" الحصان وحيدا" وقصص قصيرة جدا أخرى
نعيم الغول



الحصان وحيدا

لم أترك الحصانَ غير القابل للترويض وحدهَ،
فقد تركتُ ذكرياتي معَهُ،
ولهذا ظلّ يصهل بركانا يحرق بلاداً تفرخ الرعب.
ثم سحبت ذكرياتي منه، ثم ألقيتها في بئر معطلة، فنسيتُ من أنا؛ ولما عدت إلى الحصان، وجدته مسرجا قد عَجُف وهمد وخمد!

غفلة

لا أذكر متى كان كلبي الوفي لا يهز ذيله كلما رآني. لكني أذكر متى هزه وهو لا يراني!
مدمن هز ذيل إذن؟!!
فقطعته – بعد أن استتب أمني- تأديبا وتأنيبا، ولغيره ترهيبا.
وآخ خ خ!
هزّ فكيه ؟!

فرصة وغصة

رفرفَ طائرُ الصباح على نافذتي بجناحيْ فرصة، فاختبأتُ خلف أبوابي الموصدة متشككا، فطار مخلفاً مساءً مغبراً و... غصة.

مؤثرات بصرية

يوم كانت الأرض قاحلة، والسماء ملبدة بالخواء، والأثير ينقل كلاما ظاهره فيه الرحمة وباطنه من"قِبَله " العذاب،والليل دائم الحلول، كان معصوب العينين، مسدود الأذنين، ومع ذلك كان المواطن (ن) يرى كل شي، بحجمه المسكوت عنه، بثقله الذي لا يُحِلُّ الآه، بألوانه المعذبة،بكلماته المتقاطعة، بجذره التكعيبي، بمتوالياته العددية والهندسية، بقبحه السرطاني؛ يشاهده بجلده ، بأطراف شعره، بارتعاش أنفه. ثم جاءت ريح غربية موسمية تحمل جوازات سفر لا يُطلب إبرازها عند أية حدود ، فسمح لقلبه أن يراود عقله عما يختزن، وقَبِل اقتراحَها بأن تزيل العصابة عن عينيه، وتقتلع السدادتين من أذنيه،لأن اليوم غير الأمس، فرأى شمساً تحرق ولا تنير، وبدا كل شيء فردوسا ذا سندس واستبرق بلاستيكيين، عندها أعلنت حواسه الأخرى الإضراب عن العمل احتجاجا على رداءة الإخراج وضياع الوقت.


زوجان أو أكثر
أغضبته نادية، فراح كطفل يعبث في أوراقها القديمة، فوجد عقد زواجهما الخمسيني أصفر اللون، يكاد يتفتت بين يديه. ولاحظ أن اسم الزوجة والزوج كانا كضوء نجم خافت يتلألأ من أعماق سماء سحيقة.
عندها أدرك أنهما لم يعودا زوجين فقط.. فمزقه.

عارضـة أزيــــاء


( هـ. و.) التي تساقط من شجرة عمرها خمس وأربعون ورقة صفراء، اعتزلها الفن بألوانه الهابطة والرابطة. وحين ذكـّرته بأنها فنانة شاملة، ذكـّرها بأنها كانت عارضة أزياء؛ وكان أول ما عرضت أزياءها ملقاة بلهفة على الأرض.

خطٌ أحمر

كان في مكانٍ ما على الخريطة، وعْر الجبال، سحيقَ المنحدرات، فقصد سهلا، فصادف خطا أحمر كشفق القهر، فتجاوزه؛ فسال دمه كنهر!



عند الفجر

قال وهو يروي ما حدث وكلماته تُلبّد الجوَّ بالحزن:
" عند الفجر تسرح الكلاب الضالة باحثة عن رزقها."
لم أفهم إن كان يقصدهم. قلتُ مصححا:
" الكلاب التي أعرفها تعود عند الفجر مشبعة برائحة فرائسها."
فابتسم ؟!


ألوااااااااااااان

تاه عن نفسه حين بعثرتها الدروب، وسقط في أتون البحث عنها في الأماكن والأزمان عتيقها وحديثها وما بينهما، حتى اشتعل العقل حيرة وانحل المتن فقرات لا رابط بينها.
قيل: استفت!
فمد يده يتلقفها فتوى تطفئ نارا تستعر، فوجدها نثارا في علب ذات ألوان ما بين فاقع حد الفكاك، وحالك السواد حد الهلاك، فارتد إلى قلبه معتذرا.