستعارض الهيمنة الأمريكية وستعمل من أجل عالم متعدد الأقطاب وستقف إلى جانب الدول النامية ، راسما بذلك الأهداف المعلنة للإستراتيجية الكونية للصين في القرن الجديد التي يطمع أن تكون أحد أقطابه الرئيسيين والمتميزين0
وبحسب ما كتبت الواشنطن بوست في عددها الصادر بتاريخ 15 / 11 / 2000م , فان ( الصينيين يصورون الولايات المتحدة الاميركية بشكل روتيني على أنها العدو رقم 1 , وذلك في البيانات الحكومية والتقارير الإخبارية وفي الصحف التي تديرها الحكومة ) , كما ظلت الصين على وجهة نظرها الثابتة تجاه مسالة تايوان بالرغم من الدعم الاميركي لهذه الأخيرة , وهي أنها قضية سيادة وطنية لا يمكن التفاوض حولها مطلقا , او التدخل فيها بشكل من الأشكال من أي طرف خارجي , ( ولطالما تذمر الزعماء الصينيين من إتباع أمريكا لسياسة القوارب المسلحة , ودعوا روسيا وفرنسا وغيرهما الى الانضمام الى الصين في مقاومة نزعة الهيمنة الاميركية ) 0
وتتدخل الولايات المتحدة الاميركية في الشأن الداخلي للصين من خلال قضيتين , أولها : قضايا حقوق الإنسان , والقضية الثانية هي مسائلة تايوان , والحقيقة ان تاريخ تدهور العلاقات السياسية ما بين الولايات المتحدة الاميركية والصين يرجع الى مسائل وقضايا كثيرة , منها ما هو سياسي وآخر اقتصادي وتجاري , ولكن نستطيع ان نقول بان قضية تايوان هي الفتيل الذي طالما وترها وزاد من فتيل تدهورها 0
وتتمسك الولايات المتحدة الاميركية بدعم تايوان وذلك بتزويدها بالأسلحة والعتاد العسكري وغيره من أشكال المساندة وفق معاهدة الدفاع المبرمة بينهما في العام 1954م , بالرغم من ان حكومة البلدين أصدرتا أكثر من بيانا مشتركا للتعاون وتقليل التوتر , كان أبرزها البيان الصادر في 17 اغسطس عام 1982م , والذي تعهدت من خلاله الولايات المتحدة الاميركية بتقليل بيع الأسلحة الى تايوان تدريجيا حتى وقفها بشكل نهائي , ومن حينها أصبحت البيانات الصينية الأمريكية الثلاثة المشتركة - إعلان شانغهاي , وإعلان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية , والبيان المشترك الصيني ـ الأمريكي في 17 اغسطس - ملفات إرشادية لتطوير العلاقات الصينية الأمريكية 0
وفي هذا السياق جاء على لسان موقع صحيفة الشعب الصينية اليومية بتاريخ 4 / 2 / 2010م , من( انه ومن المنطقي بعد 27 سنة من التعهد الأمريكي يجب ان تكون سياسة خفض بيع الأسلحة الى تايوان قد تم إنهاؤها تماما ومع ذلك فان الولايات المتحدة الأمريكية لم تخفض ولم تتوقف مبيعات الأسلحة الى تايوان خلال هذه السنوات , ولكن لا تزال تبيع الأسلحة المتطورة والمعدات العسكرية الى تايوان مما يشكل انتهاكا خطيرا لالتزامها لمبادئ الواردة في البيانات المشتركة الصينية ـ الأمريكية الثلاثة ) , وهو بالفعل ما قامت به الولايات المتحدة الاميركية من خلال صفقة مبيعات تبلغ قيمتها أكثر من 6 مليارات دولار من الأسلحة والعتاد العسكري لتايوان خلال العام 2010م , هي مزيج من الصواريخ وطائرات هليكوبتر وأنظمة مراقبة الأسلحة 0
كما توترت العلاقات ما بين الولايات المتحدة الاميركية والصين خلال هذا العام تحديدا – أي – العام 2010م , بسبب قضايا سياسية واقتصادية أخرى بخلاف صفقة الأسلحة الاميركية الكبيرة لتايوان , وابرز تلك القضايا :-
( 1 ) إعلان شركة غوغل الاميركية نيتها الانسحاب من الأسواق الصينية - 384 مليون مستخدم صيني للإنترنت حتى نهاية العام 2009م – وذلك بسبب مخاوفها من عمليات الرقابة التي تمارسها السلطات الصينية على مستخدمي الإنترنت وقيامها بحجب ومراقبة بعض المواقع والتضييق على عمل موقع البحث الشهير , مما دفع الحكومة الاميركية للتدخل في هذه القضية بشكل رسمي , وذلك عن طريق وزيرة الخارجية الاميركية والتي أجرت يوم الخميس الموافق 4 / 2 / 2010م لقاء في لندن مع نظيرها الصيني يانغ جيشي حول النزاع بين المجموعة الاميركية والسلطات الصينية قالت انه "حوارا ايجابيا جدا" 0
