فلسفة الحرية في عيون القرآن الكريم
الحرية من المواضيع الهامة التي تعرض لها فلاسفة العالم من المسلمين وغير المسلمين.
منهم من قال بأن الإنسان مجبر على أفعاله.
ومنهم من قال بأن الإنسان مخير في أفعاله.
وهما رأيان أصيلان.

ومنهم من أراد التوفيق بين الفريقين فخلط خلطا غير منطقي وغير مقبول لأنه تصادم مع حقائق أخرى.
قمت بعمل بحث أقدمه لكم لقراءته ومناقشتي وإليكم البحث:-
هذا البحث جزء من مبحث التعريفات الاشتراطية لتعبيرات القرآن الكريم عمل الباحث:-
سعيد عبد المعطي حسين كجزء من كتابه الموثق بدار الكتب بالقاهرة تحت رقم
15964/2006"مبادئ خلق وترقي الكائنات"


انظر الشكل التوضيحي الموجود في هذا المبحث أثناء القراءة.

معلومات تمهيدية:-
لفظ المشيئة يعني:-
خلق هدف معين في النفس، مثل الرغبة في قيادة سيارة.
ولفظ الإرادة يعني:-
تفعيل الوصول إلى هذا الهدف المعين، كالذهاب إلى مركز للتدريب لتعلم القيادة، فهو يريد هذا بوعي.
أو يكون المريد غير واع ومدفوعا بطبعه للتصرف، كالحائط المتهرئ تبدو عليه أسباب الانهيار فهو يريد أن ينقض وبدون وعي.
ولفظ الوعي يعني:-
أن يجمع الكائن جمعا اختياريا انتقائيا منظما لما يحقق به إرادته لتحقيق الهدف من بين كم كبير من المعطيات الواردة من أجهزة الحس، سمع وبصر و... إلخ. فهو بهذا يعي ما يفعل أو ما يريد.
الكون (السماء الدنيا):-
نبدأ من أرضنا التي يدور حولها قمر واحد، تدور هي وقمرها الوحيد حول الشمس ضمن مجموعة من الكواكب الأخرى تسمى المجموعة الشمسية.
تجري الشمس بكواكبها التسعة في مسار لها في أحد الأذرع الطرفية لمجرة درب التبانة حيث تتكون مجرتنا من حوالي 100 مليار نجم وقطر هذه المجرة حوالي 100 ألف سنة ضوئية؛ أي يقطعها الضوء في زمن قدره 100 ألف سنة؛ وسرعة الضوء تقريبا 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة.
الكون المرئي يتشكل من بلايين المجرات مثل مجرتنا على هيئة عناقيد مجرية وكل عنقود مكون من عدد هائل من المجرات.
وهناك وراء الأفق بلايين العناقيد من المجرات الأخرى خرجت عن مجال الرصد البشري لتزايد سرعات ابتعادها عنا عن سرعة الضوء فلا أمل لرصدها.
الأكوان المتعددة:-
* سبعة أكوان متداخلة لطيفة؛ واللطف معناه ألا يشعر بها غير مخلوقاتها فقط أما مخلوقات السماوات الأخرى فلا يشعرون بها إلا حسابيا؛ ومتداخلة تعني أنها في نفس الحيز الذي هو مكان سمائنا الدنيا فهي ليست بعيدة مكانيا، هذه الأكوان السبعة مخصصة للكائنات المكلفة وبيئتهم.
* أكوان عليا متداخلة لطيفة، مخصصة للجزاء لمن تم اختباره في الأكوان السبعة.
التوضيح:-
تصنف الإرادة إلى صنفين من حيث الفاعل هما:-
إرادة المخلوقات: السماء الأولية، والإنسان، والكائنات الحية دون الإنسان، والكائنات غير الحية والملائكة.
وإرادة الله تعالى خالق المخلوقات وخالق إراداتها.
وتصنف الإرادة إلى صنفين من حيث الوعي هما:-
إرادة واعية أي يعيها المريد، كإرادة السائق أن يقود السيارة.
وإرادة غير واعية لا يعيها المريد كإرادة الحائط أن ينقض.
