نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
استدعيت من طرف الهرمين الشامخين الدكتور مسلك ميمون ،والشاعر الكبير السيد إسماعيل زويريق ،لحضور تكريمه ،وكان من المفروض أن ألبي، وقلبي مرصع بجواهر الفرح ،ومشاعري الرقيقة تفيض حبا وإجلالا للسيدين الكريمين ،بل وأيضا لرؤية القامة الشامخة السيد عبد الرحمان الخرشي ،ومعانقة الأحبة بمن فيهم الطاقم المشرف على الاحتفاء ،والأدباء المشاركين ،ليس خاف على أحد بما يحس به من طعم اللقاء، حين يرى وجوها مطعمة بشروق الحرف ،وندى الكلمة ، العيون مرفوعة ،تندي بالخجل والود …ماأروعهم حين يتبادلون أرقام الهواتف ،والإيميلات ويؤكدون على بعضهم البعض ،التواصل واللقاءات …
***-الانطلاق :
أصررت على الحضور رغم العثرات المتفاقمة ،والعراقيل المشددة ،لأنتفض من لحظات الغبن المكوّمة تحت الضلوع من جهة ،ومن جهة أخرى أقول كلمة حق في سيد الأدب المغربي، السيد إسماعيل زويريق ،الذي احتل مكانة مرموقه لدى عشاق حرفه والمهووسين بشعريته ..هذه المنارة الشاهقة ، التي أراد لها الله أن تظل شامخة على قامة الأدب ،تحتل مكانة عظمى في نفوس المتتبعين لجذوة الشعر المغربي ..لاأدري كيف طرت ،أحاذي الجبال والشعاب والكُدى ،أتنفس في عروقها شوقي الكبير إلى هذه المنطقة الجميلة ،التي تغمدتْني بعبق شجر العرعار الفواح ،وبللت أذيالي بنسائمها الندية ،ولاكيف كنت أغازل الأزهار البرية ،ونبات الحلفة ،مستحمة بشدو البلابل ..بل لاأدري بتاتا كيف وجدتني في ربوع أزرو الباهضة ،أتدحرج بين هضابها وكداها وحقولها المخملية ،ومنازلها المطلية بالأرجواني .
***المسجد :
لأنها أول زيارة لي ،ولاأعرف مكان الحفل ،هاتفت المحتفى به عريس الأماسي ،الشاعر المخضرم السيد إسماعيل زويريق ،ليدلني على مكان العرس ،فحدده في مسجد النور ،هذه المعلمة الفاخرة التي مدتْ أطرافها في بهاء ،على زاوية من آزرو ، داخل دائرة محترمة تحرسها من كيد العائدين ،تفتخر بصومعتها الباسقة ،تهدهد وجناتِها هَبّة ريح منحدرة من القمم ،مخضبة بالاخضرار ، كل مانودى للصلاة، تدغدغ أسماع الورعين والمتقين بآذانها المبارك، ليحجوا إليها وإقامة مناسك الصلاة في خشوع …
قذفتُ عيني في مرمى سورها الجليل ،فلاحت أطياف العمالقة السيد إسماعيل زويريق ،والسيد مسلك ميمون ،و الناقد عبد الرحمان الخرشي توشح الابتسامات شفاههم ،كانوا ثلاثة جواهر في عقد ماسي بجيد الحسناء/ آزرو ،يتطلعون بشوق إلى ضلعي الوافد من قطر الدار البيضاء ،أديت تحية عشاق الحرف بما يليق ،ولحظات الفرح تغمرنا ،وماأسعد المرء حين يتجشم عناء المسافة ،فتنقلب نزهة، حين يرى أحبته في الله ،وشعشعة الحرف، ولبّ الكلمة عن قرب …
