نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

خمسٌ وعشرونَ يا ربّانَ باخرتي * قضيتها عابرًا في يمِّ قاتلتي
خمسٌ وعشرونَ والأمواجُ تدفعني * طورًا إلى شاطئي ، طورًا لأخيلتي
خمسٌ وعشرونَ ما زالتْ تعجُّ بها * عواصفُ الهمِّ يا شُرَّاعَ ساريتي
خمسٌ وعشرونَ لا أدري كم اندفعتْ * فيها النوارسُ تحدو رجعَ قافيتي
ولستُ أدري إذا ما الصبحُ طالعها * بدفءِ عينيهِ يرجو جاهدًا دَعتي
ولستُ أدري إذا ما الليلُ أودعها * في غصَّةِ الموتِ غدرًا بينَ أمتعتي
ولستُ أدري عنِ التأبينِ أترعها * فلستُ فيها سوى المصلوبِ في رئتي
ولستُ فيها سوى روحٍ تأنُّ على * قيثارةِ العيشِ لحنًا ضاعَ في شفتي
الأقربونَ ومالي اليوم أُنكِرهم ؟ * أطيافهمْ زاورتني بعدَ مسألتي
الأبعدون ومالي صرتُ أجهلهم ؟ * أشباحهمْ فزّعتني دونَ حاميتي
تلك القوافلُ ماذا كنتُ أحسبها ؟ * تمضي وتتركني في عمق أسئلتي
تمضي وتتركني في قُعرِ أُحجيةٍ * بالله كمْ عثرتْ في الوهمِ أُحجيتي ؟!
السائرون بلا وعيٍ ولا هدفٍ * ولا دليلٍ ، أحقًا أجهضوا صلتي ؟
الحائرون على أعتابِ أقنعتي * هلْ أقصروا وتجلّتْ بعدهم لغتي ؟
العابثون بأوتارِ القلوب أذى * ألمْ يكّفوا عن التردادِ في سِنتي ؟
ما الأمس ؟ ما اليوم ؟ ما الآتي ؟ وما حلمي ؟ * وما غيابي إذا أَوجدتُ فاتنتي ؟
وما فصولي ؟ وأبوابي ؟ وأجوبتي ؟ * وما قصيدي على طوفانِ ملحمتي ؟
غيمُ الطفولةِ والماضي تمنّع عنْ * هطلِ البراءةِ في أنحاءِ ذاكرتي
ومثلهُ ذا نسيمٌ منْ مراهقتي * يأبى زيارةَ قلبي دونَ معذرةِ
خمسٌ وعشرونَ والأنواءُ في فلكي * أرستْ من النورِ خيطَ الصبرِ كالهبةِ
يا صبرَ أيّوبَ ما لي لستُ أعرفني ؟ * حقيقتي وُئِدتْ في دمعِ أزمنتي ؟
أشتاقُ للمهدِ لمّا ضمّني أملًا * لحضنِ أمي ، لطفلٍ بينَ تمتمتي
أشتاقُ يا لثغتي لمّا انهمرتُ ندى * على جبين الدُّنا في لونِ لؤلؤةِ
أشتاقُ للكوكبِ العذريِّ يرسمني * قوسَ الطهارةِ ، وحيَ الحبِّ والثقةِ
أشتاقُ لي ، ولأنّي لمْ أودعني * سأمتطي أملي في إثرِ غائبتي
" .. خمسٌ وعشرون ! "