الطبع:-
هو الطبيعة التي خلق الله الفرد عليها، فهذا له طبع حسن وذاك له طبع رديء، وتختلف الطباع كثيرا في طبقات عديدة من التنوع، وهذا التنوع كبصمات الأصابع وكالرزق يوزع على الأفراد كيفما شاء الله وبلا معايير معلومة للبشر، ويجب على كل إنسان أن يجاهد طبعه في سبيل الله ليوجه نفسه إلى الطريق القويم، وفي هذا الجهاد يجد الإنسان ذو الطبع الرديء عناء شديدا في تقويم نفسه، ويكافئه الله على هذا العناء أكثر من صاحب الطبع الحسن، هذا في حالة أن يكون الطرفان مؤمنين، أما في حالة أن يكون الطرفان غير مؤمنين فحساب صاحب الطبع الحسن يكون أشد من الآخر، ذلك لأن الله أعطاه إمكانيات أعلى من الآخر ولم يستفد منها.
وهذا مثال لمن أُعطي من كل شيء وهو مؤمن، أُعطي من الطبع الحسن والقوة والصحة والسلطة والرجال والمال، فاستغل الإمكانيات وأصلح بها:-
"وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ، قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا* إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا* فَأَتْبَعَ سَبَبًا...*" 83 – 98 الكهف18
ومن الطباع أيضا طباع أوخصائص الكائنات غير الواعية وغير الحية، كالخصائص الفيزيائية والكيميائية للمواد والأوساط المختلفة.
انظر تعريفات الألفاظ[الكسب والاكتساب] و[الفطرة].


إرادة المخلوقات:-
مراتب إرادة المخلوقات أربع:-
المرتبة الأولى من إرادة المخلوقات:-

هي إرادة السماء الأولية التي ينشأ منها الأكوان المتعددة.
المرتبة الثانية إرادة الإنسان الواعية:-
(والقسم غير الواعي من إرادة الإنسان ينضم للمرتبة الرابعة).

المرتبة الثالثة إرادة الأحياء دون الإنسان الواعية:-
(والقسم غير الواعي من إرادة الكائن الحي ينضم للمرتبة الرابعة).
المرتبة الرابعة إرادة الكائنات دون الحية والملائكة:-
فالمادة كلها وجميع الأوساط دون الحية وما صنع منها تحت هذه المرتبة، والملائكة أيضا ضمن هذه المرتبة.
تمهيد:-
إذا كانت المخلوقات من الأحياء في الكون السببي فإرادتهم هي أن يرتب أي كائن منهم الأسبابَ لفعل شيء ما يريده،أما في الكون اللاسببي فهناك منطق آخر يحكم العلاقة بين الرغبة والنتيجة غير منطق الأسباب.
والإرادة ليست حبيسة في [النفس] كالرغبة ولكنها فعل تنفيذي يمتد إلى الشيء المطلوب بأثره، و[القلب] هو الفاعل لذلك بوعي.
ويتعلق نوع الإرادة على درجة ترقي الكائن الحي في سلم ترقي الأحياء، فعند درجة معينة من هذا السلم نجد كائنات لها [قلب] يمتلك {نقطة الوعي}، إذ يكون بمقدور القلب أن يركز اهتمامه على مؤثر ما بشكل انتقائي واع، وتزداد دقة استخدام نقطة الوعي كلما ارتقينا في سلم الترقي، مع العلم بوجود تميز نوعي في استخدام نقطة الوعي، فالخفاش مثلا متميزٌ عن غيره في تركيز نقطة الوعي على ناتج استخدام موجات فوق سمعية محددة، ويميز بهذا الناتج مواقع فرائسه فيما يشبه عمل الرادار، أما الإنسان فيمكن لقلبه التنقل بنقطة الوعي بين أفكاره متميزا بهذا عن كل الكائنات، ومن هنا فالكائنات الواعية لها إرادة واعية تحكم بها سلوكها الاجتماعي والبيئي، وهي عند الإنسان حرة عن ارتباطها بالفطرة، وعند غير الإنسان مرتبطة تماما بالفطرة، وكما لهذه الكائنات الواعية إرادة واعية لها أيضا إرادة غير واعية، منها دورة الدم والهضم وتفصيلات النقل العصبي وغيرها مثل إرادة {البؤر التدريبية}.
أما إذا كانت الكائنات غير حية فهي الأسباب التي تؤدي إلى أي تحولٍ فيها، وهي إرادة غير واعية تحكمها خصائصها الفيزيائية والكيميائية؛ فالماء يغلي عند درجة 100 مئوية ويتجمد عند درجة صفر مئوية ويكون في أقل كثافة في درجة 4 مئوية؛ ذلك عند الضغط الجوي العادي 76 سم/ زئبق.
"فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ، قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا" 77_الكهف18
"وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ* يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" 49-50_النحل16
إرادة الله:-
لها أربعة مستويات:-
هي {إرادة مشيئية} و{إرادة تنفيذية}و{إرادة تشريعية} و{إرادة بدائلية}.
الإرادة المشيئية:-هي إرادة جبرية لطيفة مرتبطة مباشرة بالمشيئة، ولا تُلزِمها أسباب أو عدم أسباب، وتعم جميع الكائنات وجودا وفعلا، فلا يمكن لكائن أيا كان أن يمتنع عن الوجود، أو يخالف القضاء بها في كثير أو قليل، وكل الكائنات أمامها ساجد أو مذعن، ومن خلالها يقول الله للشيء المراد كن فيكون بأسباب أو بدون أسباب وبمراحل أو بدون مراحل، و بأي مبدأ كان.
الإرادة التنفيذية:-
وهي إرادة تمثل احتمالية حدوث أحد بديلين، أحدهما نشأة الكون سببيا والآخر نشأة لاسببية... وهي إرادة تالية لصدور الأمر الحتمي بإنشاء الخلق بمقتضى {الإرادة المشيئية}، و[السماوات] الأولية لها الاختيار أن تخالفها أو تقبلها احتماليا، ويترتب على احتمال المخالفة ظهور الكائن على صورته طبقا {للإرادة المشيئية} ولكن النتائج تنقطع عن أسبابها فلا يوجد مبدأ السببية، وعدم المخالفة لهذه الإرادة كما في سماواتنا السبع يترتب عليه مبدأ السببية، فالأسباب والنتائج تأتي منطبقة على منطقنا، وتندمج الإرادتان، {الإرادة المشيئية} و{الإرادة التنفيذية} في {إرادة عليا سببية قاهرة لطيفة}.
"فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ، وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللهَ رَمَى، وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا، إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ*" 17_الأنفال8
ومن الآية نرى أن الله سبحانه وتعالى نفى عن الرامي إطلاق الرمية التي حدثت بإرادة واعية منه وبحرية تامة، وفي نفس الوقت وفي نفس التعبير أثبت حدوث الفعل بيد الرامي حيث قال"إذ رميت" ونسب الفعل المطلق لله، ولا يمكن تفسير هذا التعبير إلا من خلال الاعتقاد في الإرادة السببية القاهرة، فالرامي رمى وهو يشعر بكامل حريته وبكامل وعيه، والله نفى عن الرامي هذا الفعل الواعي ونسبه بالكامل لإرادته، ولم يشعر الرامي بأن شيئا يُحَرِّضُه أو يمسك بيده ويوجهها إلى الهدف وهذا هو [اللطف] المنسوب لهذه [الإرادة] فهي غير محسوسة تماما، أما [القهر] فهو ناتج عن أن الرامي مهما كان اتجاه تفكيره فهذا التفكير هو ذاته إرادة الله العليا، فهي قاهرة، أما كونها سببية فلأنها تحدث في نطاق الإطار السببي المرتبط بمبدأ السببية وهو المبدأ الرابع من مبادئ الخلق.
"أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" 83_آل عمران3
"وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ" 15_الرعد13
ومن الواضح من الآيتين السابقتين أن كل كائن عاقل أسلم وسجد طوعا أي بوعيه، وكرها أي بعيدا عن وعيه بأنه مسلم وساجد لله من خلال الإرادة القاهرة.
"وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا، وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا [تَأْوِيلُ] رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا، وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي، إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ، إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ*" 100_ يوسف12
ويتضح من الآية مدى لطف الله لما يشاء، حيث كانت الأحداث التي قادت يوسف من البدو إلى السلطة المنبأ عنها أحداثا منفصلة لأشخاص ذوي إرادات مستقلة.
1- فإخوته أرادوا إقصاءَه عن أبيهم بأي وسيلة، ورَمُوه في الجُبِّ بدلا من قتله.
2- والسيارة الذين وجدوه في الجب كانت إرادتُهم التخلصَ منه ببيعه بأي ثمن، فباعوه للعزيز في مصرَ، وهذه إرادة واعية حرة ومستقلة عن إرادة إخوته.
