العلاقة الإنسانية بين المعلمين
يقول الله سبحانه وتعالى *يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله خبير بما تعملون *
إن هذه الآية وما فيها من معان عظيمة ترفع من مكانة المعلمين على اختلاف تخصصاتهم على اعتبار أنهم أعطوا قسطا وافرا من العلم، وبما أن الله قد خصهم بهذه الدرجة الرفيعة فان عليهم القيام بواجباتهم تجاه مجتمعهم،وأود أن انوه بأن هذه المكانة هي تكليف بتحمل المسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقهم ،لخدمة مجتمعهم والسعي إلى تقدمه وتطوره وتكون تشريفا لهم إذا أعطوا هذه المهنة حقها وغدوا كالسراج الذي يجود بما لديه من النور ولا يبخل على احد.
..............بعد هذه المقدمة المتواضعة أرى انه لابد من توجيه عدد من الأسئلة والإجابة عليها:
السؤال الأول : ما العلاقة التي يجب أن تربط المعلمين فيما بينهم ؟
.......التعاون والاحترام والتكامل وغير ذالك من الصفات الحميدة والعلاقات الإنسانية التي من خلالها يمكن تحقيق أهداف المؤسسة التربوية التي يعمل بها المعلمون ويتجلى ذالك من خلال العمل بروح الفريق واحترام الرأي والرأي الآخر وتبادل الخبرات والمهارات والابتعاد عن الأنانية جميعا . وحب الذات ، المعلمون في المدرسة مثلهم كمثل الركاب في السفينة فإما أن يتفقوا فيما بينهم للوصول إلى شاطئ الأمان أو يختلفوا ويتباغضوا ويغرقوا في بحار الذل والهوان .
............يقول صلى الله عليه وسلم (يد الله مع الجماعة وإنما تأكل الذئب من الغنم القاصية ) وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أهمية العمل الجماعي الخير وحتمية نتائجه الايجابية ، أما بالنسبة إلى تكوين التكتلات بين المعلمين بمختلف أنواعها داخل المؤسسة التربوية
فان ذ لك من شأنه أن يبعد المعلمين عن تحقيق أهدافهم ويجعلهم فريسة لأنانيتهم البغيضة وأفكارهم المدمرة .
السؤال الثاني :ما هو العمل الذي يجب أن يقوم به المدير إمام مثل هذه التحديات التي يمكن أن تواجهه ؟
........على المدير في مثل هذه المواقف أن يقف على الحياد ولا يناصر فئة ضد فئة أخرى ،وعليه أيضا إن يوجه أنظار المعلمين نحو تحقيق أهداف المدرسة ،ويمكن تحقيق ذالك من خلال قيامة بالتقريب بين وجهات النظر والإصلاح وبذر بذور المحبة والألفة والتعاون لتحل محل الفرقة والتباغض والتنافر ، يقول صلى الله عليه وسلم (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وان فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ). وإذا اعتبرنا أن المدرسة هي الجسد فان المدير الصالح هو القلب النابض والمولد للطاقة المحركة نحو العمل الجماعي الناجح للوصول للهدف المنشود ألا وهو النجاح ،وبذالك فان المعلمين مهما اختلفوا في الآراء فإنهم سوف يتوحدوا في الأهداف وذالك بفضل مديرهم الحكيم وثقافتهم الواسعة ، وكما يقول المثل ( الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ).
............والآن وبعد أن وضحنا نوع العلاقة التي يجب أن تسود بين المعلمين ودور المدير الريادي في هذه العلاقة بقي أن نوجه السؤال الأخير ألا وهو :
السؤال الثالث :ما هو دور المعلم تجاه طلابه أو بالأحرى تجاه أبنائه ؟
.......إن هذه العلاقة تتكون من شقين :
الشق الأول:- يتمثل في توصيل المعارف والمهارات والخبرات بالطرق والوسائل المختلفة للطلاب مستخدما أسلوب الترغيب والتعزيز والتشويق من عصف للأذهان وتحريك للأبدان ومخاطبة للوجدان .....الخ
الشق الثاني : يتمثل في المعلم الإنسان المعلم القدوة الذي لا يسمح لنفسه أن تخرج عن إطار الأخلاق الحميدة والصفات المجيدة لأنه هو المثل الأعلى لطلابه والقدوة المثلى لأتباعه فإذا لجا للعقاب يمر كمر السحاب لا يحمل الضغينة ولا يعرف النميمة إذا وقف موقف الحكم حكم بالعدل والقسط أصلح بين المتخاصمين أطفأ نار الفتنه وأشعل سراج الألفة والمحبة ،عطر بطيب الكلام أروقة المدرسة واخترق بمشرط الطبيب جدار الأفئدة والوجدان .................وهذا هو الجانب القيمي والأخلاقي الذي قد ينساه أو يتجاهله بعض الزملاء من المعلمين ، ومن الجدير بالذكر أن العصر الذهبي في الحضارة ألا سلاميه قد شهد فيه التعليم وظيفتين منفصلتين ، الوظيفة الأولى هي وظيفة المعلم الذي يدرس الطالب علم اللغة و علم الحديث والقران وسائر العلوم المختلفة.
الوظيفة الثانية هي وظيفة المربي الذي يزرع الأخلاق الحميدة والخصال المجيدة والقيم الإنسانية السامية ويرويها بشحذ العقل والوجدان ويقلمها بالبعد عن مسالك الشيطان و يجنب صاحبها من الوقوع في الخ
.............ومن هذا المنطلق نرى أن مهنة التعليم في الوقت الحاضر ليست نزهة على شواطئ البحار ولا شطحة على ضفاف الأنهار وإنما هي أمانة عظيمة اقبل المعلم على حملها وعليه أن يعطيها حقها
وفي الختام أقول إذا كان الجهل محيط يقذف بأمواجه نحو اليابسة فان شمس العلم تضيء أرجاء هذه المعمورة .
رد مع اقتباس
المفضلات