( 2 ) نية الزعيم الروحي للتبت الدلاي لاما زيارة الولايات المتحدة الاميركية , وترحيب هذه الأخيرة بهذه الزيارة التي ترفضها الصين بشكل قطعي , وجاءت التحذيرات الصينية في مؤتمر صحفي على لسان زهو فيكون نائب مدير جبهة العمل الموحد في الحزب الشيوعي الصيني الحاكم وهي الهيئة المسؤولة عن وضع سياسات الحزب المتصلة بالقضايا الدينية والعرقية وشدد المسؤول الصيني على أن حكومته تعارض بشدة أي لقاء بين أوباما والدلاي لاما الذي تتهمه بكين بأنه يترأس مجموعة انفصالية خطيرة ، وهدد بأن أي لقاء من هذا النوع سيضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين باعتباره تناقضا صارخا مع الأعراف الدولية 0
وفي هذا السياق يقول الطرف الصيني ممثلا في صحيفة الشعب الرسمية حول الأحداث السابقة بان ( حادثة جوجل وبيع الأسلحة لتايوان وفرض الحمائية التجارية ضد الصين – وترحيب الولايات المتحدة الاميركية بزيارة زعيم التبت الروحي لها – قد كشفت بان الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تعاني من جمود عقلية الحرب الباردة , فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وظهور الحرب الباردة الى التسعينات من القرن الماضي ولأكثر من 40 عاماً تتبع الولايات المتحدة الأمريكية سياسة الهيمنة والاحتواء التي أدت بها الى خسارة كبيرة وليس الفوز كما تدعي ) 0
من طرفه اعتبر إيان بريمر رئيس مجموعة أورأسيا الاميركية للأبحاث والاستشارات وديفد غوردون مدير الأبحاث فيها في مقال لهما نشر على صفحات موقع فورين بوليسي التابع لوزارة الخارجية الاميركية من أن أهم مشكلة عالمية سيشهدها عام 2010 م هي اندلاع توتر خطير في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين والتي باتت تعرف بأكثر العلاقات الثنائية أهمية في العالم , بسبب عدم رغبة الصين في تحمل مسؤولياتها رغم تحمس الولايات المتحدة لوضع إطار للعلاقة بين البلدين أثناء اجتماع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الصيني هو جينتاو بالعاصمة الصينية بكين في نوفمبر من العام 2009م , وتوقعا تدهورا كبيرا في العلاقات الصينية الأمريكية خلال 2010م 0
ومن – وجهة نظرنا الشخصية – فإننا نتصور بان مرحلة الصمت الصيني على التجاوزات الاميركية قد انتهت بالفعل , وان الصين لن تقبل مطلقا أي تدخل في الشؤون الصينية بحال من الأحوال خلال العقود القادمة , وهو ما سيدفع بالأمر الى مزيد من التعقيد والتوتر بين القوتين , ولكن ذلك لن يدفع الصين او حتى الولايات المتحدة الاميركية للمواجهة العسكرية على المدى القصير على اقل تقدير , بالرغم من ان كثيرا من الدراسات والأبحاث تشير الى إمكانية المواجهة العسكرية 0
وقد اتخذت الصين في هذا الجانب – أي – جانب الاحتواء والردع في مواجهة الصلف الاميريكي والتدخل الدائم في الشأن الصيني الداخلي , وقيام الولايات المتحدة الاميركية بتهديد أمنها واستقرارها ووحدتها عن طريق دعم تايوان المتمردة عليها بالأسلحة بعض الخطوات الاستثنائية التي اعتبرها العديد من المراقبين نوعا من إعلان حالة الاستنفار والمواجهة الصينية التي سيكون لها تبعات خطيرة على علاقات البلدين خلال العقد القادم , وقد اعتبرت هذه الخطوات بمثابة إعلان البروز الصيني كقوة لا يستهان بها , وولادة المارد الذي طالما ظل صامتا خلال العقود الماضية أمام الهيمنة والغطرسة والقوة الاميركية , ومن ابرز تلك الخطوات سالفة الذكر :-
( 1 ) تجميد العلاقات العسكرية والمحادثات الأمنية وتعليق التبادل العسكري بدءا من تاريخ 30 / 1 / 2010م , وحتى إشعار آخر مع الولايات المتحدة الاميركية 0
( 2 ) كما هددت الحكومة الصينية الثلاثاء الموافق 2 / 2 / 2010 م بفرض عقوبات على شركات أميركية في حال مضت واشنطن قدما بإتمام صفقتها العسكرية لتايوان 0
وتحتاج الولايات المتحدة الاميركية للصين كثيرا خلال المرحلة القادمة في عدد من القضايا الدولية , وخصوصا ان للصين القدرة على استخدام حق النقض الفيتو أمام قرارات الولايات المتحدة الاميركية في مجلس الأمن الدولي , وتحديدا في حال قررت الولايات المتحدة الاميركية تشديد العقوبات على إيران على سبيل المثال لا الحصر , كما تدرك الولايات المتحدة الاميركية ان للصين الإمكانيات والقدرات الكافية لتهديد مصالحها الاستراتيجية في أماكن كثيرة من العالم , هذا بخلاف رغبة هذه الأخيرة ان تتخلى الصين عن إمداد باكستان وإيران وليبيا بالتكنولوجيا الصينية المتقدمة وان توقع على نظام الرقابة على تكنولوجيا الصواريخ , هذا بخلاف وقوف الصين مع كوريا الشمالية وغيرها من المسارات التي لا يتشارك الطرفين في وجهة نظر موحدة حولها 0
