فن أدبي ضائع
الخطاب ومكانته من الأدب العالمي
معاوية محمد نور – الإعمال الأدبية – ص 71-72

هو الفن الوحيد الذي لا يكلف الكاتب قوالب وأوضاعا معينة، أو أصولا وقواعد ثابتة، وإنما حسبه قاعدة وقانونا أن يكون وحي الضمير ونتاج الفكر. فربما جمع الخطاب فنونا من القول مختلفة، وأساليب من التعبير متباينة، كل ذلك لا يربطه شي سوى رابطة التفكير ونهج الذهن وفقرات الخاطر. وانه لمما يحزن حقا أن يعتبر هذا الفن الذي كان له مكان عال من أيام مضت، أيام كان للناس الفراغ، وأيام لم تزل عواطف الإنسانية والإخاء ومحادثات الألفة في أتم تعبيرها، أيام كانت الحياة حلوة. وكل ما فيها شعر وعاطفة، وكان كل الناس شعراء حالمين.
فالخطاب إذا، دليل الإنسانية الواسعة، والقلب الرحيم، والإخاء المكين، والإنسان يجلس ليكتب إلى من أحب، فيخاطبه ويناجيه من غير حجاب وهو على بعد منه، وينقطع عن كل من يجاوره ويتصل اتصالا فكريا بمن إليه يكتب. ويقرب من هذا الاتصال الروحي الميول المتقاربة، والعواطف المتشابهة، وأي دليل يا ترى أقوى من هذا على قوة الحياة.

هل يا ترى تعود ايام الخطاب والرسالة البريدية العادية وما فيها من لهفة عند القراءة والكتابة؟؟؟