كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله: أما بعد، فإنه من اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن شكر له زاده، ومن أقرضه جزاه؛ فاجعل التقوى عماد قلبك، وجلاء بصرك، فإنه لا عمل لمن لا نية له، ولا أجر لمن لا خشية له، ولا جديد لمن لا خلق له.
ودخل عدي بن حاتم على عمر، فسلم وعمر مشغول، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا عدي بن حاتم؛ فقال: ما أعرفني بك! آمنت إذ كفروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا، وأقبلت إذ أدبروا! وقال رجل لعمر: من السيد؟ قال: الجواد حين يسأل، الحليم حين يستجهل، الكريم المجالسة لمن جالسه، الحسن الخلق لمن جاوره.
وقال رضي الله عنه: ما كانت الدنيا هم رجل قط إلا لزم قلبه أربع خصال: فقر لا يدرك غناه، وهم لا ينقضي مداه، وشغل لا ينفد أولاه، وأمل لا يبلغ منتهاه.


من كتم سره كان الخيار في يده، أشقى الولاة من شقيت به رعيته.
أعقل الناس أعذرهم للناس. ما الخمر صرفا بأذهب لعقول الرجال من الطمع.
لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا، مر ذوي القرابات أن يتزاوروا، ولا يتجاوروا. قلما أدبر شيء فأقبل، أشكو إلى الله ضعف الأمين، وخيانة القوي، تكثروا من العيال فإنكم لا تدرون بمن ترزقون. لو أن الشكر والصبر بعيران ما باليت أيهما أركب. من لا يعرف الشر كان أجدر أن يقع فيه.

وقال معاوية بن أبي سفيان لصعصعة بن صوحان: صف لي عمر بن الخطاب، فقال: كان عالما برعيته، عادلا في قضيته، عاريا من الكبر، قبولا للعذر، سهل الحجاب، مصون الباب، متحريا للصواب، رفيقا بالضعيف، غير محاب للقريب، ولا جاف للغريب.
وروى أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حج فلما كان بضجنان قال: لا إله إلا الله العلي العظيم، المعطي من شاء ما شاء، كنت في هذا الوادي في مدرعة صوف أرعى إبل الخطاب، وكان فظا يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أمسيت الليلة ليس بيني وبين الله أحد، ثم تمثل: البسيط لورقة بن نوفل :

لم تُغن هرمز يوماً من خزائنه ..... والخلدَ قد حاولت عادٌ فما خلَدوا
ولا سليمانَ إذ دانَ الشعوبُ لهُ ..... الإنسُ والجنُّ تجري بينها البُرُدُ
أينَ الملوكُ التي دانت لعزَّتها ........... من كل أوب إليها وافدٌ يفد
حوضٌ هنالك مورودٌ بلا كذبٍ ......... لا بدَّ من وردِه يوماً كما وردوا