*** الإيواء :
أقلنا السيارات ،وسرنا في قافلة أدبية إلى المأوى ،يتوسطنا عريس الملتقى ،وعاشقوا سره ،وخلقه الطيب، ومشاعره الرقراقة بالحب ،ونحن نتطلع إلى المكان الذي سيستوعب جنوننا واستهتارنا ..استقبلنا رئيس الجمعية السيد حسن شرو بترحاب أوسع ،فارشاً الأرض بطنافس التحايا وعذب القبل،وباقات الورد ..تقاطر الشهد من الأفواه بما يكفي ،وتبادلت الجوانح الود ،واكتحلت الأعين برؤية من طالت غيبتهم ،وساد ركن التعارف في حميمية سائبة ،فمِنّا مَن ارتكن إلى الأرائك ،يسائلون بعضهم بعضا ،ومَن يحفر ذكرى عميقة في دخان سيجارة ،ومن يبدد حزنا خشنا تجمع على حواشي القلب .. يرافق ذلك طقطقة فناجين القهوة مخترقة صمت السكينة المطنب …
***سيد الأدب المغربي :
ولجنا القاعة وتراصصنا على المقاعد ، والأعين في اتجاه المنصة التي كانت تحضُن بعض النقاد: الدكتور السيد مسلك ميمون، والفاضل السيد عبد الرحمان الخرشي والكريم السيد ابراهيم قهوايجي ،ثم المسير ،ليُفصّلوا من قماش الكلمة الصادقة ،ماهو على مقاس شاعرنا الكبير ويعطوا حقا طالما لاكته النرجسيات ،غافلة بعض النسور الأدبية ،التي تبني أعشاشها من جلدها ،تناغي خيوط الشعر تحت الظل ،وتخرج كنوزها الأدبية من بين الصلب والترائب ،دون بهرجة أو تبرج …
أبان النقاد عن إبداع شاعرنا المحتفى به ،وأفاضوا ،وتوافدت المشاعر الصادقة تثني عن التجربة الكبيرة ،وتحفر في أعماقها بمعاول نحاسية ..فتطايرت الشهادات الطيبة، من حلوق عدد غفير من الحاضرين ،تمجد غيرة شاعرنا السيد إسماعيل الزويريق على الأدب والأديب المغربيين ،و ماقدمه من خدمات في صفوف شعرائنا المغاربة ،الذين طالتهم أيدي الإهمال ،وتردّتهم بالغبار .لتسجل بماء الذهب ذاكرتهم…من بينهم الأفاضل : أمينة لمريني -حسن الحريشي ،– مالكة عسال – محمد فري –حميد تهنية - وآخرون ..وعذرا لمن أسقطت ذاكرتي أسماءهم إبان خيانة غير محسوبة …
*** الصالون الليلي :
بعد فترة العشاء ،أشهر الأدباء سيوف القراءات ،لتمزيق سكون الليل المنحدر من القمم الشاهقة ،والذي جاحت به الروابي والتلال المتموجة بأشجار العرعار ،والتوت إلى هذه القاعة ..كانت الأصوات الشعرية تعزف على أوتارها وفق طقوس خاصة ،والحروف النيزكية تتطاير ،يلتقط عسلَها حسنُ الإصغاء ,وماأعذب الشاعر حين ينتظر كالرضيع دوره، ليلعب بالكلمات ،وهو منتصب في شموخ وسط المحفل ،فيفرج أصابع الضيق عن صدره ،ويفك طلسما استبد به منذ عهد قديم..وماأعذب الشعراء حين يتحلقون بإجلال كبير ،حول شاعرنا اسماعيل الزويريق ،هذا الشامخ المتواضع ،وهو يبتسم وكروم الغبطة والخجل تتدلى من بين عينيه …
