السلام عليكم و رحمته تعالى و بركاته
أعرض في هذا المتصفح سلسلة من الأحاديث التي عنونتها ب"أحاديث الجمعة"
و هي بالفعل مستوحات من الأحاديث التي يلقيها خطباء المساجد في يوم الجمعة
أتمنى أن تلقى الآذان الصاغية و القلوب الفقيهة
كما أرجو الإخوان الذين يعطرون المتصفح بمرورهم، بأن لا ينسونا من الدعاء الصادق
و لكم جزيل الشكر و التواب


- الحديث الأول -
* الموضوع :" الحياة ، كلمة ...!"، بين الكلمة الطيبة و الكلمة الخبيثة

يقول الله تعالى في كتابه العزيز :
" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " صدق الله العظيم
[سورة إبراهيم:24-25-26-27]
و جاء في السنة النبوية الشريفة ، قال رسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم :
" من كان يؤمن بالله و ملائكته ، فليقل خيرا أو يصمت "

و قد ورد في تفاسير القرآن ، بأن :
* الكلمة الطيبة هي كلمة التوحيد " لاإله إلا الله ، محمد رسول الله "
و هي كذلك سلام أهل الجنة " قالوا سلاما "
و هي كلمة الحق التي لاشك فيها و لا بهتان
* أما الكلمة الخبيثة ، فهي الباطل
و لو نظرنا بعين المؤمن لهذه الآيات ، نجد أن الله يضرب الأمثال من الواقع الذي يلمسه الإنسان
فتشبيه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة يجعلنا نتصور ما لهذه الشجرة من خير عميم على العباد ، فأصلها ثابت في الأرض و فرعها في السماء ، لكنها ليست كأية شجرة عادية إنها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها
و كذلك الكلمة الطيبة التي يرعاها الله و يحفظها بل و يجعل تأثيرها لا ينقطع ابدا
أما الشجرة الخبيثة ، فليس لها التصاق بالأرض أي بدون جدور و قد اجثثت من فوق الأرض فليس لها أي قرار ، لا تنفع في شيء
و كذلك الكلمة الخبيثة التي هي باطل فتضر العباد و تسيء للخلق
* و يمكننا أن نضع اسقاطا تقريبيا لهذا المفهوم ، فنشبه الكلمة الطيبة "بالاعلام الباني" الذي يسعى
إلى تنوير الخلق و ارشادهم لما فيه رضى الله و النفع العميم لسائر الخلق
و هناك بالمقابل ،" الاعلام الفاني أو الهابط " فهو الكلمة الخبيثة التي تسعى لاشاعة الفاحشة و السير
بالانسان إلى سبل الغواية و الشيطان

* و من خلال هذه المداخلة علينا ان نعلم بأن " الحياة ... كلمة " و إن الآيات التي وردت في سورة ابراهيم تضعنا في موقف المتأمل و المتدبر قبل أن ننطق بالكلمة التي قد ترفعنا سبعون مقاما في الجنة
إن كانت طيبة أي كلمة التوحيد ،أو كلمة السلام و هما معا كلمتا حق
و لكن إن كانت الكلمة خبيثة ، فستهوي بنا سبعون خريفا في جهنم
و من كل هذا ، علينا أن نتحرى في كلامنا و أقوالنا بأن لا نقول إلا الحق فيكون كلامنا طيبا مثل الشجرة الطيبة تؤتي نفعها علينا و على الأقربين بالنفع و الخير الذي ارتضاه الله لنا، من خلال اتباع القرآن الكريم و سنة خير المرسلين ، سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم

* صادق مودتي ، و جعل الله كلامنا كله طيبا / عز الدين الغزاوي