المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر
الاستاذ سعيد نويضي
اقتباس "فبالرغم من وجود الشق المادي في الإنسان و الذي تخضع أغلب استنتاجات العلماء و المرتبطة بالمنهج العلمي إلى قوانين أتبثت صحتها و صدقها في العديد من المجالات كالطب و البيولوجيا و غيرها لا زال الجانب المعنوي من الإنسان في بداياته...حتى نقول أنه استكمل حلقاته في البحث عن مواقع العقل و الشعور و الوجدان...و أن الدماغ هو مركز العقل ".
استاذ سعيد ، في الواقع سنجد في يوم من الايام ان النفس او محرك النفس والذي هو عبارة عن ( طاقة ) يمكن قياسها وفهمها مثل الجسد وعدم فهم طبيعة تلك الطاقة هو السبب الذي جعلها مجهولة ولم يتم تطوير اليات للتعامل معها... هذا لا يعني تبسيط للقدرات العقلية بل بالعكس فيوم عن يوم يتضح بأن الدماغ هو المجال الذي يجب السعي من اجل استكشافه وليس الفضاء او البحار لان الدماغ كون قائم بذاته عالم شاسع واكثر اتساعا من المحيطات والفضاء الخارجي...لذلك تصور ان تتمكن من وضع نظرية مدعمة بالادلة الاحصائية والتحليلة تقدم تفسير لعمل الدماغ؟؟؟ سيكون جميل جدا ان نقدم اضافة مهمة للمعرفة الانسانية ..
اشكرك على استمرارية تواجدك فأنا محظوظ بك
بسم الله الرحمن الرحيم...
سلام الله على الأستاذ المفكر أيوب ناصر...
يقول الحق جل و علا: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53.
الحقيقة التي تعتبر من ضمن الحقائق التي حملها كتاب الله جل و علا لبني آدم أنه يحثهم حثا على اكتشاف الآفاق و الأنفس حتى يتبين لهم أنه الحق...و ما الحق في بعض المفاهيم إلا مطابقة قول معين على واقع معين...لذلك عندما حاول الإنسان تفسير ظاهرة الإبداع هناك من قال بالصدفة...و التي أساسا لا وجود لها لا في النفس و لا في الآفاق...بمعنى لا يمكن للنفس أن تتحرك باتجاه معين صدفة كيفما كانت الظروف بالإضافة لا يمكن أن يتبين لها اكتشاف أو حقيقة علمية أو مبدأ قار بمحضة الصدفة...و إلا كنا نتناقض في مفهومنا لما يسمى بمشيئة الله جل و علا و قدرته و علمه النافذ في الكون من الذرة إلى المجرة...
لذلك لو أخذنا مثلا من القرآن الكريم في ما يخص أن حيرة الإنسان و دهشته أمام ظواهر الطبيعة التي تحدث من فعله أو من فعل ما يحيط به لنجد في آيات الله جل و علا كلام لبني آدم ليقلد أو ليتسائل عن السبب أو الأسباب حتى يصل إلى جواب لإشكالية قد تعترضه سواء على المستوى النفسي...أي كل ما يتعلق بالذات و النفس أو بالمحيط الخارجي أما سماه الله عز و جل بالآفاق...
ففي أول جريمة عرفها التاريخ البشري و التي وقعت بين قايبل و هابيل...و لا أتحدث عن الدوافع التي أدت إلى جريمة القتل فذاك موضوع آخر، و لكن عن العجز الذي حصل لقابيل حينما وقف عاجزا عن وجود حل لجثة أخيه ...ماذا سيفعل بها؟ في خضم حيرته جاءه الحل من جنس العمل...أو شيئا يناسب حلا للمشكلة التي هو فيها...و من هنا كانت النواة الأولى لمبدأ القياس كمنهاج للوصول إلى حل الإشكالية المطروحة...يقول الحق جل و علا {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ }المائدة31.