***سوق عكاظ في الغابة :
على غرار الشعراء العرب القدامى الذين كانوا يتسامرون قرب الأنهار ،أو في مرج ليغازلوا الأنجم والقمر ببهاء الحرف ،كان لشعرائنا نفس المحاكاة وسط الغابة ،على هسيس ريح رخية، ترتعش قصائدهم ،معانقة شدو الأطيار ،وخيوط الشمس الفضية المتسللة من بين الأغصان ،والفروع والجذوع ، تقتفي أثر السامع حيثما حل وارتحل ..فتنزل كالرطب على قلبه ،محملة بالبياض والبهاء ومازاد الأمر روعته ،طواف كؤوس الشاي المنعنع ،بين الفينة الأخرى ،والذي كان حسن شرو كالنحلة ، يوزعها بمحبة كبيرة وترحاب شامل ..تتخللها القراءات ،فتتسربل اللحظات الحميمية من مشاعر رقيقة ،على سرير الاحترام، تتشابك القلوب وتتعانق الأرواح …أما الخيول بسروجها الفضية الساحرة ،وهي تخترق ممرات الغابة ،فذلك
أمر آخريقصر عنه الوصف ،ناهيك عن باعة بعض المنحوتات والديكورات الحجرية ،التي سلبت الأنظار …
***العودة :
حاصرتني بعض المآرب التي تركتها ورائي ،من الانتعاش باللحظات الجميلة ، فتركت اللمة الباذخة تتابع فقرات عرسها البهي ،وعدت أدراجي إلى بيتي وأنا أتلمظ الأوقات المشرقة ،التي أزهرت وتفننت في ربوع هذه المنطقة بمفاتن الطبيعة الساحرة، ومخملها البهي ، والتي لاشك أنها ستخلق في كل مبدع أثرا غائرا على جدار القلب ، لن تمحوه السنون …
مالكة عسال .
بتاريخ 10/05/2010
الكلمة التي قالتها السيدة مالكة عسال في حق الشاعر الكبير السيد إسماعيل زويريق
السيد إسماعيل الزويريق أبهى شاعر عرفته على بسيطة الشعر

ماذا أسميه ؟الهرم الشعري المغربي المنزلق من أهرامات مصر ؟؟؟ أم أنعته بجبل الأطلس الشامخ ؟ أم أصفه بنهر أم الربيع المتدفق شعرا؟ أم ألقبه بشلال أوزود الرقراق بالمشاعر الرقيقة ؟؟؟؟؟؟
أسميه القامة الشعرية الكبيرة ،نخلة المغرب الباسقة ،الذي حين عرفته ،عرفت فيه الأخ الكبير الذي لم تلده أمي ، الأب الروحي الرحيم ،النصوح المرشد ،الحكيم المبدع ،الصديق الوفي ،الذي يرافقنا في الأماسي المقمرة بشموس الشعر ،ليطفئ في لياليها الباردة ،جمرة الحرف الشاهق ،الذي لايبخل بطلته الوفية كلما دعوناه ،لبّاها أصالة عن نفسه ، ترافقه في محنته كريمته المصونة إلهام الزويريق ،التي غرس فيها شوكة الشعر ،فأصبحت تكتبه رغما عن أنفه ،و محفظته على كتفه ولاندري ماتنطوي عليه من سر،تلك المحفظة ؟ فإذا قام إلى المنصة بدونها، فاعلموا أن مزاجَه غير رائق ،وشيء ما زعزع كيانه ،وأفسد عليه جميل اللحظات …
إذن …من أين أبدأ وصف هذا الشاعر المخضرم ، الغني عن التعريف ؟هل من باب ال30 تكريما ومايزيد ،أم من باب ال140 شهادة تقدير ومايزيد ،أم من باب ال34 إصدارا بين القصة والشعر ومايفوق ؟ أم من باب أل 500 مشاركة ومايزيد ،هو الشامخ النبع الأصيل لمدينة مراكش ،الغيور على المبدع والإبداع المغربيين :السيد إسماعيل زويريق…
الذي أحييه، وأقول له من هذا المنبر، ألف مبروك،إن شاء الله بطول العمر والصحة والعافية ..
مالكة عسال
بتاريخ 05/05/2010

.