ويرى العديد من الباحثين والمتخصصين في الشأن الجيوسياسي الصيني , بان هذه الأخيرة ترغب بان تكون لاعبا دوليا يتمتع بمصالح تصل الى ابعد من دائرة نفوذها القديمة في شرق أسيا خلال المرحلة القادمة , وهو ما سيدفعها بحال من الأحوال الى الوصول الى أقصى مدى ممكن في مواجهة الخصم الاميركي , حتى وان كلفها ذلك مواجهة عسكرية مع القوة العظمى الاميركية , كما أشارت الى ذلك بعض الدراسات والبحوث الأكاديمية المرموقة , ومن ابرز تلك الأبحاث على سبيل المثال لا الحصر ما نشرته صحيفة ذي ناشنال انترست في عددها الصادر في شتاء العام 2000م / 2001 م للباحثين ريتشارد 0ك0بيتسن وتوماس 0ج0 كريستنسن تحت عنوان – الصين : فهم المسائل بصورة صحيحة – و صحيفة الفاينشال تايمز البريطانية في عدد 4 / سبتمبر / 1999م , تحت عنوان – الصين تضرب الولايات المتحدة الاميركية ط دبلوماسية السفن المسلحة "0
مع إننا – ومن خلال وجهة نظرنا الشخصية – لا نتوقع ذلك خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين على اقل تقدير , ولكننا وفي نفس الوقت لا يمكن ان ننفي إمكانية وصول التوترات بين البلدين الى مرحلة الحرب الباردة كما كان يوما بين الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفيتي السابق , فأفضل مسار الى حد بعيد بالنسبة الى الصين – خلال المرحلة القادمة – هو المحافظة على قوتها , وتعزيز نموها الاقتصادي , وعدم مواجهة الولايات المتحدة الاميريكية , لأنها في حقيقة الأمر لا تملك الإمكانيات الجيواستراتيجية واللوجستية المطلوبة لافتعال حرب مدمرة مأساوية مع الامبراطورية الاميركية , ولكن ذلك بالطبع لا يمكن ان يمنع من وصول الأمر الى المواجهة في حال استمرت الولايات المتحدة الاميركية الى تعزيز التمرد التايواني وتهديد المصالح الصينية وغيرها من الاستفزازات السياسية والعسكرية والاقتصادية 0
( على ان عدم احتمال تحول الصين الى ند منافس للولايات المتحدة الاميركية لا يعني أنها لا تستطيع ن تتحدى الولايات المتحدة في شرق أسيا , او ان الحرب بسبب تايوان غير ممكنة , إذ ان البلدان الأضعف تهاجم أحيانا إذا شعرت أنها قد حشرت في زاوية . كما فعلت اليابان في بيل هاربر وكما فعلت الصين عندما دخلت الحرب الكورية في العام 1950م , ففي ظل ظروف معينة فان من المحتمل ان لا يكون هناك ما يردع بكين على الإطلاق ) – انظر في هذا السياق أطروحة توماس كريستنسين " طرح مشاكل بدون متابعة : صعود الصين وتحدياتها لساسة الولايات المتحدة الأمنية , منشورات انترناشنال سيكيوريتي 2001 ص 36 0
خلاصة الأمر بان الولايات المتحدة الاميركية من جهة ستبقي على دعمها لتايوان طالما ظلت هذه الأخيرة بمثابة الورقة الرابحة للضغط على التنين الصيني وحصاره خلال العقد القادم , مع إبقاء الطموحات الصينية في حضور دائم على قمة هرم الأولويات الجيوسياسية الاميركية , والاستعداد الدائم للتعامل مع الصين بجد وحزم اكبر ان اقتضى الأمر , مع الأخذ في الاعتبار لمخاوف الصين السياسية والاقتصادية والعسكرية قدر الإمكان 0
أما من جهة أخرى فستظل الصين تنظر الى الولايات المتحدة الاميركية نظرة غاضبة وحانقة على أفعالها الاستفزازية , وأنها – أي – الولايات المتحدة الاميركية هي احد ابرز أعداء الصين وطموحاتها خلال السنوات القادمة , مما يستدعي حرصها وحذرها وتعاملها المتوازن مع جل القضايا التي تدخل الولايات المتحدة الاميركية فيها كمنافس وند , مع وضع سيناريوهات محتملة من قبل الطرفين في حال اقتضى الأمر ووصل الى ما يمكن ان نطلق عليه بالحرب الباردة بين القوتين , مع استبعاد المواجهة العسكرية المباشرة – من وجهة نظرنا الشخصية - بين الطرفين خلال العقد القادم على اقل تقدير , ما لم تلجا الصين لاستخدام الوسائل العسكرية للاستيلاء على تايوان , او بالغت في عدوانيتها في مطالبها في بحري الصين الجنوبي والصين الشرقي 0