يعاني التعليم الفلسطيني في مناطق والقدس العربية من اوضاع قاسية بسبب الاجراءات الاسرائيلية الصارمة والتي تتمثل في اقامة جدار الفصل العنصري والذي يمتد من جنين في الشمال حتى الخليل في الجنوب ، مما حرم الاف الطلبة من تلقي تعليمهم بيسر وحرية ، و في مناطق سكناهم بل اجبر الطلبة على الانتقال للدراسة في القرى الفلسطينية الاخرى من خلال الاوذنات الاسرائيلية التي تعطى لهم ، زد على ذلك اجراءات التفتيش والاذلال التي يتعرضون لها اثناء تنقلهم الى مدراسهم ، وهذا ليس غريبا عن سلطات الاحتلال التي عملت بعد احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 على تدمير العملية التعليمية بتدخلها في المناهج التعليمية وعدم بناء المدارس او زيادة الغرف الصفية وفصل العديد من المعلمين لدواع امنية ، وارتأى الاهالي الى المبادرة في تشييد العديد من المدارس والغرف الصفية على حسابهم الخاص او على حساب ابنائنا المغتربين او على حساب المساعدات العربية وكذلك لمواجهة الاحتياجات المتزايدة للتوسع في مجال التعليم ، واذا كان ذلك قد نفذ في الضفة الغربية وقطاع غزة فان مدارس القدس العربية لم يطرأ عليها اي تطور منذ عام 1967 حيث ان مدارس القدس وبسبب منع سلطات الاحتلال بناء مدارس فيها او السماح بصيانتها ما زالت تفتقد الى ادنى مقومات العملية التعليمية ، فلا وجود لمرافق مدرسية والغرف الصفية مكتظة والتي تفوح منها رائحة الرطوبة على مسافة بعيدة ، ولا توجد بيئة تربوية امنة وسليمة في تلك المدارس ، الامر الذي يجعلنا نفكر في السؤال التالي : اين دور المؤسسات القانونية الدولية في الدفاع عن حق اطفال فلسطين في التعلم والتعليم ؟؟
لقد عملت السلطة الوطنية الفلسطينية منذ استلامها لوزارة التربية والتعليم عام 1994 على اعادة بناء ما دمره الاحتلال ، فقد قامت ببناء عشرات المدارس والاف الغرف الصفية ضمن نظام بنائي متطور يأخذ في الحسبان احتياجات الطلبة والهيئة التدريسية ، واذا كان هذا العمل قد شمل مساحة الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة الا ان القدس العربية حرمت من هذا التوجه ، حيث ما زالت سلطات الاحتلال تفرض حظرا على عمل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في القدس العربية رغم ان المنهاج الذي يدرس في مدارسها هو منهاج فلسطيني ويتقدم الطلبة لامتحان الثانوية العامة كمثل زملائهم في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولقد ازداد الامر سوءا بعد قيام سلطات الاحتلال بمنع انشاء مدارس في مناطق " ج " في الضفة الغربية وقيامه بمنع استكمال المدارس التي بدئ في انشائها وخاصة في قرية جباره الواقعة جنوب مدينة طولكرم ، وقيامه بهدم عدد من المدارس والتي بنيت من الاكواخ والطين مثل " طانا والجفتلك والجهالين " وغيرها من المناطق الاخرى التي تنتشر في الريف الفلسطيني .
اننا عندما نتحدث عن التربية والتعليم في فلسطين والتحديات التي تواجهها فاننا نستصرخ المؤسسات الدولية ولجان حقوق الانسان وهيئة الامم المتحدة والمنظمات التي لها علاقة بالتربية والتعليم بان تعمل على فضح سياسة الاحتلال الممنهجة والتي تستبيح العملية التعليمية في الريف والقدس ، ولا يغفل عن بالنا ما تعرضت له المدارس في قطاع غزة اثناء العدوان الاسرائيلي الذي شن في نهاية عام 2008 حيث قام الاحتلال بتدمير 8 مدارس بشكل شبه كامل بالاضافة الى تعرض مدارس اخرى الى الاستهداف الاسرائيلي وقد استشهد جراء هذا العدوان 164 طالب وطالبة واصابة 454 بجروح ، ورغم الشكاوى التي تم تقديمها الى المنظمات الحقوقية والدولية الا ان تلك الشكاوى لم تر اي ترجمة لها على ارض الواقع بسبب الصلف الاسرائيلي ورفضه التعامل مع القانون الدولي لأن اسرائيل ترى في نفسها انها فوق القانون ، وفي تقرير اصدرته جامعة بير زيت جاء فيه ان حوالي 45% لمن الاطفال في غزة والضفة الغربية كانوا شهودا على حصار الجنود لمدارسهم وان 25% شاهدوا مدارسهم تتعرض لاطلاق النار او القصف ، وان 18% شاهدوا استشهاد احد زملائهم في المدرسة ، وهذا يشكل تداعيات جمة على مسيرة التربية والتعليم في فلسطين ، فبأي نفسية يأتي الطالب الى المدرسة وهو يفتقد زميله الذي استشهد بالامس او تعرض للاعتقال او يرقد على سرير الشفاء ، او انسحب جيش الاحتلال من بيته في الصباح اثر اجتياحه لمدينته او لقريته او لمخيمه.
انه رغم الجهود التي قدمتها المؤسسات الدولية في الدفاع عن حق اطفال فلسطين في التعلم والتعليم الا ان تلك الجهود ضلت مقصرة بالنسبة لمناطق الريف والقدس ولاجل ذلك يجب على تلك المؤسسات العمل ووفق توحيد الجهود لفضح السياسة الاسرائيلية المعادية للتعليم من خلال تجنيد الرأي العام العالمي واتخاذ القرارات الدولية لاجبار اسرائيل للرضوخ لمطالب الشعب الفلسطيني بهدم سور الفصل العنصري وانسحاب قوات الاحتلال من الاراضي الفلسطينية حتى ينعم اطفالنا بالحرية والاستقرار ، وان الهدف الاسرائيلي في اجبار الشعب الفلسطيني او سلطته الوطنية على التعامل مع الادارة المدنية على طلب تصريح لاقامة مدرسة فان ذلك لا يمكن ان يقدم عليه اي فرد منا لأن سلطتنا الوطنية هي صاحبة الولاية القانونية والسيادية على الارض الفلسطينية. فالتعليم حق مقدس كفلته الشرائع السماوية واللوائح القانونية ، فلماذا يحرم اطفالنا من حقهم هذا ، فأين موقف هؤلاء المتباكون على عذابات الطفولة؟؟