فتأمل معي هاته الأفعال...فبعث الله.....يبحث في الأرض....ليريه....كيف يواري سوءة أخيه...فالذي خلق الخلق خلق فيهم القدرة على الاستنباط و الاستقراء ما في الذات و ما في المحيط حتى يصلوا إلى حلول لمشاكلهم أو لتفسير لأسئلتهم...
و الحديث عن الطاقة الإبداعية و من أين تستمد إشعاعها و ما هي المؤثرات التي تقوم بدور المحرك لانطلاق إبداع معين قد يأتسي اليتم على رأس الهرم و قد يكون في أسفل الهرم و قد لا يكون دون تأثير يذكر بحسب الحالات التي قمت بدراستها...لأن النفس البشرية ليس على درجة واحدة من حيث التأثير و التأثر...فاليتم و هو حالة فقدان مصدر أساسي يمكن التعبير عن بصفة عامة بقدان "الأمن و الأمان" و ما يشكلانه هاذين العنصرين في السير العادي للنمو العاطفي و المعرفي لدى الأطفال أو لدى الشباب...و من تم يصبح البحث عن الأمن و الأمان هو الحاجة الأساسية التي تحرك اليتيم و الإنسان العادي على السواء...و بقدر ما تزداد الحاجة بقدر ما تزداد الرغبة في البحث عن الجديد...
و أعتقد أن لنيتشه العبقري المجنون قولة يفسر بها لماذا يبحث الإنسان عن المعرفة و العلم...فبغض النظر عن مواقفه أو أفكاره في مواضيع معينة إلا أن تفسيره لمسألة البحث عن المعرفة و العلم من صميم بحث الإنسان عن حالة الأمن و الأمان...فالدافع الاساسي و المحرك الرئيسي بجانب الأشياء الأخرى هي الحاجة...رغبة الإنسان في تحقيق ما ترنو النفس إليه...
قد يكون هذا الكلام لا يتطابق مع وجهة نظرك في تحديد أصل و مصدر الطاقة الإبداعية و من تم عدم الاطلاع على النظرية التي أتمنى أن أجدها مترجمة للعربية حتى يتسنى الاطلاع عليها إن شاء الله يبقى التساؤل عن ما قيل عن سر العبقرية و الظاهرة الإبداعية محل سؤال و محط غموض...
لأنه لا يمكن نفي الموهبة كمعطى موضوعي يساعد على توجيه الفطرة اتجاه معين...و لا يمكن نفي الفطرة على اعتبار أنها الأساس الذي تنطلق منه الدوافع و الذي يحتضن جل القدرات...و لايمكن كذلك نفي ما يمكن أن يسمى "المشرف أو الموجه أو الحاضن أو الكفيل ..." و في منتدى المعلم ستجد قصة من أروع القصص التي قرأت كقصة واقعية عن تلميذ عاش حالة اليتم و هي تصب في نفس السياق نظرية الطاقة الإبداعية و التي أوردها الأخ الكاتب محمد الغزاوي كقصة تحمل عبرة و حكمة...و لكن لولا المعلمة التي أدركت سر العملية التعليمية و التربوية لما وصل إليه ذاك الطفل اليتيم إلى ما وصل إليه من تفوق على المستوى العلمي...بالإضافة إلى القاص و الشاعر إدجار ألان بو لولا الأسرة التي احتضنته و وجهته و قامت بتعليمه و أرادت تبنيه لما أنتج من القصص و الأشعار و غير ذلك من الإبداعات الرائعة...كذلك الشيخ العالم الجليل أو الحسن الندوي لولا إشراف و توجيه أحد أفراد أسرته الذ ي قام بتعليمه و أحسن تربيته لما قدم للعالم مؤلفات من أجمل ما قدم العقل و الفكر الإسلامي...
و في انتظار ما ستجود به نظرية الطاقة الإبداعية تقبل مني التحية و التقدير....
المفضلات