3- وكان من زوجة العزيز ما كان بإرادة واعية حرة ومستقلة عن إرادة من سبقوها، ولا تدرك عنهم شيئا، حيث أحبته وأرادت أن يكون لها حسبما اقتضى هواها، ولكنه أبى ورفض، وخافت من زوجها، فاتهمته زورا بعكس ما حدث، ولكنَّ أمْرَها انكشف.
4- ومع هذا أرادوا إقصاءَه عنها بسَجْنِه.
5- وفي السِّجْن نبَّأ أصحابَ الرؤى بما رأَوْا، وأراد ممن ظن أنه ناج أن يذكرَه عند الملك حتى لا ينسوه في السجن، ولكن الذي نجا نسِيَ وصيةَ يوسُفَ، وعلى هذا بقي في السجن سنوات أخرى.
6- حتى رأى الملك رؤياه الشهيرة بأن سبع بقرات عجاف يأكلن سبع بقرات سمان، وسبع سنابل خضر وأخر يابسات، ولم يتمكن الملك ممن حوله من معرفة أي شيء عن رؤياه حتى تذكر الذي نجا، واستأذن ذاهبا إلى يوسف وقص عليه الرؤيا طالبا منه أن ينبئه بتأويلها، فقال له يوسفُ سيأتي سبعُ سنين ذوات خير كثير، فتحفظون الحبوب في سنابلها، ثم يأتي من بعدها سبع سنين قحط شديد يُنفق خلالها ما ادخرتم من خير السنوات السبع الأولى، ثم يأتي عام فيه يُغاث الناس.
7- وعندما أُخبر الملك بهذا، طلب يوسف، الذي فرض إرادته في التحقيق في واقعة سَجنه لكي يبرئ نفسه، وحدث له ما أراد.
8- واستخلصه الملك مريدا إسناد مهمة تنفيذ ما تنبأ به يوسف إليه.
9- وتحققت الرؤيا تماما عندما جاء إخوته وطلب منهم أن يُحضروا له أبويه.
وقال لأبيه ما ذكرت الآية، بأن الواقع الذي تم هو نفسه تأويل الرؤيا التي رآها يوسف من قبل.
وهذه الأحداث والوقائع هي جملة من وقائع كل واحدة منها منعزلة عن الأخرى، ولا أحد من أطراف كل واقعة كان يعلم شيئا عن الرؤيا، ولا أحد كان مجبرا على فعلٍ لم يكن يريده، وفي النهاية أسفرت هذه الوقائع عن إرادةَ الله، التي لم يشعر بها أحد، مع أن الكل سار في إطارها وهو في كامل وعيه مرغما ومقهورا ومسيرا دون وعي منهم بهذا التسيير، وعبر يوسف عن مشيئة الله سبحانه وتعالى لهذا التسيير اللطيف غير المحسوس بأن قال:"إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ"، والملاحظ في هذه الإرادة أنها حدثت في إطار سببي، ولذلك فهي إرادة عليا سببية قاهرة لطيفة.
الإرادة التشريعية:-
هي إرادة الخالق في أن تكون تشريعاته التي أودعها فطرةَ الإنسان وذكَّرَه بها في كتبه المنزلة محلَّ تقديس وتنفيذ عند الإنسان، ولكن الله جعل الإنسان فقط دون باقي الأحياء لديه القدرة على مخالفتها، فإن خالفها فهو أمام الله من منظور مستوى الإرادة العليا السببية القاهرة اللطيفة ساجد، ولكن من منظور مستوى الإرادة التشريعية مخالف، فهو ساجد كَرها، وإن أطاع الإرادة التشريعية، فهو ساجد بموجب الإرادة العليا وسجوده طوعا بموجب طاعته للإرادة التشريعية.
الإرادة البدائلية:-
وهي إرادة لله يصل الاختيار فيها إلى الكائنات الحية كلها دون الكائنات الميتة، كالفئران بعض أفراد النوع الواحد يفضل أكل صغار الطيور والسمك والبعض يفضل أكل الخضر، أما المواد الميتة أو غير الحية كالماء فليس لها حرية اختيار تفاعلاتها أو طبيعتها.
وكذلك الملائكة حيث لها برنامج محدد لا تملك تغييره ولا تأجيله إلا بما أوحي فيه من آجال.
"وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" 49 النحل16